وبدأ العد التنازلى لافتتاح المتحف المصرى الكبير، فى كل صباح، وعلى مدى سنوات أطل من نافذتى لأتابع ما يحدث حول المتحف المصرى الكبير، ليس بصفتى صحفية فحسب، بل لأن الحظ جعلنى واحدة من سكان هذه المنطقة التى أصبحت اليوم محط أنظار العالم. أعيش تفاصيل هذا المشروع العملاق يومًا بيوم، وأشهد كيف تحوّل المكان من مجرد موقع أزمة مرورية واجتماعية إلى صرح حضارى يليق بنا وتاريخ ومعالم أجدادنا ويستعد متحفاً ومنطقة ليكون حديث العالم. مؤخرًا، كنت من بين الحاضرين لمؤتمر صحفى داخل المتحف، بحضور شريف فتحى وزير السياحة والآثار، الذى تحدث عن الاستعدادات النهائية لافتتاح المتحف.. وبعد المؤتمر، بدأنا جولة فى أروقة المتحف، الجولة داخل المتحف كشفت حجم الجهد المبذول فى تجهيز القاعات وتأمين القطع الأثرية، وعلى رأسها المجموعة الكاملة لكنوز توت عنخ آمون، التى تُعرض للمرة الأولى كاملة فى مكان واحد، بتقنيات عرض تفاعلية حديثة تليق بعظمة الحضارة المصرية، ثم.. كان وقوفى فى البهو الكبير، يسارى تمثال رمسيس الثاني. وأمامى تقف شامخة أهرامات مصر شاهدة على التاريخ، وعلى الجانبين سفراء من كل عصر يصطفون فى مشهد لا يُنسى.. بهو مهيب، بارتفاع شاهق، وإضاءة طبيعية تمنح المكان روحًا خاصة.. شعرت وكأن الحضارة تتنفس من جديد. يبقى السؤال الأهم: ماذا نريد من المتحف؟ قطعًا نريده مركز إشعاع حضارى وتعليمي، ويجذب العالم إلى قلب مصر بثقة وفخر. ولهذا، فالمسئولية لا تقع على الدولة وحدها، بل علينا جميعًا كمواطنين. من المهم أن تتبنى الدولة خطوات واضحة لتسهيل زيارة المتحف، خاصة للمصريين، إلى جانب برامج توعية تعرف الناس بأهمية المتحف ودورهم فى دعم السياحة. المتحف المصرى الكبير ليس مجرد مشروع ثقافى سياحي، بل رسالة حضارية وهبة المصريين إلى الإنسانية، ووعد بمستقبل يليق بحضارة لا تزال تبهر العالم حتى اليوم.