في وقت ينشغل فيه العالم بقضايا كبري مثل الصراع بالشرق الأوسط وفي أوكرانيا، والصعود الصيني أمام الهيمنة الأمريكية، وذلك في عالم يعاد تشكيله، تشهد منطقة جنوب القوقاز " أرمينيا ، أذربيجان، جورجيا"، حالة من تشكيل التحالفات والاستقطابات التي تسعي إليها القوي الكبري، إذ تعد بوابة حاسمة لآسيا الوسطي وممرات الطاقة البديلة، من أبرزها الاتحاد الأوروبي الذي يحاول بدبلوماسية ناعمة، ملء الفراغ أمام تراجع النفوذ الروسي وتخارج الولاياتالمتحدة من أوروبا. ما يُوجه الأنظار لأحد الجهات الفاعلة التي قد تحدث توازنا بين الاتحاد الأوروبي وجنوب القوقاز، وهي تركيا التي يبرز دورها كحجر زاوية خلال الفترة المقبلة. خارج المدار وبحسب تحليلات وسائل إعلام غربية، تناولت فيها التحديات التي قد تُواجه الاتحاد بالمنطقة، إذ افتقر خلال الفترة الماضية إلي استراتيجية إقليمية مُتماسكة تجاه أرمينياوأذربيجانوجورجيا يُمكن بناء شراكة طويلة الأمد عليها، سيما في الصراع الممتد بين أرمينياوأذربيجان. الأمر الذي دعا كايا كالاس مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد، إلي تجديد دعوتها باتباع نهج بناء تجاه المنطقة بهدف ضمان بقائها ضمن المدار الاستراتيجي لأوروبا. اقرأ أيضًا| تقرير| إقليم ناجورنو كاراباخ.. نقطة صراع جديدة بين أمريكاوروسيا تقويض النفوذ الروسي لم يلتفت الاتحاد بوضع استراتيجية واضحة لجذب المنطقة حتي قبل الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، التي دفعته مؤقتا للمشاركة بهدف تقويض نفوذ روسيا فيها وفقًا لكارنيجي، وبطموح أوسع في دعم جنوب القوقاز في تولي زمام أموره، لمواجهة التحديات الإقليمية ولكن سرعان ما تلاشي هذا الزخم لسببين أولهم : -أولا انسحاب الولاياتالمتحدة -ثانيًا التغير الجيوسياسي للمنطقة، حيث لم تعرف بانقسامها بين روسيا والغرب. ويشير المعهد، إلي أنه مع تزايد التوترات بين إيران وإسرائيل وتوسع العلاقات بين الشرق الأوسط والبحر الأسود، وآسيا الوسطي(طاجيكستان، كازاخستان، أوزبكستان تركمنستان، قيرجيزستان) والتحولات في طرق التجارة والطاقة، كانت معطيات كافية لتعاظم الدور التركي سيما وأنها لم تدخر جهدًا في أن تكون مركز عبور رئيسي لطاقة بحر قزوين -أكبر البحار المغلقة و الغني بالنفط والغاز- إلى أوروبا والغرب من خلال مشاريع الطاقة والنقل الاستراتيجية إذ تهدف بأن تكون مركز إقليمي لنقل الطاقة من الشرق إلي الغرب مستثمرة في جغرافيا المكان. تركيا والدور المحوري ورغم سلبيات الحرب الروسية الأوكرانية عالميًا، إلا أنها أعادت تركيا إلى الظهور كلاعب رئيسي في المناقشات الأمنية الأوروبية، ودورها في حلف شمال الأطلسي ومشاركتها في البحر الأسود واتفاق تصدير الحبوب بين روسياوأوكرانيا. ويلفت التحليل ان رغم تحسب الاتحاد من التعامل مع تركيا إلا أنها استطاعت ان تكتسب ثقة بروكسل بشكل أكبر خلال الفترة الماضية. الضروريات تبيح المحذورات وأفادت وسائل إعلام غربية، أن هناك شعور في كل من بروكسل وأنقرة بأنه يمكن إيجاد أرضية مشتركة في المنطقة، وهو تحالف يمكن أن يكون مفيدًا للطرفين. ومع ذلك، فإن مثل هذا التعاون غير مرجح ما لم تتخلص بروكسل من موقفها حيال التمدد الاقليمي لأنقرة وقضية تقسيم قبرص، وتجنب تقويض المصالح الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي. ولكن من بين أحد أكثر المفاهيم الخاطئة استمرارًا يتعلق بعملية السلام بين أرمينياوأذربيجان، فبينما أنهت باكو ويريفان نص اتفاقية السلام في مارس، لا يزال توقيعها متعثرًا. اقرأ أيضًا| جولة جديدة من المفاوضات بين الروس والأوكرانيين في إسطنبول وسيط محتمل غالبًا ما تنظر العواصم الأوروبية إلى أنقرة على أنها وسيط مُحتمل من المُتوقع أن يستخدم نفوذه على باكو للمساعدة في إتمام اتفاقية السلام بينها وبين يريفان المتوقفة منذ مارس الماضي. ولكن علي صعيد آخر يعتقد البعض أن أذربيجان، وليس تركيا، هي صاحبة اليد العليا في علاقة ترابطهما، كلا الرأيين يبسطان التحالف الاستراتيجي المعقد بشكل مفرط. محددات مؤثرة يشير تحليل وسائل الإعلام الغربية، أن هناك أيضًا تحول استراتيجي جاري في يريفان، حيث إن التقارب مع أنقرة لا يقتصر فقط على التوفيق بين المظالم التاريخية؛ يُنظر إليها بشكل متزايد على أنها بوابة محتملة لانخراط أعمق مع الاتحاد الأوروبي ووسيلة لتقليل الاعتماد على روسيا. ومع ذلك، في العديد من عواصم الاتحاد الأوروبي، لا يزال الدعم لأرمينيا ينبع بدرجة أقل من قراءة رصينة للموقف الاستراتيجي المتطور للبلاد. ويحذر التحليل من أن العلاقات المتوترة بين فرنسا أبرز الدول الداعمة لأرمينيا مع كل من أنقرة وباكو، لأسباب تتجاوز جنوب القوقاز، قد تضيف مستوى آخر من الخلاف، وسيتعين على أي شراكة جادة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في المنطقة أن تتعامل بحذر مع هذا المثلث. ويخلص التحليل إلي أنه قد يكون التعاون في جنوب القوقاز واعدًا بشكل خاص في تعزيز عملية التطبيع بين أرمينياوأذربيجان، ما يدعم أكثر القضايا حساسيةً وأهمية في إعادة فتح طرق النقل والعبور، المسمي بالممر الأوسط، وهو طريق للتجارة والنقل يربط آسيا الوسطى وجنوب القوقاز بأوروبا عبر بحر قزوين وتركيا، والذي ينظر إليه كبديل حاسم للبنية التحتية الواقعة تحت سيطرة روسيا، وخاصة منذ الحرب الروسية الأوكرانية. كما يوفر هذا الانخراط لبروكسل قناة لإعادة التواصل مع جورجيا، حيث تدهورت العلاقات وسط مخاوف مُتزايدة بشأن تآكل الديمقراطية وانحراف عن مسار عضوية الاتحاد الأوروبي. اقرأ أيضًا| وصول الوفد الأوكراني إلى إسطنبول لإجراء محادثات مع مبعوثين روس