لم تكن العاصفة التى اجتاحت مدينة الإسكندرية فجر أمس الأول مجرد تقلب جوى عابر.. أو مجرد اضطراب فى الطقس بل كانت رسالة من الطبيعة.. موجعة أحيانًا.. وصادمة أحيانًا أخرى.. فبين أمطار غزيرة ورياح عاتية غرقت شوارع.. وتعطلت حركة السير.. وتحولت إلى صراع مع عناصر الطبيعة الغاضبة.. لكن وكما فى كل محنة هناك دائمًا ما يُعلّمنا. العاصفة العاتية أظهرت بوضوح شديد وتجل مهيب حجم الإنسان المتضائل أمامها بما يذكرنا بضعفنا وقلة حيلتنا.. وبما يؤكد على عجزنا!.. فقد تابعنا المشاهد القاسية التى التقطتها عدسات الموبايل لانقلاب الطبيعة وتغيير مسارها وسلوكها المعتاد وتحولها إلى كائن غاضب ثائر تقول أنا هنا يمكن أن أتغير فى لحظة.. بين غمضة عين وانتباهتها أتحول من حال إلى حال وأقف فى مواجهتك ولا تستطيع أن تفعل معى شيئًا!!.. أنت أيها الإنسان المتغطرس المغرور مكتشف الطاقة والكمبيوتر والتكنولوجيا والسيارة والطيارة.. أنت من شيدت الأبراج وحفرت الأنفاق لا تقوى على مواجهتى!.. عندما أعصف بك تقف مكتوف الأيدى وتتحول إلى مسكين تهرول هنا وتختبئ هناك.. ولا تملك إلا الانصياع للقدر والاستسلام والانتظار.. حتى أقرر أنا العودة إلى الاختفاء والهدوء من جديد!.. ويطل علينا السؤال الملح.. من نحن ومن نكون أمام هذا الفضاء العظيم الكبير؟.. أين الإسكندرية الماريا عروس البحر الأبيض المتوسط مما جرى؟!.. الرسالة واضحة تمامًا كما نقشتها الأقدار على جدران الطبيعة.. بأن دوام الحال من المحال.. وأنه لا سلطان إلا قدرة وعظمة الخالق.. ولا قوة تعلو فوق إرادة الله. اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك!.