بنى إسرائيل لم يفوا بالعهد، لذلك تكون أرض الميعاد كما يتصورونها ويحاولون إقناع العالم بها هى أكذوبة قياسا لما ذكرته التوراة وجاء بالإنجيل والقرآن تعليقا على مقالى السابق «أكذوبة أرض الميعاد» كتب لى بعض القراء والأصدقاء ملاحظة اعتراض على تعبير أن أرض الميعاد أكذوبة، بحجة أن هذا التعبير فيه ضرب ونقض لقصص التوراة وبينها وبين قصص الإنجيل والقرآن نوع من الارتباط فى السرد التاريخى .. وأنه يوجد آيات قرآنية بها وعد إلهى بأرض الميعاد. والواقع أن تعبير «أكذوبة أرض الميعاد» ليس مبنيا على نقض أو إنكار ما جاء بالتوراة أولا أو بالإنجيل ثم بآيات القرآن التى تناولت بنى إسرائيل حاشا لله لكننى أعود إلى النظرة التوراتية باعتبار أن الأرض حقيقة ملك إلهي، وليست ملكًا لشعب واحد معين. وبحسب سفر يشوع، لم ينجح بنو إسرائيل فى غزو الأرض؛ لأن الله أراد ذلك لكن بشروط: «وتملِكون أرضهم كما قال لكم الرّبّ إلهكم. فتشدّدوا فى أنْ تحفظوا جميع ما هو مكتوب فى كتابِ شريعةِ موسى وتعملوا بهِ ولا تحيدوا عنه يمينًا ولا شمالًا». كان الوعد بامتلاك الأرض إذاً وعدًا مشروطًا. تعين على بنى إسرائيل مواصلة الطاعة لكى يواصلوا امتلاك الأرض، نقرأ: «إذا ترك بنو إسرائيل عهد الرب ومضوا وعبدوا آلهة أخرى، سيستأصلهم الرب من الأرض ويطرحهم فى أرض أخرى» تقول نبوءة إرميا: «بسبب معصية بنى إسرائيل، أرسل الرب نبوخذ نصر الذى جلاهم إلى بابل واستعبدهم مدة سبعين عامًا وجعل أرضهم خربة. ومع ذلك، وعد الله بإعادتهم إلى الأرض بعد انقضاء مدة السبي. نقرأ: «إذا رجع بنو إسرائيل إلى حفظ وصايا الرب التى أمر بها موسى، أرجعهم الرب من الأسر؛ ليسكنوا أرض كنعان. تتطلب هذه الطاعة حفظ الفرائض «المكتوبة فى سفر الشريعة». من خلال ما سبق، يمكننا القول: إن بنى إسرائيل بسبب العصيان حرموا إلى الأبد أرض الميعاد، وإنهم ليسوا مواطنين؛ بل أجانب لا حق لهم فى دولة ولا سيطرة، لقد كان المسلمون حماة اليهود فى أحلك أوقات اليهودية، عندما واجهوا الاضطهاد فى أوروبا. ومن المؤكد أن الشعب الذى تعرض للاضطهاد كان عليه أن يطلب ذلك من مضطهديهم الموجودين فى أوروبا فقط. وقد حاولوا بالفعل تنفيذ ذلك فى أكثر من منطقة، كما تذكر مراجع تاريخية اهتمت بالسيرة اليهودية فى العصور الوسطى مثل «دولة بيروبيجان اليهودية» لميخائيل أرتامونوف. هذه الدولة اليهودية قامت فى القرن العاشر الميلادى وتحديداً فى عام 650 م، وتم تدميرها على يد المغول فى عام 1223 م، أثناء غزواتهم للقرم. ومحاولة أخرى شهدتها أمريكا بعد استقلالها كانت على يد مردخاى مانويل نواه الذى كان أول من حاول عمليًّا إقامة دولة يتمتع فيها اليهود بالحكم الذاتى فى أمريكا، وفى عام 1820، بدأ نواه فى التفكير فى إقامة مدينة تكون بمثابة ملاذ آمن لليهود من كل أنحاء العالم فى الأراضى الأمريكية، فعمل على شراء أراضٍ قرب شلالات نياجرا، كما وجه الدعوة للهنود الحمر للانتقال إلى مدينته هذه، حيث كان يعتقد أنهم من نسل قبائل بنى إسرائيل المفقودة. وبعد خمس سنوات، أطلق نواه على المدينة اسم «دولة أرارات»، نسبة إلى جبل أرارات الذى رست عليه سفينة نوح بحسب العهد القديم، غير أن دعوته لم تلق اهتمامًا وفشلت الفكرة. وأخيرا كان كيان الحكم الذاتى فى بيروبيجان بروسيا قبيل قيام الكيان الإسرائيلى فى فلسطين بخمس عشرة سنة.. وما يزال هذا الكيان قائما بموازاة كيانهم فى فلسطينالمحتلة. كانت الأرض الموعودة لنسل إبراهيم مشروطة بتنفيذ العهد مع الله وفقًا لكل من الكتاب المقدس والقرآن، وأيضًا وفقًا لكل من الكتاب المقدس والقرآن، فإن بنى إسرائيل لم يفوا بالعهد، لذلك تكون أرض الميعاد كما يتصورونها ويحاولون إقناع العالم بها هى أكذوبة قياسا لما ذكرته التوراة وجاء بالإنجيل والقرآن.