فى القرن الخامس عشر شهدت الجماعات اليهودية فى أنحاء العالم تحولات كبيرة نتيجة للعوامل السياسية والاقتصادية والدينية. ومن تلك التحولات الطرد من إسبانيا (1492)، حيث تم طرد اليهود من إسبانيا، مما أدى إلى هجرة الكثير منهم إلى شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وتحول اليهود من التجارة والصناعة إلى المهن الحرة، مثل الطب والقانون. ومن هنا نشأت الحركة التنويرية اليهودية، التى دعت إلى تعليم اليهود وتحديثهم. ووصلت الهجرة باليهود إلى أمريكا، حيث هاجر الكثير من اليهود من أوروبا إلى أمريكا، وهناك وجدوا فرصًا جديدة للتعليم والعمل، وتنبه قادة أمريكا لخطورة الوافدين الجدد على دولتهم التى خاضت حروبا كبيرة للاستقلال، ومن هنا كانت كلمات بنيامين فرانكلين فى قلب المؤتمر التأسيسى للدستور الأمريكى بمدينة بنسلفانيا عام 1787، وهو أحد الآباء المؤسسين محذراً من خطر يراه يلوح فى الأفق من وجود اليهود فى أمريكا على المجتمع الأمريكي. وصف فرانكلين اليهود بأنهم سيقوضون القيم الأخلاقية ويهيمنون على الاقتصاد والسياسة إذا لم يتم تقييد دخولهم إلى البلاد!. وقد تحققت مخاوف فرانكلين بالفعل بعد ذلك بخمسة وثلاثين عامًا بالمحاولة الأولى لإقامة كيان يجمع اليهود وكانت على يد مردخاى مانويل نواه الذى كان أول من حاول عمليًّا إقامة دولة يتمتع فيها اليهود بالحكم الذاتى فى أمريكا، وفى عام 1820، بدأ نواه فى التفكير فى إقامة مدينة تكون بمثابة ملاذ آمن لليهود من كل أنحاء العالم فى الأراضى الأمريكية، فعمل على شراء أراضٍ قرب شلالات نياجرا، كما وجه الدعوة للهنود الحمر للانتقال إلى مدينته هذه، حيث كان يعتقد أنهم من نسل قبائل بنى إسرائيل المفقودة. وبعد خمس سنوات، أطلق نواه على المدينة اسم «دولة أرارات»، نسبة إلى جبل أرارات الذى رست عليه سفينة نوح بحسب العهد القديم. وأرسل نواه نوح حاخامات ومندوبين إلى أوروبا للترويج لفكرته ودعوة اليهود للهجرة إلى مدينته، غير أن دعوته لم تلق اهتمامًا وفشلت الفكرة. وتستمر رحلة الشتات