تعرف أحماض أوميجا-3 الدهنية بسمعتها الطيبة في عالم التغذية والصحة، ويروج لها على نطاق واسع كمكمل غذائي يعزز صحة القلب والدماغ،لكن، هل تنطبق هذه الفوائد على الجميع بالفعل؟ الدراسات الحديثة تشير إلى أن الصورة أكثر تعقيدا مما نظن، وأن الاستخدام العشوائي لمكملات أوميجا-3 قد لا يخلو من مخاطر لبعض الأشخاص. أكد الدكتور أليكسي موسكاليوف، مدير معهد بيولوجيا الشيخوخة في جامعة نيجني نوفغورود الروسية، أن أحماض أوميجا-3 قد نالت اهتماما علميا واسعا بفضل ما يعرف عنها من فوائد صحية، خصوصا فيما يتعلق بالقلب والمناعة والدماغ، غير أن الأبحاث الحديثة تكشف أن هذه الفوائد ليست بالضرورة شاملة أو مضمونة للجميع. وأوضح موسكاليوف أن بعض الدراسات أظهرت أن تناول زيت السمك كمكمل غذائي بشكل وقائي قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، خصوصا لدى الأشخاص الأصحاء،على النقيض، فإن المرضى الذين يعانون من أمراض قلبية مزمنة، وقد وصف لهم أوميجا-3 كجزء من خطة علاجية، أظهروا تحسنًا في مؤشراتهم الصحية وانخفاضًا في معدل الوفاة. ورغم أن أسباب هذا التباين في التأثيرات لم تفهم بشكل كامل بعد، إلا أن العلماء يرجحون أن الأمر قد يرتبط بالجرعة وتركيبة المكملات،فعادة ما تحتوي مكملات أوميجا-3 على الأحماض الدهنية في شكل "إسترات إيثيلية"، وهي أقل كفاءة في الامتصاص، وقد تسهم في ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL) في الجسم. كما أشار الباحثون إلى أهمية التوازن بين نوعي أوميجا-3، وهما حمض إيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض دوكوساهيكسانويك (DHA)، إذ إن الجرعات العالية من DHA تحديدا قد تضعف الفوائد المحتملة ل EPA، مما يغير فعالية المكمل بشكل عام. لذلك، وفي ظل غياب توافق علمي واضح بشأن الجرعات والتركيبة المثلى، ينصح الخبراء بعدم التسرع في استخدام مكملات أوميجا-3 دون استشارة طبية، وخاصةً للأشخاص الذين لا يعانون من أمراض مزمنة تتطلب دعما غذائيا خاصا. رغم أن أوميجا-3 تبقى من أبرز المركبات الغذائية التي تدرس لعلاقتها بالصحة العامة، فإن تناولها يجب ألا يكون قرارًا تلقائيا أو وقائيا لجميع الناس،التوازن، والانتباه للتركيبة، ومراعاة الظروف الصحية الفردية، كلها عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار قبل اللجوء إلى المكملات،فالنية في تحسين الصحة لا ينبغي أن تؤدي إلى نتائج عكسية غير متوقعة.