يواجه مجرم الحرب نتنياهو تحديات كبيرة داخلية وخارجية. لكن يبدو أن التحدى الأكبر بالنسبة له هو جيشه المنهك من الحرب التى لا يريد نتنياهو أن يضع لها نهاية!!.. لافت للنظر خلال الأيام الماضية تصاعد التصريحات المنسوبة لقيادات أمنية وعسكرية كبيرة والتى تحذر من استمرار الحرب التى يرونها بلا هدف حقيقى إلا بقاء نتنياهو فى الحكم، بينما سيدفع ثمنها الضباط والجنود ومعهم الرهائن الذين لن يكون لهم أمل فى النجاة إذا أقدم نتنياهو على احتلال غزة!! الخلاف ليس جديداً. يتذكر الجميع أن وزير الدفاع السابق «جالانت» ومعه معظم قيادات الجيش والأجهزة الأمنية كانوا يؤكدون دائماً أن الحرب بالنسبة لهم، قد انتهت منذ بدايات العام الماضى، وأنه لا توجد أهداف عسكرية فى غزة يمكن تحقيقها، وأن الحل السياسى قد جاء دوره للاتفاق الذى ينهى الحرب ويعيد الرهائن!! وهو ما كان يرفضه نتنياهو ومازال حتى الآن، لكن المفاجئ بالنسبة له أن يتجدد هذا الحديث الآن من قيادات عسكرية بعد أن تخلص من وزير الدفاع السابق وقائد الجيش ومعظم قادة المؤسسات العسكرية والأمنية وجاء بقيادات جديدة يضمن ولاءها؟! وهو ما يعنى أن الخلاف لم يكن شخصياً كما كان نتنياهو يدعّى وأن المخاوف العسكرية حقيقية من فشل جديد يقودهم إليه نتنياهو وحلفاؤه فى حكومة الإرهاب الذين يصرون على حرب بلا نهاية وقتال بلاهدف إلا البقاء فى الحكم!! تحذيرات العسكريين تجد صداها لدى الرأى العام الإسرائيلى أكثر من غيرها خاصة مع تصورات تقول إن نصف جنود الاحتياط لا يريدون العودة للخدمة العسكرية وأن من يعودون لايريدون الذهاب الى ميدان القتال وهم يرون نتنياهو يقاتل من أجل اعفاء المتدينين من التجنيد لضمان بقاء الأحزاب الدينية فى حكومته!! تحذيرات العسكريين لا تنطلق فقط من عدم الثقة فى نتنياهو وحكومته، ولكن ايضا من إدراك بأن ما تخطط له حكومة نتنياهو يعنى تورط الجيش فى غزة ربما لسنوات وهو ما لا تتحمله إسرائيل لا سياسياً ولا اقتصادياً ولاعسكرياً.. خاصة وحكومتها معزولة عن العالم، وجيشها المنهك يعرف قادته جيداً أنهم لن يحققوا أى انجاز بل إن نتنياهو يسوقهم الى المزيد من جرائم الحرب والإبادة الجماعية وقتل الأطفال.. فقط ليبقى فى الحكم وينجو من السقوط المحتوم!! يعرف نتنياهو أن جيشه المنهك من حروبه التى لا تنتهى سيظل ملتزماً بكل قرارات حكومته.. لكنه يدرك أيضا أن عاماً ونصف العام من حرب الإبادة التى يشنها أثبتت للإسرائيليين قبل غيرهم أن تقديرات العسكريين كانت صائبة وأن استمرار الحرب العبثية لن يقود إلا إلى استمرار الفشل. يعرف نتنياهو كل ذلك، لكنه ، قبل ذلك وبعده ، يدرك أنه يخوض معركته الأخيرة وأن جيشه الحقيقى هو اليمين المتطرف وقطعان المستوطنين وحكومة المتهربين من التجنيد التى سترافقه حتى اكتمال الكارثة!! إنها معركته الأخيرة، وحربه اليائسة.. وهذا هو الأخطر !!