■ حاوره في أبوظبي: حسن عبد الموجود يتميز معرض أبوظبي بدقة التنظيم، فالنشاط الثقافى يبدأ وينتهي في أوقات محددة، لضمان سرعة الإيقاع، وعدم ملل الناس، الذين كان بإمكانهم فى هذه الحالة الانتقال من منصة إلى أخرى، ومن جناح إلى جناح، وفي المعرض يمكنك أن تلمس وترى اجتماعات سريعة تتم هنا وهناك بين الناشرين وصنَّاع المحتوى والمسئولين، فجزء من أهدافه هو عقد اتفاقات يمكنها مساعدة الناشرين على إكمال الطريق. وقد حرصت على محاورة المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية ومدير معرض أبوظبى الدولي للكتاب، سعيد حمدان الطنيجى، لأنقل الطريقة التى يفكر بها المسئولون عن واحدٍ من أنجح المعارض العربية والدولية. ◄ اعتمدنا في مركز أبوظبي للغة العربية على برامج وتطبيقات العصر الرقمي أحد أهدافنا تعزيز اللغة العربية وتسهيل وصول الجمهور إلى مواردها. ◄ مشروع «معجم دليل المعاني» هو أول معجم عربي- إنجليزي رقمي ◄ ساهمت جهود مشروع «كلمة» في ترجمة أكثر من 1300 كتاب من 24 لغة ◄ أقيمت الدورة الأولى من المعرض عام 1981 قبل أن تتحول إلى مناسبة سنوية ثابتة في عام 1993، ما الذى تغير في المعرض خلال هذه السنوات؟ خلال هذه العقود التى تجاوزت الخمسة، تغيَّر العصر نفسه، تغيَّرت وقائع الحياة، وظهرت اختراعات أدت إلى إحداث تغييرات فى العالم كله، وأثرت على كافة الأصعدة فى حياتنا كالتكنولوجيا الحديثة وبرامجها وتطبيقاتها. وبفضل العلم والتعليم تطور المجتمع الإماراتى نفسه وازدهرت سبل التواصل والانفتاح، ففى مطلع الثمانينيات كانت دولة الإمارات ناشئة، وكانت تؤسس لنهضة شاملة، اليوم دولة الإمارات تعمل على تكريس التنمية المستدامة لكافة قطاعاتها، وباتت فى مقدمة الدول الحضارية، ورائدة فى العديد من المجالات. حيث تحوَّل معرض أبوظبى الدولى للكتاب، خلال 33 عاماً إلى منصة عالمية تدعم اللغة العربية، والثقافة، والمعرفة، وقطاعات النشر والصناعات الإبداعية، وتمدُّ جسور التواصل مع كل دول العالم. ◄ ما الذي يعكسه تضاعف عدد الزوار في وجهة نظرك؟ في حقيقة الأمر، لم يقتصر الإقبال على زوَّار المعرض فقط، الذى بلغ فى هذه الدورة من المعرض نحو 300 ألف زائر من مختلف الجنسيات. فالتطور والتفوق الذى حققه المعرض عبر دوراته المتتالية، دفع العشرات من دول العالم من كافة القارات إلى أن تحرص على المشاركة فيه، فهناك اليوم 1400 عارض ودار نشر يشاركون فى المعرض من 96 دولة، كما تشارك 20 دولة فيه لأول مرة. خصص المعرض للزوار نحو 2000 فعالية، ضمن مواضيع تتصل بالمجتمع، والاستدامة، والعلوم العربية، والفانتازيا، والذكاء الاصطناعى، والابتكار. ومجموعة من البرامج الثقافية والمهنية والفنون الإبداعية، وبرامج تعليمية للأطفال والطلاب، وبرنامج العارضين والشركاء، تستضيف كبار المفكرين والأكاديميين والأدباء والاختصاصيين فى التكنولوجيا الحديثة. إلى جانب إطلاق المعرض لمبادرات نوعية، وتنظيم مؤتمرات متخصصة، وتوفير أجنحة عرض الكتب. وكل ذلك فى سبيل تلبية احتياجات الزوار الثقافية، ودفعهم نحو مزيد من التعايش والتسامح وقبول الآخر واحترام اختلافاته الثقافية، بما يثرى المجتمع بالإبداع والابتكار والمعرفة. وهى أسباب تؤدى إلى تضاعف عدد الزوار. ◄ يعتبر البرنامج الثقافي أكبر برامج معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يشارك به متحدثون فى مختلف مجالات الثقافة والفنون والآداب والفكر.. ما الذى يعكسه التنوع فى وجهة نظرك؟ يعدُّ التنوُّع الثقافى انعكاساً رئيسياً ومهماً لقيم التسامح والتعايش والتفاعل الحضارى بين مختلف فئات المجتمع، التى تعكس الرؤى الإستراتيجية لقيادة دولة الإمارات، فهو ينطوى على جوانب إنسانية واجتماعية وثقافية كثيرة. فوجود ثقافات مختلفة توسع مدارك الإنسان وتزيد من علومه المعرفية وتعزز من الاحترام المتبادل بين تلك الثقافات والشعوب. لهذا حرص البرنامج الثقافي على تقديم فعاليات تعمل وفق مسارين: التعريف بثقافتنا وتراثنا الأصيل، والتعرف إلى ثقافات وحضارات الآخر. ◄ وفر المعرض عبر ركن النشر الرقمى عدداً من المشاريع والمبادرات الداعمة لصناعة النشر الرقمية، بمشاركة جهات متخصصة فى الكتب الصوتية والإلكترونية والرقمية وتقنيات النشر والطباعة الذكية.. ما فلسفتكم فى ملاحقة النشر الرقمي؟ يشكِّل المعرض اليوم لدى أقطاب النشر والعارضين منارة للتبادل الفكرى والثقافى من جميع أنحاء العالم، ووجهةٌ مثالية لهم، كونه يحرص على استكشاف رؤى جديدة تساعد على التطور والنمو. وتقديمه برنامجا خاصاً بالعارضين والشركاء، وتنظيمه للمؤتمر الدولى للنشر العربى والصناعات الإبداعية، الذى يستضيف نخبة من الاختصاصيين المهنيين وصنَّاع النشر، لطرح قضايا تتصل بالعصر الرقمى واستكشاف تطبيقات الذكاء الاصطناعى وإمكانية الإفادة منها، والتواصل مع شركات التكنولوجيا لمزيد من التعاون ومواكبة لغتنا العربية للغة العصر. سبق أن اعتمدنا فى مركز أبوظبى للغة العربية الذى ينظم معرض أبوظبى الدولى للكتاب، على برامج وتطبيقات العصر الرقمى، بما يخدم أهداف المركز فى تعزيز اللغة العربية وتسهيل وصول الجمهور إلى مواردها. وقد عكست التجربة نتائج مرضية ومشجعة لمسناها لدى الزوار، لذا نحن حريصون على الاستمرار فى الاستفادة من تطبيقات العصر الرقمى، بما يخدم أهداف المركز فى ترسيخ اللغة العربية لدى أبناء المجتمع، بخاصة مع إعلان قيادة دولة الإمارات لعام 2025 عام المجتمع، حيث نعمل فى المركز على التنمية المستدامة لقطاع اللغة العربية، وحثِّ أبناء المجتمع على الاطلاع المعرفى ومواكبة التطور الثقافى والحضارى. ◄ المعرض لا ينسى الأطفال أيضاً ويخصص كل عام عبر برنامج «واحة الأطفال» العديد من الفعاليات والأنشطة الموجهة للطفل، ما فلسفتكم فى هذا؟ لا شك فى أن الأطفال هم عماد المستقبل وبناة المجتمع، وتأسيسهم على الأخلاقيات والقيم الإنسانية والثقافة والمعرفة، أولوية إستراتيجية لدى دولة الإمارات بكافة مؤسساتها. بدوره حرص المعرض على أن تشمل برامجه كافة الفئات العمرية، فجاء البرنامج الخاص بالأطفال والناشئة «أتعلم» ليوفر لهم العديد من جلسات معرفية تتناسب وأعمارهم، إضافة إلى ورش عمل قرائية وكتابية، لتنمية قدراتهم وصقل مواهبهم، وأنشطة تفاعلية تهدف إلى تحقيق المعرفة والمتعة فى آنٍ ما. مما يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة، وتناقلها مستقبلاً للثقافة والعلوم المعرفية، وتوريثها للأجيال الجديدة. ◄ اقرأ أيضًا | حوار| الشيخة روضة بنت نهيان: تمسكوا بالهوية والجذور.. وأكتب لصناعة جسر بين الأحفاد ◄ بلغة الأرقام المقرونة بالمعلومات، هل لنا أن نقف على بعض من جوانب التحوُّل إلى النشر الرقمى لدى مركز أبوظبى للغة العربية؟ - اعتمدنا فى المركز على برامج وتطبيقات العصر الرقمى كما ذكرت، فعكست التجربة نتائجاً رائعة ومشجعة انعكست على الزوار، وعلى حجم المبيعات الرقمية، حيث حققت المبيعات عام 2024 زيادة قدرها 644 % عن عام 2023، كما بلغ عدد النسخ الرقمية المبيعة ارتفاعاً مقداره 144 فى المائة. وصل عدد المواد الرقمية التى يتيحها مركز أبوظبى للغة العربية إلى أكثر من 2,000 مادة رقمية متنوعة. إذ توجد مجموعة واسعة من الكتب الصوتية عبر مختلف الأنواع، تقدم روايات صوتية طبيعية ومعبرة. وكذلك تم تحويل سلسلة ذخائر إماراتية.. 50 كتاباً فى خمسين عاماً إلى كتب صوتية لأول مرة باستخدام الذكاء الاصطناعى. وساهم «مختبر الذكاء الشعرى» الذى يتم دمجه فى موقع الموسوعة الشعرية، عبر تطوير أدوات ذكية تساعد طلاب ومدرسى اللغة العربية على تعلّم فنون الشعر وتعليمها. أما مشروع «معجم دليل المعاني»، فهو أول معجم عربى- إنجليزى رقمى يوظف عناصر الصوت والصورة لإثراء المحتوى ويتضمن 7000 مادة تمثل نحو 80% من المفردات الأكثر استخداماً فى اللغة العربية. وانطلق مشروع «بارق»، بالتعاون مع جامعة نيويورك أبوظبى، بهدف جمع مدوَّنة لغوية كبيرة متوازنة تصل إلى 10 ملايين كلمة موسومة، وتطوير نموذج ذكاء اصطناعى لتحديد ذلك آلياً. فيما يخص «كلمة» للترجمة، فقد ساهمت جهود المشروع فى ترجمة أكثر من 1300 كتاب من 24 لغة تتوزع فى 10 تصنيفات معرفية، وضمت قائمة المترجمين نحو 800 مترجم، إضافة إلى تعاون نحو 300 آخرين مع مشاريع المركز، من ضمنهم 20 مواطناً إماراتياً من الخريجين الجامعيين. إلى جانب العديد من الأرقام والمعلومات المتصلة بمبادرات المنح بأنواعها، والتى تحتاج إلى كتاب ليستوعب إنجازات المركز فى مجال التحوُّل الرقمى والكتب الإلكترونية ومواكبة التطورات التكنولوجية. ◄ ما المختلف فى الدورة الأخيرة وما خططكم للمعرض فى الأعوام المقبلة؟ حرص المعرض فى دورته هذه التى تقام برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله على إطلاق مبادرات وفعاليات تستلهم الرؤى الإستراتيجية وتعكس التوجهات العامة لدولة الإمارات، سعياً لتعزيز مكانة اللغة العربية، والارتقاء بالمعرفة لدى أبناء المجتمع. من ضمن المبادرات، على سبيل المثال: مبادرة (100 قصة من مجتمعنا)، ومن ضمن البرامج، أيضاً على سبيل المثال: مجلس ليالى الشعر، فضلاً عن العديد من الفعاليات المبتكرة. وسيواظب المعرض فى دوراته المقبلة، من خلال الجديد والمختلف والمبتكر، على تعزيز الثقافة العربية، وترسيخ المكانة المعرفية والثقافية للعاصمة أبوظبى الرائدة عالمياً.