كان صدور القانون 91 لسنة 2005 الخاص بضريبة الدخل نقلة كبيرة ونوعية وإيجابية فى العلاقة بين مصلحة الضرائب والممولين، فبسببه تحولت من النفور والخوف الى علاقة ثقة بين الطرفين، بفضل التيسيرات التى قدمها القانون آنذاك وفى مقدمتها خفض سعر الضريبة الى النصف، واعتماد مبدأ الثقة فيما يقدمه الممولون من بيانات وإقرارات، وأن يكون إثبات خطأ هذه البيانات والإقرارات على عاتق المصلحة، بالإضافة إلى تطبيق نظام الفحص بالعينة، وألا تتجاوز هذه العينة ال 20% كل سنة، ورغم كل التيسيرات والتخفيضات الضريبية التى تضمنها قانون 91 لسنة 2005 تضاعفت الحصيلة الضريبية فى أول سنة لتطبيقه، وواصلت الصعود محققة طفرات كبيرة خلال السنوات التالية، ولكن بسبب التعديلات الكثيرة على القانون خلال الفترة التى تلت عام 2011 بالإضافة إلى صدور العديد من الكتب الدورية والقرارات الضريبية تراجع مبدأ الثقة بين مصلحة الضرائب والممولين، وعاد النفور مرة أخرى ليكون عنوان العلاقة بين الطرفين. محاولات إعادة الثقة بين الطرفين بدأت خلال السنوات الأخيرة، لكن النقطة الفارقة والحاسمة كانت إعلان أحمد كجوك وزير المالية مؤخرًا عن حزمة التيسيرات الضريبية، التى رفعت شعار نقطة ومن أول السطر، لتكتب بداية جديدة لعودة الثقة بين المصلحة والممولين، وهى الحزمة التى لاقت استحسانًا وتجاوبًا كبيرًا من مجتمع الأعمال وكبار المحاسبين، خاصة انها تتضمن نظامًا متكاملاً للتيسير على الممولين، وبناء الثقة بينهم وبين المصلحة، كما تسعى لمساندة مجتمع الأعمال، والتيسير على صغار الممولين، وتحقيق العدالة الضريبية، وحل المشكلات التى تواجه المجتمع الضريبي، وفتح صفحة جديدة بين المصلحة والممولين من خلال التوقف عن التقديرات الجزافية، بعد أن تم وضع أدلة إرشادية للفحص وستكون ملزمة للمأمور. اقرأ أيضًا | المجتمع الضريبى يطالب بمد المهلة: تيسيرات الضرائب تنهى معاناة الممولين كما تسعى هذه التيسرات لتحقيق العدالة الضريبية، حيث تشترط أن تكون الاستفادة منها الالتزام بالمنظومات الضريبية الإلكترونية، التى تضم الفاتورة والإيصال الإلكترونيين، وكذلك الالتزام بتقديم الإقرارات الضريبية فى موعدها، التى ستكون 4 مرات سنويًا بدلًا من 12مرة فى السنة، حيث كان يتم تقديمها شهريا قبل صدور التيسيرات، وهو ما يعد تسهيلًا على الممولين، بالإضافة الى أنه يوفر السيولة المالية لديهم، خاصة أن مصلحة الضرائب أعلنت التزامها بتقديم الدعم الفنى الكامل مجانًا للانضمام لهذه المنظومات، وكذلك توفير أجهزة نقاط البيع اللازمة للانضمام لمنظومة الإيصال الإلكتروني، وكل ما يحتاجه الممول حتى يتمكن من الوفاء بالتزاماته الضريبية على أكمل وجه. حزمة التيسيرات الضريبية تضمنت أيضًا مزايا عديدة ومهمة لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، مثل التعامل بضريبية مبسطة بضريبة نسبية تبدأ من 0.4% للمشروعات التى يقل حجم أعمالها عن 500 ألف جنيه، و0.5% للمشروعات من 500 ألف الى مليونى جنيه و0.75% للمشروعات من 2 إلى 3 ملايين جنيه و1% للمشروعات من 3 إلى 10 ملايين جنيه و1.5% للمشروعات حتى 20 مليون جنيه، بالإضافة إلى الإعفاء من ضرائب الدمغة والأرباح الرأسمالية وتوزيعات الأرباح ورسوم تنمية موارد الدولة ورسوم التوثيق والشهر العقاري، بالإضافة إلى أن أول خمس سنوات ستكون بلا فحص ضريبي؛ مع التجاوز عن 100% من مقابل التأخير عن ضريبة التصرفات العقارية التى تمت فى الفترة من 12 فبراير 2020 حتى 12 فبراير 2025، وكذلك مقابل التأخير عن الضريبة على أرباح بيع الأوراق المالية غير المقيدة البورصة فى حال سدادها، وكل هذه التيسيرات تساعد فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى المنظمة الرسمية، وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الانضمام إليها.