إعداد: مها عبد الرءوف فى أكثر من مناسبة قبل رحيله أكد يوسا أنه لا يزال يكتب أعماله بيده باستخدام الأقلام والدفاتر تمامًا كما بدأ مسيرته الأدبية. فى حوارته بل وحتى فى أعماله لم يقف الكاتب البيروفى على الهامش إزاء تقدم التكنولوجيا وتغلغلها فى جميع المجالات وصولا إلى الأدب. ففى حوار مع صحيفة التيمبو الكولومبية، قال: «إن التكنولوجيا تضفى على الأدب نوعًا من السطحية، فالأدب الذى يكتب على الشاشة يكتب بأسلوب غير رسمى ولا يوحى بالاحترام». وعلى العكس يرى أديب نوبل «أن الأوراق تبعث فى الكاتب نوعًا من الاحترام الذى يكاد يكون ذى طابع مقدس». وعلى الرغم من أنه يعتقد أن «الشاشة تشجع على الاستسهال والتفاهة ويختفى فيها الانضباط، إلا أنه يؤكد أنه ليس ضد استخدام الانترنت، هو فقط يعتقد أنه «إذا اقتصر الأدب على الشاشات فإنه سيصبح فقيرًا جدًا، ذلك أن الشاشة تفقده العمق والمخاطرة». وفى حوار آخر مع صحيفة لا بانجوارديا يعرب يوسا عن مخاوفه من أن يفرغ الكتاب الرقمى فعل القراءة من معناه بنفس الطريقة التى فعلها التلفزيون مع السرد السمعى البصري. ويرى الكاتب المثير للجدل أن الأمر أصبح يحمل الكثير من المفارقة فالتكنولوجيا التى تتيح لنا الوصول غير المحدود إلى المعرفة، قد تكون فى الوقت نفسه ما يفرغ تلك المعرفة من محتواها. وهو الرأى الذى لم يعبر عنه فى حواراته فحسب، بل أبرزه أيضًا فى أعماله مثل قصته القصيرة «الرياح» التى جاء فيها: «لا أحد من الشباب فى مدريد يهتم باختفاء آخر دور السينما فيها؛ حيث لم تطأها أقدامهم قط، فقد اعتادوا منذ الطفولة على مشاهدة الأفلام التى يطلبونها -إن جاز تسميتها أفلامًا - على شاشات حواسيبهم، وأجهزتهم اللوحية، وهواتفهم». ويسخر الأديب البيروفى من استخدام الذكاء الاصطناعى فى كتابة الأعمال الأدبية أو ما يعبر عنه بقوله «كتابة نصوص حسب الطلب». ويقول: «منذ شاع تقليد قراءة الروايات المعدة بواسطة الكمبيوتر وقد كففت عن قراءة كل ما ينتج فى هذا الإطار»، ويضيف: أقول «يُنتج» لأن قولهم «يكتب» أمر مثير للسخرية. من ذا الذى يأخذ على محمل الجد رواية صنعت بواسطة كمبيوتر وفقا لطلبات الزبون. أريد قصة تدور فى القرن التاسع عشر، فيها مبارزات، حب تراجيدي، قدر وافر من الجنس، قزم، كلبة من نوع كينج تشارلز كافاليير، وكاهن متحرش بالأطفال. كما لو أنك تطلب هامبرجر أو نقانق مع الخردل والكثير من الكاتشب. ومن أكثر الجوانب إثارة للقلق بالنسبة لماريو بارجس يوسا فى ما يتعلق باستخدام التكنولوجيا فى عالم الأدب هو تأثير ذلك على اللغة أو «فقر النصوص المكتوبة للانترنت نحويًا». لقد كان ينظر كذلك بقلق إلى الطريقة التى يختصر بها الشباب الكلمات وتجاهلهم التام للقواعد النحوية واستخدامهم رموزًا تعبيرية وربطها بأسلوب تفكير مبتور». ويصف الأديب البيروفى هذا الأمر بأنه مرعب بل أنه يصف من يكتب بهذه الطريقة فى حوار آخر مع مجلة بوسكيدا الأورجوائية بأنه «يكتب كالقرد». فاللغة أداة التفكير وإذا تدهورت تدهورت معها قدرتنا على التفكير والنقاش وفهم العالم. وعلى حد قوله أيضًا فى مقابلة مع مجلة اليخاندرا فإن «الجهد العقلى يتضاءل شيئا فشيئًا لأن التكنولوجيا تدفعنا للتخلى عنه».