زمان كانت بيوت امهاتنا عامرة بكل الخير، فهذا خبز بيتى مازال مذاقه فى فمى.. وتلك مربات اعدتها امى لعمل سندويتشات المدرسة.. حظيرة منزلنا تعج بالطيور بأنواعها التى تذبح وتعد وجبات ساخنة بالتناوب خلال الاسبوع مع الأسماك.. أما اللحوم فكانت زائرا غير مرحب به يظهر مرة اسبوعيا، وغالبا يتم إلغاؤه واستبداله بوجبة كشرى بالعدس الأصفر مع البيض المسلوق الذى كان ايضا إنتاجا منزليا.. باختصار كان اغلب طعامنا من تدبير ام واعية تعلم جيدا ماذا تقدم لأسرتها من وجبة متكاملة نظيفة وصحية.. فى هذه الحقبة الزمنية لم اسمع مطلقا عن الامراض الغريبة والمنتشرة هذه الايام لأنى لم اكن اسمع ولا اعرف الطريق الى الطعام خارج المنزل، تربينا على هذا.. ثم جاء دورنا وتم حذف بند تربية الدواجن فى المنزل لانتقالنا الى القاهرة، أما ما عدا ذلك فقد اكملت مسيرة امى رحمها الله فى كل ما كانت تفعله معنا ونحن صغار، ولا اتذكر انى اشتريت وجبات طعام من خارج المنزل باستثناء السمك المشوى، فقد كان هذا الفعل يندرج تحت بند العيب بل كان يعتبر انتقاصا من دور ربة المنزل. اقول هذا بعد انتشار الامراض بالتزامن مع حمى شراء الوجبات الجاهزة.. وأذكر ان حفيدتى ألحت على ان اتذوق ما ابتاعته من احد المحلات وأضافت انه (تريند) ورفضت رفضا قاطعا ونهرتها لشرائها هذه المنتجات التى لا نعرف لها هوية. وأسأل كل ام: هل امسكت ورقة وقلما وكتبت ما تقدمينه لأطفالك يوميا؟ وهل اشتملت الوجبة على كل المكونات من فيتامين وبروتين... الخ ام لا؟ هل فكرت انه بشرائك اى لحوم مصنعة لا تعلمين مصدرها او مكوناتها او دجاجة مشوية لا تدرين مدى نظافتها او صلاحيتها، لن يفيد ذلك أسرتك غذائيا بل من الجائز جدا ان يضرهم صحيا؟.