حظيت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر باهتمام مصري وعربي وعالمي، في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط حالة من التوتر والتصعيد غير المسبوق، وتأتي زيارة "ماكرون" إلى معبر رفح البري والمساعدات الإنسانية المنتظر دخولها إلى قطاع غزة ذات مغزى ودلالة عميقة في وقت تتباين فيه المواقف الأوروبية - وخاصة الفرنسية - عن مواقف الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب. اقرأ أيضا: ترامب: الولاياتالمتحدة لن تقدم أي دعم عسكري لأوكرانيا بعد الآن وقد كان الإعلان الأمريكي عن خطة ترامب للسيطرة على غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" والتهجير القسري للفلسطينيين كاشفا للتباين والتباعد الأوروبي عن الموقف الأمريكي إزاء الأوضاع في الشرق الأوسط، إذ واجهت خطة ترامب لتهجير غزة انتقادات شديدة وتشكيك من جانب الدول الأوروبية التي اعتبرتها تقويضا لحل الدولتين وانتهاك خطير للقانون الدولي وزعزعة لاستقرار أهم حليفين في المنطقة هما مصر والأردن. ما يدلل أكثر على تباعد الموقف الأوروبي عن مواقف الإدارة الأمريكية هو دعم "ماكرون" للخطة العربية لإعادة إعمار غزة، إذ وصفها بالموثوقة وأنها تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار، داعيا إلى وقف نهائي وتام للأعمال القتالية في غزة، ورفض فرض الاستيطان بالقوة على الأراضي الفلسطينية، كما أكد على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في غزة. المواقف الأوروبية تباعدت عن مواقف الولاياتالمتحدة في عدة ملفات كبرى على رأسها تسوية الحرب الروسية الأوكرانية حيث تضامن الدول الأوروبية مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، معلنين استمرارهم في دعم أوكرانيا بالأسلحة في حربها ضد روسيا، كما أعلنوا رفضهم استهداف إيران وضرب البرنامج النووي الإيراني، فضلا عن عدم المشاركة عسكريا في الضربات على الحوثيين في اليمن. وإزاء هذا التباعد في المواقف؛ فهل تنجح القارة العجوز في خلق توازن جديد في النظام العالمي واستعادة دورها كلاعب رئيسي في السياسة الدولية؟ هذا ما تكشف عنه الأيام.