كانت التماثيل الأثرية في مصر القديمة وسيلة لضمان استمرار الحياة والخدمة في العالم الآخر. ومن بين هذه القطع الفريدة، يبرز تمثال خادم نيانخبيبي، الذي يجسد روح الإخلاص والواجب تجاه السيد حتى بعد الموت. ويعكس هذا التمثال إتقان الفن المصري القديم في تصوير الحركة والتفاصيل الدقيقة، ليظل شاهدًا على العادات والمعتقدات الجنائزية في عصر الدولة القديمة. ** تمثال خادم نيانخبيبي: تحفة من الدولة القديمة ويعود هذا التمثال إلى الأسرة السادسة من عصر الدولة القديمة (حوالي 2345-2181 ق.م) وقد تم اكتشافه في مائير عام 1894 لصالح هيئة الآثار المصرية. يعرض التمثال في الدور الأرضي بالمتحف المصري بالقاهرة، ضمن خطة تطوير عرض آثار الدولة القديمة، ويبلغ ارتفاعه 36 سم، وهو مصنوع من الخشب المطلي. ** تفاصيل التمثال وأهميته يُظهر التمثال خادمًا في وضعية المشي، وهي حركة رمزية تشير إلى استمرارية الخدمة في الحياة الأخرى. يرتدي الخادم تنورة بسيطة، بينما تتميز تسريحته بضفائر قصيرة، تعكس أسلوب الحلاقة الشائع في ذلك العصر. يحمل حقيبة ظهر مزينة بنقوش تشبه جلد النمر، تتداخل فيها ألوان الأحمر والأبيض والأخضر، مما يمنحها طابعًا زخرفيًا مميزًا. كما يحمل الخادم في يده سلة مزينة بنقوش ماسية الشكل، يتداخل فيها الأسود والأبيض والأصفر والأزرق/الأخضر، مما يبرز مهارة الفنان المصري القديم في استخدام الألوان والرموز. يستخدم الحزام لتثبيت الحقيبة على ظهره، وهو تفصيل دقيق يعكس مدى واقعية المشهد المصور. اقرأ أيضا|«جرس الذبيحة في مصر القديمة» .. تقليد متوارث منذ آلاف السنين ** الدور الجنائزي للتماثيل الخدمية كانت هذه التماثيل تُوضع داخل المقابر لضمان استمرار الخدمات التي كان المتوفى يحصل عليها في حياته اليومية، بحيث لا يُحرم منها في العالم الآخر. ويعكس تمثال خادم نيانخبيبي هذه العقيدة الراسخة لدى المصريين القدماء، حيث اعتقدوا أن هذه التماثيل ستعمل بدلاً من الخدم الفعليين لمساعدة المتوفى في رحلته الأبدية. ويعد هذا التمثال نموذجًا رائعًا للفن المصري القديم، حيث يجمع بين البساطة والرمزية العميقة، مما يجعله قطعة أثرية فريدة تستحق التأمل والدراسة لفهم المزيد عن حياة المصريين القدماء ومعتقداتهم حول الحياة الأخرى.