تستضيف مصر فى نهاية أبريل المقبل مؤتمراً لحشد التمويل الدولى لإعادة إعمار غزة، فيما تواصل الدبلوماسية المصرية حشد الدعم والتأييد العالمى لتنفيذ الخطة التى طرحتها القاهرة، وحظيت بدعم القمة العربية فى 4 مارس الماضي، ثم اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامى فى 7 مارس، لتصبح بذلك خطة عربية إسلامية. ومن المقرر أن يكون المؤتمر على المستوى الوزاري، على أن يكون تنظيمه بالمشاركة بين مصر وكل من السلطة الفلسطينية والأممالمتحدة، فى ظل الاهتمام والترحيب الأممى بما قدمته القاهرة من خطة مفصلة لإعادة إعمار القطاع المدمر فى 5 سنوات. ويرتقب أن تكون مصر فى طليعة الدول التى تعلن مساهمتها فى صندوق إعادة الإعمار الذى سيضم المساهمات المالية من الدول والمنظمات المشاركة فى تمويل الخطة التى تتكلف 53 مليار دولار، وذلك على غرار ما قدمته مصر سابقاً من مساهمات فى إعمار غزة عقب الجولات السابقة من الحروب الإسرائيلية على القطاع، وآخرها الإعلان عن تقديم 500 مليون دولار عقب حرب عام 2021. وتواصل مصر حشد التأييد الدولى لخطة إعادة الإعمار لتكون خطة دولية مشتركة، بعدما نجحت فى تحويلها من خطة مصرية إلى خطة عربية وإسلامية، حيث يتم العمل على جولة فى العواصم الكبرى لوزراء خارجية اللجنة العربية الإسلامية المشتركة بشأن القضية الفلسطينية، وعلى رأس وجهات تلك اللجنة ستكون العاصمة الأمريكيةواشنطن، للتشاور والتباحث بشأن خطوات الدفع لتنفيذ خطة إعادة الإعمار بما يضمن بقاء الشعب الفلسطينى على أرضه، ومن المنتظر أن تبدأ تلك الجولة قريباً بما يمهد لمؤتمر القاهرة لتمويل إعادة إعمار غزة بعد أسابيع. ونجحت الجهود المصرية حتى الآن فى حصد تأييد الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقي، من خلال حضورهم القمة العربية وإعلان دعم الخطة، بالإضافة لصدور بيان مشترك من الدول الأوروبية الكبرى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا للترحيب بالخطة، فضلاً عن دول أخرى مثل البرتغال. فيما تواصل البعثات الدبلوماسية المصرية فى كل دول العالم العمل على شرح وتوضيح خطة إعمار غزة، بما يسهم فى خلق مزيد من الزخم والتأييد الدولي، وحث كافة الأطراف على تمويل المخطط الذى وضعته مصر وأيدته الدول العربية والإسلامية. وعلى الصعيد الأمريكي، لمست الدبلوماسية المصرية إشارات إيجابية من جانب إدارة الرئيس دونالد ترامب، وهو ما بدا فى الاتصال الهاتفى بين وزير الخارجية د. بدر عبد العاطي، والمبعوث الأمريكى للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والذى أبدى ترحيبه بما أسماه «عناصر جاذبة» فى الخطة، وهو ما تعتبره مصر أساساً يمكن البناء عليه، خاصة أن إدارة ترامب منذ اليوم الأول تعهدت بالعمل على إنهاء الصراعات فى العالم. وتكثف السفارة المصرية فى واشنطن تواصلها مع دوائر صنع القرار بشأن رؤية إعادة إعمار غزة، حيث أرسلت السفارة ملخصاً للخطة إلى كافة أعضاء الكونجرس، كما تتواصل مع مراكز الفكر والرأى لحشد رأى عام مضاد لمحاولات ترويج فكرة التهجير، وهو ما يعد استمراراً للنهج الذى سار عليه وزير الخارجية فى زيارته إلى واشنطن الشهر الماضي، حيث التقى بطيف واسع من أعضاء الكونجرس ومراكز الفكر لشرح الرؤية المصرية، وتوضيح أن عدم إنهاء الحرب فى غزة وحل القضية الفلسطينية يؤثر على الاستقرار فى الشرق الأوسط ككل. وخلال المباحثات مع كافة الأطراف، تبدى مصر انفتاحاً تاماً على تعديل الخطة وفق أى تصورات دولية ذات صلة، ولكن بما يحقق الهدف الأساسى منها وهو بقاء الفلسطينيين على أراضيهم، فضلاً عن الاقتناع بأن مهمة إعادة إعمار قطاع غزة تتطلب «قدراً مهولاً» من العمل ستساهم به دول كثيرة. وبالتوازى مع جهود حشد الدعم الدولي، تواصل مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة العمل على دفع الالتزام بتطبيق المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تبنى مصر رؤيتها على أنه دون إنهاء الحرب لا يمكن بدء العمل على إعادة الإعمار، كما أن الاتفاق السياسى هو الضمانة لتنفيذ خطة التعافى المبكر التى تستغرق 6 أشهر تمهيداً لتنفيذ مرحلتى إعادة الإعمار. وفى الوقت الذى سيقوم فيه الأردن ومصر بتدريب ما بين 5 إلى 8 آلاف شرطى فلسطيني، فإن القاهرة ترى أن تطبيق خطة إعادة الإعمار بما تشمله من تكليف لجنة غير فصائلية لإدارة القطاع بما يمهد لتسليم الحكم إلى السلطة الفلسطينية؛ هو ما يرد على ملف سلاح حركة حماس، لأن وجود سلطة فلسطينية قوية يعنى تركز السلاح فى يد عناصرها.