لم تترك مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى فرصة واحدة إلا وحاولت اقتناصها من أجل إحياء القضية الفلسطينية وعدم تصفيتها ، واتسمت مواقفها بالواقعية بعيدا عن الشعارات الحماسية، وأصبحت القاهرة اللاعب الرئيسى فى سيناريوهات المستقبل. مصر لعبت دور الوسيط الرئيسى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية فى غزة، وساهمت فى وقف إطلاق النار خلال عدة جولات من التصعيد، واستخدمت علاقاتها مع مختلف الأطراف لضمان تهدئة الأوضاع ووقف إطلاق النار وتبادل الاسرى والرهائن . مصر كانت الدولة الوحيدة التى أبقت معبر رفح مفتوحًا أمام المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، خاصة فى ظل الحصار على غزة ، وأرسلت القدر الأكبر من المساعدات الطبية والغذائية وفرق الإنقاذ إلى القطاع . مصر قدمت مبادرة إعمار غزة دون تهجير سكانها ، كبديل آمن لمنع مزيد من التدهور، وإعادة بناء المنازل والبنية التحتية التى دمرها القصف الإسرائيلى ، وتنسق مع الدول العربية والمجتمع الدولى والأمم المتحدة لدعم خطة الإعمار. مصر أعلنت رفضها القاطع لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وأكدت أن القضية الفلسطينية يجب أن تُحل داخل الأراضى الفلسطينية وليس على حساب دول الجوار، وضرورة التوصل إلى حل سياسى شامل يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة فى إقامة دولتهم المستقلة. مصر هى التى تتحمل أعباء القضية الفلسطينية منذ أكثر من سبعين عاما ، ودفعت من تضحيات شعبها ثمناً فادحاً، ووضعتها كأهم محددات الأمن القومى المصري، ولم تتخل يوماً عن التزاماتها ، وأكدت وقفة المصريين القوية رفضا للتهجير انها قضية فى صدارة اهتمامات الناس. وعلى مدار العصور، تبنت مصر مواقف مختلفة تجاه القضية الفلسطينية، تتراوح بين المواجهة العسكرية، والدبلوماسية، ومحاولات الوساطة ، وفى جميع الأحوال، ظلت فلسطين قضية محورية فى السياسة المصرية. ليس تزايداً أن نقول إن مصر هى التى تتحمل أعباء القضية الفلسطينية، ودفعت من تضحيات شعبها ثمناً فادحاً، ووضعتها كأهم محددات الأمن القومى المصري، ولم تتخل يوماً عن التزاماتها. والمزايدة على الدور المصرى فى الدفاع عن القضية الفلسطينية ليست أمراً جديداً، اعتدناه منذ سنوات دون أن ينال من المواقف الصلبة، حتى فى فترات الحروب مع إسرائيل، خرج من بين الصفوف فى الداخل والخارج من يحرض وينكر . مصر جمال عبد الناصر الذى عاش ومات من أجل فلسطين ، ورغم آلام الهزيمة فى حرب يونيو ، إلا أنه آمن بأن « ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، وأسلم الروح دفاعاً عن القضية الفلسطينية بعد القمة العربية الأخيرة فى القاهرة فى 28 سبتمبر 1970، بعدما اطمأن على حقن الدماء العربية بعد أحداث شهر أيلول. وتسلم الرئيس السادات وبعده الرئيس مبارك الراية، ولم يتخذا فى حياتهما قراراً واحداً ضد العروبة، حتى فى اتفاقية السلام مع إسرائيل، كان السادات حريصاً على حضور الفلسطينيين، وأن يكون سلاما لكل العرب، ولكنهم هاجموه وقطعوا العلاقات مع مصر.