احتلت زهرة اللوتس مكانة رمزية خاصة في الحضارة المصرية القديمة، حيث ارتبطت بمعاني التجدد والخلق والنقاء الروحي، ويظهر ذلك جليًا في العديد من الأعمال الفنية، ومنها لوحة سنفر وأمون – مس، التي تجسد هذا العنصر الزخرفي بجماله الأخاذ ودلالاته العميقة. كما ارتبطت العطور في مصر القديمة بعالم المقدسات والطقوس الدينية، وهو ما يعكسه المعرض المؤقت "العطور في مصر القديمة" المقام في المتحف المصري بالقاهرة، والذي أُتيحت للزوار فرصة نادرة للتعرف على أسرار تركيب العطور الفرعونية وفقًا للنصوص الأثرية. في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل لوحة سنفر وأمون – مس، ومدى ارتباطها برمزية زهرة اللوتس، إلى جانب أهمية العطور في الحياة المصرية القديمة ودورها في الطقوس اليومية والدينية. لوحة سنفر وأمون – مس وزهرة اللوتس تعد لوحة سنفر وأمون – مس واحدة من الأعمال الفنية المميزة التي تجسد رمزية زهرة اللوتس في الفن المصري القديم. اللوحة مصنوعة من الحجر الجيري المطلي، وتتميز بأبعادها التي تبلغ 109 سم ارتفاعًا، و53 سم عرضًا، و14 سم سمكًا. 1- وصف اللوحة وعناصرها تظهر في اللوحة عدة مستويات، كل منها يحتوي على زهرة لوتس واحدة على الأقل، مما يعكس أهمية هذه الزهرة في السياق الفني والديني للمشهد. ومن المرجح أن يكون التركيز على اللوتس نابعًا من الدور الكهنوتي الذي كان يشغله سنفر في هليوبوليس، حيث كانت زهرة اللوتس تُعتبر جزءًا أساسيًا من التصوير الديني، خاصة في ارتباطها بالإله رع. 2- الخلفية التاريخية والأثرية للوحة تم العثور على هذه اللوحة في جبانة سيدمنت الجبل، بالقرب من إهناسيا المدينة (هيراكليوبوليس)، ويرجح تأريخها إلى عهد تحتمس الثالث وأمنحتب الثاني من الأسرة الثامنة عشرة. اللوحة مسجلة في المتحف تحت رقم JE/46993 وSR 4/11688. رمزية اللوتس والبردي في الحضارة المصرية القديمة 1- اللوتس كرمز للخلق والتجدد ارتبطت زهرة اللوتس بعملية الخلق في الفكر الديني المصري القديم، حيث كانت تُصور وهي تنبت من المياه، مما جعلها رمزًا للبعث والتجدد. ويقال إن الإله رع، إله الشمس، كان ينبثق من زهرة لوتس عند شروق الشمس، مما يعزز ارتباطها بفكرة الحياة والنهضة. 2- البردي كرمز للنيل والوحدة على الجانب الآخر، كان نبات البردي يرمز إلى أرض الدلتا الشمالية، بينما كانت زهرة اللوتس تمثل الجنوب. وكان الجمع بينهما في المشاهد الفنية يعكس وحدة مصر بشقيها، وهو ما نجده في العديد من الجداريات والنقوش المعمارية. العطور في مصر القديمة – معرض المتحف المصري بالتوازي مع الاهتمام بالرموز الفنية في مصر القديمة، يسلط المعرض المؤقت "العطور في مصر القديمة" الضوء على أحد أهم جوانب الحياة اليومية والدينية في العصر الفرعوني. 1- تمديد المعرض في قاعة 44 بالمتحف المصري أعلنت إدارة المتحف المصري بالقاهرة عن مد فترة المعرض لمدة شهر إضافي، ليستمر طوال شهر رمضان المبارك. ويُقام المعرض في قاعة 44 بالطابق الأرضي، ويتيح تجربة فريدة للزوار للتعرف على أسرار صناعة العطور المصرية القديمة. 2- تجربة العطور التاريخية يقدم المعرض فرصة استثنائية للزوار لاستنشاق العطور التي كانت مستخدمة في العصور الفرعونية، من خلال تركيبة عطرية أعيدت صياغتها استنادًا إلى النصوص المدونة على البرديات الأثرية. وتُعد هذه التجربة فريدة من نوعها، حيث يمكن للزوار استكشاف الروائح التي كانت مستخدمة في الطقوس الدينية والحياة اليومية عند المصريين القدماء. 3- إيقاف عروض نظارات الواقع الافتراضي بسبب مد فترة المعرض، تم الإعلان عن توقف عروض نظارات الواقع الافتراضي (VR) بشكل مؤقت، إلا أن جميع الفعاليات الأخرى مستمرة بنفس الوتيرة. العطور في الحياة المصرية القديمة 1- دور العطور في الطقوس الدينية كانت العطور تُستخدم في المعابد لتطهير الكهنة قبل أداء الطقوس، وكذلك كجزء أساسي من طقوس التحنيط. وكانت بعض الروائح تُعتبر مقدسة وترتبط بالآلهة مثل عطر "الكي-فاي"، الذي كان يُستخدم في المعابد تكريمًا للإله رع. 2- صناعة العطور في مصر القديمة تفنّن المصريون القدماء في صناعة العطور، مستخدمين الزيوت العطرية المستخرجة من نباتات مثل الزنبق واللوتس والمر واللبان، وكانت العطور تحفظ في أوانٍ فخارية وحجرية مزخرفة، وتستخدم في المناسبات الخاصة والاحتفالات الملكية. يمثل كل من لوحة سنفر وأمون – مس والمعرض المؤقت "العطور في مصر القديمة" نافذتين إلى عمق الحضارة المصرية القديمة، حيث يتجلى الاهتمام بالتفاصيل الفنية والطقوس الدينية والرموز الثقافية. فمن خلال هذه الأعمال، ندرك كيف كان المصري القديم يعيش وسط عالم مليء بالمعاني الروحية والجمالية، مستلهمًا من الطبيعة رموزًا جسدها في الفن والحياة اليومية.