في قلب المتحف المصري بالتحرير، تتلألأ قطعة استثنائية من المجوهرات الملكية، وهي سوار الملك بسوسنس الأول، الذي يُعد من أروع الكنوز المكتشفة في تانيس بمحافظة الشرقية. هذا السوار الذهبي المطعّم بالأحجار الكريمة، مثل اللازورد (اللابيس لازولي) والكارنيليان والفلدسبار الأخضر، يجسد روعة فنون الصياغة المصرية خلال السلالة الحادية والعشرين من الفترة المتأخرة. بارتفاع يبلغ 7 سم، يحمل هذا السوار دلالات رمزية قوية، ويعكس مكانة الملك وهيبته، فضلًا عن البراعة الحرفية التي وصلت إليها المجوهرات المصرية القديمة. أولًا: بسوسنس الأول وحكمه كان الملك بسوسنس الأول أحد أبرز حكام السلالة الحادية والعشرين خلال الفترة الانتقالية الثالثة، وقد حكم مصر من مدينة تانيس، التي أصبحت مركزًا مهمًا للحكم في تلك الحقبة. تميزت فترة حكمه بالاستقرار النسبي، وشهدت ازدهارًا في الفنون والصناعات اليدوية، لا سيما في مجال صناعة الحلي والمجوهرات الملكية. ثانيًا: وصف السوار وخصائصه الفنية يتميز السوار بتصميمه الفريد، حيث صنع من الذهب الخالص، مما يعكس مكانة الملك وثروته. كما زُين بأحجار شبه كريمة ذات ألوان زاهية، مثل: اللابيس لازولي (الأزرق): رمز السماء والروحانية، وكان يُعتقد أنه يمنح الحماية والقوة. الكارنيليان (الأحمر): حجر يرمز إلى الطاقة والحياة، وكان مرتبطًا بالشجاعة والقوة في مصر القديمة. الفلدسبار الأخضر: حجر ذو دلالة تجديدية، يعكس الخصوبة والنماء. تجمع هذه الأحجار بين الجمال والرمزية الدينية، ما يجعل السوار ليس مجرد زينة، بل قطعة تحمل معاني عميقة متعلقة بالقوة والحماية والتجدد. ثالثًا: الاكتشاف في تانيس تم العثور على السوار ضمن كنوز مقبرة الملك بسوسنس الأول في تانيس، والتي تُعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. على الرغم من أن تانيس لم تحظَ بشهرة مماثلة لمقبرة توت عنخ آمون، إلا أن مقبرة بسوسنس الأول احتوت على كنوز مذهلة من الذهب والمجوهرات، تعكس عظمة هذا الملك وأسلوب الحياة الفاخر في عصره. رابعًا: الأهمية التاريخية والثقافية يقدم هذا السوار نموذجًا متكاملًا عن براعة المصريين القدماء في فنون الصياغة، كما يعكس مدى تقديرهم للرموز الدينية والطبيعية في تصميماتهم. كما أن وجوده في المتحف المصري بالتحرير اليوم يُعد فرصة لاكتشاف جزء من التراث المصري الغني، والذي لا يزال يبهر العالم بدقته وجماله. يُعد سوار الملك بسوسنس الأول تحفة فنية تعكس المهارة والذوق الرفيع لقدماء المصريين في صناعة الحُلي الملكي. ليس مجرد قطعة ذهبية، بل هو شاهد على حضارة متألقة أبدعت في الجمع بين الفخامة والرمزية العميقة، ليبقى إرث مصر القديمة حاضرًا ومتجددًا في وجدان العالم. اقرأ أيضا | أصل الحكاية| تمثال النبيل «با مر نب» تحفة فنية من عصر الدولة الحديث