تصاعد التوتر بين واشنطنوبنما بعد أن اتهم الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، الولاياتالمتحدة بالترويج ل"كذبة لا تُحتمل" بشأن قناة بنما، وهو ما أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء الموقف الأمريكي. وفي ظل تعهدات دونالد ترامب "باستعادة" السيطرة على الممر المائي الاستراتيجي، تتجه العلاقة بين البلدين نحو منعطف أكثر تعقيدًا، وسط قلق متزايد في أمريكا اللاتينية من التدخلات الأمريكية في شؤون المنطقة. جاءت الأزمة عقب إعلان وزارة الخارجية الأمريكية، أن بنما وافقت على إعفاء السفن الحكومية الأمريكية من رسوم العبور عبر قناة بنما، وهو ما اعتبرته واشنطن مكسبًا استراتيجيًا سيوفر لها ملايين الدولارات سنويًا، لكن بنما نفت هذه الادعاءات، ما طرح تساؤلات حول ما إذا كانت الولاياتالمتحدة تسعى لتوسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري في المنطقة عبر هذا الشريان الحيوي، أم أن الأزمة مجرد ورقة ضغط جديدة في لعبة النفوذ الدولية. أول رد من رئيس بنما وجدت هيئة قناة بنما نفسها وسط أزمة دبلوماسية مُشتعلة بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المثيرة للجدل، حيث نفت بشكل قاطع أي تعديلات على رسوم العبور أو الإعفاءات، وهذا النفي يضع واشنطن في موقف محرج، خاصة أن قرار ترامب بإعادة فتح ملف القناة يعيد تسليط الضوء على العلاقات المتوترة بين البلدين، وفق صحيفة «الجارديان» البريطانية. ردّ الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، على ادعاءات وزارة الخارجية الأمريكية بنبرة حادة، معتبرًا أنها «كذبة لا تُطاق»، وأكد في تصريحات للصحفيين أن إعلان واشنطن مبني على معلومات خاطئة، ما زاد من تعقيد الأزمة حول قناة بنما وفي ذات الوقت، يدفع هذا التوتر العلاقات الأمريكية البنمية إلى حافة مواجهة دبلوماسية غير مسبوقة. اقرأ أيضًا: واشنطن تحت المجهر.. انتقادات لفرض عقوبات على العدالة الدولية اتصال مرتقب بين مولينو وترامب في محاولة لنزع فتيل الأزمة، أعلن الرئيس البنمي، عن أنه سيجري محادثة هاتفية مع دونالد ترامب، وسط تصاعد الجدل حول قناة بنما، حيث يسعى الطرفان إلى توضيح المواقف أو ربما إعادة التفاوض على ترتيبات العبور، في ظل استمرار ترامب في إثارة ملف السيادة على الممر المائي. حيث أثارت تصريحات ترامب الجدل عندما زعم أن الولاياتالمتحدة «بغباء» حسب وصفه، تخلت عن قناة بنما للصين في عام 1999، متوعدًا ب«استعادتها» إذا لزم الأمر، وهذه التصريحات أشعلت غضب بنما وقلق أمريكا اللاتينية، حيث ينظر إلى موقف ترامب على أنه محاولة لإعادة فرض الهيمنة الأمريكية على القناة، وسط توترات جيوسياسية مُتزايدة. بينما كان ترامب يطلق تصريحاته، كان وزير خارجيته ماركو روبيو في بنما ينقل رسائل صارمة إلى مولينو، حيث حذر روبيو، من أن الصين تفرض سيطرة غير مقبولة على قناة بنما، مشيرًا إلى أن واشنطن قد تتخذ «إجراءات ضرورية» لحماية مصالحها، كما زادت هذه التصريحات من تعقيد المشهد وأثارت تساؤلات حول نوايا الإدارة الأمريكية الحقيقية، بحسب الصحيفة البريطانية ذاتها. هل التدخل العسكري الأمريكي وارد؟ أكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، على أن الولاياتالمتحدة مُلزمة بموجب المعاهدات بحماية قناة بنما، مشيرًا إلى أن البحرية الأمريكية قد تُكلف بفرض هذا الالتزام، وأضاف أن واشنطن لن تقبل بدفع رسوم لعبور قناة بنما في ظل التزامها بحمايتها، ما قد يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق من الممكن أن يدفع بنما إلى إعادة النظر في علاقاتها مع الولاياتالمتحدة. ورغم أن التدخل العسكري الأمريكي لاستعادة قناة بنما يبدو غير مرجح، فإن سابقة التوترات التي كانت في عهد جورج بوش الأب عام 1989 والتي أدت لعزل حاكم بنما آنذاك، مانويل نورييجا، تُظهر أن الخيار العسكري لم يُستبعد تمامًا، واليوم، تتزايد الأسئلة حول تكرار هذا السيناريو خاصة بعد تصريحات ترامب التي أشعلت الجدل وسلطت الضوء على التوترات بين البلدين مرة أخرى. بنما تُراجع علاقتها مع الصين وفق «الجارديان»، يرى محللون أن تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تهدف إلى الضغط على بنما ودول الجوار للحد من النفوذ الاقتصادي الصيني، فقد توسع الحضور الصيني في المنطقة بشكل كبير خلال العقود الماضية، متجاوزًا الولاياتالمتحدة كشريك تجاري رئيسي لأمريكا الجنوبية، ما جعل واشنطن تشعر بضرورة إعادة فرض نفوذها في المنطقة عبر ملف قناة بنما. ومن جهة، بدأت ضغوط ترامب تؤتي ثمارها، حيث أعلنت بنما انسحابها من مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، في خطوة مفاجئة قد تعيد تشكيل علاقاتها الاقتصادية مع بكين، المبادرة، التي تبلغ قيمتها أكثر من تريليون دولار، كانت تهدف إلى توسيع النفوذ الصيني عبر مشاريع بنية تحتية ضخمة، لكن الضغوط الأمريكية أجبرت بنما على إعادة حساباتها. ولم تتأخر بكين في الرد، حيث نددت وزارة الخارجية الصينية، بالتصريحات الأمريكية، مُعتبرة أنها «تشويهٌ مُتعمد» للتعاون بين بنماوالصين في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، كما شدد بكين على أن تعاونها مع بنما في قناة بنما أتى بثمار إيجابية، ما سلط الضوء على رفضها للضغوط الأمريكية الرامية إلى تقويض نفوذها الاقتصادي في المنطقة.