الأرقام صادمة وكاشفة فى قضية تحتاج لحل سريع وحاسم .. فهى كما تُوصف عادة بالغول الذى يلتهم التنمية مهما كانت الجهود المبذولة فيها .. الزيادة السكانية هى القضية الأولى إذا أردنا أن ننطلق بهذا الوطن نحو مستقبل افضل ونهضة حقيقية .. الأرقام المرعبة تقول: إنه قد قفز عدد السكان فى مصر إلى 107 ملايين و250 ألف نسمة مع بداية شهر نوفمبر الماضى بزيادة قدرها 250 ألف نسمة خلال 72 يوماً.. وتمثل الزيادة الرهيبة فى أعداد السكان تحديًا كبيرًا لجهود التنمية فى البلاد.. رغم اعلان الحكومة انخفاض معدل النمو السكانى من 1.9% فى عام 2018 إلى 1.4% فى عام 2023، وكشفت مؤشرات حصاد المرحلة الأولى من المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية (2021-2024) أنه تم تحقيق المستهدف على مستوى الأنشطة الخاصة بالتدريب والتثقيف والتوعية. كما ارتفع معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة من 58.5% عام 2020 إلى 66.8% عام 2023/2024، وارتفع معدل التغطية بوسائل تنظيم الاسرة من 36% عام 2020 إلى 43% عام 2023/2024.. إلا أن المشكلة مازالت قائمة واستدعت وجود خطة تنفيذية عاجلة للاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية، تشمل هذه الخطة محاور متعددة، يأتى على رأسها تحسين الخصائص السكانية فى المناطق الأكثر احتياجًا، وذلك من خلال تقليل معدلات البطالة، وخفض نسب الأمية، والحد من التسرب من التعليم، والعمل على تطوير كفاءة مراكز الرعاية الصحية الأولية. وتهدف الحكومة إلى تحقيق ذلك عبر بناء شراكات فعّالة مع مختلف القطاعات، لضمان تقديم خدمات تنظيم الأسرة والرعاية الصحية بمستويات عالية من الكفاءة.. وقد أصدر رئيس مجلس الوزراء، توجيهاته ببدء تنفيذ الخطة العاجلة مع بداية يناير 2025، وتركز على تحقيق نتائج ملموسة خلال السنوات الثلاث الأولى، مع وضع هدف استراتيجى يتمثل فى تقليل معدل الإنجاب الكلى إلى 2.1 لكل سيدة بحلول عام 2030. ( الأخبار) فى هذا التحقيق ترصد الأزمة التى وصفها مسئولون بالقنبلة الموقوتة التى تهدد النمو الاقتصادي، تزامناً مع شعور المواطنين بالمشكلة التى تهدد مستقبل أولادهم. اقرأ أيضًا|القومي للمرأة يطلق معسكرات التنشئة المتوازنة في محافظات مصر « 2 كفاية» المواطنون: الظروف الاقتصادية غيرت مفاهيم «العيال عزوة» محمود : أنجبت 9 أبناء كنت فاكرهم سند وفشلت أوصل بهم لبر الأمان بين متحمس للمساهمة فى حل المشكلة وبين نادم على إنجابه أطفالاً كثيرين ، وبين وعى بدا ملحوظاً ..اختلفت آراء المواطنين حول قضية الزيادة السكانية .. ترفض علا حسين التى تعيش فى منطقة الرحاب كثرة الإنجاب وتؤكد على أن تربية طفل أو اثنين والاعتناء بهما، يختلف عن تربية خمسة أو ستة أطفال. وتابعت علا: لديّ طفلان أعمل على تربيتهما جيداً والاعتناء بهما ( بسملة KG2 وآدم فى الصف الثالث الابتدائي) يمكن أن أضمن لهم معيشة جيدة وإدخالهم أفضل المدارس على العكس لو كان لديّ 5 أطفال مثلاً فسيكون الأمر مرهقاً مادياً ومعنوياً ولا يمكن الاعتناء بهم إطلاقاً.. تقول علا: كلما قل العدد زاد الاهتمام بالأبناء فكرياً وثقافياً ودينياً ورياضياً، لما يكون طفلين غير لما يكون أربعة وأربعة غير الستة. ويوافقها الرأى السيد رضا 35 عاماً، من كفر الشيخ ويقول : «الحمد لله ربنا كرمنى بولدين ولم أفكر فى الإنجاب مرة أخري، وتابع: تربية الأبناء مسئولية كبيرة يجب ألا يتغافل عنها الآباء، وقال: إنه دائماً ما ينصح الأصدقاء المتزوجين ألا يزيد عدد الأبناء عن واحد أو اثنين، وطالب المسئولين بضرورة زيادة البرامج التوعوية خاصة فى القري، كونها الأكثر إنجاباً، وأشار إلى أن تربية الأبناء تحتاج الى مجهود كبير لتعليمهم الدين، والمناهج الدراسية، وتربيتهم على القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية لتنشئة جيل سوي. اقرأ أيضًا| بالصور| «قومي المرأة» ينظم معرض المصرية على هامش فعاليات مهرجان أسوان وقالت أسماء، من شبرا ( 25 سنة) وتعمل بإحدى الشركات الكبرى: إنها تستعد لتجهيز بيت الزوجية خلال شهرين، اتفقت مع خطيبها على ألا يزيد عدد الأبناء عن طفلين، بالرغم من أنهما يتقاضيان راتباً كبيراً، ولكنها ترى أن الأبناء مسئولية يجب الحفاظ عليهم لتلبية احتياجاتهم . وأشارت أسماء إلى أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة لدى بعض الناس بعدم الاكتفاء بطفل أو طفلين فقط، فما زالت ثقافة الإنجاب التى تكونت عبر أزمنة طويلة فى المجتمع المصرى مرتبطة ب «العزوة والسند»، وهى مفاهيم خاطئة، لأنه كلما كُثر عدد الأبناء كُثرت مشاكلهم. وقال محمود سعيد، 28 سنة، أعزب، من مدينة نصر: إن مفهوم إنجاب عدد كبير من الأبناء منتشر فى القرى والمناطق الشعبية لانعدام ثقافة «طفل واحد يكفي». وأضاف محمود: يجب تربية الأبناء فى بيئة نفسية سوية وغرس القيم والأخلاق الحميدة التى تجعل منهم شباباً صالحاً للمجتمع. وقالت سلوى صالح، 75 سنة، من مدينة نصر: إنها من 30 سنة أنجبت بنتين وحرصت على نشأتهما فى بيئة تربوية جيدة ، حتى تخرجوا فى كلية الطب. وتابعت: عندما تزوجن نصحتهن بألا يزيد عدد الأبناء عن اثنين، وأضافت سلوى: أنها لم ترِ من فترة طويلة التوعية الإعلامية للزيادة السكانية، وقالت: هناك تقصير من جانب السينما والدراما فى توعية المواطنين. وأشارت إلى أن الإنجاب مسئولية وقرار لابد من دراسته ومشاركته مع شريك الحياة منذ لحظة الخطوبة؛ بما يتناسب مع القدرة المادية والنفسية للشريكين، فهناك الكثير من الأبناء ينخفض مستواهم الدراسى بسبب عدم تقديم الدعم النفسى والعلمى لهم .. ويرجع الأمر فى ذلك لقلة الدخل المادى للأسرة وكثرة إنجاب الأبناء دون وعى وهدف. أم دنيا ربة منزل تحدثت عن معاناتها بعدما أنجبت سبعة أولاد، لا تقوى على تربيتهم واضطرت لإخراجهم من التعليم للعمل والمساهمة فى مصاريف المنزل بعدما اشتدت عليها الدنيا وضاق عليها رزقها وأصبح دخلها وزوجها لا يكفى للإنفاق على طفلين وليس سبعة. وقالت: كنا نعتقد أن الأطفال سيصبحون سنداً وقوة لنا لكن سرعان ما تبدل الحال وأصبحنا على الحقيقة المرة التى لا مفر منها، سبعة أولاد لكل منهم متطلباته من مأكل ومشرب وعلاج ونفقات مدارس، لقد عملت فى خدمة المنازل لمساعدة زوجى عامل النظافة فى أحد المولات، لكن الأمر لم يختلف.. الأولاد طلباتهم أكثر والدنيا أصبحت أغلى. وجدنا أنفسنا فى حيرة من أمرنا خاصة وأن دخلنا لا يكفى فاضطررنا لإخراجهم من التعليم على أن يعمل الصبيان فى ورش الحدادة والنجارة للمساهمة والمساعدة فى مصاريف البيت، والبنات تساعدنى فى عمل المنزل.. سكتت قليلاً ثم استكملت: «نعم ظلمناهم بسبب التفكير فى إنجاب الولد مع البنات وأنهم عزوة وسند، وما نحن فيه نتيجة معتقداتنا الخاطئة». «مكنتش اعرف عقلى فين» .. هكذا بدأ محمود عبد العال، عامل باليومية، من محافظة الفيوم، حديثه مؤكداً أنه فى اشد الندم بعد إنجاب 9 أبناء. وقال عم محمود: «كنت فاكرهم عزوة وسند للأسف ظهرى اتقسم من حملهم الكبير ومعرفتش أوصل بهم لبر الأمان». وبنبراتٍ يكسوها الحزن والحسرة استكمل محمود حديثه قائلاً: «ابنى محمد 17 سنة بيشتغل فى سوبر ماركت عشان يساعد معانا فى مصاريف البيت، مدخلتش حد منهم المدرسة»، وتابع: « بناكل طول اليوم فول واللحوم مش بنشوفها غير فى الأعياد». محمد عزوز من سوهاج كان له رأى ، حيث قال: «طالما لديه القدرة المادية فلا يوجد مانع من الإنجاب متابعاً لدىّ 7 ذكور و3 بنات .. والحمد لله استطعت تربيتهم تربية سليمة لديّ ابن دكتور جامعى و2 مهندسين و3 محامين ومدرس، والبنات كلهن خريجات جامعة. وتابع محمد: «مش معنى كده إننا نخلف أبناء ونرميهم ولكن من لديه القدرة فلا مانع ومن لم يستطع فعليه الاكتفاء بطفل أو اثنين.» 3 تجارب ملهمة تفك «شفرة» الأزمة الطفل الواحد «طوق النجاة» فى الصين.. ورجال الدين «كلمة السر» داخل إيران.. وتمكين المرأة «المنقذ» بإندونيسيا الزيادة السكانية غول يفترس التنمية.. استمرارها دون ردع يقضى على النهضة والتطور..التصدى لها طوق النجاة الوحيد، على الرغم من كثرة المحاولات لترويضها ترفع دائما شعار العصيان وتعصف بكل الحلول، إنها بمثابة صداع فى رأس الدولة .. ودائماً ما يأبى الانصياع للاستراتيجيات؛ ليبقى السؤال كيف نستطيع ترويض هذا الوحش السكانى الذى يزحف آكلاً الأخضر واليابس؟! ، وما السبيل لعلاج هذا السرطان لنصل لمجتمع تتناسب به معدلات السكان مع قدرات التنمية ؟!، وهل هناك تجارب استطاعت قهر هذه الظاهرة !، وكيف استطاعت حل لغز الزيادة السكانية ، وما الأدوات التى استخدمتها لفك شفرة الانفجار السكانى والوصول للكود الأنسب لإنهائها. «الأخبار» فى السطور القادمة تستعرض أبرز التجارب التى استطاعت حل كوارث الانفجار السكاني. ابحث عن التنين الصينى من هنا كانت البداية للتجارب الرائدة لحل شفرة الزيادة السكانية، فالدولة الصينية صاحبة الموارد الضخمة والمساحات الشاسعة والتفوق الصناعى الكبير فطنت مبكراً بأن الزيادة السكانية السبب الرئيسى فى عرقلة مسيرة الصعود للتنين الصينى والذى بلغ تعداد سكانها عام 1978 1.084 مليار نسمة . أكثر من ربع هذا الرقم ضحية تحت خط الفقر، لتدرك الدولة الصينية أنه لا سبيل إلا بتحديد النسل ، لتبدأ فى عام 1979 بوضع استراتيجية صارمة على الجميع وهى سياسة الطفل الواحد ، والتى تم إلزام جميع الأسر بها بإنجاب طفل واحد فقط، مع استثناءات محددة لبعض الأقليات العرقية والعائلات التى لا تنجب ذكورًا. من يخالف هذه السياسة يتم فرض غرامات وعقوبات صارمة عليه تصل إلى الإجهاض القسرى فى بعض الحالات. لتنجح الصين فى ترويض الغول السكانى وينخفض معدل الخصوبة الإجمالى من 5.6 طفل لكل امرأة فى عام 1979 إلى 1.3 طفل فى عام 2020 وتستطيع منع أكثر من أربعمائة مليون ولادة منذ تطبيقها وفق ما أكدته السلطات الصينية. اقرأ أيضًا| «أنت الحياة».. ندوة توعوية حول الإرشاد الأسري والتنشئة المتوازنة من الصين إلى إندونيسيا استطاع قطار الزيادة السكانية أن يصل لمحطته الأخيرة، فى الدولة التى فطنت إلى أن معدلات المواليد المرتفعة والكثافة السكانية العالية التحدى الأكبر الذى يجب الإسراع فى وضع حد لاستمراره، فاتبعت مجموعة من الاستراتيجيات بدأت بإنشاء وزارة لشئون المرأة عام 1999 من أهم أهدافها: متابعة برنامج تنظيم الأسرة، ليس هذا فحسب بل سعت إندونيسيا بالعمل على توفير الدعم من جانب رجال الدين، وتبنيهم قضية تنظيم الأسرة. بالإضافة إلى السعى فى وضع استراتيجية تعمل على تعظيم التمكين الاجتماعى والاقتصادى للمرأة ودفعها إلى التعليم والعمل لتصبح هذه الخطوة حجر أساس فى مواجهة القضية السكانية مع الاهتمام بمحو الأمية، والتعليم بصفة عامة. وأخيراً التجربة الإيرانية والتى استطاعت قهر الانفجار السكانى عن طريق المساهمة الإيجابية لرجال الدين الذين كانوا حجر الأساس والسلاح الأكبر فى مواجهة هذا السرطان بإباحتهم كافة وسائل تنظيم الأسرة بدون استبعاد لأى وسيلة عن طريق تبنى استراتيجية إعلامية تهدف إلى إزالة العقبات الثقافية والاقتصادية لتنظيم الأسرة، تم التأكيد فيها على أن تنظيم الأسرة يتفق مع المبادئ الإسلامية ولا يهدد القيم العائلية ، لتساهم هذه الاستراتيجية فى رفع الحواجز الثقافية والنفسية لدى الإيرانيين لقبول مفهوم الأسرة الصغيرة، والإقبال على تنظيم الأسرة وفى نفس الوقت قامت الدولة الإيرانية بتوفير وسائل تنظيم الأسرة مجانا. خبراء الاقتصاد: الفقر والبطالة أبرز الأسباب المواطن والدولة شركاء فى المسئولية.. والوطن يتحمل المضاعفات د. مصطفى بدرة أستاذ التمويل والاستثمار والخبير الاقتصادى أكد أن الزيادة السكانية قضية مستعصية،، ومن أهم التحديات التى تواجه الدولة وأضاف قائلاً: «مهما كانت قدرة الموازنة فإنها لن تتحمل مضاعفة أرقامها لمواكبة الزيادة الكبيرة» وأشار إلى أهمية التنظيم والترشيد من خلال محورين، الأول هو التنمية المستدامة والثانى يتمثل فى التوعية ، مما يتطلب تكاتفاً شاملاً من ثلاثة أطراف: المجتمع والحكومة ورجال الدين، لأن أكثر الأسر إنجاباً هم الأكثر فقراً، مما يتطلب تدخل رجال الدين. أما الدكتور على الإدريسى الخبير الاقتصادي، فيؤكد أن الزيادة السكانية فى مصر ملف شائك تعانى منه الدولة منذ عقود وبلغت نسب الزيادة 2.5٪ فى بعض الأحيان ، مما يهدد أى جهود للتنمية. وأشار إلى أن النسبة تراجعت فى السنوات الأخيرة نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لكن تظل معدلات النمو السكانى كبيرة بالمقارنة بالأوضاع الاقتصادية وبمحاولات الدولة فى توفير مستوى ملائم لكل هذه الأعداد. اقرأ أيضًا| مايا مرسي: استطعنا أن نساعد 4 ألاف فتاه في سوهاجوأسيوط وأضاف قائلاً: « الدولة تبذل جهوداً كبيرة فى برامج التوعية بخطورة الأزمة خصوصاً للمرأة لكن يظل العامل الأكبر أهمية فى المعادلة هو المواطن نفسه المسئول عن القرار ، خاصة أن كل التقارير الصادرة من مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد ارتفاع معدلات الزيادة السكانية بارتفاع معدلات الفقر وكذلك الدراسات الدولية والتى من أبرزها: تقارير البنك الدولى 2022 التى أكدت أن محافظة أسيوط هى أكثر محافظات مصر من حيث نسب الفقر ورغم ذلك هى الأعلى فى نسب المواليد». واضاف: « رغم أن الدولة تحاول إعادة النظر فى الدعم والتوجه بشكل أكبر لبناء الإنسان والتعليم والصحة وحركة التنمية فى المحافظات التى كانت تعانى من التهميش كمحافظات الصعيد وسيناء وبالتالى فإن كافة الأزمات التى يعانى منها المواطن المصرى حالياً كلها هترجع فى النهاية لسباق الدولة لمحاولة احتواء كل هذا العدد سنوياً. وحذر الإدريسى من أن معدلات البطالة تحتاج لأكتر من مليون فرصة عمل فى السنة للمحافظة على نفس المستوى الثابت من المعدل الحالى .. وبالتالى الدولة أصبحت تحتاج لتوفير ما يقرب من 2 مليون فرصة عمل لتقليل هذا المعدل وهو أمر شاق جداً بالنسبة لأى حكومة وأى دولة فى العالم فضلاً عن الاحتياج لميزانيات ضخمة لاستيعاب كل هذا العدد سواء فى التعليم ببناء مدارس جديدة أو بتعيين مدرسين وتوفير مستوى لائق صحياً سواء من حيث توفير الخدمة بمزيدٍ من الإنفاق أو تحسينها بمزيدٍ من الجودة مشيراً الى أن ملف الطاقة أيضاً من الملفات شديدة الصلة بالزيادة السكانية .. وكذلك ملف البنية التحتية من طرق وصرف صحى وغيره .. ملف الأسعار أيضاً.. وكذلك التضخم لن تستطيع السيطرة عليها فى ظل استمرار هذا الزحف فى عدد المواليد. علماء الأزهر: الشريعة أجازت تنظيم النسل.. والعزل أحد الحلول هناك مفاهيم خاطئة شوهت القضية يفسر البعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنها دعوة لكثرة العدد وزيادة الإنجاب فى الوقت الذى أوضح فيه أئمة أن هذه الأحاديث المقصود بها التربية الجيدة للأبناء والجودة فى كيفية البناء وإخراج نشء صالح يفيد المجتمع والأمة وليس كثرة الأعداد التى تدعو للتقاعس والبطالة والانهيار الاقتصادى والأخلاقي. وفى هذا الإطار.. يقول د. أشرف سعد أمين عام الفتوى بدار الإفتاء: « إننا نعانى من خلط وتحريف للمفاهيم والبعض اعتبر أن قضية تنظيم النسل مؤامرة، مع أننا إذا لجأنا للعقل فالعقل يقول إنه ليس من العافية أن يكبر الورم، فأنا لديّ عدد من الأولاد ودخلى محدود .. ومع اتساع الأسرة تزداد النفقات أليس أنا بظالم حين لا أستطيع أن أوفر لهم الرعاية الصحية والتعليمية وحتى النفسية التى أمرنى الله عز وجل بها. وأضاف: لم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر فلو كان هناك أى حرمانية فى الأمر لمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولكان الصحابة تناسلوا طوال الوقت وأنجب كل منهم عشرين طفلاً ، فالأمة تنتفع بالكيف وليس بالكم .. بالجودة وليس بالعدد ، وهو ما يغفل البعض عنه. اقرأ أيضًا| انطلاق «دوى» في مدرسة الشهيد محمد إدريس بمحافظة الغربية ووافقه فى الرأى د. إبراهيم رضا أحد علماء الأزهر الشريف قائلا: « تنظيم النسل موجود من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم .. والدليل على ذلك قول سيدنا جابر « كنا نعزل على عهد رسول الله والقرآن ينزل فلم ينهانا « .. والعزل هو محاولة الرجل بعدم وصول المنى إلى رحم المرأة وذلك لعدم حدوث الحمل ، وذلك لأنه لم يكن تم اكتشاف وسائل منع الحمل المختلفة التى تنظم النسل وتمنع الإنجاب ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم « المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، والمؤمن القوى هو الذى يربى أبناءه تربية سليمة ويقدم نبتة صالحة للمجتمع وإن كانوا طفلين وليس بكثرة العدد. وتابع: « نحن نبحث عن الجودة وليس العدد موضحاً أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل فيه « إنى مباهى بكم الأمم يوم القيامة « ليس مقصوداً بها كثرة العدد وإنما قوة الأخلاق والإعداد الجيد، بينما يسترشد البعض بهذا الحديث كدلالة لكثرة الإنجاب وهو أمر خاطئ . كما يقول رسول الله « يوشك أن تتداعى عليكم الأمم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها « فقال قائل : أومن قلة نحن يومئذٍ ؟ فقال صلى الله عليه وسلم بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله فى قلوبكم الوهن .. فقال قائل: وما الوهن يا رسول الله ، فقال: حب الدنيا وكراهية الموت» ، وهو ما يفسر أنه ليس بكثرة العدد وإنما القصد هو الجودة وقوة الإيمان . وأوضح د. عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف: « أن البعض يخلط بين تنظيم النسل وتحديد النسل ، فالتنظيم مباح وموجود فى الشريعة وحدده القرآن الكريم فى قوله تعالى « حمله وفصاله ثلاثون شهرا» ، كما أن التنظيم يكون بالاتفاق بين الزوجين حسب ظروفهما والحالة الصحية للأم وبناء عليه يتم تحديد وقت الإنجاب، إنما المحرم هو منع الإنجاب خوفاً من الفقر ، فقد قال الله تعالى « ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق « أى خوفاً من الفقر. وأضاف: « تنظيم النسل ليس محرماً شرط عدم الخوف من الفقر فالله تعالى هو الرزاق ، والتنظيم بالرغبة أيضاً يكون لظروفٍ معينة يرتضيها كل من الطرفين من أجل صحة المرأة أو للاتفاق بين الزوجين لظرف معين دون أن يدخل فى الأمر الخوف من الرزق على الطفل، فهنا تتدخل العقيدة وتقول: لا تخشى الفقر وسيروا فى الأرض واعملوا ، وهو الأمر المهم للغاية ، فالإسلام لم يدعونا أبداً للمكوث فى البيوت من أجل الإنجاب وتكون هذه هى الرسالة ، بل دعانا للعمل والإصلاح فالله تعالى قال « وقدر فيها أقواتها « أى خلق الأرض وقدر فيها الأقوات كل له رزقه. مستشار وزير الصحة لشئون السكان وتنمية الأسرة: 25 مليونا زيادة من 2010 حتى 2023 يقول عمرو حسن، مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان لشؤون السكان وتنمية الأسرة، إن مصر شهدت زيادة سكانية بنحو 25 مليون نسمة بين عامى 2010 و2023، مما يعكس حجم النمو السكانى وتأثيراته الصحية والاقتصادية وغيرها. وتناول د. عمرو حسن الخطوط العريضة للإستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية، مشيرًا إلى أنها تنظر إلى السكان كعنصر من عناصر قوة الدولة الشاملة، وتهدف إلى ضبط معدلات النمو السكانى بما يتناسب مع قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية والحفاظ على متوسط نصيب الفرد من الموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة والأراضى الزراعية، إلى جانب ضمان توافق النمو السكانى مع قدرة الاقتصاد الوطنى على تحقيق التنمية البشرية والحد من البطالة. ويشدد على أن الدولة تسعى لتوعية المواطنين بمخاطر ارتفاع معدلات الإنجاب على المستوى الوطني، وكذلك بمخاطر الإنجاب المتقارب والمتكرر على صحة الأم والطفل، كما أنها ملتزمة بتوفير خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بجودة عالية، مع إتاحتها بالمجان. ويشير إلى أن الإستراتيجية تتضمن دمج البعد السكانى فى خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع تنفيذ مشروعات قومية تسهم فى تحقيق أهداف سكانية، كما تتضمن تطبيق حوافز إيجابية لتشجيع مفهوم الأسرة الصغيرة عبر برامج تستهدف تمكين الفقراء والحد من الفقر. اقرأ أيضًا|الصحة: الشراكة بين القطاع الخاص والحكومي لتقديم خدمة متميزة للمواطنين وأبرز حسن جهود الدولة فى تطبيق اللامركزية فى إدارة البرامج السكانية، بما يضمن كفاءة وفاعلية المشروعات مع مراعاة الخصوصيات الثقافية للمجتمعات المحلية. وفيما يتعلق بالإحصاءات الحيوية، يوضح أنه خلال الفترة من 2014 إلى 2022، انخفض معدل المواليد فى مصر من 30.7 لكل ألف نسمة إلى 21.2، كما تراجع عدد المواليد من 2.72 مليون نسمة إلى 2.183 مليون نسمة. ويؤكد أن الزيادة السكانية تمثل التحدى الرئيسى لمصر، حيث تستهلك كل عائدات التنمية وتعرقل محاولات الخروج من الأزمات الاقتصادية، لذلك، يرى أن الحل يكمن فى العمل على مسارين متوازيين: دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى أقصى حد وتنظيم الأسرة لتحقيق التوازن بين النمو السكانى والموارد.. وفى ختام حديثه، يشدد د. حسن على أن الأزمة السكانية تُعد المشكلة الأم التى تفرز العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ووصف النمو السكانى بجواد جامح، فى حين أن النمو الاقتصادى أشبه برجل يحاول اللحاق به. أساتذة الإعلام: سياسة النفس الطويل الطريق الأمثل للحل أكد الخبراء أن دور الإعلام فى مواجهة الأزمة السكانية هو الأكثر أهمية، والبداية الحقيقية لعلاج الأزمة، فى الوقت الذى انتقدوا فيه الجهود الإعلامية السابقة لأنها لم تكن على المستوى المطلوب لمواجهة السرطان السكانى المتفاقم، وأوضحوا أن الحل يبدأ بالتخلى عن سياسة التوقيتات الموسمية فى المناقشة وأن يكون هناك برامج متخصصة للحديث عن الأزمة السكانية، ويتعامل الإعلام مع المواطن فى خطابه كشريكٍ لا متلقى حتى يستطيع أن يشعر بأبعاد الأزمة وخطورتها. فى البداية يقول د. حسام النحاس أستاذ الإعلام بجامعة بنها : لا أحد يستطيع أن ينكر أن الانفجار السكانى والأزمة السكانية أبرز المخاطر التى تواجه الدولة وأن هناك معادلة ظالمة بين الزيادة السكانية الكبيرة ومعدلات التنمية ، فالأولى تأكل الأخضر واليابس وتدمر، والثانية وإذا ما استمرت هذه الزيادة فستضيع جهود التنمية أمام السرطان السكاني. ويضيف قائلاً : الأمر يحتاج لجهودٍ مكثفة من الجميع وسياسة النفس الطويل وعدم اليأس وأن يعى الإعلام أن دوره هو الأكثر أهمية فى وضع علاج لهذه المعادلة الظالمة خاصة أن دور الإعلام توعوي. ويشير إلى أن الفترة السابقة شهدت محاولات إعلامية كثيرة لعلاج الأزمة إلا أنها لم تؤتِ ثمارها ولم تكن على المستوى المطلوب لسببين أولهما: أن الإعلام اقتصر دوره على مناقشة القضية فى توقيتات موسمية تخص الأزمة .. والثانى أن حملات التوعية الإعلامية اقتصرت على لغة الإعلانات وهذه اللغة لا تتناسب مع طبيعة الأزمة. ويوضح النحاس أن الطريقة الصحيحة لحل الأزمة تبدأ بفهم طبيعة الزيادة السكانية وأسبابها .. ومن ثم وضع الخطة المناسبة لحلها وهذا لم يحدث حتى الآن، لذا علينا أن نقوم أولاً بدراسة الأزمة دراسة حقيقية حتى يتثنى لنا وضع استراتيجية مناسبة تتناسب مع حجم الأزمة وخطورتها. ويوضح: أن بداية الحل معرفة أن السرطان السكانى السبب الرئيسى لما نعانى منه هو الموروثات الثقافية للمواطنين .. وهذه المشكلة من أخطر المشاكل التى ستواجهنا فى وضع الاستراتيجية المناسبة لحلها خاصة أن تغيير الثقافات الموروثة هو أمر شديد الصعوبة نتاج تشبع المواطنين بها .. ومن هنا ستكون صعوبة المحاولات لإقناعهم لذا ذكرت فى البداية أننا سنحتاج لسياسة النفس الطويل. ويؤكد د. محمود عبد اللطيف ، أستاذ الإذاعة والتليفزيون بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة الزقازيق، أن دور الإعلام فى إعادة تشكيل وصياغة الوعى سواء المسموع أو المقروء أو المرئى فى التوعية بقضية الزيادة السكانية أمر مهم جداً للمساهمة فى حل هذه المشكلة .. ويجب أن يعى الإعلام أهمية هذا الدور والذى يعد بمثابة الترمومتر الذى يضبط الوعى السكانى والشعور بالأزمة. ويضيف: هناك العديد من المبادرات الرئاسية والمشروعات القومية الكبرى التى اتخذتها الدولة بشأن الحد من مشكلة الزيادة السكانية وتنظيم الأسرة مثل المشروع القومى للحفاظ على كيان الأسرة المصرية «مودة» وبالإضافة إلى برنامج تنمية الأسرة المصرية وغيرها من المشروعات العملاقة الأخرى التى يجب الاستفادة منها وإلقاء الضوء عليها. علم النفس: كثرة الإنجاب يحرم الطفل من حياة سوية.. والثواب والعقاب علاج للمشكلة الزيادة السكانية من أكبر المشكلات التى تواجه مصر فى الوقت الراهن وتسعى كافة مؤسسات الدولة للوقوف على حلها، من أجل الحفاظ على مسار التنمية والبناء. د. وليد هندى استشارى الصحة النفسية أوضح أن الزيادة السكانية هى المعدل الذى يزيد به عدد السكان سواء كان بالزيادة أو بالنقص بنسبة معينة سواء إن كان نتيجة زيادة المواليد أو زيادة فى عدد الوفيات فى منطقة جغرافية محددة، موضحاً أن عدد سكان العالم، وصل إلى 7 مليارات عام 2020، ومشكلة الزيادة السكانية يترتب عليها توزيع عشوائى للسكان وينتج عنها مشاكل جمة ، إضافة الى اختلاف فى التركيبة السكانية . وأضاف: المشكلة الحقيقية أن أعداد السكان فى زيادة مستمرة وأن معدل الزيادة عالٍ جداً.. وآخر إحصائية رصدت التعداد السكانى فى مصر كان 100 مليون و525 ألف نسمة طبقاً لإحصائيات 2020 ، والمشكلة أن النسبة الأكبر من هذه الزيادة تحت ال16 عاماً يعنى أفراداً غير منتجة فى المجتمع ، اضافة الى الفئة المعولة أو الكبيرة فى السن ستكون أكبر . وأوضح أن أكبر المدن المكتظة بالنمو السكانى القاهرة وتليها الجيزة ، أما بالنسبة للريف والقرى والنجوع فالزيادة السكانية تمثل 57 % مقابل 42 بالنسبة للحضر. وأشارإلى أن الزيادة السكانية تلقى بظلالها وعواقبها السلبية على كافة أفراد الأسرة وليس على المجتمع فحسب ، تعيق توفير عددٍ كبير من الاحتياجات الأساسية والضرورية، منها : عدم القدرة على توفير بيئة جيدة وتعليم جيد ، مما ينتج عنه عمالة أطفال ، بالإضافة الى عدم وجود ثقافة الحوار ، وافتقاد الحق الإنسانى فى المكان وهو ما يمثل حيزاً معيناً يتمتع به الإنسان فى المعيشة ولكن عندما يعيش 5 أطفال فى غرفة واحدة بذلك يفقد الطفل الحق الإنسانى فى عيشة سوية مريحة. وأضاف: الأسر التى يزيد عدد أطفالها على 2 أو 3 تواجه مشاكل فى إشغال أوقات الفراغ أو انخفاضاً فى مستوى المعيشة، مما يُنتِج أطفالاً مفعمين بالسلبية واللا مبالاة . وتابع: هناك مشكلة أكبر تترتب على مشكلة الزيادة السكانية وهى: العنوسة والبطالة والهجرة غير الشرعية. أما ما يعانى منه الشعوب أو المجتمعات نتيجة الزيادة السكانية فهناك ما لا يُعد ولا يُحصى من القنابل الموقوتة ومنها: زيادة نسب التلوث ، فقر الخدمات والموارد ، مشاكل كثيرة تواجهها الدول فى التعليم والصحة وتوفير فرص العمل ، والقضاء على الرقع الزراعية، والاتجاه الى السلوك الاستهلاكى، مما يبتلع كافة موارد الدولة ويعرقل التنمية والبناء والصناعات الثقيلة . وأشار هندى إلى أن ذلك يتطلب منا البحث عن حلول جذرية لمواجهة الأزمة ويرى أن على رأس هذه الحلول التوعية بخطورة الزيادة السكانية من خلال حملات توعوية مدروسة ومبسطة ومكثفة ، والاستعانة بالشخصيات المؤثرة والمقنعة. ثانى أهم الأولويات التى يجب توافرها من أجل حل هذه المشكلة هو توفير وسائل منع الحمل بشكل كبير فى القرى والنجوع لأن هناك الكثير من القرى تفتقد توافر مراكز للصحة الإنجابية والتوعية والرعاية اللازمة، بالاضافة الى تفعيل المشاركة الموضوعية فى مشكلة الزيادة السكانية لكى لا يقع العبء فقط على الدولة وعلى مؤسساتها. وأشار إلى أن التشريعات والقوانين عليها عامل كبير جداً فى الدولة وأن نقوم بإصدار القوانين الصارمة من أجل الحد من الزيادة السكانية ومن أهمها : إلغاء الدعم بداية من الطفل الثالث ، مما سيجعل الكثيرين يعكفون عن فكرة الإنجاب المُبالغ فيها .