"العدل" يعقد اجتماعًا تنظيميًا لبحث استعداداته النهائية لانتخابات النواب    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بخريجي برنامج إعداد القيادات    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    بحضور المتحدث الرسمي للخارجية.. مناقشة "السياسة الخارجية والأزمات الإقليمية" بجامعة بنى سويف    الذهب يواصل التراجع من ذروته القياسية وسط موجة بيع لجني الأرباح    أسعار الفراخ اليوم وقعت.. التسعيرة الجديدة هتفرحك    ارتفاع الصادرات غير البترولية لمصر إلى 36.64 مليار دولار خلال 9 أشهر    اعتماد المخطط التفصيلي لمنطقة الفيلات «V26» بمشروع مدينتي بالقاهرة الجديدة    وزير المالية: نتطلع للتمثيل العادل للدول الأفريقية بالمؤسسات الدولية والبنوك الإنمائية    وزير الخارجية الأسبق: قمة بروكسل تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية    محكمة العدل الدولية تصدر اليوم حكما تاريخيا بشأن غزة    الكنيست يناقش اليوم مشروع قانون فرض السيادة على الضفة الغربية    عاجل- وزير الخارجية الأمريكي يصل إلى إسرائيل غدًا في زيارة تستغرق 48 ساعة    التشكيل المتوقع للأهلي أمام الاتحاد السكندري في دوري نايل    موعد مباراة ريال مدريد ويوفينتوس في دوري الأبطال والقنوات الناقلة    حسن موسى يكشف سبب استبعاد بعض الأعضاء من التصويت ويوضح مستجدات ملعب الزمالك    «الصحة» و«مكافحة الإدمان» يفتتحان قسمًا جديدًا للحجز الإلزامي بمستشفى إمبابة    وفاة وإصابة 10 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالشرقية    طريقة التقديم لحج الجمعيات الأهلية.. اعرف التفاصيل    ضبط 98314 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    حبس الطالب المتهم بقتل زميله بمفك فى الرأس فى الدقهلية 4 أيام    القبض على سائق قتل طليقته أمام نجلها في السادات بالمنوفية    خبير أثري: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني يؤكد عبقرية الإنسان المصري    رئيس الوزراء: ندعم الدور المحوري لوزارة الثقافة    مفتي الجمهورية: الفتوى الرشيدة صمام أمان لوحدة الأمة وحائط صد ضد التطرف    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    وزير الصحة يبحث مع نظيره السوداني مجالات دعم مكافحة الأوبئة والطوارئ    تعليم المنوفية تكشف حقيقة غلق مدرسة الشهيد بيومي بالباجور بسبب حالات الجدري المائي "خاص"    27 ألف مريض تلقوا الخدمات الطبية بمستشفيات جامعة بني سويف في أسبوعين    القائم بأعمال عميد طب طنطا يترأس الجلسة الأولى لمجلس الكلية بتشكيله الجديد    «التأمين الشامل» تعلن توسّع شبكة مقدمي الخدمة الصحية في جميع المحافظات    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا اليوم الاربعاء 22أكتوبر 2025    المتحف المصرى الكبير.. تحفة معمارية تبث الروح العصرية فى الحضارة الفرعونية    الأوكرانيون يستعدون لشتاء آخر من انقطاع الكهرباء مع تغيير روسيا لتكتيكاتها    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    فياريال ضد مان سيتى.. هالاند يقترب من معادلة رقمه القياسى    اليوم.. النطق بالحكم في استئناف البلوجر كروان مشاكل على حبسه عامين    إتاحة خدمة التقديم لحج الجمعيات الأهلية إلكترونيا    السلام من أرض السلام    أجيال قادرة على حماية الوطن    طبول الحرب تدق مجددًا| كوريا الشمالية تطلق صاروخًا باليستيًا باتجاه البحر الشرقي    حسين فهمي: الدفاع عن الوطن في غزة ليس إرهابًا.. واستقالتي من الأمم المتحدة جاءت بعد هجوم قانا    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته ال17 ل زياد الرحباني    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    جيهان الشماشرجي تكشف علاقتها بيوسف شاهين ودور سعاد نصر في تعرفها عليه    عاجل- الحكومة: لا تهاون في ضبط الأسعار.. ورئيس الوزراء يشدد على توافر السلع ومنع أي زيادات غير مبررة    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضحايا قاصرات.. زفاف ب«كفن أبيض»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 28 - 12 - 2024

◄ الإحصاء: أكثر من 100 ألف حالة زواج وطلاق دون السن القانونية
الذئب ما كان ليكون ذئبا ما لم يجد من يقدم له ضحيته على طبق من فضة!.. المصير الطبيعي لأي وردة تقطع من غصنها قبل أن يكتمل تفتحها أن تذبل وتموت هذا شأن كل فتاة صغيرة بالأمس كانت تلهو في الشارع مع الأطفال واليوم صارت عروسا تجلس في الكوشة دون أن تستوعب ما سيحدث لها وما ستتعرض له بعد لحظات عندما تجد نفسها محاصرة داخل حجرة بابها مغلق بإحكام من الداخل، خلفها رجل تقوده شهوته أمامها مهمته الشاذة هي قتل براءة طفلة مع سبق الإصرار والترصد بالاشتراك مع الأسرتين ومأذون بلا ضمير.
ها هو الفستان الأبيض سوف يتحول بعد لحظات إلى أشبه بكفن أبيض يدفن بداخله براءة صبية صغيرة.. بلا شك هي جريمة مكتملة الأركان يرتكبها بعض الآباء في حق بناتهم بتزويجهن قبل بلوغ السن القانونية تحت شعار "نصيبها جالها" أو "جواز البنت سترة" دون أن يدركوا أنهم ألقوا ببناتهم في هوة عميقة قد يعجزن عن الخروج منها؛ هذه الجريمة يشترك فيها الأب والزوج والمأذون الذي وافق على عقد القران وهو يعلم أن العروس لم تتجاوز السن القانونية والضحية الوحيدة في هذه الجريمة هي الصبية التي تجد نفسها في دوامة من المشاكل لتوثيق الورقة العرفية وإثبات نسب أطفالها من هذه الزيجة المشبوهة أو ربما تصبح ضحية وتقتل بدم بارد.
«بوابة أخبار اليوم» تفتح الملف بعدما استيقظنا على جريمة بشعة راحت ضحيتها طفلة لم تكمل عاملها الخامس عشر بعد، بعدما قتلها زوجها في الغربية.. نعرض بعض القصص المأساوية لفتيات وقعن في الفخ بفعل فاعل.. خضن هذه التجربة المريرة ومنهم من قتلت بلا ذنب ومنهم من أقدمت على الانتحار هربا من المصير المظلم الذي تعيش فيه وإلى التفاصيل...
◄ فاتن ألقاها زوجها من على السطح
جريمة مأساوية بشعة بكل المقاييس شهدتها قرية كفر يعقوب التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، ولا تزال حديث الأهالي هناك؛ راحت ضحيتها طفلة بريئة لم تكمل عامها ال15 بعد، قُتلت مرتين؛ الأولى حينما زوجوها مبكرًا وهي مازالت تعيش طفولتها إذ أخذوها من وسط أقرانها الصغار وألبسوها فستان الزفاف ودون أن تشعر وجدت نفسها في منزل آخر وتتحمل مسئولية بيت وأسرة، والمرة الثانية وكانت القاضية على يد زوجها الذي يكبرها بعشر سنوات، بعد وصلة ضرب وتعذيب نالتها الصغيرة على يديه قبل أن يلقي بها من أعلى سطح المنزل بسبب تناولها طبق كشري بدون إذنه لتكشف تلك الجريمة عن ظاهرة مؤسفة رغم تجريم القانون لها في بعض القرى وهي الزواج المبكر.
تبدأ فصول تلك الجريمة منذ عامين تقريبًا ، وقتها كانت فاتن، بطلة قصتنا تبلغ من العمر 12 عاما، وقبل أن نتحدث عن جريمة القتل كانت هناك جريمة أخرى وقعت حينها في حق المجني عليها حينما جنت عليها أسرتها ووافقت على زواجها من المتهم عرفيًا، وانتقلت للعيش معه في منزل العائلة بقرية كفر يعقوب بعد إلحاح شديد منه وتحايل على القانون، رغم أنها ما زالت طالبة في المرحلة الإعدادية وتعيش طفولتها التي انتزعت منها عنوة بزواجها من سائق توك توك.
◄ وحش مفترس
وتدور الأيام والشهور ويتحول الزوج إلى وحش مفترس لم تستطع معه الطفلة الصغيرة أن تتحمل أسلوبه معها وكثرة اعتدائه عليها بعد أن تركتها والدتها معه وكأنها تسلمه فريسة، لدرجة أنه كان يفرض عليها أوقاتًا معينة لتناول الطعام والنزول لزيارة والدتها وإذا خالفت تعليماته كانت تتلقى العقاب الوحشي لدرجة أنه كان يقوم بكيها بالمكواة فتصرخ وتحاول الهرب منه لكنه يتهجم عليها وكلما شكت إلى والدتها تكتفي بمواساتها وتطلب منها التحلي بالصبر.
وفي يوم من الأيام شعرت الزوجة الطفلة بالجوع ولم يكن زوجها أو أحد من أهله في المنزل، فجهزت وجبة كشري وأعدت لها طبقا لتتناوله لتسد جوعها لحين عودته، وحين عاد الزوج إلى المنزل، أعدت له الطعام وأخبرته أنها سبقته فجن جنونه فكيف تأكل بدون إذنه، فانهال عليها ضربًا على رأسها، فأسرعت بالاتصال بوالدتها لتستغيث بها وأخبرتها أنه اعتدى عليها مرة أخرى على أمل أن تتدخل وتحاول منعه لكن الأم لم تستجب إليها خشية أن يعتدي عليها هي الأخرى، ثم واصل الزوج بطشه وجذبها إلى سطح المنزل وسط صرخاتها التي لم تنقطع.
حاولت أن تفلت منه لكنه حملها وألقاها من أعلى المنزل لتسقط في الشارع وسط ذهول المارة من الجيران وأسرع بالنزول في الشارع مدعيًا أنها هي التي ألقت بنفسها بعد أن اختل توازنها، ونقلت إلى مستشفى كفر الزيات العام في محاولة لإنقاذها لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بإصابتها.. وماتت فاتن دون أي ذنب.
◄ 6 طعنات لنادية وجنينها
نحن في عام 2024 ومازالت هناك أسر تزوج بناتها وهن تحت السن القانونية، فهناك واقعة مأساوية أخرى شهدتها منطقة حلوان، كانت حديث الأهالي ومواقع التواصل الاجتماعي، وقت حدوثها، بعدما أقدم عاطل على قتل زوجته القاصر ب6 طعنات، والمأساة الأكبر أنها حامل في الشهر الخامس، فهو لم يقتلها وحدها بل قتل جنينهما الذي لم يأت للدنيا بعد ولم ير نورها.
تفاصيل تلك الجريمة المؤلمة بدأت في مساكن الياسمين التابعة لمنطقة عرب غنيم، في حلوان، حيث نشأت نادية، طفلة ذات ملامح رقيقة، البراءة تملأ عينيها، في الوقت الذي كانت تتحدث فيه نادية مع أقرانها عن أحلامها المتمثلة في اللعب، كان هناك شاب وهو من أقاربها يكبرها ب10 سنوات يتقدم لخطبتها، ورغم صغر سنها إلا أن أسرتها وافقت على تلك الزيجة دون أن يأخذون حتى رأيها، وحتى إذا أخذوا رأيها ووافقت فهي لا تعي معنى الموافقة ولا تعي حتى الحياة المقبلة عليها، ومع ذلك وجدت نادية نفسها ترتدي الفستان الأبيض وزفت لعريسها.
مرت الأيام الأولى في سعادة، وفجأة انقلبت حياة الزوج رأسا على عقب، أصبح شخص آخر، بدأت تدب المشاكل والخلافات بينهما، وفي كل مرة تترك فيها نادية البيت، تعيدها أسرتها خوفا من أن تصبح الطفلة مطلقة وهي لم تبدأ عمرها بعد، سرعان ما زف الخبر السعيد للأسرة وهي أن نادية تحمل بين أحشائها جنينا، الكل اعتقد أن هذا الطفل هو من سيعيد الحياة السعيدة بين الزوجين، الكل بدأ ينسج أحلامه الوردية بالمستقبل، الجنين يكبر يوما بعد يوم داخل بطنها، ولكن فجأة استيقظوا جميعهم من أحلامهم على كابوس مفزع ونهاية دامية للطفلة التي كانت تنتظر مولودها، فزوجها قتلها ب6 طعنات هي وجنينها حتى فارقت الحياة.
◄ سبب غامض
السبب في جريمة القتل مازال غامضًا، ولكن ما كشفته جهات التحقيق كان صادما للجميع، فالزوج يعاني من مرض الوسواس القهري منذ فترة زمنية وكان يخضع للعلاج داخل مصحة للعلاج النفسي، وقبل أن يرتكب جريمته كان يهذي بكلمات غير مفهومة، غير أنه نشبت مشاجرة بينه وبين زوجته قبل الجريمة بأيام، النيابة أمرت بحبسه وعرضه على الطب النفسي لبيان سلامة قواه العقلية.
من هنا بدأت تنتشر الأقاويل، وهي أن الطفلة وافقت على الزواج حتى تهرب من مشاكل أسرتها، وهناك من يقول أن أسرتها وافقت على هذا الشاب لأنه تكفل بكافة مصاريف الزواج، وهناك من يقول أنهم يعلمون جيدا أنه مريض نفسي وكان يعالج، كلها أقاويل لا نعلم مدى حقيقتها ولكن في النهاية نادية هي ضحية أسرتها التي أخذتها من عالم الطفولة وألقت بها داخل مصيدة الزواج المبكر لشخص يكبرها بسنوات بالإضافة لمرضه النفسي.
◄ انتحار بعد 48 ساعة من الزفاف
وجدت نفسها في حياة جديدة لم تعتاد عليها، رجل في سن والدها أصبح زوجا لها، تركت تعليمها من أجل تلك الزيجة، شعرت باليأس من حياتها بعدما رفضت أسرتها أن تنصاع لها ولعدم رغبتها في تلك الزيجة، فلم تجد حلا أمامها سوى الانتحار، هذا باختصار ما حدث لبطلة قصتنا.
البداية كانت في إحدى قرى البدرشين بمحافظة الجيزة، حيث نشأت بطلة قصتنا، طفلة جميلة، تكبر يوما بعد يوم أمام عين والديها، حتى اشتد عودها ووصلت لسن ال 16 عاما، في الوقت الذي كانت تريد فيه أن تكمل دراستها وتعيش سنها، كان هناك من يخطط ليخطفها من عالمها البريء، وهو رجل يبلغ من العمر 39 عاما، تقدم للزواج منها، والصدمة رغم فارق السن الكبير إلا أن والدها وافق، ولم يفكر ولو للحظة هل ابنته الطفلة مستعدة لتحمل المسئولية أم لا.
اعترضت الطفلة ولكنها أجبرت على الزواج من هذا الرجل، وانتقلت للعيش معه في شقته، ولكنها لم تشعر بالسعادة ولو لدقائق، سيطرت عليها فكرة الانتحار من الوهلة الأولى داخل عش الزوجية أو بمعنى أدق قفص الاغتصاب الزوجي، مر يومان ومازالت فكرة الانتحار مسيطرة عليها، قررت أسرتها زيارتها للاطمئنان عليها، وفي الوقت الذي كانت تجلس فيه الأسرة مع الزوج، وجدت الطفلة أنه الوقت المناسب لتنفيذ ما يدور داخل عقلها، فانتفضت من مكانها واتجهت نحو شباك غرفتها الموجودة بالطابق الثالث، نظرت من علو لتعرف هل تلك المسافة كافية لإنهاء حياتها أم لا.
كانت ترتعش قبل أن تنفذ خططتها، تتمنى أن تتراجع عنها، ولكن حتى إذا تراجعت لن تستجيب لها أسرتها بالانفصال، وفي لحظة اتخذت القرار وألقت بنفسها من الطابق الثالث، سمعت الأسرة صوت الارتطام، فأسرعوا لمعرفة ماذا يحدث فكانت الصدمة والدهشة التي عقدت ألسنتهم، ابنتهم العروس غارقة في بركة من الدماء أسفل العقار في وسط الشارع، تم نقلها سريعا للمستشفى في محاولة لإنقاذها، بالفعل أنقذتها العناية الإلهية من الموت، فكانت تعاني من كسر بالساق، وارتجاج بالمخ بالإضافة إلى إصابتها بكدمات متفرقة بالجسم، وتم وضعها في العناية المركزة ولكن حالتها حرجة، من الممكن أن يجعلها القدر تعيش ولكن هذا الكابوس الذي عاشت فيه ستظل آثاره تخنقها حتى الموت.
◄ المحكمة تنتصر لمكة من والدها
بدأت أحداث تلك القصة التي تحمل بين طياتها أحداث مثيرة ومأساية، في منطقة المعتمدية، بمحافظة الجيزة، حيث نشأت ياسمين غريب، فتاة لم تكمل عامها ال 18 بعد، ورغم ذلك أصبحت أما لطفلة تعيش بلا هوية وبلا أوراق، الحكاية تفاصيلها بدأت عندما انفصل والد ياسمين عن والدتها، فاضطرت الأم أن تخرج ياسمين من المدرسة، لعدم قدرتها على الإنفاق عليها، فهي أكبر أشقائها، وراحت الأم تبحث عن زوج لابنتها، ربما كانت تحلم وقتها بمن يخرجها من ظلمات الفقر إلى نور الاستقرار والحياة الكريمة، في الوقت التي كانت تبحث فيه ياسمين مع أقرانها عن أحلامها المتمثلة في اللعب، كانت والدتها تبحث عن طريق آخر لسترتها والتخلص من مسئوليتها، وإلقائها على عاتق شخص يكبرها بأعوام.
اقرأ أيضا| مأذون شرعي يوضح حيلة زواج القاصرات بنظام «عقود الصغار»
بالفعل تقدم شاب يدعى محمود لها، كان يكبرها بستة أعوام، فالصدفة وحدها هي من جمعت الاثنان، وقتها ياسمين كانت تبلغ من العمر 16 عامًا، لا تملك حرية الاختيار، ولا تعرف ماذا تعني مسئولية الزواج، كل ما كانت تعرفه وقتها أنها أحبت هذا الشاب، وشعرت أنه سيكون سندًا لها، والأم كل ما كان يهمها هو أن تؤمن مستقبل ابنتها، وتمت خطبة الاثنين لمدة ثلاثة شهور فقط، لتقام بعدها مراسم الزفاف، كانت المشكلة الوحيدة كيف سيتزوج الاثنان وهي لم تتم السن القانونية، لذلك قرر مأذون المنطقة الاشتراك في تلك الجريمة بكتابة ورقة عرفي يتم توثيقها لاحقا، مع أخذ إيصال أمانة على العريس وقائمة منقولات للزوجة.
◄ سجن الزوجية
وانتقلت ياسمين لمنطقة شبرا الخيمة حيث يعيش زوجها، 30 يومًا فقط كانت هي مدة السعادة التي شعرت بها ياسمين، ليتحول الزوج فجأة من العطف للقسوة، ومن الحب للكره، وصلت الأمور بينهما للتعدي عليها بالضرب، ومع ذلك كانت تصبر نفسها أن ربما الأيام ستصلح حاله وتعيده لها كما كان، حتى علمت بأنها تحمل بين أحشائها جنينا، اعتقدت أنه سيكون سببا في إدخال السعادة والحب من جديد لبيتها الصغير، ولكن يبدو أن الزوج أصبح لا يحمل تجاهها أي مشاعر، والسبب - كما قالت- أنه شاهد والدتها وهي تبيع بالأسواق، وكأنها تسير بالطريق الحرام، يئست ياسمين من زوجها ومن صلاح أحواله، شعرت وكأنها في سجن لا تريد سوى التخلص منه والتحرر من قيوده.
ذهبت لأهلها، ظلت هناك حتى وضعت طفلتها مكة، لتبدأ ياسمين رحلة جديدة من العذاب، الزوج لا يريد الاعتراف بالطفلة ولا حتى الزواج العرفي، كادت الصدمة تذهب بعقل ياسمين نحو الجنون، أسرعت للمأذون، لكنه تهرب هو الآخر منها، سبعة شهور هي عمر الطفلة التي لا يوجد ما يثبت أنها على قيد الحياة، لم تجد ياسمين سوى الصراخ وطلب المساعدة، حتى قرر محامي الدفاع عنها متطوعًا ليأتي بحقها وحق طفلتها.
حكاية أنهكت ياسمين وجعلتها تجوب المحاكم هي وابنتها الطفلة مكة التي لا حول لها ولا قوة، وبعد شهور أخيرا عرفت الفرحة طريقها لياسمين، انتصرت لها محكمة الأسرة بكرادسة عندما أثبتت علاقة الزواج، لتبدأ الأم المكلومة باستخراج شهادة ميلاد لطفلتها، تكتب فيه آخر سطور الحزن في فصل المحاكم، وتبدأ فصل جديد من حياتها.
◄ إثبات زواج
بالزغاريد والسجود شكرا لله، هكذا استقبلت ياسمين حكم المحكمة بإثبات زواجها، قصة معاناة خاضتها تلك المسكينة لإثبات حقها وحق ابنتها، ياسمين ضحية لأسرتها التي قررت زواجها وهي ابنة 16 عاما، ومكة ضحية أب انعدمت الرحمة من قلبه ورفض الاعتراف بها، وتركها في حيرة تسأل أمها أين والدي، طفلة لا تفقه شيئا، فقط ترى كل من في سنها في حضن أبويه، بينما هي لا أب لها، ولا تمتلك أي أوراق رسمية تثبت وجودها في الحياة، لذلك قررت ياسمين خوض المعركة وحدها، قررت التردد على ساحات المحكمة حتى تثبت زواجها وتثبت نسب ابنتها، وبعد معركة دامت لشهور اقتصت المحكمة لها وكتبت شهادة ميلاد جديد لها ولابنتها.
تواصلنا معها لنعرف رد فعلها بعدما عرفت قرار المحكمة، فقالت بنبرة صوت كلها فرح وسعادة: "مش مصدقة، حاسة أني وكأني ملكت الدنيا بمن عليها، أول ما عرفت قرار المحكمة أطلقت زغرودة ورفعت يدي للسماء أشكر ربنا، هو وحده كان يعلم أنني صاحبة حق، وأنني تعذبت كثيرا، وكنت لا أنام إلا والدموع على خدي، كنت معلقة لا أنا متزوجة ولا منفصلة، والأصعب إني معايا طفلة ملهاش أي وجود، لكن الحمدلله المحكمة انتصرت لي".
سألناها إذا كانت لديها رسالة تود أن توجهها للفتيات والأهالي حتى لا يعيشون نفس قصتها، فقالت: "لو عاد بي الزمن لرفضت تلك الزيجة، وأنصح كل أم وأب مهما كانت الظروف مترموش بناتكم بحجة الستر".
◄ فتاة قنا.. ورحلة 500 يوم لإثبات نسب ابنتها
هذه الحكاية من القصص التي نالت انتشارا واسعًا على مستوى الجمهورية، حيث كانت قصة تلك الفتاة حديث المواقع والصحف عام 2019م، بعدما حكمت المحكمة لها بصحة نسب طفلتها لزوجها الذي تزوجته عندما كانت قاصرًا، لتعتبر هي أول قضية يحكم فيها بإثبات نسب من زواج قاصرات في الصعيد.
فرحة نصر، طفلة، تحمل ملامح الفتاة الصعيدي الجميلة، كانت تعيش مع أسرتها الصغيرة في محافظة قنا، عندما بلغت فرحة 18 عامًا، قررت أسرتها أن تزوجها من شاب تقدم لها، وعلى الرغم من أنه يكبرها بعشرة سنوات، إلا أن أسرتها اتخذت القرار الذي لا رجعة فيه معتمدين على عاداتهم وتقاليدهم بأن زواج البنت سترة، حاولت تلك الصغيرة أن تعترض ولكن بلا فائدة، لم تجد أمامها سوى الرضوخ لقرار والدها، وتم زواجها في المسجد بما يعرف ب "زواج السنة" – عقد قران دون وجود أوراق ثبوتية ودون توثيق- وزفت فرحة لعش الزوجية.
منذ الوهلة الأولى بدأت المشاكل والخلافات تدب بينها وبين زوجها، فهي لم تكن تعي حجم المسئولية، لا تعرف معنى أنها أصبحت زوجة، حاولت أن تستوعب ما يحدث لها، تحاول أن تتخطى كل الأزمات، عاشت معه ثلاث سنوات كاملة، لكن حياتها كانت جحيم، فاستحالت العشرة بينها وبين زوجها، حتى طلبت منه أن يوثق عقد الزواج خاصة أنها أصبحت تبلغ السن القانونية، بعد مراوغات كثيرة منه، وافق في النهاية أن يوثق العقد، هنا كانت الخدعة التي كتب سطورها هو وأسرته، ففي نفس اللحظة التي وثق فيها الزوج عقد الزواج طلقها، وعندما عادت فرحة لمنزل أسرتها علمت بأنها حامل، عادت سريعا لطليقها تبلغه بأنها تحمل بين أحشائها جنينا، فأنكر أنه من صلبه، اتهمها في شرفها.
◄ تحليل البصمة الوراثية
تساقطت الدموع من عينيها، فكرت كثيرًا كيف تخرج من أزمتها، كيف ستواجه الناس بتلك الطفلة التي لم تأت للدنيا بعد، اقترحت على طليقها أن يجري تحليل البصمة الوراثية ليتأكد أن ما في بطنها من صلبه، وقتها كانت تكلفة التحليل حوالى سبعة آلاف جنيه، هو مبلغ بالتأكيد لا تقوى فرحة التكفل به خاصة وأنها من أسرة بسيطة، أيضا تهرب الزوج، سلمت فرحة أمرها لله، اعتقدت أنه ربما بعد إنجابها سيحن قلب الزوج لرؤية الصغير، حتى وضعت فرحة طفلة أسمتها وقتها أمل، لكن تحطمت أحلام فرحة واستيقظت على كابوس وهو أن الأب يرفض الاعتراف بالصغيرة.
توجهت فرحة لمروة عبد الرحيم المحامية تطرق بابها لعل تجد عندها حل لأزمتها وأزمة صغيرتها التي لا ذنب لها في شيء، فتم رفع قضية إثبات نسب، وبدأت المحامية في التفكير في قضيتها، وكيفية إثبات حق الصغيرة، حتى انتصرت في النهاية وقضت المحكمة بصحة إثبات نسب الصغيرة للأب، كان هذا هو حكم أول درجة، استأنف الزوج على الحكم، لكن لم تيأس فرحة ومحاميتها من المطالبة بحق الصغيرة، وأخيرًا كان الحكم النهائي بنسب الطفلة للأب، بعد معاناة دامت لعام ونصف، لتتحرر فرحة وتخرج للحرية بعدما كانت حبيسة بين الأحزان، لتبدأ رحلة جديدة من حياتها حتى أنها قررت أن تسجل ابنتها في الأوراق الرسمية باسم "انتصار"، بالتأكيد هي نهاية سعيدة ولكنها جاءت بعدما أخذت معها كل ما هو جميل في حياة تلك الفتاة.
◄ أرقام رسمية صادمة
كان من الواجب علينا أن نوثق كلامنا بالنسب والإحصائيات الموجودة، فلم نجد أفضل من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فوفقا للتعداد السكاني على مستوى جمهورية مصر لعام 2017، وهذه هي آخر دراسة أجراها المركزي للإحصاء؛ فوجدنا أن هناك 6930 شخصا تم عقد قرانهم وهم أقل من 18 عامًا على مستوى الريف والحضر، و108.514 متزوج، وهناك 1138 شخصًا مطلق وهو لم يكمل ال 18 عاما، كما يوجد 638 شخصًا أرمل وهو أيضا لم يكمل السن القانونية وهي بالتأكيد أرقام صادمة لطفولة قتلت بدم بارد، ولابد من أن تغلظ العقوبة حتى ننهي هذه الظاهرة كما لابد من التوعية بمخاطر زواج القاصرات... فمتى سنفيق من هذا الكابوس؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.