يواجه الدفاع البريطاني العديد من التحديات التي تعيق وفاءه بتعهداته العسكرية في بحر البلطيق، وهي منطقة تشهد توترات جيوسياسية متزايدة. حيث تعهدت المملكة المتحدة بتقديم دعم دفاعي كبير في بحر البلطيق، إلا أن هذه الوعود لم تتحقق بالكامل بسبب الأوضاع المالية الصعبة ببريطانيا، ورغم الجهود المستمرة لتعزيز التعاون الدفاعي بين الدول الساحلية في هذه المنطقة، إلا أن العقبة الرئيسية تكمن في الأوضاع المالية المتقلبة التي تفرض قيودًا على قدرة المملكة المتحدة وحلفائها على تنفيذ خططهم الدفاعية الطموحة. فخلال قمة مجموعة الدول الاسكندنافية ودول البلطيق، التي تقودها بريطانيا، فشلت الحكومة البريطانية في تقديم خطة واضحة للإنفاق الدفاعي، حيث أشار رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى أن الوضع المالي في المملكة المتحدة لا يسمح بتحقيق التزامات الدفاع الحالية، وذلك وفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية. اقرأ أيضًا| قطع الكابلات البحرية.. هل تُحوّل روسيا بحر البلطيق إلى ساحة حرب خفية؟ ضغط دول بحر البلطيق لتحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي وفي القمة التي جمعّت الدول الأعضاء في مجموعة المشاة المشتركة، بما في ذلك إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، أُعرب عن الحاجة الملحة لزيادة الإنفاق الدفاعي في بحر البلطيق، حيث أكدت رئيسة وزراء إستونيا، كريستين ميشال، على أن جميع الدول الأعضاء في المجموعة تدعم زيادة الإنفاق الدفاعي في المستقبل القريب، ويجب أن يتضمن ذلك تخصيص ميزانيات أكبر في القمة المقبلة لحلف شمال الأطلسي «الناتو». فيما أظهرت دول بحر البلطيق، مثل إستونيا، التزامًا قويًا بزيادة الإنفاق الدفاعي، حيث أقر وزير الدفاع الإستوني، بيفكور، أن هناك حاجة ملحة لتحقيق أهداف إنفاق أكبر من 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، كما خططت إستونيا لزيادة إنفاقها إلى 3.7% بحلول عام 2026، وستفرض ضرائب مخصصة على أرباح الشركات لتمويل هذه الزيادة، بحسب الصحيفة الأمريكية ذاتها. مع عودة ترامب.. ما هي التحديات الدفاعية في بحر البلطيق؟ ورغم الحاجة الملحة للإنفاق الدفاعي في بحر البلطيق، هناك تباين في وجهات نظر الدول الأعضاء في المجموعة، فعلى سبيل المثال، أبدى رئيس الوزراء النرويجي، يوناس جار ستور، تحفظه بشأن تحديد أهداف مالية دقيقة بشكل غير مدروس، مشيرًا إلى ضرورة التخطيط الحذر لتحقيق التزامات الإنفاق الدفاعي، حيث تخطط النرويج لإنفاق 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في العام المقبل. مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يتوقع أن يُعاد النظر في أهداف الإنفاق الدفاعي في بحر البلطيق، حيث أشار الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، مارك روته، إلى ضرورة مراجعة مستويات الإنفاق الدفاعي بما يتماشى مع التحديات الحالية، فقد يتم تحديد أهداف جديدة في قمة حلف شمال الأطلسي المقبلة، والتي قد تشمل رفع النسبة إلى 2.5% أو 3% من الناتج المحلي الإجمالي. اعتذار ستارمر وغياب القيادة في بحر البلطيق.. ما القصة؟ اقرأ أيضًا| ألمانيا تدعو لفرض عقوبات على روسيا بسبب حادثة كابل «EstLink 2» وخلال ظهوره في تالين، لم يكن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر قادرًا على تقديم «إجابات شافية» عن الأسئلة المتعلقة بالإنفاق الدفاعي في بحر البلطيق، بينما كان يتجول مع مساعديه، ترك زعماء إستونيا والنرويج للرد على استفسارات الحضور، ما أثار تساؤلات حول مستوى القيادة البريطانية في هذا السياق، فيما اعتبر الخبراء مثل إيد أرنولد من معهد الخدمات الملكية للأبحاث، أن أجندة المملكة المتحدة تفتقر للطموح ولا تلبي احتياجات المنطقة. وتأسست مجموعة قوات التحالف بقيادة المملكة المتحدة عام 2014، بهدف الاستجابة لأي تهديدات في بحر البلطيق وتعزيز التنسيق بين دول المنطقة، حيث كانت المجموعة أداة حيوية قبل انضمام السويد وفنلندا لحلف شمال الأطلسي، ومع تزايد التوترات بين موسكو وكييف على غرار الحرب الروسية الأوكرانية، أصبح التحالف جزءًا أساسيًا من دعم أوكرانيا، حيث تعهدت الدول الأعضاء بتقديم مساعدات ضخمة تقدر بحوالي 12 مليار يورو لدعم كييف. وعلى الرغم من التحفظات التي أبدتها المملكة المتحدة بشأن الإنفاق الدفاعي، تواصل بريطانيا قيادة التحالف في بحر البلطيق، حيث تتولى قيادة مجموعة قتالية في إستونيا، حيث إن المملكة المتحدة مستعدة لتوفير آلاف القوات الجاهزة للانتشار السريع في بحر البلطيق إذا دعت الحاجة، لكن دعوات الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي لأخذ تعهدات الدفاع بشكل أكثر جدية تضع مزيدًا من الضغط على حلفائها. وفي ظل هذه التحديات، يعتبر رئيس وزراء إستونيا، ميخال أن مجموعة JEF تعد أداة مهمة لتعزيز الاستجابة والتعاون بين الدول الأعضاء في بحر البلطيق، ويعتقد ميخال أن المجموعة يجب أن تكون أكثر مرونة وقادرة على مواجهة التهديدات الهجينة وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ورغم كل الصعوبات، يؤكد ميخال أن JEF تعمل بشكل فعال وحققت نتائج إيجابية في هذه الظروف المعقدة.