محمد إسماعيل طلعت زكريا هو فنان كوميدي من نوع فريد لن يتكرر، فقد تميز بالأعمال الكوميدية التي يتذكرها دائما محبيه وجمهوره، واستطاع أن يكون أحد نجوم الكوميديا الذين يرسمون البسمة على وجوه جمهورهم، وعلى الرغم من مشواره الفني الطويل الذي قدم من خلاله أكثر من 170 عمل متنوع، سواء دراما أو مسرح أو سينما، إلا أن الجمهور دائما ما يتذكره بفيلمه الأشهر "طباخ الريس" الذي يعتبر واحد من أهم الأعمال السياسية الكوميدية في تاريخ السينما المصرية .. فى ذكراه "أخبار النجوم" قامت من خلال النقاد بإعادة إحياء مسيرة طلعت زكريا الفنية من خلال تناول موهبته الفريدة وأدائه الكوميدي الفريد الذي تميز به عن باقي أقرانه من الكوميديانات في ذلك الوقت. يرى الناقد رامي المتولي أن الراحل طلعت زكريا يعتبر من أهم الكوميديانات منذ ثمانينات القرن الماضي، ويقول: "استطاع أن يحجز مكانة في قلوب جمهوره من خلال أعماله الفنية التى قدمها، وفي الحقيقة فإن رحلة صعود طلعت زكريا لم تكن مفروشة بالورود على الإطلاق، ولكنه واجه صعوبات في بداياته استطاع بموهبته التغلب عليها، أبرزها أنه شق طريقه في زمن تسيد فيه كبار وعمالقة الفن في ذلك الوقت سواء في الدراما او السينما، وكان من الصعب أن يحصل أحد علي فرصة في ذلك التوقيت، ولكن برزت موهبته في الكوميديا مبكرا، واستطاع بأدائه وقدرته على تجسيد الشخصيات المتنوعة، إلى أن حصل على البطولة المطلقة وتمسك بها، وفي خلال تلك الفترة لم يكن لديه مانع أن يشارك كضيف شرف أو دور ثان في أي عمل مهم، ولذلك قدم العشرات من الأعمال التي لا تنسي، مثل فيلم "حاحا وتفاحة " و"غبي منه فيه" و"أبو علي" و"عودة الندلة" و"حريم كريم" و"التجربة الدانماركية"، وأخيرا فيلمه الأشهر "طباخ الريس". ويضيف المتولي: "كوميديا طلعت زكريا كان لها طابع مختلف، ففي ذلك الوقت انتشرت الكوميديا التي تعتمد على حركات الجسد أو الضرب الكوميدي أو الإسفاف وغيره، ولكن كوميديا طلعت كانت تعتمد على الإفيه فقط، فكان يستطيع أن يقول إفيه في أي وقت، حتى في المواقف السوداء أو الحزينة، كان يعتمد على الإفيه أو حركات الوجه المضحكة للخروج من هذا الموقف، ومن وجهة نظري فإن طلعت زكريا هو امتداد لجيل عبد المنعم مدبولي وعبد المنعم إبراهيم وغيرهم، هؤلاء النجوم كانوا يعتمدون على تلك النوعية من الكوميديا التي نفتقدها في كثير من الأحيان، والمدارس الكوميدية التي يتبعها جيل محمد سعد وياسمين عبد العزيز وغيرهم مطلوبة أيضا ولكن مدرسة طلعت زكريا هي الأصعب على الإطلاق. ويشير: "موهبة طلعت زكريا كان أساسها المسرح وهي التي أثقلت من موهبته، خاصة وأن كثير من المخرجين كانوا يعتمدون على ارتجال طلعت زكريا دون التقيد بسيناريو، لأن ردود الأفعال من قبل الجمهور كانت إيجابية ويتفاعلون معه باستمرار، ويعتبر هذا هو أساس العمل المسرحي بعيدا عن الإسفاف والابتذال الذي كان سائد في كثيرا من الأحيان.. ولكن على الرغم من ذلك فإنني لا أحبذ فكرة تصنيف طلعت زكريا على أنه ممثل مسرحى لأنه فنان شامل من العيار الثقيل وقدم أعمالا تليفزيونية وإذاعية وسينمائية. في حين يرى الناقد أحمد سعد الدين أن مسيرة طلعت زكريا كانت حافلة بالعديد من الأعمال الناجحة، وله بصمة استطاع أن يتركها في كل الأعمال التي شارك بها باقتدار، ويقول: "من وجهة نظري يظل الدويتو والمشاركة المتميزة مع الراحل العملاق سمير غانم هي الأبرز على الإطلاق، فمنذ تخرجه من معهد الفنون المسرحية في الثمانينيات شارك مع الفنان سمير غانم في فيلم "حادي بادي"، إلا أن ثنائيتهم برزت في عدد من المسرحيات التي شاركوا بها، ومنها "دو ري مي فاصوليا" و"أنا ومراتي ومونيكا" و"بهلول في اسطنبول"، ومسلسلات درامية أخرىن ولكن نجاحهما مع بعضهما يرجع لاختلاف مدارسهما في الكوميديا والذي شكل تنوع واختلاف، بالإضافة إلى اعتمادهما بدرجة كبيرة على الإفيهات اللحظية التلقائية، ولذلك فإن قاعات المسرح كان يملؤها الضحك باستمرار.. أما فيما يخص السينما فطلعت شكل ثنائية مع كريم عبد العزيز وهاني رمزي لن تتكرر، وإفيهاته في تلك الأفلام لا تزال محفورة في الأذهان وتؤخذ ككوميكس في السوشيال ميديا، مع الأول شارك في أفلام "أبوعلي" و"حرامية في كي 2 " و"حرامية في تايلاند"، بالإضافة إلى مسلسل "الزيبق"، أما هاني رمزي فشارك معه في فيلمين "غبي منه فيه" و"السيد أبو العربي" بالإضافة إلى مسلسل "مبروك جالك قلق". ويضيف أحمد سعد الدين: "أبرز مميزات طلعت زكريا أن البطولة المطلقة لم تكن تشغل تفكيره على الإطلاق، ولكن الدور حتى وإن كانت مساحته قليلة هو الأهم بالنسبة له، وطلعت من الفنانين القلائل الذين قدموا أدوار ثانوية او البطل الثاني وتفوق به على نجم الشباك، وبعض الأعمال محفورة في الاذهان بأداء وإفيهات طلعت زكريا، وهو يشبه في كثير من الأحيان الراحل خالد صالح في تلك الجزئية. بينما يقول الناقد محمود قاسم: " للأسف الفن والكوميديا بالتحديد تفتقد لطلعت زكريا، والقدر لم يمهله الفرصة للانتهاء من بعض الأعمال التي كان سيكمل من خلالها مسيرته الفنية الحافلة، تلك المسيرة التي لم تكن مفروشة بالورود، ولكن بقراءة سريعة لأعماله سنجد أنه قدم أعمال مشرفة، منها مسلسل "الزيبق" وفيلم "طباخ الريس"، ولكن أهم المحطات في مسيرته هى مشاركته مع الفنان سمير غانم والصداقة بينهما، خاصة وان الاثنان اعتمدا على الارتجال، وكان من حسن حظ طلعت أن سمير كان من الفنانين المحترمين الذين يعطون مساحة للفنان أمامهم لتقديم إفيهات تضحك الجمهور. والمميز في طلعت زكريا التجديد والتنوع في الأدوار والإفيهات بعيدا عن التكرار والرتابة، فهو فنان ذكي كان لدية خبرة كبيرة في فهم الجمهور، متى يضحكه؟ وما المشاهد التي يبتعد بها عن الضحك ؟، ومن وجهة نظري هو عملاق في الكوميديا من الصعب أن يتكرر مرة أخرى. اقرأ أيضا: في ذكرى ميلاده.. محطات في حياة طلعت زكريا