منذ أكثر من 13 عاما شهدت سوريا حربا ضروسا بين الجيش السوري والفصائل المسلحة التي سيطرت على مناطق شاسعة وبلدات استراتيجية خاصة محافظة حلب ثاني كبرى المدن السورية إضافة إلى حماه وإدلب وريف دمشق ومناطق واسعة في الشمال السوري.. وطوال هذه السنوات حتى عام 2020 خاضت سوريا بالتنسيق مع حلفائها وأبرزهم روسيا وإيران وحزب الله اشتباكات واسعة مع هذه الفصائل المسلحة الممولة من جهات إقليمية ودولية، وانتهى الأمر بالتوصل لتفاهم بين القوى الفاعلة في الأزمة السورية لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد لتسكت أصوات المدافع وتبرد فوهات البنادق على أمل التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة تسفر عن حل سياسي عبر إعداد دستور جديد للبلاد وإجراء الانتخابات برعاية أممية وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي. اقرأ أيضا: وزير الخارجية السوري: حكومتنا وشعبنا يقفان بكل قوتهم ضد الهجمات الدور التركي والإسرائيلي في سوريا.. صراع نفوذ يهدد استقرار المنطقة الساعات القادمة حرجة في سوريا.. حركة نزوح كبيرة في حلب جبهة تحرير الشام وجبهة النصرة لكن الجماعات المسلحة في الشمال السوري بقيادة جبهة تحرير الشام وجبهة النصرة، والتي كانت قد جمدت أنشطتها طوال 4 سنوات عادت لتشن هجوما مباغتا وواسعا على القوات السورية في محافظة حلب ذات الأهمية الاستراتيجية واجتاحت في طريقها البلدات والقرى السورية وصولا للسيطرة على الطريق الدولي بين حلب ودمشق ثم سيطرت على ريف حماه لتسبب أزمة نزوح جديدة للأشقاء السوريين في برد الشتاء القارس وتسقط العشرات من العسكريين والمدنيين ضحايا جراء الاشتباكات الطاحنة بالأسلحة الثقيلة وتعيد سوريا من جديد إلى حلبة الصراع مع الجماعات الإرهابية. الجيش السوري يشن هجوما مضادا بدوره يسعى الجيش السوري لشن هجوم مضاد على الجماعات الإرهابية لاستعادة السيطرة على المناطق التي انسحب منها في محاولة منه لإعادة التموضع وترتيب الصفوف بما يحقق السيادة الكاملة على الأراضي السورية، وشن بالفعل هجوما مضادا في ريف حماه تحت غطاء جوي روسي وسوري. موقف مصر الداعم لسوريا وفي أول رد فعل عربي على التطورات المتلاحقة في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية أكدت مصر على لسان وزير خارجيتها موقفها الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية وأهمية دورها في تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب وبسط سيادة الدولة واستقرارها واستقلال ووحدة أراضيها. ويتكامل هذا الموقف مع مواقف مصر الثابتة من الأزمة السورية والتي تتمثل في حماية الأمن القومي العربي وأولوية الحل السياسي ووجود مخرج لتوافق سوري – سوري، ورفض التدخلات الخارجية في الشأن السوري وضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية بما يحقق مصالح وتطلعات الشعب السوري عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. من يقف وراء التنظيمات المسلحة؟ قال د. محمد صادق إسماعيل، رئيس المركز العربي للدراسات، في تصريحات له؛ عندما نتحدث عن الدولة السورية الشقيقة فإن هناك ثمة أمور دفعت لما يحدث حاليا أولا يمكن الربط بين ما حدث في سوريا وما حدث من اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل حيث عاد حزب الله إلى سكناته ولم يرد الدخول في أي صراعات عسكرية، مشيرا إلى أن حزب الله كان من أبرز داعمي النظام السوري، ومن جانب آخر هناك حاجة ملحة لبعض الأطراف وخاصة الطرف التركي للدخول إلى المعترك السوري وتسعى حاليا أنقرة إلى بسط سيطرتها على الشمال السوري من خلال هذه التنظيمات التي ظلت 4 سنوات من البطالة القتالية والعسكرية. وتساءل رئيس المركز العربي للدراسات، أين كانت هذه الروابط الجهادية وهذه القوة العسكرية التي تسمي نفسها جبهة النصرة مما حدث في قطاع غزة فنحن نتحدث عن أكثر من 400 يوم من القصف الإسرائيلي على القطاع وسقوط أكثر من 45 ألف فلسطيني ومع ذلك لم نسمع لهذه التنظيمات أي صوت، ولذا تُطرح تساؤلات كثيرة عن نوايا هذه الجماعات، وهل تريد فقط الاستيلاء على بعض المناطق في سوريا ثم تتحدث عن الانفصال أو التهديد باستمرار القتال في سوريا. وأشار د. محمد صادق إسماعيل، إلى أن هذه الجماعات هي جماعات مدعومة وتملك طائرات مسيرة، وبالتالي من الذي أدخل هذه الطائرات إليها؟ وإذا كنا نتحدث من الناحية العسكرية فإن المدخل الوحيد لها من الجنوب التركي إلى الشمال السوري حيث أماكن تمركزها، وبالتالي لا يوجد منفذ آخر لدخول هذا الكم من الأسلحة. وذكر أن الموقف الدولي يتأرجح بين مواقف صامتة أو مواقف داعمة للنظام السوري أو مواقف متباطئة لنصرة سوريا، وفي كل الأحوال لابد من استدعاء موقف للحفاظ على وحدة الدولة السورية لأن الدولة السورية أصبحت في خطر حقيقي فهذه التنظيمات قتلت مئات الأشخاص إضافة إلى سيطرتها على عشرات القرى في الشمال السوري وكلها أمور تهدد بقوة الأمن القومي السوري وتهديد لأمن منطقة الشام وبالتالي تهديد لجزء كبير جدا من المنطقة العربية وكلها خيوط تتشابك معا. وأشاد بالموقف المصري الذي دعم الحفاظ على الدولة السورية من خلال اتصال وزير الخارجية بنظيره السوري ودعم المؤسسات الوطنية السورية، لافتا إلى أن هناك شبه اتفاق دولي لإعادة هيكلة الدولة السورية من الناحية الجيوستراتيجية حيث كان مخططا بعد عام 2011 تقسيم سوريا إلى عدة دويلات تحت النفوذ التركي والروسي والأمريكي، وهو ما يهدد الأمن القومي العربي. وأشار إلى أن الجماعات التي تخوض المعارك هي جماعات راديكالية ومتأسلمة، لافتا إلى ضرورة البحث عن موائمات بين المعارضة السورية والنظام السوري وتحقيق تفاهمات "الاستانة" وصولا للدستوري السوري الذي كان مزمعا الاتفاق عليه.