سميحة شتا بعد مناقشات طويلة حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله توصل الجانبان إلى اتفاق من شأنه أن ينهى أشهراً من القتال، وقد دخل اتفاق وقف إطلاق النار الذى تم التوصل إليه بوساطة الولاياتالمتحدة وفرنسا بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ فى الساعة الرابعة صباح الأربعاء الماضى ورغم عدد من الخروقات التى شهدتها الأيام الماضية سواء بمنع وصول اللبنانيين إلى بلدتهم وقراهم أو القيام باعتداءات على المواطنين إلا أنه لم يتم عرض أى منها على اللجنة الخماسية المشكلة من لبنان واليونفيل وإسرائيل وأمريكا وفرنسا ولكن فى كل الأحوال إذا صمد الاتفاق فإنه يمثل علامة فارقة فى الحرب التى استمرت 14 شهرًا فى لبنان. ولكن السلام الذى سبقته غارات جوية إسرائيلية مكثفة على بيروت فى الساعات الأخيرة قبل أن يدخل حيز التنفيذ، لا يزال هشاً فى أحسن الأحوال. فالاتفاق المعقد سوف يسمح لإسرائيل بمواصلة ضرب أهداف فى لبنان تعتبرها تهديداً أمنياً مباشراً، وسوف يعتمد إلى حد كبير على قدرة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على ضبط النفس. اقرأ أيضًا | بايدن يقرأ الآن: «حرب ال100 عام على فلسطين»! وتقول صحيفة «الجارديان» إنه فى إشارة إلى مدى تقلب الوضع، فتحت القوات الإسرائيلية يوم الأربعاء النار على عدد من السيارات التى تحمل العائلات وأمتعتها العائدة إلى الجنوب على الرغم من تحذيرات الجيش الإسرائيلى بضرورة الابتعاد عن المنطقة بينما تظل قواته فى المنطقة. وطلب الجيش اللبنانى من النازحين تجنب القرى والبلدات الواقعة على خط المواجهة بالقرب من «الخط الأزرق» الذى رسمته الأممالمتحدة والذى يفصل بين البلدين. وتم رصد قوافل عسكرية لبنانية تتجه نحو الجنوب فى الوقت الذى أعلن فيه الجيش أنه سينتشر فى جنوبلبنان بموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار. وأضافت الصحيفة أن الاتفاق ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلى من جنوبلبنان وسحب حزب الله أسلحته الثقيلة شمال نهر الليطاني، على بعد نحو 16 ميلاً (25 كيلومتراً) شمال الحدود. ومن المتوقع أن ينتشر الجيش اللبنانى المدعوم من الغرب فى الجنوب خلال مرحلة انتقالية مدتها 60 يوماً. ورغم أن حزب الله جزء من الحكومة اللبنانية، فإن قواته ليست جزءاً من الجيش الرسمي. فقد نصت نسخة من اتفاق وقف إطلاق النار اطلعت عليها رويترز على أنه لن يُسمح إلا «للقوات العسكرية والأمنية الرسمية» فى لبنان بحمل الأسلحة. ومن غير المرجح أن ينزع حزب الله سلاحه بالكامل، ولكنه قد يقلل من وجوده المسلح فى الأماكن العامة. ولطالما اشتكت إسرائيل من قيام حزب الله بنشر أسلحة بالقرب من أراضيها، فى حين زعم حزب الله أنه الوحيد وليس الجيش اللبنانى الأضعف القوى بما يكفى لمقاومة السياسات التوسعية الإسرائيلية. إن الأمل هو أن يصبح وقف إطلاق النار دائماً، وأن تتم مراقبة الاتفاق من خلال آلية إشرافية بقيادة الولاياتالمتحدة تعمل كحكم على الانتهاكات. ويقال إن رسالة ضمان لا تشكل رسمياً جزءاً من الاتفاق تضمن دعم الولاياتالمتحدة لحرية إسرائيل فى التصرف إذا هاجم حزب الله إسرائيل مرة أخرى أو نقل قواته أو أسلحته إلى الجنوب من الليطاني. وترى «الجارديان» أنه يبدو أن إسرائيل جاءت إلى طاولة المفاوضات بعد تحذيرات من واشنطن بأن الفشل فى الاتفاق على وقف إطلاق النار من شأنه أن يدفع الولاياتالمتحدة إلى عدم استخدام حق النقض ضد قرار فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من شأنه أن يفرض وقف إطلاق النار فى ظل ظروف غير مواتية بالنسبة لإسرائيل. وشارك حزب الله، الذى تعتبره الولاياتالمتحدة منظمة إرهابية، فى محادثات الهدنة عبر وسطاء، ولم يعلق رسميا على وقف إطلاق النار. وسوف تسعد إسرائيل بهذه الفرصة لإراحة قواتها البرية وجنودها الاحتياطيين المنهكين وإصلاح وتجديد الذخائر والمخزون. كما يسعدها أن تشارك الولاياتالمتحدة، حليفتها الرئيسية، بشكل مباشر فى التوسط فى الانتهاكات. وقد شهدت الأيام القليلة الماضية اشتباكات عنيفة فى ظل سعى الجانبين إلى تعزيز مكاسبهما، حيث نفذت إسرائيل غارات جوية مكثفة على العاصمة اللبنانيةبيروتوجنوب البلاد يومى الاثنين والثلاثاء الماضيين، بعد أن أطلق حزب الله أكثر من 200 صاروخ على إسرائيل يوم الأحد وهو أحد أعنف الهجمات منذ بدء الحرب. وتصاعد الصراع فى أواخر سبتمبر، عندما انفجرت مئات من أجهزة النداء التابعة لحزب الله فى هجوم نُسب إلى إسرائيل. ثم قتلت إسرائيل عدداً كبيراً من قيادات حزب الله فى غارات جوية، ثم شنت غزواً برياً لجنوبلبنان. لقد لقى نحو 3700 شخص مصرعهم فى لبنان، و126 شخصاً فى إسرائيل نتيجة للقتال الدائر هناك، كما نزح مئات الآلاف من الناس على جانبى الحدود من ديارهم. فى المقابل ترى الجارديان أن الاتفاق اللبنانى لن يكون له أى تأثير مباشر على القتال فى غزة، حيث فشلت مرارا وتكرارا الجهود الأمريكية للتوسط فى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. ففى ليلة الأربعاء، أسفرت الغارات الإسرائيلية على مدرستين تحولتا إلى ملاجئ فى مدينة غزة عن مقتل 11 شخصا، بينهم أربعة أطفال، وفقا لمسئولى المستشفيات. وقالت إسرائيل إن إحدى الغارات استهدفت قناصا من حماس والأخرى استهدفت مسلحين يختبئون بين المدنيين. وأعلنت قطر، الوسيط الرئيسى بين إسرائيل وحماس، فى وقت سابق من الشهر الماضى أنها ستتخلى عن دورها حتى يظهر الطرفان «الاستعداد والجدية» فى المحادثات. وقال الرئيس الأمريكى جو بايدن، إن إدارته ستدفع الآن نحو تجديد محادثات وقف إطلاق النار فى غزة، لكن فصل الجبهتين من المرجح أن يعزز موقف إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية.