في ظل التقدم الرقمي الذي يشهده عالمنا، أصبحت الشائعات والمعلومات المضللة تنتشر بسرعة هائلة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المختلفة، تُعد المعلومات المضللة نوعًا من الحروب المعلوماتية، والتي تشكل تهديدًا كبيرًا للمجتمعات والدول؛ حيث تساهم في زعزعة الاستقرار، وتقويض الثقة في المؤسسات، وتأجيج الصراعات. لذا، بات من الضروري تطوير استراتيجيات فعّالة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة. «بوابة أخبار اليوم» تسلط الضوء على «حرب الشائعات والمعلومات المضللة»، وترصد رأي الخبراء حول سبل مواجهتها. ◄ أهمية مواجهة الشائعات تُعد مواجهة الشائعات حمايةً للأمن القومي، حيث إنها تساهم في إثارة البلبلة والفتن؛ فهي تزرع الخوف والقلق بين الناس، وتؤثر سلباً على الاقتصاد والتنمية والاستقرار الاجتماعي. وتستغل الجماعات المتطرفة المعلومات المضللة لتجنيد الشباب وتنفيذ أجنداتها. لذا، فإن مواجهة الشائعات بمثابة مكافحة للتطرف والإرهاب وتعزيز للثقة في المؤسسات، مما يبني علاقة متينة بين الحكام والمحكومين. ◄ أسباب انتشار الشائعات مع التقدم الرقمي، أصبحت الشبكة العنكبوتية تسهّل سرعة انتشار المعلومات والأخبار الكاذبة عبر منصات التواصل الاجتماعي. فضلاً عن ذلك، فإن نقص الوعي لدى المستخدمين يسهل خداع الكثيرين، بسبب عدم قدرتهم على تمييز الأخبار الحقيقية عن المزيفة. ◄ تأثير الشائعات على استقرار المجتمع أكد اللواء محمد رشيد، وكيل المخابرات العامة الأسبق، أن الأزمات التي يواجهها المجتمع المصري قد تتفاقم نتيجة للشائعات التي تُصدَّر لخلق حالة من عدم الاستقرار بين فئات المجتمع. وقد تؤدي هذه الشائعات إلى زيادة التوتر بين الطبقات، مما يساهم في خلق نزاعات داخلية. وأوضح أن الشائعات تساهم بشكل خطير في إضعاف تماسك المجتمع، مشددًا على أن مواجهة هذا الخطر تتطلب تعزيز الشفافية والعدالة الاجتماعية، لأنهما ركيزتان أساسيتان للاستقرار المجتمعي، مشيرًا إلى أن الشائعات تكون أحيانًا مختلطة بجزء من الحقيقة، مما يجعل كشفها والتمييز بينها وبين الحقائق الحقيقية أمراً بالغ الأهمية. ◄ الحروب الحديثة كشف اللواء رضا يعقوب، الخبير الأمني، عن أن مصر كانت دائمًا عُرضة لحروب غير تقليدية منذ القدم، ومع ظهور «أجيال الحروب الحديثة» أصبح من الممكن تنفيذ هذه الحروب عن بُعد باستخدام الشائعات، والتي تعمل على زعزعة ثقة الشعب في مؤسسات الدولة وإثارة الفوضى الداخلية. وأوضح أن الشائعات قد تجمع بين الحقيقة والتزوير، حيث تُستخدم أحداث حقيقية لإضافة مصداقية للشائعات المكذوبة. ولذلك، شدد على أهمية توجيه المواطنين للاعتماد على المعلومات من مصادرها الرسمية ونشر الوعي بأهمية التحقق من المعلومات قبل نشرها. ◄ منظور الدين والشائعات أوضح الدكتور حاتم عبد المنعم، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الشائعات ليست ظاهرة حديثة، بل تمتد جذورها منذ القدم، حيث بيّن القرآن الكريم سبل التعامل معها من خلال التحقق والتبيّن. اقرأ أيضا| الشائعات وفتاوى «شيوخ الفتن».. أساليب شيطانية لضرب الاستقرار وأشار إلى أن من يروج للشائعات يُعتبر «فاسقًا» حسب النص القرآني: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ، مشدداً على أن القرآن الكريم يدعو للتحقق من المعلومات ويُحمّل الأفراد والدولة مسؤولية التأكد من الحقائق قبل نشرها. ◄ تعزيز وعي الشباب شددت الدكتورة سامية الساعاتي، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، على أن الشائعات تؤدي إلى «تزييف الحقائق»، حيث يتم تداول وقائع غير صحيحة، مما يؤثر سلبًا على فئة الشباب تحديدًا، إذ يمثلون قوة بناء المجتمع المستقبلية. وترى أن الحل يكمن في مواجهة الشائعات بالحقائق الصادقة وتعزيز وعي الشباب بأهمية التحقق من صحة ما يُقال. ◄ إثارة الرأي العام أكدت نهى النحاس، خبير إعلامي ورئيس منتدى مصر للإعلام، أن الشائعات والمعلومات المغلوطة والمحتوى المزيف جميعها أدوات تصنع بشكل مقصود لإحداث تأثيرات سياسية واجتماعية محددة، وتسمي هذه الظاهرة «آلة الشائعات»، التي تعمل بشكل منهجي لإثارة الرأي العام أو توجيهه خلال أوقات الانتخابات أو الصراعات السياسية. وأضافت أن مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت في انتشار هذا النوع من المحتوى الزائف، نظرًا لتغير تفضيلات الجمهور، خصوصًا الأجيال الشابة، حيث تشير إحصائيات أحد المركز البحثية، إلى أن أكثر من 53٪ من الأمريكيين يتلقون الأخبار عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يزيد من أهمية نقد مصادر الأخبار والتحقق منها. ◄ تكاتف مجتمعي وأكدت أن مواجهة الشائعات تتطلب جهودًا مكثفة، منها تعزيز التواصل المؤسسي مع المجتمع، وتوسيع تدريس مناهج التربية الإعلامية في المدارس والجامعات، وتنظيم حملات التوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة. وكشفت عن أن مواجهة حرب الشائعات والأخبار الزائفة، تتطلب تضافر جهود جميع أفراد المجتمع، بدءًا من الحكومات والشركات وصولاً إلى الأفراد أنفسهم، مشددة على أننا نسعى جميعًا لبناء مجتمع واعٍ، قادر على التمييز بين الحقيقة والزيف، بما يحافظ على أمن واستقرار أوطاننا.