يحدث أن نحمل حقائبنا ونغادر غاضبين.. ويحدث أن نعود، أو يجب أن نعود.. لأن جدران البيت تاريخ وذاكرة وذكريات.. ولأن كثيرًا من القراء صاروا مقيمين.. صاروا أهلاً ورفاقًا. نهار جديد بعد شهرين من الغياب، وتوقف عمودى اليومى «نهار» (لا أحد أوقفنى، ولا أحد منعنى).. يحدث أن أضيق وأغادر، إذا مسَّ أحد طرف ثوبى، أو طرف أنفى، أو طرف مقالى.. يحدث أن أتدلل، وأمارس غضبى كاملاً غير منقوص.. ويحدث أن أعود. نهار جديد.. لحظة مغايرة، ينتقل فيها مقالى (نهار) من مساحة سابقة، وكتابة يومية قاربت العشرين عامًا.. إلى كتابة أسبوعية هى اختيارى وراحتى. كتابة يومية تعنى اشتباكًا دائمًا.. ركضًا متواصلاً وحياة مزدحمة وأعصابًا عارية.. كتابة (يومية) تعنى مشاركة بالضرورة واندماجًا.. ليس بالإمكان الوقوف بعيدًا ولعب دور المتفرج.. فى الكتابة اليومية قوة العلاقة وبقاؤها (العلاقة بالكتابة والعلاقة بالقارئ).. وهى أيضًا الكتابة الأكثر توترًا وإرهاقًا وجدلاً وصعوبة. للكتابة اليومية مديح تستحقه، وأنا أغادرها طواعية، بحثًا عن بعض هدوء أستحقه. نهار جديد.. هو أيضًا صوتى وملامحى.. كلماتى الحادة وأحرفى المدببة.. نهار حر تمامًا، دون شروط، دون مزايدات ودون ادعاءات. قبل أسابيع نشرت جريدة لبنانية تقريرًا حول مغادرتى جريدة الأخبار!!.. زعموا (أن الأخبار لم تتحمل مقالاتى المناصرة لغزة، والمنددة بإسرائيل، مطالبة بطردها من الأممالمتحدة ومن العالم)!! المدهش فى تقرير الصحيفة اللبنانية هو استنادها على العشرات من أعمدة (نهار) المنددة ب العدو الإسرائيلى.. والمنشورة جميعًا فى الأخبار!! لكنها صناعة اللغط، والكتابة فى مسار منحرف!! حرصت بالتأكيد على الإيضاح للصحيفة اللبنانية، ليس فقط دفاعًا عن «الأخبار» وكتابها.. لكن دفاعًا عن موقف مصرى وطنى راسخ، تجاه القضية الفلسطينية. نهار جديد.. مساحة مختلفة، فى صفحة مختلفة تضم (أخبار الناس).. صفحة أكثر إشراقًا وحيوية.. صفحة نهارية مزدحمة بحركة الناس وأصواتهم والعلاقة المباشرة معهم.. ولسنوات طويلة كانت أغنية محمد حمام من كلمات الأبنودى... (والله لبكرة يطلع النهار يا خال وتبقى الدنيا عال والشمس تيجى من ورا الجبال) نغمة مصاحبة، ظلت تلاحقنى وتحضر معى فى مواقف عديدة.. نغمة مفعمة بالأمل ونهار جديد.