عيد العمال الليبرالي    رئيس «إسكان النواب»: توجد 2.5 مليون حالة مخالفة بناء قبل 2019    أسعار النفط تسجل أكبر تراجع أسبوعي في 3 أشهر    بالصور.. وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر "يلا كامب" بمدينة دهب    بعد «اتفاقية التكييف».. محافظ بني سويف: تحوّلنا إلى مدينة صناعية كبيرة    إدخال 349 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة من معبري رفح وكرم أبو سالم    البيت الأبيض: بايدن يستقبل العاهل الأردني الأسبوع المقبل    موريتانيا.. أقدم معارض يدعم الرئيس الغزواني في الانتخابات المقبلة    أخبار الأهلي : عاجل .. استبعاد 11 لاعبا من قائمة الأهلي أمام الجونة    بحضور 25 مدربًا.. اتحاد الكرة يُعلن موعد الدورات التدريبية للرخصة «A»    تير شتيجن على موعد مع رقم تاريخي أمام جيرونا    التحقيقات تكشف سبب مقتل شاب علي يد جزار ونجله في السلام    تحرير 12 محضرا تموينيا خلال حملة مكبرة في البحيرة    مروة ناجي تتألق ونجوم الموسيقى العربية ينتزعون الإعجاب على المسرح الكبير | صور    آمال ماهر تتألق بأجمل أغانيها في جدة | صور    قصر أثري للبيع مقابل 10 يورو بشرط واحد.. كان يسكنه رئيس وزراء بلجيكي سابق    فريدة سيف النصر ترد على اتهامات توترها للفنانين داخل لوكيشن "العتاولة"    هند صبري وابنتها يقلدان مشهد من «نيللي وشريهان»    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    5 فئات ممنوعة من تناول الرنجة في شم النسيم    لعنة تخطي الهلال مستمرة.. العين يخسر نهائي كأس الرابطة من الوحدة    عمرو أديب ل مصطفى بكري: التعديل الوزاري إمتى؟.. والأخير يرد    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    الوزراء: منظومة الشكاوى الحكومية تلقت 2679 شكوى بمخالفات مخابز    قتلا الخفير وسرقا المصنع.. المؤبد لعاطل ومسجل خطر في القاهرة    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    "قطّعت جارتها وأطعمتها لكلاب السكك".. جريمة قتل بشعة تهز الفيوم    وظائف وزارة العمل 2024.. بالتعاون مع شركات القطاع الخاص    كيف يعاقب قانون العمل المنشآت الممنتعة عن توفير اشتراطات السلامة المهنية؟    بعد محور جرجا على النيل.. محور يربط «طريق شرق العوينات» و«جنوب الداخلة - منفلوط» بطول 300 كم لربط الصعيد بالوادي الجديد    أخبار الأقصر اليوم.. تفاصيل لقاء قائد قطاع المنطقة الجنوبية لإدارة التراخيص والتفتيش ونائب المحافظ    بمشاركة كوكا، ألانيا سبور يتعادل مع أنقرة 1-1 في الدوري التركي    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    طب الفيوم تحصد لقب الطالبة المثالية على مستوى الجامعات المصرية    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    خدمة الساعات الكبرى وصلاة الغروب ورتبة إنزال المصلوب ببعض كنائس الروم الكاثوليك بالقاهرة|صور    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    سوسن بدر تعلق على تكريمها من مهرجان بردية لسينما الومضة    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديب أشرف العشماوي: الجوائز لا تزال بعيدة عني
التكريم له قيمة معنوية عظيمة خاصة إذا كان من بلدى
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 02 - 08 - 2021


كتب : ‬أسامة ‬فاروق
يعود ‬أشرف ‬العشماوى ‬فى ‬روايته ‬الأحدث ‬اصالة ‬أورفانللى ‬للمرة ‬الثالثة ‬على ‬التوالى ‬للفترة ‬الزمنية ‬نفسها، ‬من ‬العهد ‬الملكى ‬حتى ‬السبعينيات، ‬راصدا ‬التحولات ‬السياسية ‬والاجتماعية ‬والاقتصادية ‬لمصر ‬فى ‬لحظة ‬تحول ‬كبرى، ‬وأحوال ‬مهنة ‬فى ‬لحظة ‬رواج ‬تاريخية. ‬عبر ‬ثلاث ‬شخصيات ‬أساسية ‬يكمل ‬كل ‬منهم ‬قصة ‬الآخر ‬ويحكى ‬فى ‬الوقت ‬نفسه ‬حكاية ‬موته، ‬نشاهد ‬صراعا ‬محتدما ‬حول ‬اصالة ‬مزادات ‬كل ‬شىء ‬فيها ‬معروض ‬للبيع.‬
خلال ‬تلك ‬الفترة ‬الزمنية ‬الممتدة ‬تتبدل ‬العصور ‬والحكام ‬وتتبدل ‬القاهرة ‬ومعها ‬أحوال ‬الصالة ‬وتتعمق ‬رمزيتها ‬فمن ‬اكان ‬يقف ‬وراء ‬زجاج ‬الواجهة ‬يتفرج ‬على ‬المزاد، ‬صار ‬أكثر ‬جرأة ‬وتواجد ‬بنهاية ‬الصالة ‬متابعا، ‬ثم ‬تشجع ‬اليوم ‬وزايد ‬حتى ‬صار ‬يحتل ‬المقدمة، ‬وتراجع ‬الباقون ‬حتى ‬غادروا ‬بلا ‬عودة ‬وباتت ‬فلولهم ‬على ‬مشارف ‬القبور.‬
نشاهد ‬الصالة ‬بين ‬لحظتى ‬ازدهار ‬وأفول.. ‬تزيد ‬أسهمها ‬بزيارة ‬الملك، ‬ثم ‬تتضاعف ‬أربحاها ‬ببيع ‬مقتنياته ‬بعد ‬عزله، ‬ترفع ‬صورته ‬لتضع ‬صورة ‬الرئيس ‬وترفعها ‬لتضع ‬غيرها ‬فى ‬لعبة ‬بطلها ‬الزمن ‬الذى ‬لا ‬يكف ‬عن ‬التبدل، ‬ولا ‬عن ‬فرض ‬سننه ‬وأحكامه ‬ودروسه، ‬معريا ‬النفوس ‬الفاسدة ‬وطبائع ‬البشر ‬الجشعة.‬
صالة ‬أورفانللى ‬هى ‬الرواية ‬التاسعة ‬فى ‬مسيرة ‬الكاتب ‬والقاضى ‬أشرف ‬العشماوى ‬وفازت ‬مؤخرا ‬بجائزة ‬أفضل ‬رواية ‬فى ‬معرض ‬القاهرة ‬الدولى ‬للكتاب، ‬وعنها ‬دار ‬هذا ‬الحوار.‬
كيف ‬تلقيت ‬نبأ ‬فوز ‬اصالة ‬أورفانيللى ‬بجائزة ‬معرض ‬الكتاب؟ ‬هل ‬توقعت ‬الفوز؟
الحقيقة ‬لم ‬أتوقع ‬الفوز ‬ولم ‬أكن ‬أعرف ‬أن ‬ناشرى ‬قدم ‬روايتى ‬فى ‬المسابقة ‬فى ‬مارس ‬الماضى، ‬وبالطبع ‬تلقيت ‬النبأ ‬بدهشة ‬كبيرة ‬لكن ‬لا ‬أخفيك ‬سرا ‬أنا ‬كنت ‬سعيدا ‬للغاية ‬وقت ‬تسلم ‬الجائزة ‬والقاعة ‬كلها ‬تصفق ‬لي. ‬أرى ‬أن ‬التكريم ‬أيا ‬كان ‬له ‬قيمة ‬معنوية ‬عظيمة ‬خاصة ‬إذا ‬كان ‬من ‬بلدى. ‬
‬يمكن ‬من ‬خلال ‬المقابلة ‬الشخصية ‬وحتى ‬من ‬خلال ‬الطبعات ‬المتعددة ‬لأعمالك ‬أن ‬تقيس ‬تقدير ‬القراء، ‬لكن ‬كيف ‬ترى ‬الأمر ‬على ‬مستوى ‬التعامل ‬النقدى ‬والجوائز؟ ‬هل ‬أنت ‬مقدر ‬من ‬هذه ‬الناحية؟ ‬
أنا ‬أعتبر ‬نفسى ‬محظوظا ‬بالقياس ‬لآخرين ‬من ‬جيلى ‬على ‬الأقل، ‬فى ‬موضوع ‬النقد ‬أشاد ‬بى ‬وكتب ‬عنى ‬وانتقدنى ‬بل ‬وهاجمنى ‬بضراوة ‬كبار ‬النقاد ‬والصحفيين ‬فى ‬مصر ‬والعالم ‬العربى، ‬فى ‬ظنى ‬أن ‬كتاباتى ‬شغلت ‬اهتمامهم ‬
وأثارت ‬فضولهم ‬هذا ‬يكفينى،
‬ورغم ‬اتهامى ‬من ‬أحدهم ‬بأننى ‬أكتب ‬الرواية ‬الرائجة ‬تجاريا ‬واتهام ‬من ‬آخر ‬أننى ‬أكتب ‬بمشهدية ‬على ‬حساب ‬الجانب ‬الأدبى ‬إلا ‬أن ‬الكثير ‬من ‬النقاد ‬وكبار ‬الكتاب ‬أشاد ‬بالسرد ‬والبناء ‬لغالبية ‬رواياتى، ‬أعتقد ‬أننى ‬حصلت ‬على ‬اهتمام ‬نقدى ‬وصحفى ‬من ‬النقاد ‬والكتاب ‬يجعلنى ‬راضيا ‬إلى ‬حد ‬كبير، ‬لكن ‬فى ‬موضوع ‬الجوائز ‬الأمر ‬يختلف ‬لا ‬تزال ‬بعيدة ‬عنى، ‬أنا ‬لست ‬ممن ‬يكتبون ‬لجائزة ‬ولا ‬ممن ‬يهيلون ‬التراب ‬عليها ‬إذا ‬خسرتها، ‬أنا ‬أهتم ‬برأى ‬القراء ‬الذين ‬أكتب ‬لهم ‬فى ‬المقام ‬الأول، ‬بعدها ‬أحب ‬أن ‬يهتم ‬النقاد ‬والصحافة ‬بما ‬كتبت ‬بالطبع، ‬لكن ‬عند ‬الجوائز ‬أنا ‬أتفهم ‬أن ‬ذائقة ‬لجان ‬التحكيم ‬تتحكم ‬فى ‬اختياراتهم ‬وأحترم ‬ذلك ‬
وأقدره ‬وأرى ‬بصراحة ‬وبدون ‬تواضع ‬أن ‬هناك ‬كثيرين ‬أهم ‬وأمهر ‬منى ‬فى ‬الكتابة ‬الروائية ‬وتستحق ‬أعمالهم ‬جوائز ‬كنت ‬تقدمت ‬لها ‬معهم ‬وفازوا ‬هم ‬بها، ‬أنا ‬أيضا ‬لا ‬أقدم ‬فى ‬كل ‬الجوائز ‬فمثلا ‬لم ‬أقدم ‬من ‬قبل ‬فى ‬جائزة ‬الشيخ ‬زايد ‬وقدمت ‬ثلاث ‬مرات ‬فقط ‬فى ‬البوكر ‬وصلت ‬فى ‬إحداها ‬لقائمة ‬طويلة ‬وقدمت ‬مرة ‬لجائزة ‬الطيب ‬صالح ‬ولم ‬يحالفنى ‬الحظ ‬وفزت ‬مرتين ‬بجائزة ‬هيئة ‬الكتاب ‬وحصلت ‬روايتى ‬كلاب ‬الراعى ‬على ‬جائزة ‬أفضل ‬رواية ‬تاريخية ‬من ‬مملكة ‬البحرين ‬فى ‬الملتقى ‬الثقافى ‬السنوى ‬عام ‬2019 . ‬فى ‬المجمل ‬أنا ‬راض ‬وأشعر ‬بالتقدير ‬فى ‬النقد ‬وأتمنى ‬الحصول ‬على ‬مزيد ‬من ‬الجوائز ‬بالطبع ‬أنا ‬مثل ‬أى ‬إنسان ‬طبيعى ‬يفرح ‬بالتكريم ‬والجائزة ‬الأدبية ‬عن ‬كتاباته، ‬هذا ‬الأمر ‬يغمرنى ‬بالسعادة .‬
متى ‬فكرت ‬فى ‬اصالة ‬أورفانيللى ‬وكم ‬استغرقت ‬فى ‬كتابتها؟
حكاية ‬صالة ‬أورفانيللى ‬عن ‬المزاد ‬ومدى ‬تشابهه ‬مع ‬الحياة، ‬مدى ‬إمكانية ‬تحول ‬البشر ‬إلى ‬قطع ‬معروضة ‬فى ‬صالة ‬ينتظرون ‬دورهم ‬فى ‬الحياة ‬والزواج ‬والعمل ‬والصداقة ‬أو ‬فى ‬أى ‬علاقة ‬إنسانية ‬أو ‬اجتماعية ‬وما ‬الذى ‬سنخسره ‬تباعا ‬فى ‬العلاقات ‬الإنسانية ‬حتى ‬نخسر ‬أنفسنا ‬فى ‬النهاية، ‬فكرت ‬فيها ‬عام ‬2018 ‬بعد ‬انتهائى ‬من ‬رواية ‬سيدة ‬الزمالك ‬بنحو ‬شهرين ‬واستغرقت ‬منى ‬عامين ‬ونصف ‬لكتابتها ‬ومراجعتها .‬
كيف ‬حضرت ‬نفسك ‬لهذا ‬العمل ‬الغارق ‬فى ‬التاريخ ‬وفى ‬مهنة ‬تعرضت ‬للانقراض ‬فى ‬مصر.. ‬ماذا ‬قرأت ‬وشاهدت؟
مثل ‬أى ‬عمل ‬غارق ‬فى ‬التاريخ ‬لجأت ‬لدار ‬الوثائق ‬القومية ‬وأرشيف ‬الهلال ‬وجريدة ‬الأهرام ‬وأعداد ‬مجلة ‬اللطائف ‬والكليم ‬اليهودية ‬حتى ‬عام ‬1956 ‬ثم ‬بدأت ‬فى ‬التردد ‬على ‬صالات ‬مزادات ‬لمدة ‬عام ‬والتقيت ‬بخبراء ‬وأصحاب ‬صالات ‬ويهود ‬يعيشون ‬فى ‬حارة ‬اليهود ‬وهم ‬قلة ‬للأسف ‬بسبب ‬انقراض ‬المهنة، ‬بعضهم ‬تكلم ‬معى ‬بأريحية ‬وبعضهم ‬كاد ‬يطردنى ‬من ‬الصالة ‬وبالطبع ‬أنا ‬لا ‬أستخدم ‬مهنتى ‬فى ‬الأمر ‬على ‬الإطلاق، ‬ومن ‬جماع ‬كل ‬ما ‬سبق ‬كتبت ‬معتمدا ‬على ‬خيالى ‬بالدرجة ‬الأولى، ‬فقط ‬كانت ‬تنقصنى ‬بعض ‬التفاصيل ‬عن ‬العاملين ‬فى ‬المزادات ‬وكواليس ‬الصالات ‬وحصلت ‬على ‬بعضها ‬وأعملت ‬الخيال ‬فى ‬البقية . ‬
‬الرواية ‬هى ‬الثالثة ‬فى ‬المرحلة ‬الزمنية ‬نفسها ‬تقريبا، ‬هل ‬هو ‬نوع ‬من ‬التحدى ‬أن ‬تقدم ‬الجديد ‬عن ‬العالم ‬نفسه؟ ‬أم ‬أن ‬الاستغراق ‬فى ‬التاريخ ‬محاولة ‬للابتعاد -‬لن ‬أقول ‬للهروب- ‬من ‬الكتابة ‬عن ‬الواقع؟ ‬
أنت ‬أصبت ‬الحقيقة، ‬هو ‬خليط ‬مما ‬قلت، ‬فى ‬البداية ‬كان ‬نوعا ‬من ‬التحدى ‬لما ‬قال ‬لى ‬ناقد ‬كبير ‬بعد ‬الرواية ‬الثانية ‬سيدة ‬الزمالك - ‬أنها ‬بيضة ‬الديك ‬وأننى ‬لن ‬أجد ‬ما ‬أقوله ‬بعدها ‬فى ‬الفترة ‬الملكية، ‬وسأقع ‬فى ‬فخ ‬التكرار، ‬لكنى ‬فى ‬الحقيقة ‬أملك ‬أفكارا ‬وحكايات ‬وتصورات ‬وتساؤلات ‬عن ‬تلك ‬الفترة ‬من ‬زوايا ‬مختلفة ‬لا ‬يمكن ‬معها ‬تكرار ‬جملة ‬واحدة ‬فى ‬أى ‬رواية ‬وهذه ‬الأفكار ‬يمكنها ‬صناعة ‬ثلاث ‬روايات ‬أخرى ‬عن ‬تلك ‬الفترة، ‬لكن ‬هذا ‬النوع ‬من ‬الروايات ‬مرهق ‬للغاية ‬ويحتاج ‬لمجهود ‬وتفرغ ‬فلا ‬يمكننى ‬كتابتها ‬على ‬التوالي. ‬أيضا ‬أنا ‬أحب ‬التاريخ ‬وأراه ‬منجم ‬بحكاياته ‬الدرامية ‬لأى ‬روائى ‬يحب ‬الحكى ‬ويجيده، ‬وأيضا ‬وسيلة ‬رائعة ‬للهروب ‬من ‬الواقع ‬والاسقاط ‬عليه.‬
قلت ‬من ‬قبل ‬أنه ‬ليس ‬من ‬المفترض ‬أن ‬يستقى ‬القارئ ‬معلوماته ‬التاريخية ‬من ‬الروايات، ‬لكن ‬معظم ‬المعلومات ‬التى ‬قدمتها ‬فى ‬أورفانيللى ‬عن ‬تبديد ‬المقتنيات ‬الملكية ‬مثلا ‬حقيقة ‬وربما ‬أوضح ‬مما ‬جاء ‬فى ‬كتب ‬التاريخ ‬فقط ‬لو ‬أعدنا ‬تغيير ‬الأسماء ‬بل ‬ربما ‬لا ‬نحتاج ‬ذلك ‬فى ‬بعض ‬المواقف.. ‬هل ‬تعيد ‬النظر ‬للرواية ‬كحامل ‬حقيقى ‬للتاريخ؟ ‬
التاريخ ‬ليس ‬ملكا ‬لأحد، ‬يمكننى ‬كتابة ‬التاريخ ‬كما ‬رأيته ‬وكما ‬قرأت ‬عنه، ‬وأنت ‬أيضا، ‬وغيرنا، ‬ولكن ‬فكرة ‬الرواية ‬المعلوماتية ‬لا ‬تستهوينى ‬بصفة ‬عامة ‬خاصة ‬فى ‬زمن ‬التكنولوجيا ‬المتقدمة ‬الذى ‬نعيشه، ‬أنا ‬أكتب ‬معلومات ‬صحيحة ‬فقط ‬لتخدم ‬أحداث ‬روايتى ‬وتعطى ‬دقة ‬لبعض ‬التفاصيل ‬التى ‬أريد ‬إيصالها ‬للقارئ ‬وأيضا ‬لإيضاح ‬أمور ‬بصورة ‬غير ‬مباشرة
‬ولا ‬شئ ‬أخر، ‬بدليل ‬أننى ‬أحيانا ‬أكتب ‬عن ‬أشياء ‬متخيلة ‬لم ‬تحدث ‬فى ‬التاريخ ‬بهذه ‬الصورة ‬الواردة ‬فى ‬رواياتى ‬لكن ‬يكون ‬لدى ‬هدف ‬هو ‬خدمة ‬السرد ‬والسير ‬وراء ‬اتجاه ‬الحبكة ‬والتعايش ‬مع ‬أحداث ‬روايتى، ‬تعجبنى ‬عبارة ‬أن ‬الرواية ‬حامل ‬حقيقى ‬للتاريخ ‬لكنى ‬أراها ‬حامل ‬لبعض ‬الحقيقة ‬وليست ‬كلها . ‬
‬ربما ‬لن ‬يكون ‬من ‬الحكمة ‬استخلاص ‬رؤيتك ‬الشخصية ‬لتلك ‬العصور ‬من ‬خلال ‬الروايات، ‬لكن ‬إلى ‬أى ‬درجة ‬تستطيع ‬تحييد ‬نفسك ‬عندما ‬تكتب ‬عن ‬تلك ‬المراحل ‬التاريخية ‬الملتهبة ‬والمشحونة ‬والمختلف ‬عليها؟
أحاول ‬بالطبع ‬تحييد ‬نفسى ‬والاختباء ‬وراء ‬شخصياتى، ‬أتلبس ‬أرواحهم ‬لأحكى ‬بلسانهم ‬وأفكارهم، ‬فى ‬الحقيقة ‬أنا ‬واجهت ‬هجوما ‬غريبا ‬عقب ‬رواية ‬اتذكرة ‬وحيدة ‬للقاهرة ‬من ‬الناصريين ‬ورغم ‬أن ‬بطل ‬الرواية ‬نوبى ‬تعرض ‬للتهجير
‬والسجن ‬فى ‬عهد ‬ناصر ‬لكن ‬هؤلاء ‬الناصريين ‬تعجبوا ‬أنه ‬يهاجم ‬عبد ‬الناصر ‬وكأنما ‬المفروض ‬أن ‬يسبح ‬بحمده ‬وهو ‬السبب ‬فى ‬تهجيره ‬ودارت ‬مناقشات ‬عقيمة ‬فى ‬بعض ‬ندواتى ‬عن ‬جدوى ‬السد ‬العالى ‬ودوره ‬فى ‬الزراعة ‬وكأننى ‬مهندس ‬رى ‬فى ‬محاضرة ‬بالجمعية ‬الزراعية ‬لا ‬مؤلف ‬رواية ‬أدبية ‬عن ‬مهمشين ‬ورحلتهم ‬ومشاعرهم! ‬فى ‬المجمل ‬أنا ‬كما ‬قلت ‬لك ‬لا ‬أعلن ‬رأيى ‬أو ‬انتمائى ‬لأنى ‬لا ‬أكتب ‬مقالا ‬سياسيا ‬أنا ‬أقدم ‬رواية ‬أدبية ‬بشخصيات ‬وأفكار ‬محددة ‬وأظن ‬وفقا ‬للمقالات ‬المنشورة ‬عن ‬رواياتى ‬أننى ‬نجحت ‬فى ‬تحييد ‬نفسى ‬إلى ‬حد ‬كبير .‬
كتبت ‬عن ‬النوبة ‬والأقباط ‬والآن ‬تكتب ‬عن ‬اليهود ‬هل ‬هى ‬مجرد ‬محاولة ‬لطرق ‬مناطق ‬غير ‬مستهلكة ‬روائيا ‬أم ‬أنها ‬تأتى ‬فى ‬إطار ‬بحث ‬مخطط ‬له؟
أنا ‬كروائى ‬تستهوينى ‬مشاكل ‬المهمشين ‬والأقليات ‬جدا، ‬أراها ‬شديدة ‬الإنسانية ‬ومليئة ‬بالحكايات ‬الدرامية ‬التى ‬استلهم ‬منها ‬أفكار ‬رواياتى. ‬الأمر ‬ليس ‬مخططا ‬له ‬بشكل ‬مسبق ‬أو ‬متعمد ‬إنما ‬هو ‬أقرب ‬لمحاولة ‬طرق ‬مناطق ‬غير ‬مستهلكة ‬روائيا ‬من ‬قبل. ‬أيضا ‬فى ‬رأسى ‬خطوط ‬متشابكة ‬غير ‬مفهومة ‬لأفكار ‬متداخلة ‬وشخصيات ‬تتحرك ‬وتتكلم ‬ومشاهد ‬كثيرة ‬لا ‬تكتمل ‬ولا ‬أجد ‬نفسى ‬إلا ‬عندما ‬أكتبها ‬وتظهر ‬فى ‬مسودة ‬أولى ‬على ‬الأقل ‬وقتها ‬أشعر ‬أن ‬عقلى ‬قد ‬هدأ ‬نوعا ‬ما .‬
‬ربما ‬تكون ‬هذه ‬الرواية ‬هى ‬الأولى ‬التى ‬تستخدم ‬فيها ‬خلفيتك ‬القانونية ‬بهذه ‬الكثافة.. ‬هل ‬كانت ‬المسألة ‬مؤجلة ‬للعمل ‬المناسب ‬وهل ‬سنقرأ ‬فى ‬وقت ‬ما ‬رواية ‬كاملة ‬عن ‬عالم ‬القضاء؟
الخلفية ‬القانونية ‬جاهزة ‬ومتوافرة ‬فقط ‬تنتظر ‬الإشارة ‬بالخروج ‬كلما ‬سمحت ‬أحداث ‬الرواية ‬بمساحة ‬لها، ‬وكلما ‬زادت ‬المساحة ‬صارت ‬لافتة ‬للنظر ‬لكن ‬أنا ‬استخدمت ‬معلوماتى ‬القانونية ‬فى ‬أكثر ‬من ‬رواية ‬بالطبع ‬وكلما ‬كانت ‬الجريمة ‬طاغية ‬كانت ‬المساحة ‬أكبر. ‬أما ‬كتابة ‬رواية ‬عن ‬عالم ‬القضاء ‬فلم ‬تصادفنى ‬فكرة ‬مكتملة ‬بعد ‬، ‬وربما ‬المجتمع ‬عندنا ‬ليس ‬مهيئا ‬بعد ‬لهذه ‬الجرأة ‬فى ‬الكتابة ‬الروائية، ‬لكننى ‬قدمت ‬قبسا ‬فى ‬بيت ‬القبطية، ‬كان ‬بطلى ‬الأول ‬وكيلا ‬للنيابة ‬وكتبت ‬الكثير ‬عن ‬كواليس ‬العمل ‬القضائى ‬خصوصا ‬فى ‬الريف .‬
قلت ‬أن ‬أحد ‬النقاد ‬انتقد ‬المشهدية ‬فى ‬أعمالك ‬وهى ‬مسيطرة ‬على ‬الرواية ‬الأخيرة ‬بالكامل، ‬هل ‬تكتب ‬والسينما ‬فى ‬ذهنك؟ ‬
بصراحة ‬شديدة ‬هذا ‬السؤال ‬يضايقني. ‬المشهدية ‬مدرسة ‬فى ‬الكتابة ‬الأدبية ‬الروائية ‬ولا ‬علاقة ‬لها ‬بالكتابة ‬السينمائية، ‬المشهدية ‬فن ‬أدبى ‬من ‬أبرز ‬رواده ‬الأديب ‬الفرنسى ‬بلزاك
‬وحتى ‬وقت ‬قريب ‬كانت ‬هذه ‬المدرسة ‬تلقى ‬هجوما ‬من ‬النقاد ‬ثم ‬اعترفوا ‬بها ‬بسبب ‬قدرتها ‬جعل ‬مشاهد ‬الرواية ‬أقرب ‬لشاشة ‬تتحرك ‬فيها ‬شخوص ‬العمل ‬أمام ‬عينى ‬القارئ ‬لكن ‬بلغة ‬وبناء ‬أدبى ‬لا ‬علاقة ‬له ‬بالسيناريو ‬أو ‬السينما ‬لكننا ‬نخلط ‬هذا ‬الأمر ‬مع ‬ذاك ‬فى ‬مصر ‬أحيانا ‬ولا ‬أعرف ‬سببا ‬لذلك ‬سوى ‬تأثرنا ‬بالدراما ‬أو ‬أن ‬الرواية ‬لابد ‬أن ‬تكون ‬مملة ‬وغير ‬مفهومة ‬وشخصياتها ‬غير ‬واضحة. ‬أنا ‬لا ‬أكتب ‬والسينما ‬فى ‬ذهنى ‬على ‬الإطلاق
‬ولم ‬يظهر ‬عمل ‬واحد ‬من ‬أعمالى ‬التسعة ‬فى ‬السينما ‬ولو ‬كنت ‬أريد ‬السينما ‬لكتبت ‬السيناريو ‬بدلا ‬من ‬مشقة ‬الرواية ‬ولو ‬كنت ‬أريد ‬المال ‬والشهرة ‬لكتبت ‬السيناريو، ‬لكن ‬أنا ‬أحب ‬كتابة ‬الرواية ‬وهى ‬هوايتى ‬الأثيرة ‬وأعمل ‬على ‬تطوير ‬أسلوبى ‬من ‬عمل ‬لأخر ‬وأتقبل ‬النقد ‬فى ‬المجمل ‬إلى ‬حد ‬كبير ‬لكن ‬أن ‬تفسر ‬المشهدية ‬بأنها ‬سيناريو ‬أو ‬أننى ‬أكتب ‬وعينى ‬على ‬السينما ‬فأنا ‬أشعر ‬هنا ‬أن ‬المتلقى ‬لدينا ‬بعيد ‬تماما ‬عن ‬الكتابة ‬العالمية ‬ويظلمني. ‬دعنى ‬أحكى ‬لك ‬عن ‬تجربة ‬شخصية ‬لثلاث ‬روايات ‬لى ‬ترجمت ‬إلى ‬الإنجليزية ‬والإيطالية ‬والألمانية، ‬كل ‬المترجمين ‬والنقاد ‬والصحفيين ‬فى ‬الخارج ‬يعرفون ‬أن ‬المشهدية ‬لا ‬علاقة ‬لها ‬بالكتابة ‬السينمائية ‬أو ‬بالسيناريو ‬وأنها ‬أسلوب ‬فى ‬السرد ‬الأدبى ‬لا ‬يقدر ‬عليه ‬إلا ‬الحكاءون ‬المتمكنون ‬من ‬رواياتهم ‬والحكى ‬بالمناسبة ‬أرقى ‬أنواع ‬الأدب ‬وأقدمها. ‬لذلك ‬أنا ‬أعتز ‬بكلمة ‬مشهدية ‬كما ‬أفهمهما ‬وكما ‬يقدرها ‬الناشرون ‬الأجانب ‬وكما ‬كتبت ‬عنى ‬الصحافة ‬الأجنبية ‬فى ‬العامين ‬الأخيرين ‬بمناسبة ‬ترجمات ‬لبعض ‬رواياتى ‬بعدة ‬لغات، ‬لكنها ‬للأسف ‬فى ‬بلادنا ‬صارت ‬نقدا ‬سلبيا.‬
لننتقل ‬لاشكالية ‬أخرى ‬قتل ‬كل ‬أبطال ‬العمل. ‬ألم ‬تقلقك ‬هذه ‬الفكرة؟ ‬هل ‬هى ‬ضرورة ‬فنية ‬أم ‬أخلاقية؟ ‬تبدو ‬كمحاولة ‬لإقرار ‬العدل ‬فى ‬عمل ‬فنى؟!‬
الفكرة ‬لم ‬تقلقنى ‬على ‬الإطلاق ‬وأنا ‬أكتبها، ‬رأيتها ‬مقبولة ‬وجائزة ‬فى ‬فن ‬الرواية ‬طالما ‬لها ‬ضرورة ‬فنية ‬فى ‬سرد ‬حكايتى، ‬فى ‬صالة ‬أورفانيللى ‬كان ‬الأبطال ‬الثلاثة ‬فالصو ‬مثل ‬القطع ‬المزيفة ‬التى ‬خدعوا ‬بها ‬زبائنهم ‬على ‬مر ‬السنين ‬ورأيت ‬أن ‬أحكى ‬حكايتهم ‬وهم ‬يموتون ‬على ‬أعتاب ‬الصالة ‬بطرق ‬مختلفة ‬فلا ‬يتحقق ‬حلم ‬أى ‬منهم ‬رغم ‬أنه ‬كان ‬بأيديهم، ‬لكن ‬فكرة ‬إقرار ‬العدل ‬فى ‬عمل ‬فنى ‬لا ‬تشغلنى ‬ولا ‬أميل ‬لها، ‬لا ‬يوجد ‬عدل ‬مطلق ‬فى ‬الدنيا ‬ولا ‬يوجد ‬أبيض ‬وأسود ‬كما ‬نظن ‬ولو ‬اتبعت ‬كالبعض ‬فكرة ‬إقرار ‬العدل ‬فى ‬العمل ‬الفنى ‬سيتحول ‬العمل ‬إلى ‬موعظة ‬ولو ‬قصدت ‬ذلك ‬سيكون ‬النص ‬تقريريا ‬سخيفا ‬فالقصدية ‬ضد ‬الفن .‬
تعليقات ‬القراء ‬متعددة ‬ومختلفة ‬حول ‬الرواية، ‬لكن ‬الأبرز ‬أو ‬ربما ‬الأغرب ‬هو ‬الاختلاف ‬حول ‬مسألة ‬التعامل ‬مع ‬السياسة، ‬فبينما ‬يستحسن ‬البعض ‬بعد ‬الرواية ‬عن ‬السياسة ‬يرى ‬أخرين ‬أنها ‬سياسية ‬بالكامل ‬باعتبار ‬أن ‬مصر ‬هى ‬صالة ‬المزادات ‬المتنازع ‬عليها ‬بين ‬عدة ‬أطراف.. ‬كيف ‬ترى ‬مسألة ‬التأويل ‬وأنت ‬كاتب ‬النص؟
أحيانا ‬أتعجب ‬وأتساءل ‬بدهشة ‬هل ‬أنا ‬فعلا ‬قصدت ‬ذلك ‬المعنى ‬الذى ‬يقوله ‬القراء ‬وهل ‬كان ‬النص ‬مشبعا ‬بالسياسة ‬أم ‬أن ‬الانشغال ‬بالهم ‬العام ‬عبر ‬التاريخ ‬والقراءة ‬فيه ‬جعلتنى ‬أكتب ‬واغترف ‬من ‬اللاوعى ‬ليظهر ‬بين ‬سطور ‬حكايتي؟! ‬لا ‬أعرف ‬بالتحديد ‬لكنى ‬مؤمن ‬فى ‬مسألة ‬تأويل ‬النص ‬بمقولة ‬سارتر ‬أن ‬الرواية ‬يملكها ‬ثلاثة ‬قبل ‬وبعد ‬نشرها، ‬المؤلف ‬والناقد ‬والقارئ ‬وكل ‬منهم ‬له ‬الحق ‬فى ‬ابداء ‬رأيه ‬عدا ‬المؤلف ‬الذى ‬قاله ‬بالفعل ‬عندما ‬كتب، ‬أعتقد ‬أن ‬القارئ ‬أحيانا ‬يحب ‬الحكاية ‬وينتصر ‬لها ‬ويغفل ‬أى ‬تفاصيل ‬بين ‬السطور ‬ويميل ‬للدراما ‬ويحيل ‬الرواية ‬كلها ‬إلى ‬مسلسل ‬أو ‬فيلم ‬ويتحدث ‬عنه ‬وكأنه ‬كان ‬كذلك، ‬بينما ‬البعض ‬يركز ‬على ‬البناء ‬والأسلوب ‬والفكرة ‬ورسم ‬الشخصيات ‬وطريقة ‬التناول ‬وهذا ‬ما ‬أميل ‬له ‬وأحبه ‬من ‬القارئ، ‬وهناك ‬من ‬يبحث ‬بين ‬السطور ‬عن ‬الإسقاط ‬السياسى ‬ويضخمه ‬لأنه ‬محور ‬اهتمامه
‬وقراءاته ‬الأساسية، ‬وربما ‬لا ‬يرى ‬غيره ‬من ‬العمل. ‬أنا ‬ككاتب ‬للنص ‬لا ‬يمكننى ‬التأويل ‬لكنى ‬أراه ‬فى ‬مصلحة ‬الكاتب، ‬هذا ‬يعنى ‬أن ‬القارئ ‬اهتم ‬وانشغل ‬بأمر ‬ما. ‬أستاذنا ‬يحيى ‬حقى ‬له ‬مقولة ‬شهيرة ‬أن ‬اللاوعى ‬يبتلع ‬وعى ‬الكاتب ‬ويسيطر ‬عليه ‬عند ‬كتابة ‬الروايات ‬الطويلة ‬ذات ‬المراحل ‬الزمنية ‬وربما ‬هذا ‬حدث ‬لى ‬بصورة ‬أو ‬بأخرى . ‬
على ‬ذكر ‬القارئ، ‬كتبت ‬منذ ‬فترة ‬عن ‬خوفك ‬من ‬مواجهة ‬القارئ ‬فى ‬بداية ‬دخولك ‬عالم ‬النشر. ‬ما ‬الذى ‬تتذكره ‬من ‬تلك ‬الفترة ‬وكيف ‬طورت ‬علاقتك ‬مع ‬القارئ ‬وصولا ‬إلى ‬المرحلة ‬الحالية؟
هذه ‬الفترة ‬تتكرر ‬فى ‬كل ‬رواية ‬حتى ‬اليوم ‬بل ‬وتزيد ‬جدا ‬لدرجة ‬أننى ‬أشعر ‬بقلق ‬غير ‬عادى ‬فى ‬أيام ‬النشر ‬الأولى ‬لمعرفة ‬كيفية ‬استقبال ‬القراء ‬لعملى ‬الجديد، ‬عندما ‬أخبرنى ‬ناشرى ‬منذ ‬بضع ‬سنوات ‬أن ‬الطبعة ‬الأولى ‬لرواية ‬نفدت ‬فى ‬يوم ‬صدورها ‬وكنا ‬وقتها ‬نطبع ‬ثلاثة ‬آلاف ‬نسخة ‬فى ‬الطبعة ‬الواحدة ‬تصور ‬أننى ‬سأفرح ‬لكنى ‬للأسف ‬شعرت ‬بقلق ‬مرعب
‬وراح ‬سؤال ‬وماذا ‬بعد ‬ذلك ‬ينقر ‬رأسى ‬وهل ‬سأستطيع ‬المحافظة ‬على ‬هذه ‬المكانة ‬أم ‬مرة ‬وتزول؟، ‬أنا ‬أخاف ‬جدا ‬إلى ‬الآن ‬من ‬مواجهة ‬القارئ ‬فى ‬كل ‬عمل ‬جديد ‬وأخاف ‬الفشل ‬وأخاف ‬التجاهل ‬وأخاف ‬من ‬ملل ‬القراء ‬مما ‬أكتب ‬أو ‬أن ‬تكون ‬كتابتى ‬رديئة ‬أو ‬عادية ‬أو ‬أسلوبى ‬سيئا ‬أنا ‬متشكك ‬جدا ‬بطبعى ‬وأفتقد ‬أحيانا ‬الثقة ‬فى ‬مسوداتى ‬الأولى. ‬أنا ‬كما ‬يقول ‬عنى ‬النقاد ‬كاتب ‬جماهيرى ‬ورغم ‬أننى ‬أدرك ‬أنهم ‬يقصدون ‬معنى ‬سلبيا ‬بهذه ‬العبارة ‬إلا ‬أننى ‬أتعامل ‬معها ‬بإيجابية ‬حرصا ‬على ‬قاعدة ‬القراء ‬العريضة ‬التى ‬تقرأ ‬أعمالى، ‬أنا ‬أحافظ ‬على ‬علاقتى ‬بالقراء ‬وأتواصل ‬معهم، ‬علاقتى ‬بالقارئ ‬لا ‬تنقطع، ‬أرد ‬على ‬الرسائل ‬التى ‬تصل ‬لى ‬قدر ‬الممكن ‬وأتواجد ‬فى ‬الندوات ‬وأجيب ‬على ‬كل ‬تساؤلاتهم ‬وأحاول ‬فى ‬كل ‬رواية ‬أن ‬أطور ‬من ‬أسلوبى ‬وأن ‬أقدم ‬عملا ‬جديدا ‬متنوعا ‬فالأرفف ‬عامرة ‬بالروايات ‬والقراء ‬صاروا ‬كتابا. ‬المنافسة ‬كبيرة ‬ولابد ‬أن ‬تقدم ‬شيئا ‬يحترم ‬عقل ‬القارئ ‬ويمتعه ‬ويحفزه ‬على ‬التفكير ‬ويجذبه ‬لأقصى ‬درجة ‬وإلا ‬لا ‬داعى ‬لنشر ‬رواية ‬جديدة. ‬أنا ‬منذ ‬أربعة ‬أعوام ‬فى ‬مرحلة ‬لا ‬تحتمل ‬الخطأ ‬ولابد ‬أن ‬أقدم ‬عملا ‬جيدا ‬كل ‬مرة ‬لأحافظ ‬على ‬قارئى، ‬وإذا ‬ما ‬وجدت ‬أننى ‬غير ‬قادر ‬على ‬كتابة ‬هذا ‬العمل ‬المختلف ‬كل ‬مرة ‬لن ‬أنشر.‬
تصدر ‬عمل ‬كل ‬عام ‬تقريبا.. ‬كيف ‬تفعل ‬ذلك؟
الحقيقة ‬هذه ‬مقولة ‬غير ‬حقيقية ‬سببها ‬أن ‬النشر ‬تزامن ‬كل ‬عام ‬منذ ‬2010 ‬حتى ‬الآن ‬لكن ‬الواقع ‬غير ‬ذلك ‬تماما، ‬ربما ‬النشر ‬كل ‬عام ‬لكن ‬الكتابة ‬لم ‬تكن ‬كذلك ‬أبدا، ‬أنا ‬بدأت ‬الكتابة ‬الروائية ‬عام ‬1999 ‬برواية ‬تويا ‬ثم ‬زمن ‬الضباع ‬وفى ‬عام ‬2004 ‬كتبت ‬رواية ‬المرشد ‬وفى ‬عام ‬2008 ‬كتبت ‬البارمان ‬وفى ‬عام ‬2010 ‬اتفقت ‬مع ‬ناشرى ‬ ‬المصرية ‬اللبنانية. ‬على ‬نشر ‬أعمالى ‬الأربعة ‬فصدرت ‬بالتوالى ‬لكن ‬أصدرنا ‬زمن ‬الضباع ‬أولا ‬قبل ‬تويا،
‬وفى ‬عام ‬ثورة ‬يناير ‬لم ‬أكتب ‬حرفا ‬وفى ‬منتصف ‬2012 ‬نُشرت ‬روايتى ‬الثانية ‬تويا ‬بينما ‬كنت ‬أتأهب ‬لكتابة ‬روايتى ‬الخامسة ‬كلاب ‬الراعى ‬التى ‬نشرت ‬عام ‬2015 ‬مع ‬أنى ‬أنهيتها ‬عام ‬2014 ‬
وبدأت ‬لمدة ‬عامين ‬فى ‬كتابة ‬الرواية ‬السادسة ‬تذكرة ‬وحيدة ‬للقاهرة ‬لتصدر ‬فى ‬عام ‬2016 ‬وبعدها ‬لمدة ‬عامين ‬كتبت ‬سيدة ‬الزمالك ‬لتصدر ‬عام ‬2018 ‬وفى ‬عام ‬2019 ‬نشرت ‬رواية ‬بيت ‬القبطية ‬
وهى ‬رواية ‬قديمة ‬كتبتها ‬عام ‬2002 ‬وخفت ‬أنشرها ‬وقتها ‬وظل ‬الخوف ‬قائما ‬حتى ‬شجعنى ‬ناشرى ‬وبعض ‬الأصدقاء ‬من ‬الروائيين ‬والمخرجين ‬الذين ‬قرأوا ‬مسودتها ‬ومنذ ‬بداية ‬عام ‬2018 ‬حتى ‬نهاية ‬2020 ‬كنت ‬أكتب ‬رواية ‬صالة ‬أورفانيللى ‬لتصدر ‬فى ‬يناير ‬2021 ‬وأنا ‬منذ ‬مارس ‬الماضى ‬أكتب ‬فى ‬رواية ‬جديدة ‬ولا ‬أعرف ‬متى ‬انتهى ‬منها .‬
ما ‬ملامح ‬هذا ‬العمل؟ ‬وما ‬المشروع ‬الذى ‬تحلم ‬به ‬وتؤجله؟ ‬
أحلم ‬بكتابة ‬عمل ‬تاريخى ‬عن ‬الخديو ‬إسماعيل ‬ولدى ‬فكرة ‬مختلفة ‬لا ‬تقوم ‬على ‬سرد ‬مستقيم ‬للأحداث ‬لكنها ‬تحتاج ‬لمجهود ‬مضن ‬من ‬البحث ‬وسنوات ‬للكتابة ‬وبما ‬أننى ‬كسول ‬نوعا ‬ما ‬فأقوم ‬بتأجيل ‬العمل ‬عام ‬بعد ‬آخر. ‬حاليا ‬بدأت ‬فى ‬رواية ‬جديدة ‬بفكرة ‬مختلفة ‬بعيدا ‬عن ‬الخديوى
‬وعصره
‬ومنذ ‬مارس ‬الماضى ‬وأنا ‬أكتب ‬فيها ‬بانتظام ‬واستمتاع، ‬لكن ‬بعد ‬شهرين ‬من ‬الكتابة ‬توقفت ‬فجأة ‬لأراجع ‬ما ‬دونته ‬ووجدت ‬أننى ‬لا ‬أشعر ‬بارتياح ‬للفصول ‬الأولى ‬التى ‬كتبتها ‬فقمت ‬بتمزيق ‬كل ‬أوراقى ‬ومسحت ‬ما ‬كتبته ‬أيضا ‬من ‬جهاز ‬الكومبيوتر ‬الذى ‬أعيد ‬الكتابة ‬عليه ‬بعد ‬ما ‬أفرغ ‬من ‬الكتابة ‬على ‬الورق.
‬ومنذ ‬أسابيع ‬عدت ‬للكتابة ‬فى ‬ذات ‬الفكرة ‬لكن ‬ببناء ‬مختلف
‬وأسلوب ‬سرد ‬مختلف ‬أعتقد ‬أننى ‬من ‬البداية ‬أخطأت ‬فى ‬بناء ‬روايتى ‬وهو ‬ما ‬تسبب ‬فى ‬تعطيلى ‬لفترة. ‬
كيف ‬تتعامل ‬مع ‬أزمة ‬كورونا ‬الحالية.. ‬هل ‬عطلت ‬مشاريعك ‬أم ‬حفزتها؟
أزمة ‬كورونا ‬أصابتنى ‬باكتئاب ‬شعرت ‬أننى ‬حرمت ‬من ‬رفاهية ‬الحياة ‬اليومية ‬البسيطة ‬لكنها ‬لم ‬تعطل ‬مشاريعى ‬بل ‬أعطتنى ‬وقتا ‬أطول ‬للكتابة ‬وكأن ‬اليوم ‬صار ‬أطول. ‬لكنى ‬لن ‬أكتب ‬عنها ‬بالطبع ‬ولا ‬حولها. ‬لا ‬أحب ‬استغلال ‬حدث ‬جلل ‬للكتابة ‬عنه ‬فى ‬حينه، ‬لا ‬أظن ‬أن ‬الرواية ‬مؤهلة ‬لذلك. ‬الرواية ‬تعنى ‬تأمل ‬حدث ‬ما ‬لفترة ‬طويلة ‬واستيعابه ‬ثم ‬تقديمه ‬بصورة ‬مناسبة ‬لفكرته.‬
المصدر : جريدة اخبار الادب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.