فى عالم ملىء بالتقلبات الاقتصادية والأزمات البيئية، تعتبر الاحتياطات الذكية للغذاء والمياة بمثابة «حصن الأمان للبلاد». تماماً كما يوفر الصندوق السيادى للدولة حماية ضد المخاطر الاقتصادية، فإن إنشاء احتياطات وطنية استراتيجية من الغذاء والمياة يوفر حماية ضد الأزمات البيئية والأزمات الجيوسياسية والاقتصادية. هذا الحصن يعزز من قدرة البلاد على الاستجابة السريعة للأزمات ويضمن استدامة الموارد الأساسية، مما يعزز استقرار البلاد ورفاهيتها على المدى الطويل. ومع تفاقم أزمة ندرة المياه، يصبح من الضرورى التفكير فى استراتيجيات جديدة تتجاوز الطرق التقليدية، فلا يخفى على أحد أننا نعانى من ندرة فى المياه، حيث يعد نصيب الفرد فى العديد من دول المنطقة العربية من المياه أقل من 500 متر مكعب سنويًا، وهى عتبة الفقر المائى المطلق. هذا النقص الكبير يؤثر بشكل مباشر على الأنشطة الزراعية، ولا تزال مع ذلك، طرق الرى التقليدية مثل الرى بالغمر مستخدمة على نطاق واسع، مما يؤدى إلى هدر كبير فى المياه، ويزيد من المشكلة التغيرات المناخية. فى هذا السياق، يصبح من الصعب تحقيق الاكتفاء الذاتى الغذائى محلياً، لذلك، يظهر مفهوم «الاحتياطات الذكية» كحل مبتكر وضرورى لضمان استدامة الموارد المائية وتحقيق الأمن الغذائى. وتستند الاحتياطات الذكية إلى مجموعة من الأسس المتكاملة التى تعزز من فعالية إدارة الموارد الغذائية والمائية. أولاً، يتم إنشاء احتياطات وطنية من الغذاء والماء تُدار باستخدام تقنيات متقدمة مثل الاستشعار عن بُعد وتحليل البيانات، مما يتيح مراقبة وإدارة الموارد بكفاءة عالية. ثانيًا، يُعتمد على تطوير نظم تحليلية متطورة للتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية والتكيف مع الأزمات بشكل استباقى، مما يساهم فى اتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة وفى الوقت المناسب. وأخيرًا، يتم تحسين استخدام الموارد من خلال تعزيز كفاءة استخدام المياه، اعتماد تقنيات رى مبتكرة، مما يقلل من الهدر ويزيد من الاستدامة. ومن خلال اعتماد هذه الاستراتيجية، يمكن تحقيق استقرار ومرونة أكبر فى مواجهة الأزمات، وتقليل الاعتماد على الموارد الخارجية، وضمان إنتاج غذائى مستدام.