قال لى الدكتور الدسوقى أيضاً، بفخر، إنه هو صاحب العبارة الشهيرة التى قالها عبد الناصر «إن لدينا أكبر قوة ضاربة فى الشرق الأوسط». «الكاتب الشبح» مصطلح يطلق على الكُتاب الذين يكتبون للزعماء والرؤساء والمسئولين والمشاهير دون أن تذكر أسماؤهم. وهؤلاء الكتاب موجودون فى كل عصر وكل مكان، ويلعبون دوراً مهماً، لكنه فى الظل. وأشهر الكتاب الشبحيين فى عصرنا هو: الأستاذ محمد حسنين هيكل، الذى كان يكتب لجمال عبد الناصر. أما السادات فكان له أكثر من كاتب، منذ أن كان يرأس تحرير الجمهورية إلى أن صار رئيساً للجمهورية، لكن أشهرهم كان أنيس منصور. حكى أنيس منصور أن الرئيس السادات كان يحضر شرائط الكاسيت ويسترسل فى الكلام، ثم يأخذ أنيس منصور هذه الأشرطة ويصوغ منها المقالات والكتب. ويقال إنه كان هناك كتاب آخرون يكتبون للسادات مثل موسى صبرى وغيره، لكن أنيس منصور كان أشهرهم. أما الرئيس مبارك فكان له أكثر من كاتب. وأول مرة أقابل كاتباً من هؤلاء كانت حين عملت مع الكاتب الكبير الدكتور عبد العزيز الدسوقى، رئيس المركز القومى للأدب 1987، إذ قال لى إنه كان يعمل قبل انتقاله لوزارة الثقافة كاتباً لخطابات عبد الحكيم عامر، ولم يكن وحده الذى يقوم بهذا الدور، بل كان يزامله كل من الشاعر الكبير والإذاعى الشهير طاهر أبو فاشا، وكاتب الأغانى إمام الصفطاوى. قال لى الدكتور الدسوقى أيضاً، بفخر، إنه هو صاحب العبارة الشهيرة التى قالها عبد الناصر «إن لدينا أكبر قوة ضاربة فى الشرق الأوسط»، فقد كتبها لعبد الحكيم عامر فى إحدى خطبه، ثم حدث أن أطلع عبد الحكيم الرئيس عبد الناصر على الخطبة قبل أن يلقيها، فقال له عبد الناصر: اترك لى هذه الجملة يا عبد الحكيم، فتركها له، وملأت الدنيا وقتئذ بعد أن قالها عبد الناصر. ومن الكتاب الشبحيين الذين قابلتهم الأستاذ محمد الشناوى، وكيل وزارة الإعلام، ورئيس شبكة القرآن الكريم الأسبق. دعانى مرة إلى مكتبه لتناول القهوة، بعد صعود حسنى مبارك لرئاسة مصر، وكان على مكتبه مجلد كبير، فأشار إليه وقال لى: هل تعرف ما هذا؟ قلت: لا. قال: هذه مذكرات الرئيس حسنى مبارك. بدت على وجهى علامات الدهشة. قلت له: لم أسمع أبداً عن مذكرات لحسنى مبارك. فحكى لى القصة. قال إن السادات أمر قادة حرب أكتوبر أن يكتبوا مذكراتهم، وعينت الأجهزة لهم كتاباً يكتبون لهم. وكان محمد الشناوى هو الكاتب المخصص لحسنى مبارك، نائب رئيس الجمهورية آنذاك، فخصص له مبارك وقتاً محدداً أسبوعياً، يجلس معه عدة ساعات، يروى له ذكرياته وأفكاره، فيسجلها الأستاذ الشناوى على جهاز تسجيل من الإذاعة، ويوجه هو الأسئلة التى يريدها لمبارك، وبعد أن أفرغ مبارك جعبته، واكتملت المادة لدى الأستاذ الشناوى، قام بكتابة المذكرات، لكن قبل النشر أغتيل الرئيس السادات، وصعد مبارك لحكم مصر، فأوقف النشر، وقال لى الأستاذ الشناوى إنه التقى بمبارك فى عيد الإعلاميين ذات مرة فهمس له: ما ينفعش أنشرها وأجوع الشعب المصرى. وقد أثار الدكتور جمال شقرة قضية الكتاب الشبحيين فى الفترة الأخيرة حين كتب «بوست» على صفحته يتساءل فيه «عارفين مين كتب مذكرات نجيب ومين كتب مذكرات زينب الغزالى ومين كتب مذكرات اعتماد خورشيد ومين صاغ مذكرات خالد محيى الدين؟» ولم يختلف المعلقون إلا حول كاتب مذكرات زينب الغزالى، بعضهم قال إنه يوسف ندا، وبعضهم قال إنه عمر التلمسانى، وبعضهم ذكر أنه عبد العزيز الفضالى. المهم أن المعلقين على البوست اتفقوا تقريباً على أسماء الكتاب الذين كتبوا هذه المذكرات، وهم جميعا كتاب كبار. وفى «بوست آخر» كتب الدكتور شقرة «أنا أعتبره خاين اللى يعتمد على مذكرات زينب الغزالى واعتماد خورشيد فى كتابة تاريخ مصر» أى أن الكاتب الشبح ليس دائما صادقاً، بل ربما حاول تصفية حسابه مع هذا أو ذاك من خلال كتابته لمذكرات أحد المشاهير. وأرى أنها قضية تستحق المزيد من المناقشات لمعرفة تاريخنا الحقيقى دون تزييف.