إصرار مصر على انسحاب إسرائيل من معبر رفح من الجانب الفلسطيني، كشرط لفتح المعبر، مدعوم بالأسانيد الواقعية والقانونية، والموقف المصرى الثابت والقوى منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي. أولاً: لأن تعامل مصر مع الجانب الإسرائيلى يضفى شرعية منعدمة وباطلة على الاحتلال، وهو ما تعارضه مصر تماماً منذ اليوم الأول للأحداث. ثانياً: لأن إدخال المساعدات فى ظل التواجد العسكرى الإسرائيلى على الجانب الفلسطينى من المعبر أمر شديد الصعوبة، فى ظل العمليات العسكرية المستمرة، واستحالة الدخول الآمن للشاحنات وتعرضها لمخاطر جسيمة. ثالثاً: لأن الموقف المصرى الواضح هو التهدئة وتبادل الرهائن والأسرى ووقف إطلاق النار، ثم الدخول فى مفاوضات الحل النهائي، وليس البحث عن مسكنات أو حلول مرحلية تستفيد منها إسرائيل. رابعاً: لأن مصر ترفض تماماً أى تواجد عسكرى لإسرائيل فى غزة بعد وقف إطلاق النار، ومن الطبيعى أن ترفض التعامل مع إسرائيل فى ظل إصرارها على استمرار المجازر الوحشية للفلسطينيين. خامساً: لأن القوانين الدولية تلزم سلطات الاحتلال بالمسئولية الكاملة عن حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية، فإسرائيل هى التى تحتل غزة وتتحمل المسئولية أمام المجتمع الدولي. سادساً: لأن إسرائيل لا تحترم تعهداتها المدرجة فى معاهدة السلام، ومن حق مصر أن تراجع الاختراقات التى تحدث، وتلجأ إلى كافة الوسائل التى تحفظ حقوقها. سابعاً: لأن مصر ترفض سياسة التضليل والخداع التى تتبعها إسرائيل، بمحاولة صرف الأنظار عن جوهر الصراع وتشتيت الأنظار بإثارة القضايا الفرعية. ولم تنقطع الجهود المصرية لحظة واحدة بعد الجولة السابقة من محادثات التهدئة، والالتزام الكامل بمساندة القضية الفلسطينية، اتساقاً مع دورها التاريخى الممتد منذ قرابة 75 عاماً حتى الآن، ويحتل هذا الملف صدارة الأمن القومى المصري. المسألة ليست إصدار البيانات، لأن مثل هذه القضايا لا يتم علاجها على الهواء مباشرة أو فى برامج التوك شو، وإنما من خلال الحكمة والهدوء والصبر والصمت الذى يتحلى به المفاوض المصري، الذى لا يستهدف إلا شيئا واحدا هو تحقيق الأمن والسلام للفلسطينيين، ولسائر دول وشعوب المنطقة، ونزع أسباب التوتر والاشتعال. نقطة البدء هى التهدئة، ولا تهدئة فى ظل العمليات العسكرية الهمجية لجيش الاحتلال، وإدخال المساعدات بالقدر المناسب الذى يحفظ حياة أهالى غزة، بعد أن ثبت فشل الرصيف البحرى وعدم قدرته على القيام بهذه المهمة. كان الله فى عون المفاوض المصرى الذى يواجه حيلاً وألاعيب متعددة الأشكال والألوان، ولكنه يستمد الصبر والمهارة من مخزون الخبرات.