السفير اليمني يبحث مع رئيس جامعة الأزهر تعزيز التعاون    مدبولي: نؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف الحرب في غزة    توريد 202 ألف و129 طنا من القمح إلى صوامع كفر الشيخ    انطلاق الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني    السيسي ونظيره الصيني يشهدان توقيع اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات    أردوغان: روح الأمم المتحدة ماتت في غزة    جوتيريش يدين بشدة محاولة كوريا الشمالية إطلاق قمر صناعي عسكري    نهائي ساخن لدوري المؤتمر الأوروبي بين فيورنتينا وأولمبياكوس    ليكيب: مبابي لم يحصل على راتبه من باريس منذ شهر إبريل    بغداد بونجاح ينضم لصفوف الأهلي.. شوبير يكشف الحقيقة    ضبط عنصر إجرامي يدير وكراً لتصنيع المخدرات    "تعليم الجيزة" يكرم أعضاء المتابعة الفنية والتوجيهات وأعضاء القوافل المركزية    حريق يتسبب في تفحم محتويات شقة سكنية في منطقة الحوامدية    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخطف شاب في التجمع    ضبط 10 آلاف عبوة سجائر مستوردة داخل مخزن غير مرخص بطنطا    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    حلم «عبدالناصر» الذى حققه «السيسى»    تقرير فلسطيني: عشرات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحانات الدبلومات الفنية 2024    جيش مصر قادر    3 فنانات يعلن خبر ارتباطهن في شهر مايو.. مي سليم آخرهن    تعرف على جدول قوافل «حياة كريمة» الطبية في البحر الأحمر خلال يونيو    أسعار العملات العربية مقابل الجنيه بالبنك الأهلي اليوم الأربعاء    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    صادرات الملابس الجاهزة ترتفع 23% أول 4 شهر من 2024    الخارجية: مصر تلعب دورًا فاعلًا في عمليات حفظ السلام    رئيس جهاز 6 أكتوبر يتابع سير العمل بمحطة مياه الشرب وتوسعاتها    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم    مصر للطيران تسير اليوم أولى رحلات الجسر الجوى لنقل حجاج بيت الله الحرام    إدعى إصدار شهادات مُعتمدة.. «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا في الإسكندرية    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    60% للشركة و25% للصيدلية، شعبة الأدوية تكشف حجم الاستفادة من زيادة أسعار الدواء    توضيح حكومي بشأن تحويل الدعم السلعي إلى نقدي    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    وزير الإسكان: نستهدف تحقيق أعلى معدلات الاستثمار السياحى    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    بلاتر: كل دول العالم كانت سعيدة بتواجدي في رئاسة فيفا    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد محمود يكتب ..«مليحة» أنشودة أرض ووطن وبشر
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 06 - 04 - 2024

يعزف ‬مسلسل ‬"مليحة" ‬على ‬وتر ‬يهمس ‬بذاكرتنا ‬أنشودة ‬أرض ‬ووطن ‬وبشر، ‬نعم، ‬تلك ‬الذاكرة ‬لم ‬تنس ‬لحظة ‬القضية ‬الفلسطينية ‬وحق ‬شعبها ‬في ‬حياة ‬تم ‬إغتصابها ‬عنوة، ‬لكن ‬مشاهده ‬وأحداثه ‬التي ‬تروى ‬أمامنا، ‬تستدعي ‬التاريخ ‬مرة ‬أخرى، ‬لتؤكد ‬أن ‬المشهد ‬الراهن ‬له ‬جذور ‬علينا ‬أن ‬نتفهمها ‬ونستوعبها ‬ونعي ‬دروسها، ‬وأن ‬هناك ‬حقائق ‬راسخة ‬لا ‬يمكن ‬طمسها .‬
الرؤية ‬الفنية ‬الجيدة ‬أصابت ‬الهدف ‬من ‬اللحظة ‬الأولى ‬بإيقاعها ‬المناسب، ‬ولجأ ‬المخرج ‬عمرو ‬عرفة ‬والمؤلفة ‬رشا ‬الجزار ‬إلى ‬حالة ‬خاصة ‬في ‬السرد ‬تمزج ‬التوثيق ‬والدراما، ‬لتصل ‬صورة ‬قصتهما ‬بشفافية ‬وصدق ‬إلى ‬المشاهد ‬الذي ‬توحد ‬مع ‬العمل ‬وأبطاله .‬
فحالات ‬الإستهلال ‬المميزة ‬في ‬كل ‬حلقة ‬كانت ‬حوار ‬بسيط ‬بين ‬الحفيد ‬والجد (‬صوت ‬سامي ‬مغاوري)‬، ‬الأول ‬يسأل ‬والثاني ‬يجيب، ‬والصورة ‬في ‬الخلفية ‬تنطق ‬وتوثق ‬أصل ‬الحكاية ‬بالأبيض ‬والأسود، ‬في ‬ربط ‬بين ‬ماض ‬وحاضر، ‬وهو ‬شيء ‬مهم، ‬حتى ‬لا ‬يطغى ‬الخيال ‬على ‬الواقع، ‬ولا ‬الزيف ‬على ‬الحقائق .‬
تلك ‬اللحظات ‬التمهيدية ‬هي ‬الخيط ‬الحقيقي ‬التي ‬يحرك ‬مجريات ‬ومصير ‬شخصيات ‬العمل ‬دراميا، ‬و"الحدوتة" ‬الاجتماعية ‬التي ‬نتابع ‬أحداثها، ‬وتؤكد ‬قيمة ‬ونهج ‬وموقف ‬مصر ‬وجنودها ‬البواسل ‬وشعبها ‬تجاه ‬الوقوف ‬في ‬وجه ‬إرهاب ‬المغتصب، ‬ورفض ‬فكرة ‬تهجير ‬الشعب ‬الفلسطيني ‬الذي ‬تم ‬فضحها ‬وكشفها ‬في ‬صلب ‬الأحداث .‬
في ‬بداية ‬الحكاية ‬سأل ‬الطفل ‬جده ‬السؤال ‬الشائك الدائم ‬"ليش ‬إسرائيل ‬تقتل ‬الفلسطينيين.. ‬ليش ‬الأطفال ‬تموت.. ‬ليش ‬الناس ‬ما ‬تعيش ‬في ‬سلام؟"، ‬وأجاب ‬الجد: ‬"كانوا ‬عايشين ‬في ‬سلام ‬إلى ‬إن ‬صار ‬اللي ‬صار، ‬قبل ‬100 ‬سنة، ‬كانت ‬فلسطين ‬أرض ‬سلام، ‬العربي ‬المسلم ‬جنب ‬أخوه ‬المسيحي ‬جار ‬اليهودي، ‬يزرعوا ‬ويصنعون ‬ويتاجرون ‬مع ‬بعض، ‬لم ‬يكن ‬هناك ‬كره، ‬الكره ‬كان ‬في ‬البر ‬التاني ‬عند ‬الغرب، ‬معظم ‬الأوروبيين ‬كرهوا ‬اليهود، ‬واضطادوهم، ‬وصعد ‬الصحفي ‬هرتزل ‬ليفكر ‬كيف ‬تحب ‬أوروبا ‬اليهود، ‬ورأى ‬أن ‬الحل ‬الوحيد ‬أن ‬تكون ‬هناك ‬دولة ‬لهم، ‬وفي ‬عام ‬1897 ‬عملوا ‬أول ‬مؤتمر ‬لتحويل ‬دولة ‬اليهود ‬من ‬فكرة ‬إلى ‬واقع ‬في ‬فلسطين، ‬وأعينهم ‬على ‬القدس ‬عاصمة ‬لدولتهم، ‬وساعدهم ‬الغرب ‬بعد ‬أن ‬وجدها ‬فرصة ‬للتخلص ‬من ‬مؤامراتهم، ‬وأقنعهم ‬هرتزل ‬أن ‬الدولة ‬اليهودية ‬ستكون ‬جدار ‬دفاع ‬عن ‬أوروبا، ‬وبدأوا ‬في ‬تنفيذ ‬مخططهم، ‬حاولو ‬شراء ‬الأرض ‬بالنفوذ ‬والمال ‬وبالمؤامرة، ‬ولم ‬ينجحوا، ‬وعندما ‬قامت ‬الحرب ‬العالمية ‬الأولى ‬أخذوا ‬الأراضي ‬بالدم، ‬حيث ‬وجد ‬الفلسطينيين ‬أنفسهم ‬تحت ‬الاحتلال ‬البريطاني.. ‬وعام ‬1917، ‬وعد ‬رئيس ‬وزراء ‬بريطانيا ‬العظمى، ‬بلفور، ‬بإقامة ‬وطن ‬لليهود، ‬وعام ‬1921 ‬نهبوا ‬الأراضي ‬بالفعل، ‬وبدأت ‬هجرة ‬اليهود ‬إلى ‬فلسطين ‬لتنفيذ ‬وعد ‬بلفور، ‬وبدأت ‬المقاومة ‬الفلسطينية ‬فيما ‬يشبه ‬الثورة ‬من ‬1936 ‬إلى ‬1939، ‬وواجهتها ‬بريطانيا ‬بالقوة ‬وقتلوا ‬5 ‬آلاف ‬فلسطيني".‬
وسأل ‬الطفل ‬مجددا: ‬"وأين ‬كان ‬العرب ‬يا ‬جدي؟"، ‬وجاء ‬الرد: ‬"العرب ‬كانوا ‬في ‬رحلة ‬نضال، ‬كل ‬واحد ‬في ‬حكايته، ‬مصر ‬مثلا ‬كانت ‬مهمومة بالاستقلال ‬من ‬الاستعمار".‬
ذلك ‬المشهد ‬الإستهلالي ‬كان ‬مهم، ‬قبل ‬أن ‬ندخل ‬في ‬قلب ‬الدراما، ‬وسياق ‬المسلسل ‬الذي ‬جاء ‬في ‬وقته، ‬لنرى ‬كيف ‬كانت ‬مصر ‬خلال ‬عام ‬2012، ‬وبالتحديد ‬على ‬الحدود ‬الغربية، ‬لتبدأ ‬الأحداث ‬من ‬السلوم ‬على ‬الحدود ‬بين ‬مصر ‬وليبيا، ‬حيث ‬تسكن الفتاة ‬الفلسطينية ‬مليحة (‬سيرين ‬خاس)‬، ‬وأسرتها، ‬بعد ‬النزوح ‬من ‬أراضيها ‬عقب ‬الانتفاضة الثانية ‬عام ‬2000، ‬لكن ‬بعد ‬أحداث ‬ليبيا ‬المدمرة، ‬تضطر ‬للعودة ‬مرة ‬أخرى ‬إلى ‬غزة ‬عن ‬طريق ‬مصر، ‬وخلال ‬الرحلة ‬تواجه ‬العديد ‬من ‬الصعوبات.‬
على ‬الطرف ‬الآخر ‬من ‬الدراما، ‬وفي ‬قلب ‬القاهرة، ‬حيث ‬أسرة ‬المقدم أدهم (‬محمد ‬دياب)‬، ‬التي ‬تضم ‬ميرفت ‬أمين، ‬أمير ‬المصري، ‬حنان ‬سليمان ‬وأشرف ‬زكي، ‬حيث ‬تعيش ‬الأسرة ‬حياة ‬بسيطة،‮ ‬
وعندما ‬ينقل ‬الضابط ‬أدهم ‬إلى ‬العريش، ‬يواجه ‬على ‬الفور ‬محاولة ‬تفجير ‬الأتوبيس ‬الذي ‬كان ‬يقل ‬أسرة ‬"مليحة" ‬وآخرين ‬من ‬الفلسطينيين ‬والمصريين، ‬وينقذهم، ‬ليتشابك ‬الطرفين ‬في ‬قضية ‬واحدة .‬
تتذكر ‬مليحة ‬الانتفاضة ‬الثانية ‬عام ‬2000،‮ ‬وهي ‬صغيرة، ‬وكيف ‬تمسكت ‬الطفلة ‬بعروستها ‬وهي ‬تهرب ‬مع ‬الأسرة ‬من ‬الهجمات ‬الوحشية ‬إلى ‬ليبيا، ‬وفي ‬أحد ‬أجمل ‬المشاهد ‬تقول ‬لجدتها ‬"لازم ‬نرجع ‬فلسطين.. ‬إحنا ‬فلسطينيين"، ‬وتبكي ‬الجدة ‬وسط ‬"أهة" ‬كبيرة .‬
ظهرت ‬الشخصيات ‬على ‬الشاشة ‬طبيعية ‬وحقيقية، ‬جسد ‬دياب ‬دور ‬الضابط ‬المصري ‬المتفاعل ‬مع ‬واجباته ‬دون ‬مبالغة، ‬وكان ‬أقرب ‬لشخصية ‬البطل ‬الشعبي، ‬كذلك ‬سيرين ‬خاس ‬التي ‬جسدت ‬شخصية ‬"مليحة"، ‬وهنا ‬أشير ‬إلى ‬ذكاء ‬المخرج ‬في ‬الإستعانة ‬بوجوه ‬أخرى ‬غير ‬مصرية ‬لإضفاء ‬نوع ‬من ‬الواقعية ‬على ‬الأحداث، ‬فبالإضافة ‬إلى ‬سيرين ‬هناك ‬الممثل ‬الأردني ‬مروان ‬عايش، ‬الذي ‬يلعب ‬شخصية ‬"عمار" ‬والممثلة ‬اللبنانية ‬الأردنية ‬ديانا ‬رحمة ‬التي ‬تلعب ‬شخصية ‬"ألطاف".‬
كجمهور ‬سعداء ‬بأن ‬نرى ‬الحالة ‬الفلسطينية ‬على ‬الشاشة، ‬وهو ‬دور ‬كبير ‬تلعبه ‬القوى ‬الناعمة ‬المصرية ‬ممثلة ‬في ‬الدراما، ‬تلك ‬الحالة ‬التي ‬أضافت ‬لها الموسيقى ‬التصويرية ‬لخالد ‬حماد ‬بعداً ‬من ‬الشجن، ‬وكذلك ‬ملامح ‬الواقعية ‬في ‬الديكور ‬الموفق ‬لفوزي ‬العوامري، ‬وكاميرا ‬مدير ‬التصوير ‬شريف ‬النمر ‬الذي ‬جعلنا ‬نعيش ‬بكامل ‬هواجسنا ‬في ‬قلب ‬الحدث،‮ ‬ونكون ‬جزء ‬من ‬القضية، ‬خاصة ‬في ‬مشهد ‬التفجير، ‬ومشهد ‬التهجير، ‬مع ‬أغنية ‬"راجعين ‬يا ‬فلسطين" .‬
الشيء ‬المهم، ‬هو ‬تفاعل ‬الجيل ‬الجديد ‬مع ‬القضية ‬عبر ‬المسلسل، ‬وأعتقد ‬أن ‬الفكرة ‬ستكون ‬على ‬تماس ‬حقيقي ‬مع ‬سير ‬الأحداث، ‬التي ‬تمتد ‬صداها ‬وتوابعها ‬إلى ‬الآن.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.