عندما حطم العقل المصرى موانع المستحيل    أمين "التثقيف" بحماة الوطن: انتصارات أكتوبر نموذج للإرادة الوطنية والتضحيات العظيمة    الرئيس السيسي: القوات المسلحة قدمت كل ما لديها للحفاظ على الدولة المصرية    1200 جنيه ارتفاع في سعر عملات الذهب خلال أسبوع    البنك الأهلي المصري يدير 25 صفقة تمويلية بقيمة 402 مليار جنيه    ترامب: مباحثات إطلاق الرهائن في غزة قد تستمر بضعة أيام    بيراميدز يقسو على الجيش الرواندي بثلاثية ويتأهل لدور ال32 بأبطال أفريقيا    جوزيه جوميز يشكو الزمالك ل"فيفا".. تعرف على التفاصيل    إصابة 9 عمال إثر إصطدام سيارتي ميكروباص بطريق شبراخيت بالبحيرة    المؤبد لربة منزل وغرامة 500 ألف جنيه لإتجارها في الترامادول    ما وراء الشهرة: متحف "بسيط" يخطف الأضواء    فى الذكرى 52 لحرب النصر «الوثائقية» تحتفى بذكري النصر المجيد    عمر بطيشة:6 أكتوبر أسعد أيام حياتى    هل يجوز ضرب الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يعود أشرف حكيمي لريال مدريد الصيف المقبل بتدخلات من مبابي؟    6 نصائح لعلاج فطريات اللسان عند الكبار والصغار    بسعة 30 سريرا، نائب وزير الصحة يفتتح وحدة الرعاية المركزة بمستشفى صدر المنصورة    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    نشاط فني مكثف.. علاء مرسي بين الكوميديا والدراما والسينما    السكة الحديد تُسير الرحلة ال23 لإعادة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    برينتفورد بتشكيلة هجومية أمام مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    فابريس: نحترم الأهلي ولكننا نؤمن بحظوظنا في تحقيق المفاجأة    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : في يوم المعلم… منارة العلم تُطفئها الحاجة..!!    سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب4483 جنيها    القاهرة الإخبارية: انتهاء عمليات الاقتراع في عموم المحافظات السورية    روبيو: لا يمكن تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل في العالم    هل يشارك كيليان مبابي مع منتخب فرنسا فى تصفيات كأس العالم رغم الإصابة؟    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    وزير التموين: تكثيف الرقابة والتصدى الحاسم لحالات الغش التجارى    طرح 11 وحدة صناعية جديدة بمجمع المطاهرة بمحافظة المنيا    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    مستشفى الغردقة العام تستقبل الراغبين فى الترشح لانتخابات النواب لإجراء الكشف الطبي    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    هل نحن أمة تستحق البقاء؟! (2)    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    3 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب«السوق السوداء»    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    بدء أول انتخابات لاختيار أعضاء مجلس الشعب في سوريا منذ سقوط نظام الأسد    عقد مؤتمر في القاهرة لعرض فرص الاستثمار الزراعي والتعدين بالولاية الشمالية في السودان    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    أيقونات نصر أكتوبر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحليم قنديل يكتب: «بايدن» في المتاهة

قد لا يصح لأحد أن يأخذ كلام الرئيس الأمريكى "جو بايدن" على محمل الجد الكامل، فالرجل العجوز المتلعثم، يبدو ضائعا فى متاهة، تواقتت رئاسته المتعثرة مع تغيرات جوهرية فى الموازين الدولية، وسبقتها عقود من إعادة توزيع مقاديرالاقتصاد والتكنولوجيا والسلاح ، كانت تنذر ربما تؤكد نهاية زمن الهيمنة الأمريكية الأحادية على مصائر الكون، وتنتقل بجريان الحوادث إلى عالم متعدد الأقطاب والاختيارات، وجاءت "حرب أوكرانيا" لتكشف لا لتنشئ التحولات العاصفة ، ثم انتقلت النيران إلى منطقتنا مع حرب طوفان الأقصى، وفى الحربين معا ، بدا أن "بايدن" يحاول قيادة وصنع الحوادث، لكنه تحول فى إطراد إلى أسير للحوادث ونهاياتها، فهو يخسرالحربين ، وتتحول تصريحاته عنهما إلى باب الهذيان، ويبدو الرجل كأنه "روبوت" بدائى قليل الذكاء، لا تصدر عنه أصوات، بل يصدرون منه وله أصوات مضطربة، بغير إيقاع موزون ولا انسجام ألحان، ولا تشير إلى اتجاه بذاته، بقدر ما تعكس الحيرة الشاملة وفوضى التصرفات المتخبطة .
وفى الأيام الأخيرة مثلا ، صدرت عن "بايدن" تصريحات ناقدة بعنف ظاهر لحكومة "بنيامين نتنياهو" فى كيان الاحتلال، كان الرجل يتحدث فى عيد "الحانوكا" اليهودى، وأعاد كالعادة تأكيد "صهيونيته" تامة الأوصاف، وكامل ولائه للجالية اليهودية "الصهيونية" فى أمريكا، وإن لم ينس التعبير عن مخاوفه على "إسرائيل"، التى وصفها كما قال بأنها "الدولة اليهودية المستقلة".
وأعرب عن مخاوفه من سوء المصائر المتدافعة، وقال بالنص إن "سلامة الشعب اليهودى على المحك"، وأن دعم العالم يتقلص بسبب عشوائية القصف "الإسرائيلى" على "غزة"، وهو ما أوحى لكثيرين بتغير وارد فى موقف "بايدن"، وأن واشنطن قد تسعى لوقف إطلاق النار ، خصوصا أن "بايدن" تحدث علنا عن خلافاته مع "نتنياهو"، ودعا الأخير إلى تغيير حكومته، وضرورة العمل من أجل "حل الدولتين"، برغم أن إدارة "بايدن" قبل التصريحات بساعات، استخدمت حق النقض "الفيتو" لإسقاط قرار بوقف إطلاق النار فى مجلس الأمن، صوتت لصالحه 13 دولة من مجموع 15 عضوا بمجلس الأمن، ثم عادت الإدارة نفسها بعد التصريحات، وصوتت ضد قرار مماثل فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، صوتت لصالحه 153 دولة ، بينما كان التصويت الأمريكى المعاكس معزولا فى أقلية الأقلية الدولية، مع "إسرائيل" طبعا ، ومع دول "ميكروسكوبية" لا ترى على الخرائط بالعين المجردة، وقد تكرر التصويت نفسه أو ما يشبهه فى الجمعية العامة ومجلس الأمن، وبدا ظاهرا أن التأثير الأمريكى يتقلص ويتداعى فى إطراد، وأن الدعم الدولى لواشنطن مع "تل أبيب" يتضاءل إلى حد التلاشى، ليس فقط فى شوارع وميادين المدن والعواصم الغربية الأوروبية ، بل فى الميادين الأمريكية ذاتها، وحتى من قطاعات "يهودية" رافضة لحرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين فى "غزة".
وفى حزب "بايدن" الديمقراطى نفسه، تصاعدت أصوات المتعاطفين مع محنة وقضية فلسطين، وبالذات فى الجناح التقدمى، الذى يعبر عنه السياسى اليهودى المعروف السيناتور "بيرنى ساندرز"، وبما زاد من حرج موقف "بايدن"، ومن صعوبة تحقيق أهدافه الشخصية، فهو يسعى لإعادة انتخابه للرئاسة فى أواخر العام المقبل الزاحف، بينما استطلاعات الرأى كلها ، تظهر ربما استحالة فوز "بايدن"، ولأسباب كثيرة ، بينها موقفه مما جرى ويجرى فى "غزة" من مجازر همجية وحشية، واندماج إدارته العسكرى التام مع جيش الاحتلال، ودعم الاحتلال بجسور السلاح الجوية التى لا تتوقف، وبالمشاركة الفعلية والقيادة المباشرة فى حرب الإبادة، بجنرالات التخطيط الحربى وبالقوات الخاصة، وحشد الأساطيل وحاملات الطائرات والغواصات النووية، وتزويد العدو بالقذائف والقنابل وبغير حدود، إضافة لترديد "بايدن" الببغائى للأكاذيب الفجة من وراء "إسرائيل"، وخرافات قطع "حماس" لرءوس الأطفال، أو ادعاء وجود مركز قيادة "حماس" تحت مستشفى "الشفاء" تبريرا لتفجير مبانيه، وإلى غيرها من مئات الترهات والفضائح ، وقد تصور "بايدن" أن بوسعه حسم الأمر سريعا، لكنه علق فى المستنقع، ويتلقى مع "إسرائيل" ذات الهزائم، ربما لذلك نصحوه، أن يغير نبرة صوته، وأن يتحدث عن خلافات مع حكومة الاحتلال، وعلى أمل أن يسترد بعضا من ماء الوجه الغائض، وهو لن يستطيع بالتأكيد، فوقف إطلاق النار إن حدث قريبا، سوف يكون بإرادة المقاومة وبأدائها القتالى المذهل ، الذى يكبد العدو "الإسرائيلى" الأمريكى خسائر بشرية عسكرية مضاعفة ، ويجعل دخول جيش الاحتلال إلى "غزة" استدراجا إلى الجحيم، فوق إخفاق العدو حتى اليوم فى استرداد أسير "إسرائيلى" أو "أمريكى" واحد حيا بالقوة المسلحة، فالمقاومة هى التى تصنع الحدث، و"بايدن" أسير لما تصنعه المقاومة، ولخيبة "إسرائيل" الثقيلة فى الوقت ذاته، فليس للرجل الباهت شخصية قيادية أو خيال يذكر.
وقد قضى عقود عمله السياسى كإبن خادم مطيع للمؤسسة الأمريكية الحاكمة، والمؤسسة نفسها فى مأزق تاريخى غير مسبوق، وبينها وبين كيان الاحتلال "اندماج استراتيجى"، وكيان الاحتلال أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى العالم، وخوف "بايدن" على مصير القاعدة "الإسرائيلية" مفهوم، فهو يعبر عن خشية المؤسسة الأمريكية نفسها، والتى عكس مخاوفها الجنرال "لويد أوستن" وزير البنتاجون، الذى تخوف علنا من هزيمة" إسرائيل" استراتيجيا، فما جرى منذ هجوم السابع من أكتوبر إلى الآن، ليس فقط فشلا استخباريا وعسكريا لهذه "الإسرائيل"، وتحطيما لأصنامها، التى ذابت كتماثيل "العجوة" فى وهج الحقيقة الحارة، وكان ما جرى فشلا وتحطيما للأصنام الأمريكية أيضا، وقد صارت أجهزة مخابراتها وجيوشها الضخمة موضع سخرية وتندر فى العالمين ، فبرغم امتلاكها لأرقى أنواع التكنولوجيا ، ولجيوش تبلغ موازنتها السنوية نحو 900 مليار دولار، ولمئات الآلاف بل والملايين العملاء السريين فى كل أرجاء الدنيا، لم تعلم "أمريكا" بما كانت تخطط له "حماس" وأخواتها، وبما نفذته صباح السابع من أكتوبر المزلزل، برغم أن كل شئ كان مذاعا على الهواء تقريبا، ولا علمت أمريكا مع "إسرائيل" شيئا عن الخرائط الحقيقية لأنفاق "غزة"، ولا عن موارد القتال الشرس الأسطورى للمقاومين الفلسطينيين ، وهم الذين لا يملكون سوى أسلحة بسيطة من صنع أيديهم ، يذلون بها عدو الله وعدوهم، ولا يضرهم من خذلهم ، ويمضون إلى نصر فارق فى سيرة حروب التحرير الفلسطينية، فلن يعود شئ أبدا إلى ما كان عليه قبل "طوفان الأقصى"، وصحيح أن هزائم أمريكا صارت حوادث روتينية من زمن ، ومن فيتنام إلى أفغانستان، لكن هزائمها هذه المرة تأتى فى سياق مختلف، فى غمار صحوة عالمية متحدية للطغيان الأمريكى.
وفى أجواء متذمرة لدى الحلفاء من الفشل الأمريكى، فأوروبا التى تبعت أمريكا فى "حرب أوكرانيا" وفى "حرب غزة"، تحس الآن أكثر ، أنها وقعت فى فخ لا نجاة منه ، وهو ما يفسر تفلت دول أوروبية متكاثرة من التزامها بالموقف الأمريكى المندمج بكيان الاحتلال ، وهو ما تعكسه التصريحات الاستقلالية نسبيا من أسبانيا إلى فرنسا وبلجيكا وغيرها ، واختلاف ميول التصويت فى مجلس الأمن وفى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وحتى فى تملص دول فى "المعسكر الأنجلو ساكسونى" من تبعيتها المطلقة لموقف واشنطن ، على طريقة بيان "كندا" و"استراليا" و"نيوزيلندا" الأخير ، الذى طالب صراحة بوقف العدوان ، ووقف إطلاق النار فى "غزة" ، ليس بسبب صحوة أخلاقية مفاجئة ، بل بسبب إدراك ملموس متزايد ، مفاده أن واشنطن تقودهم إلى الهزيمة المؤكدة ، وأن واشنطن المندمجة مع كيان الاحتلال تذهب بمصالح دولهم إلى الهاوية ، وهو ما تحاول المؤسسة الأمريكية الحاكمة أن تلجمه ، وأن تضغط على "إسرائيل" لتقبل هزيمة لا مفر منها ، فلا حركة "حماس" سوف يجرى تقويضها ، ولا الأسرى و"الرهائن" سوف يعودون بغير اتفاق تفاوضى مع "حماس" نفسها ، يطلق به سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين فى سجون العدو ، بينما "نتنياهو" يواصل العناد لأسباب تخصه ، فهو يعرف أن نهايته السياسية حانت ، وأن قرار واشنطن بالتخلص منه صار وشيكا ، فحكومة "إسرائيل" فى واشنطن تعرف خطورة المأزق أكثر ، ويبدو "بايدن" فى سباق لاهث مع الزمن ، يريد أن ينجو بنفسه دونما عظيم أمل ، وأن يؤجل مواعيد سقوطه ، وأن يضحى برجلى حربه فى فلسطين وفى أوكرانيا ، ويراوغه الإحساس بأن سقوط "نتنياهو" قد ينفعه شخصيا ، وأن ذهاب "فولوديمير زيلينسكى" قد يغطى على الهزيمة فى أوكرانيا ، وكلاهما نتنياهو وزيلينسكى صارا فى وضع الذى يحارب طواحين الهواء ، فقد قضى الأمر وجفت الأقلام وطويت الصحف ، وصارت هزائم أمريكا شبه مكتملة عندنا وفى "أوكرانيا" .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.