ماذا لو وجدت شيكا بمليون جنيه مزيلا بعبارة يصرف لحامله ! في البداية قد تتعجب وتتردد خاصة مع قسوة الحالة الإقتصادية ولكن عبير وهي عاملة بسيطة بنادي سموحة الرياضي بالأسكندرية - وجدته ولم تتعجب ولا تتردد بل أسرعت لتسليمه لرئيسها في العمل دون رغبة في الحصول علي المكافأة واختارت جزاء الله ونحسبها ان شاء الله من المتقين الذين لا يرجون جزاءا ولا شكورا إلا من الله .. هذا الموقف هو الأمانة في أبسط صورها ، وللأمانة حكاية ترجع أصولها عند بدء الخليقة وذلك عندما خلق الله السماوت والأرض والجبال. وفي الأثر يذكر أن الله تعالي قال لآدم: يا آدم إنّي عرضْت الأمانةَ على السّمواتِ والأرضِ والجبال فلم تُطِقْها وأبين أن يحملنها ، فهل أنت حاملها بما فيها ؟ فقال آدم : نعم وما فيها يا ربَّ العالمين ؟ قال الله : إن حملتها أجرتَ، وإن ضيعتها عذِّبت ، وما حدث بعد ذلك أنه لم يلبَث في الجنّة إلا مقدارَ ما بين صلاة الأولَى إلى العَصر حتى أخرجَه الشّيطان منْها بعد أن أغواه وعصي آدم ربه وهبط الي الأرض " ، وقدر علي بنوا آدم أن نحمل الأمانة وما يترتب عليها من ثواب وعقاب ذلك لآن الإنسان يملك حرية الإختيار وهي ميزة لا تتمتع بها السموات و الأرض ولا حتي الجبال فهي مسيّرة بقوانينَ ثابتةٍ لا تملِك الخروج عليها.. قال الله تعالي : " إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً". فالإنسان ظلوم إن تعدَّى حدود التكليف وهو يَعلَم بها، وجهول إن كان لا يعلمُها وعنده أمانة العقل الذي يَهديه إلى علمها.. وقال تعالى في ذكر صفات المفلحين: "وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ "أي حافظون على أدائها والوفاء بها، وتشمل جميع الأمانات التي بين العبد و ربِّه، كالتَّكاليف السِّرِّيَّة، التي لا يطَّلع عليها إلَّا الله، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق، في الأموال والأسرار ، الأمانة هي حفظ العقل واللسان والجوارح والجسد حتي عمرنا هو أيضا أمانة استودعها الله بين ايدينا كل هؤلاء سنسأل عليها يوم القيامة .. قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَ , وَعَنْ شَبَابِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَ , وَعَنْ مَالِكَ: مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَ؟ وَفِيمَا أَنْفَقْتَ , وَمَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ ". أمانات علي كل لون اللهم كن لنا عونا علي أدائها واحفظنا من يوم تضيع فيه الأمانة بين الناس ! وقد وردت العديد من الأحاديث عن ضياع الأمانة في آخر الزمان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولُ ما تَفْقِدُونَ من دِينِكُمُ الأَمانَةُ،وآخرُه الصلاةُ) .. همسة لمن يروجون "للتظاهر" الوطن أيضا أمانة وهدم جدار فيه بني من قوت الشعب هو خيانة للأمانة فلا تضيعوها . [email protected]