يسري الفخراني يكتب: في يوم ما!

لا شيء يضيع فى هذه الدنيا، الخير الذى تفعله بقلب صاف اليوم سوف تسترده أضعافا غدا، والشر الذى فعلته أمس سوف تجده فى طريقك اليوم.. من كرم الله علينا أن حصالة الخير تضاعف ما بها وصندوق الشر لا يضاعف ما فيه، لكن من الحكمة ألا ننسى أن كل ما نفعله نسترده.
الابتسامة التى تتركها على وجه إنسان ضعيف ويائس يمكنها أن تحوله إلى إنسان قوى ومتفائل، والكلمة الطيبة التى تقولها لإنسان مجهد تائه وخائف يمكنها أن تتحول إلى قارب يعبر به الأزمات مهما كانت الريح عاتية والأمواج عالية، لا الابتسامة سوف تتلاشى ولا الكلمة الطيبة ستموت.. سوف تجد فى ضعفك ألف وجه يبتسمون فى وجهك ويحملون روحك إلى الأمان.. وسوف تلتقى فى خوفك من يطمئنك بكلمات طيبة تطول بها السماء.
إننا فى الحياة سوف نقابل من يحتاجون إلينا ومن نحتاج إليهم.. من نُغير مسارات حياتهم ومن يُغيرون مسارات حياتنا، من ندعمهم أو بعفوية ومن يدعمونا بحب أو بمصادفة.
حصالة ما تمنحه لشركاء الحياة.. العابرين للحظة أو المقيمين العمر كله هى التى تصنع شكل حياتك، لا يمكن لإنسان وحيد أن يصنع حياة كما لا يمكن لشجرة أن تقيم غابة من الأشجار والزهور والطيور.
النحلة التى تمتص رحيق الزهرة وتلسعها.. ترد لها الجميل بأن تجعلها ثمرة، والمدرس الذى يعلم تلميذا حرفا ربما يكون فى يوم ما طبيبه فى العجز.
فى حياتى وحياتك آلاف المواقف التى مررنا بها، ولتصنع أوقاتا سعيدة حاول أن تمنح نفسك فرصة أن تذكرها، من صنع لك معروفا ولو بكلمة ومن صنعت له خيرا ولو بابتسامة.
من سنوات طويلة صنع لى إنسان لم أكن أعرفه موقفاً بسيطاً نبيلاً غير مسار حياتى دون مقابل.. ومرت سنوات ولم تأت فرصة أخرى لنلتقى أو أقول له شكرا، ومرت سنوات وصنعت معروفا من قلبى لإنسان كان يمر بأزمة بسيطة حاولت أن أساعده بما استطعت وما أملك.. وخرج الشاب من أزمته ووقف على قدميه وعاد للحياة يحلم ويعمل وينجح، وجمعتنى به مصادفة فى يوم ما..
ووجدته يشكرنى على ما فعلته ويعرفنى بنفسه، واندهشت من المفاجأة الجميلة، لقد كان ابن هذا الرجل الذى منحنى معروفا دون مقابل منذ أكثر من عشرين عاما.
الأفعال لا تتوقف عندك.. إنها تدور وتبتعد وتعود إليك، من قال إن نقطة الماء تذهب هباء.. إنها تعود لك مطراً وشجراً وبحراً وسماء مزركشة بالسُحب البديعة يوما ما.