اجتماع اللجنة العامة ل«النواب» لاستعراض نشاط المجلس    جولة مفاجئة لوكيل «أوقاف الفيوم» للتأكد من الالتزام بترشيد استخدام الكهرباء والمياه بالمساجد    «تعليم الفيوم »تفتح باب التدريب لتأهيل طلاب الإعدادية لاجتياز اختبارات مدارس المتفوقين    انفوجراف| تراجع أسعار الذهب اليوم الإثنين 16 يونيو في بداية التعاملات    طارق شكري في مؤتمر «أخبار اليوم العقاري»: نحتاج جهازًا حكوميًا لتصدير العقار    رئيس الوزراء يتابع تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية في قطاعي البترول والأعمال العام    الوزير يشهد توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    الجبهة الداخلية الإسرائيلية: صفارات الإنذار تدوي في الأغوار بعد رصد طائرة مسيرة    مدرب بالميراس يشيد بحارس بورتو ويتعهد برد قوي أمام الأهلي    محافظة القاهرة تحذر من تداول نتيجة صفوف النقل إلا بموافقة كتابية    البحث عن طالبة أسفل أنقاض منزل بعد انهياره في قنا    هالة سرحان وإلهام شاهين في مطار البصرة استعدادا لعودتهما إلى القاهرة    "علوم جنوب الوادي" تنظم ندوة عن مكافحة الفساد    مراسلة القاهرة الإخبارية: صواريخ إيران تصل السفارة الأمريكية فى تل أبيب.. فيديو    وزير التعليم العالى: بنك المعرفة المصري تحول إلى منصة إقليمية رائدة    صباحك أوروبي.. صدام في مدريد.. إنجلترا المحبطة.. وتعليق كومباني    مباريات اليوم.. تشيلسي يبدأ مشوار المونديال.. والترجي يلعب فجرا    رد فعل تريزيجيه على تغريمه من الأهلي (تفاصيل)    مستقبل صناعة العقار في فيلم تسجيلي بمؤتمر أخبار اليوم    سعر اليورو اليوم الأثنين 16 يونيو 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    تحرير 533 مخالفة لعدم ارتداء «الخوذة» وسحب 879 رخصة خلال 24 ساعة    رياح وأتربة وحرارة مرتفعة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الاثنين    إصابة شخصين إثر انقلاب دراجة نارية بمدينة 6 أكتوبر    إصابة عاملين فى انهيار منزل أثناء إجراء عملية ترميم له بالدقهلية.. صور    الإعدام شنقا لجامع خردة قتل طفلة وسرق قرطها الذهبى فى العاشر من رمضان    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    لغز كليوباترا.. معرض بباريس يكشف عن تاريخ وأسطورة أشهر ملكات مصر    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    خلافات زوجية في الحلقة الثالثة من «فات الميعاد»    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من خلال التأمين الصحي خلال عام    صيف 2025 .. علامات تدل على إصابتك بالجفاف في الطقس الحار    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    تفاصيل إنقاذ مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خراج ضرس في مستشفي شربين بالدقهلية    16 يونيو 2025.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب16.5 مليار جنيه    تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    الميزان لا يزال في شنطة السيارة.. محافظ الدقهلية يستوقف نقل محملة بأنابيب الغاز للتأكد من وزنها    ترامب يصل إلى كندا لحضور قمة مجموعة السبع على خلفية توترات تجارية وسياسية    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    يسرائيل كاتس: علي خامنئي تحول إلى قاتل جبان.. وسكان طهران سيدفعون الثمن قريبا    الزمالك يُخطر نجمه بالرحيل والبحث عن عروض (تفاصيل)    التصريح بدفن جثتي شقيقتين بالشرقية لقيتا مصرعيهما في حريق منزلهما    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    الحرس الثوري الإيراني: عملياتنا ستستمر حتى زوال إسرائيل بالكامل    إيران: مقتل 224 مواطنا على الأقل منذ بدء هجمات إسرائيل يوم الجمعة    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية تنطلق تجاه إسرائيل    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحليم قنديل يكتب: ما بعد عملية «خاركيف»

قد لا تعدم من يقول لك ، أن روسيا سحقت عسكريا ، وأن ساعة النهاية تدق لصالح الجيش الأوكرانى ، الذى اجتاح بسرعة البرق مناطق تواجد القوات الروسية فى مقاطعة "خاركيف"، واستعاد السيطرة على بلدات مهمة استراتيجيا من نوع "بلاكليا" و"كوبيانسك" و"إيزيوم" ، وبما ضاعف من نشوة الرئيس الأوكرانى الصهيونى "فولوديمير زيلينسكى"، الذى زار "إيزيوم" قرب حدود روسيا محتفلا بالنصر، وقفز بجدول الضرب إلى سقف هلوسات المنام ، وأضفى من طبعه الكوميدى مزاحا منفلتا، ففى ثلاثة أيام ، كلها تلت توقف الهجوم الأوكرانى ، زاد "الجنرال زيلينسكى" المساحة التى استولت عليها أو استعادتها قواته ، على طريقة مبارزات "الخواجة بيجو وأبو لمعة الأصلى" فى الاسكتشات المصرية الكوميدية الشهيرة ، وقال فى أول يوم أنها ثلاثة آلاف كيلومتر مربع ، زادها فى اليوم التالى إلى ستة آلاف كيلومتر مربع ، وأضاف إليها مددا فى اليوم الثالث جعلها ثمانية آلاف كيلومتر مربع ، ثم أصابت العدوى الجنونية بعض مساعديه ، الذين زاد أحدهم مساحة الاسترداد إلى سبعين ألف كيلومتر مربع ، ومن دون أن يغلق بعد مزاد الهلوسات!.
الميديا الغربية المشجعة المتحمسة للأوكران على الدوام ، توقفت عند رقم "زيلينسكى" الأول ، وراحت تقارن مساحة الثلاثة آلاف كيلومتر مربع بعواصم الغرب الكبرى ، وقالت أنها تساوى مساحة "لندن" الكبرى ، وتساوى ضعف مساحة "نيويورك" ، ولم يتسع خيالها إلى مساحة الثمانية آلاف كيلومتر مربع التى زعمها جنرال الكوميديا ، فمدينة "خاركيف" نفسها ، التى هى عاصمة المقاطعة وثانى أكبر مدن أوكرانيا بعد العاصمة "كييف" ، لا تزيد مساحتها على 350 كيلومتر مربع ، وقد تركها الروس يعد بداية عمليتهم العسكرية مع التراجع عن حصار "كييف" ، واكتفت القوات الروسية بالسيطرة على أجزاء من مقاطعة "خاركيف" ، وما استعاده الأوكران فى العملية الخاطفة الأخيرة ، هو نصف ما كان تحت سيطرة الروس فى الأجزاء الشرقية من مقاطعة "خاركيف" ، وهو تقدم كبير بلا شك للقوات الأوكرانية ، التى لم تنكر دور التخطيط أو التسليح الأمريكى والغربى فى العملية ، ولا دور راجمات "هيمارس" الأمريكية ومدفعية "جيبارد" الألمانية المضادة للطائرات ، ولا التزويد بالمعلومات المخابراتية ، والإدارة الأمريكية المباشرة ، لكن صدمة الاجتياح السريع ، وبعيدا عن المبالغات والمضاعفات المساحية ، كشفت خللا ظاهرا فى إدارة عمليات القوات الروسية بالميدان الأوكرانى ، قاد لانسحاب فوضوى من بلدات مهمة بمقاطعة "خاركيف" ، ترك من ورائه أسلحة ومهمات روسية ، وزاد من وقع دراما الاجتياح الأوكرانى الخاطف ، ونقل الأوكران من خانة الدفاع إلى الهجوم لأول مرة فى سيرة حرب أوكرانيا الراهنة ، ولكن من دون أن يمثل ذلك نقطة تحول استراتيجى مؤثر ، وهو ما مالت إليه التصريحات الأمريكية الرسمية مع توقف الهجوم المباغت ، وبلوغه لنهايته ، فقد تحدث "أنتونى بلينكن" وزير الخارجية الأمريكية فى زيارة للمكسيك ، وقال بالنص "أنه من السابق لأوانه التكهن بنتائج الهجوم الأوكرانى المضاد" ، وبعد "بلينكن" تحدث الرئيس الأمريكى "جو بايدن" نفسه ، ومن قبله جنرالات البنتاجون ، ومالوا جميعا إلى عدم الجزم باعتبار ما جرى نقطة تحول حاسمة فى حرب أوكرانيا ، وأشاروا إلى ما وصفوه بوجود قوات عسكرية روسية ضخمة على الأرض الأوكرانية ، وإلى عدم التأكد من قدرة القوات الأوكرانية الحفاظ على مواقعها الجديدة.
وبديهى، أن الأقوال الأمريكية أقل عبثية من تهيؤات "زيلينسكى" ، فأمريكا هى التى تقود الحرب ضد روسيا فى الميدان الأوكرانى ، وليس "زيلينسكى" الأشبه بعروسة "ماريونيت" تتحرك بالخيوط الممدودة ، وخلف أمريكا أكثر من ثلاثين دولة فى حلف شمال الأطلنطى "الناتو" ، ونحو عشرة دول أخرى من خارج "الناتو" ، تعقد اجتماعاتها العسكرية فى قاعدة "رامشتاين" بألمانيا ، وتضخ إلى الميدان الأوكرانى عشرات تلو عشرات المليارات من الدولارات ، وتفرغ مخازن سلاحها المتطور فى الحجر الأوكرانى ، وتقود العمليات على الأرض من مراكز عمل متقدمة فى "كييف" و"لفيف" وغيرها ، وكل هذا معروف ومعلن للكافة ، وحين كسر الروس موجة الهجوم المضاد إلى "خيرسون" جنوبا ، تحولت الخطة إلى هجوم مضاد فى شمال الشرق ، خصوصا بعد رصد ما جرى فى المعسكر الروسى ، ونقل عشرين ألف جندى من مقاطعة "خاركيف" لدعم الدفاع عن "خيرسون" ، وإبقاء أعداد محدودة فى قطاعات "خاركيف" الشرقية ، كانت نسبة عديدها واحد على ثمانية من قوات الهجوم الأوكرانى، وهى المفاجأة التى غفلت عنها أجهزة مخابرات الروس ، ودفعت بعض قياداتهم الميدانية لاتخاذ قرار الانسحاب المخزى الأشبه بالفرار تجنبا لخسائر دموية محققة ، وهو ما أدى إلى ما جرى ، وإلى توجيه ضربة مجانية لهيبة الجيش الروسى ، يفوق تأثيرها المعنوى أثرها العسكرى الفعلى ، فهى مجرد عملية فى معركة متعددة الساحات ، ولا يزال الروس يحتفظون بالسيطرة على أجزاء من مقاطعة "خاركيف" ، ويقولون أنهم يعيدون تنظيم قواتهم هناك ، ويطمحون لإعادة السيطرة على بلدات ضاعت منهم فى أيام ، والتجاوب مع ظواهر سخط شعبى عند الشباب الروسى ، قد تدفع غالبا إلى كسر جمود ران على خطوط القتال على مدى شهرين ويزيد ، وهو ما بدا ظاهرا جزئيا فى ميادين مقاطعة "دونيتسك" المجاورة والأهم للروس ، حيث عاودت قواتهم تنشيط التحرك باتجاه المدن الثلاث الكبرى المتبقية خارج سيطرتها فى "دونيتسك" ، وهى "كراما تورسك" و"سلافيانسك" و"باخموت" ، التى تقدم إليها مسلحو جماعة "فاجنر" الروسية غير الرسمية ، وسيطروا على بعض القرى فى الطريق إلى "باخموت" ، برغم أن ردود أفعال "الكرملين" على ما يجرى بدت متحفظة ، ونفت وجود قرار بإجراء تعبئة عامة أو جزئية ، تضاعف عدد القوات الروسية المنفذة لما تصفه موسكو بالعملية العسكرية الخاصة ، وعديدها الكلى متواضع نسبيا قياسا للمهمة ، ولا يزيد فى أعلى تقدير على 150 ألفا ، إضافة لآلاف المتطوعين من مقاطعتى الدونباس "لوجانسك ودونيتسك" ، ويسيطرون على مساحات شاسعة من أوكرانيا ، تكاد تصل إلى نحو 180 ألف كيلومتر مربع ، إذا أضفنا مساحة مقاطعة شبه جزيرة القرم ، التى سبق لروسيا ضمها من أوكرانيا عام 2014 ، ومن دون قتال فعلى ، وهو ما يعنى أن ما يقارب الثلاثين بالمئة من مساحة أوكرانيا البالغة 603 ألف كيلومتر مربع ، صار فى يد روسيا ، وبحجم قوات لا يكاد يصل مع الحلفاء إلى ثلث عديد القوات الأوكرانية .
والمعنى فى المحصلة لليوم ، أن الاختراق الذى تحقق للأمريكيين فى مقاطعة "خاكيف" ، لا يعد بحال تحولا استراتيجيا فى مجرى الحرب ، بقدر ما هو ضربة معنوية هائلة للروس ، الذين لا تزال لهم اليد العسكرية العليا فى الميدان الأوكرانى ، وبوسعهم قبل غيرهم إنهاء الحرب أو توسيع نطاقها ، ليس فقط بالرد على ما حدث فى "خاركيف" ، بل فى تسريع عملية السيطرة على ما تبقى فى مقاطعتى "دونيتسك" و"زاباروجيا" ، وقد جرى تكثيف مضاف للهجمات الروسية الجوية والصاروخية بعد عملية "خاركيف" ، وإن كان لا أحد يعرف على وجه الدقة ما يدور بعقل الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" ، الذى لا يكاد يلتفت علنا إلى الجانب العسكرى فى الحرب متعددة المسارات ، ويركز على ما يصفه بفشل الحرب الاقتصادية الغربية وعقوباتها ذات العشرة آلاف صنف ، ويشدد حصار الغاز على أوروبا المنهكة ، التى عجزت عن التوصل لاتفاق بتحديد سقف تحكمى لسعر الغاز الروسى ، الذى توقفت غالبية إمداداته بالفعل عن أوروبا ، وشقت طريقها إلى أسواق أخرى ، أهمها سوق الحليف الصينى ، الذى تتجه شراكة موسكو معه إلى آفاق أبعد ، جرى تتويجها بلقاء "بوتين" مع الزعيم الصينى "شى جين بينج" مؤخرا فى "سمر قند" الأوزبكية ، فيما لا يكاد "بوتين" يلقى بالا لاتصالات الرئيس الفرنسى "ماكرون" والمستشار الألمانى "شولتز" المتجددة معه ، ويصمم على مراجعة اتفاق الحبوب الأوكرانية فى أقرب وقت ، ربما إفساحا فى المجال لعمل يعتزمه ، ويحقق به ما هو أوسع من الأهداف المعلنة لعمليته العسكرية الخاصة ، التى يحرص على تحجيم تأثيرها فى الاقتصاد الروسى ، ويراكم أموالا هائلة فى الخزينة الروسية ، قدرت "الإيكونومست" البريطانية فوائضها التجارية بما يزيد على 265 مليار دولار نهاية العام الجارى وحده ، وهو ما قد يوحى مع مؤشرات أخرى بقفزة واردة فى الميدان الحربى ، قد يعلن بها الحرب رسميا ضد أوكرانيا مع مطالع الشتاء ، ويزيد عديد قواته هناك إلى 500 ألف جندى ، وينتقل بالمعركة من تحصين مواقعه إلى دوائر الاجتياح الشامل ، بعد أن انسدت سبل التفاوض على ما يريد فى قوس الشرق والجنوب الأوكرانى ، وبعد أن بينت عملية "خاركيف" ، أن التناقض مع واشنطن صار حديا لأقصى درجة ، وأن الحسم العسكرى ، وليس مجرد التقدم العسكرى ، صار واجب الوقت الروسى.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.