خالد حمزة بعد فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية بدأت مكاتب وشركات المحاماة الكبرى فى الولاياتالمتحدة، تشجيع الأثرياء على حماية ثرواتهم وأموالهم من ضريبة بايدن المحتملة (قانون ضريبة المليونير) التى سيتم تطبيقها على الشركات والأفراد. وهو المقترح الذى تعهد بتنفيذه خلال حملته الرئاسية ضد منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب الذى لم يحرك ساكناً تجاه أثرياء أمريكا وتجاه شركاته داخل وخارج الولاياتالمتحدة، ولم يفكر فى فرض تلك الضريبة إبان فترة رئاسته أو خلال حملته الانتخابية. وكان مبرر بايدن فى إقرار تلك الضريبة فى حالة فوزه، هو الإنفاق من عائدها على المشروعات الملحة والبنية الأساسية فى الولاياتالأمريكية الخمسين والبيئة النظيفة. وكان المقترح المطروح حسب وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، هو فرض ضرائب على من يزيد دخلهم السنوى عن 400 ألف دولار من الأفراد والشركات، ما يعني جمع حصيلة قدرتها الوكالة بنحو 4 مليارات دولار فى عشر سنوات، إضافة لفرض ضرائب على العقارات الفاخرة جدا التى يزيد سعرها على ثلاثة ملايين ونصف مليون دولار، التى ستقدر بنحو 40%. وكانت لجنة الضرائب بالكونجرس الأمريكى أعلنت أن 80% من الإعفاءات الضريبية فى أمريكا ذهبت لمن يربحون أكثر من مليون دولار سنوياً الذين بلغ عددهم نحو 43 ألف شخص. وقد كلف هؤلاء الحكومة ما يقدر ب90 مليار دولار خلال العام الماضى فقط، وخلال فترة رئاسة ترامب، بدعوى مواجهة جائحة كورونا وللاستفادة من الدعم الذى قدمته إدارة ترامب وأبرزها الإعفاءات الضريبية التى استفاد منها الأثرياء سواء كانوا أفراداً أو شركات عملاقة بالمقام الأول. كما قدّم مصرف الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكى) إعفاءات للأثرياء أثناء الجائحة، تمثلت فى خفض الفائدة وشراء العديد من الشركات الكبرى لحمايتها من شبح الإفلاس، وهو ما مثّل طوق نجاة لها. وأدت تلك الإجراءات خلال العام الماضى فقط، إلى ارتفاع ثروات أغنى 10 أثرياء فى أمريكا بنحو 28 مليار دولار، وكان على رأسهم شركات أمازون وفيسبوك ومايكروسوفت وفقا لمجلة "فوربس" الأمريكية، حيث زادت ثروة بيزوس مؤسس أمازون بنحو 10 مليارات دولار لتصل إلى 190 مليار دولار، وزوكربرج مؤسس "فيسبوك" بنحو 8 مليارات دولار لتصل إلى 105 مليارات دولار. وبيل جيتس الذى وصلت ثروته إلى 115 ملياراً، ومؤسس مايكروسوفت ستيف بالمر الذى وصلت ثروته إلى 73 ملياراً، بينما ربح مؤسسو محرك جوجل العملاق نحو 8 مليارات دولار دفعة واحدة. وفى المقابل، كان هناك 4 فقط من العشرة الكبار خسروا ولكن بنسب ضئيلة، هم: إيلون ماسك مؤسس شركة "تسلا" العملاقة، ووارين بافيت وأليسون مؤسس أوراكل، وول مارك. ورغم ذلك يصر أعضاء الكونجرس الديمقراطيون من أنصار بايدن بأغلبيتهم داخل المجلس على تمرير الضريبة المقترحة، وهناك عدة اقتراحات أبرزها للنائبة الديمقراطية إليزابيث وارين التى تنادى منذ عام 2019 بفرض ضريبة بنسبة 2% على أصحاب الثروات بأكثر من 50 مليون دولار، و3% على أصحاب الثروات بأكثر من مليار دولار. وهناك مقترح للنائب ومرشح الرئاسة الأمريكية السابق ساندرز، بفرض ضريبة 8% على أصحاب الثروات بقيمة 10 مليارات دولار، إضافة لفرض ضرائب تصاعدية على أثرياء أمريكا الكبار الذين يتصدرون قوائم الأغنى عالمياً. كما تقدم مشرعون فى ولاية واشنطن رسميا باقتراح للكونجرس بفرض ضريبة على الثروات التى تزيد على المليار دولار قيمتها 1%، ما يعنى أن 97% من حصيلة تلك الضريبة سيدفعها 5 مليارديرات أمريكيين فقط هم: بيزوس وماسك وماكينزى سكوت وبيل جيتس وستيف بالمر، وهو ما سيجعل شخصاً مثل بيزوس يدفع نحو مليارى دولار ضرائب سنوياً. والمؤيدون لفرض ضريبة الأثرياء يرون أنها فرصة للتكافل الاجتماعى والمساواة، وهذا التأييد شمل بعض الأثرياء الذين وقعوا على عريضة شملت 18 ثرياً. وضمت مالكى سلاسل فنادق عالمية وأسماء مثل الملياردير الشهير جورج سورس وورثة والت ديزنى وغيرهم، وكلهم أكدوا على المسئولية الاقتصادية والأخلاقية لهم تجاه المجتمع الأمريكى، حتى أن أحدهم علّق بسخرية بأن شخصا مثل الملياردير بافيت يدفع ضرائب أقل من مدير مكتبه! ولا يعارض معظم أثرياء أمريكا الكبار ذلك التوجه (ولو فى العلن على الأقل)، فمنهم من تبرع بمئات الملايين من الدولارات للأعمال الخيرية، فعلى سبيل المثال أنشأ بيل جيتس وزوجته ميليندا مؤسسة خاصة بهما، وبلغت تبرعاتها بما يقدر ب44 مليار دولار، كما تعهدا بالتبرع ب99% من ثرواتهما خلال حياتهما. كما تبرع بيزوس ب10 مليارات دولار لمكافحة تغيُّر المناخ، إلى جانب تبرعات بمئات الملايين لجامعات ومراكز أبحاث وبنوك طعام فى كافة الولاياتالأمريكية، ومراكز للتكنولوجيا ورعاية الأطفال والرعاية الصحية والمستشفيات تبرع بها أسماء مثل زوكربرج وبافيت وغيرهما، ورغم ذلك ووفقا لقائمة موقع كرونيكل لأهم المتبرعين فى أمريكا، فإن حجم التبرعات خلال العام الماضى كان الأدنى منذ نحو 10 سنوات.