◄| الطريق شطر الأقصر إلى نصفين.. وتنفيذ الكوبري يخدم الأهالي ويمنع التكدس المروري لا حديث في الأقصر كلها إلا عن إلغاء إنشاء "كوبري طريق الكباش الثالث" الذي كان مخططا إنشائه في منطقة السنترال التي تتوسط مدينة الأقصر وهي المدخل الرئيسي لمواطني البر الغربي إلى داخل المدينة، إذ تبعد خطوات عن معدية الأهالي ومنطقة تمركز المراكب الشراعية واللنشات التي تنقل الأهالي من وإلى البر الغربي للمدينة. كوبري طريق الكباش الثالث هو الحل الوحيد لوقف المعاناة اليومية لأكثر من 300 ألف مواطن من سكاني مدينتي الأقصر والقرنة، وحماية لمستقبل الحركة السياحية بالمدينة والحركة المرورية، وعدم تنفيذه يعني إصابة منطقة وسط الأقصر بالشلل التام من خلال التكدس والزحام المروري. الحقيقة أن إعادة كشف طريق الكباش كان بمثابة حلم ظل يداعب أهل الأقصر منذ عشرات السنين وبالتحديد في الخمسينيات من القرن الماضي عندما بدأ الأثاري الكبير الدكتور محمد عبد القادر في عملية الكشف بعد ثورة يوليو، وأكتشف حوالي 72 تمثال من الطريق تقع في الجزء الشمالي من الصرح الأمامي لمعبد الأقصر، وفي أواخر الثمانيات استكمل الدكتور محمد الصغير مدير عام آثار الأقصر أعمال الكشف عند مدخل معبد "موت" أحد معابد الكرنك بمجهود فردي. حتى جاء الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر وباعث نهضتها في العصر الحديث ليكشف عن مشروع ضخم أطلق عليه مخطط التنمية الشامل لتطوير مدينة الأقصر، هو عبارة عن دراسة أعدها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة يهدف إلى تحويل الأقصر إلى متحف عالمي مفتوح، وأحد مشروعات تلك الدراسة مشروع إعادة كشف طريق الكباش، وظلت الدراسة حبيسة الأدراج إلى أن أقنع سمير فرج الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بتبني المشروع واستطاعت الدكتور فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي وقتها توفير 240 مليون جنيه كمنحة لا ترد من أجل تنفيذ المشروع، الذي جعل أهالي وسط المدينة في حالة ترقب، فالطريق يخترق المدينة ويمتد إلى ما يقرب من 3 كم ويقسمها إلى شاطرين البعد بينهما 36 مترا، هما عرض الطريق و20 كم على كل جانب من جانبي الطريق يمثلان "حرم الطريق". واستلزم إعادة الكشف عنه هدم مئات المنازل والمصالح الحكومية ومساجد غيرها بالإضافة إلى تبوير أراضي زراعية، وتحمل أهالي الأقصر كل ذلك في سبيل أن يروا الطريق ظاهرا في الوجود ليحقق حلم محبي الآثار في العالم، ولعله يفتح أمامهم مجال للاستثمار السياحي وينعش الحركة السياحية التي هي عصب الحياة الاقتصادية في مدينتهم التي بني اقتصادها على الرواج السياح.
وافق الأهالي على المشروع ولم تبق إلا مشكلة كيف نربط شرق الطريق بغربة، خاصة وأن الطريق يخترق المدينة ويشطرها نصفين فاتفق على إنشاء 3 كباري فوق الطريق أولهما عند مدخل المدينة الشمالي ناحية المطار والآخر فوق شارع تحوتمس لربط منطقة أبو الجود ومدخل طريق القاهرةأسوان الزراعي أما الثالث فيقع في منتصف المدينة وبالتحديد عند منطقة السنترال حتى فوجئ الأهالي بقرار وقف إنشاء الكوبري، وأنتفض الأهالي ومعهم الأحزاب السياسية والغرف السياحية وبعض النقابات، في المطالبة بإقامة الكوبري في موقعه المحدد.
وهنا دعا محافظ الأقصر محمد سيد بدر إلى اجتماع، أعتبره سرا من الأسرار التي لا ينبغي أن يعرفها الإعلام أو يتعرف عليه وتمسك برأيه وهو عدم إنشاء الكوبري، فتصدى له بعض المتحمسين ليؤكدوا على ضرورة إنشاء الكوبري ووقف معاناة المواطنين والسياح بالمدينة.
ووسط موجة من الغضب المتصاعد أدلى مسئولون سابقين من القيادات العاملة بمحافظة الأقصر وأعضاء سابقين بالمجلس المحلي للأقصر بشهادتهم حول مأزق "الكوبري" مؤكدين وجود أوراق ومستندات ومخططات خاصة بالموافقة على مقترح إقامة كوبري علوي أمام منطقة السنترال القديم.
وهنا كشف احمد عبده وكيل الوزارة الأسبق لشئون مكتب المحافظ لعدة سنوات والمستشار الأسبق لمحافظ الأقصر عن مفاجآت مثيرة حول " الكوبري الخفي، قائلاً: "توجد محاضر جلسات وأوراق حكومية تدل على وجود كوبري ثالث أعلى طريق الكباش، وكذلك خطة التنمية الشاملة لمحافظة الأقصر وقرارات اللجنة الوزارية أقرت بإنشاء كوبري ثالث وجميع هذه الأوراق تؤكد على وجود موافقات ورقية على إنشاء الكوبري موجودة داخل إدارة المتابعة بديوان عام محافظة الأقصر ومن اجل إنشاء الكوبري تم القيام بأعمال إزالة لمنطقة المطافئ القديمة أمام سنترال الأقصر الذي لم يتم إزالته بالكامل لكن تم الدفع بتعويضات مالية وإنشاء سنترال جديد".
لكن عبده عاد وأكد أنها مجرد موافقات ورقية وبعد الثورة حدثت تغيرات كثيرة، قائلاً: "بعد الثورة حاجات كتير مقدرناش ننفذها وكلام أمبارح ممكن منقدرش ننفذه النهاردة ومن المفروض أن يجلس الجميع على طاولة واحدة ويطرح السؤال هل إنشاء الكوبري الثالث ملائم حاليا أو غير ملائم وما هو البديل ؟ " وأعرب عن تخوفه من المستقبل مؤكدا أن " البلد أصبحت مزدحمة ولابد من وجود حل هندسي ! ".
قيادي أخر ومسئول سابق بمحافظة الأقصر فجر مفاجأة من العيار الثقيل حيث كشف عن وجود "ملزمة" كاملة ومحاضر جلسات داخل مضبطة المجلس المحلي لمحافظة الأقصر بها أوراق تثبت وجود موافقات على مقترح إقامة الكوبري الثالث أمام سنترال الأقصر القديم باتجاه شارع يوسف حسن.
ولم يكتف صبري فرح مدير عام الإدارة الهندسية الأسبق إبان فترة تولي الدكتور سمير فرج إدارة محافظة الأقصر بالإفصاح عن هذه المفاجأة فقط، بل زاد ليؤكد انه ما تم من نزع للأراضي بمنطقة المطافئ القديمة وإزالات لمدرسة العروبة وعمارات كاملة للأهالي ما كان إلا بغرض توسعة الشارع لأجل إنشاء الكوبري الثالث مبدياً.
استهجانه لقرار إلغاء إنشاء الكوبري الثالث "المفاجئ" حسب تأكيداته ومتسائلاً في الوقت نفسه" إذا لم يكن في المخطط كوبري ثالث فلماذا إذاً تم إزالة مدرسة العروبة وبعض العقارات بمنطقة المطافئ القديمة ؟!، معرباً عن اندهاشه مما يثار حالياً ومطالباً بإعادة الأراضي التي تم نزعها من اجل إنشاء الكوبري لأصحابها.
عاد فرح ليؤكد أن خطة التنمية الشاملة لمحافظة الأقصر اشتملت علي إنشاء 3 كباري اعلي طريق الكباش الأول للقادمين من المطار والثاني عند ميدان مدرسة التجارة والثالث أمام السنترال وكل الأعمال الإنشائية في ذلك الوقت كان يتم إسنادها بالأمر المباشر للقوات المسلحة.
ووصف مدير الإدارة الهندسية الأسبق بمحافظة الأقصر أسلوب تصميم الكوبري الثالث الذي تم الاتفاق عليه آنذاك، قائلاَ: "كوبري معلق بنظام شداد مثل "كوبري السلام فوق قناة السويس" بارتفاع متر واحد عن السطح الأعلى الموازي للرصيف وليس عن سطح الكباش وعرض عشرة أمتار يبدأ من منطقة ما قبل السنترال وصولا إلى الفندق المواجه للسنترال بزاوية ميل معينة حتى لا يؤثر على الفندق أو يسبب أي ضرر ويسمح بمرور السيارات والحافلات السياحية الكبيرة القادمة من الكرنك لتصل إلى ساحة انتظار السيارات الخاصة بمعبد الأقصر، مضيفا أن التصميم الخاص بالكوبري الثالث موجود بإدارة المشروعات بجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة وتمت الموافقة عليه وأدرج بخطة 2030 وهي الخطة التي وافق عليها أعضاء المجلس المحلي آنذاك .
قيادات سابقة وحالية بالمجلس المحلي للاقصر رفضوا ذكر أسمائهم اقروا بما ذكره المسئولين السابقين بمحافظة الأقصر وزادوا تأكيداتهم بالمطالبة بخروج مضابط الجلسات بالمجلس وخطة التنمية الشاملة لمحافظة الأقصر 2030 والتي يوجد بها مخطط إنشاء الكوبري الثالث أعلى طريق الكباش، إلا أن عبد النبي حامد أبو عضار رئيس لجنة الاستثمار السابق بالمجلس المحلي لمدينة الأقصر، أشار إلى انه كان معلوم لدي جميع القيادات المحلية أن هناك 3 كباري سيتم إنشاؤها أعلى طريق الكباش ولا نعرف لماذا تم إلغاء الكوبري الثالث وهو الأمر الذي سيضر بالسياحة نظرا لطول مسافة سير الحافلات السياحية وهي المسافة التي وصفها أبو عضار بأنها " طريق رأس الرجاء الصالح " بالإضافة إلى معاناة سائقي السيرفيس من السير في الطرق الضيقة غير الممهدة .
أما عز الشافعي رئيس لجنة الإعلام الأسبق بالمجلس المحلي للأقصر فأكد على أهمية وجود كوبري ثالث لربط المنطقة ببعضها بدلا من تمزيقها وشطرها نصفين، مشيرا إلى أن عدم تنفيذ الكوبري سيفصل الشرق عن الغرب، موضحا أن لديه معلومات سابقة خاصة بمعرفة هيئة الآثار بالكوبري الثالث، وان "الخرائط الكروكية " للمشروع يوجد بها الكوبري الثالث مشددا على ضرورة أن تستمر العبارة في موقعها الحالي أمام معبد الأقصر وان يتم إنشاء ولو حتى كوبري مشاة في منطقة السنترال، لأنها منطقة تجمع لكل السيارات وحذر من عواقب عدم إنشاء الكوبري والتي تتمثل في فصل وسط مدينة الأقصر إلى شرق وغرب طريق الكباش وشرق وغرب النيل وشرق وغرب السكة الحديد فضلا عن المعاناة الشديدة التي سوف يدفع ثمنها جميع أهالي الأقصر المتضررين من السير لمسافات طويلة خاصة وان منهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة، فضلا عما سيحدث من فوضى وارتباك مروري بالمدينة تؤثر على الحركة السياحية وتسبب الضجر للسائحين، بالإضافة إلى رفع أسعار أجرة المواصلات الداخلية.
الشيخ محمد كامل بشيري إمام مسجد بأوقاف الأقصر وجه رسالة إلى أهالي الأقصر لإعلامهم بواقعة الكوبري الثالث قائلاً "بالنسبة لطريق الكباش وخاصة منطقه السنترال وعند التخطيط له بحضور رئيس الوزراء حينها كان أحمد نظيف ومعه الوزراء المعنيين ووجود محافظ الأقصر حينها اللواء سمير فرج قام وزير الثقافة بشرح المخطط المقترح لطريق الكباش ولم يكن من ضمنه وجود كبري لمنطقة السنترال فقام النائب المحترم أبن الأقصر بهاء ابوالحمد بالاعتراض على وزير الثقافة وقت شرحه، وتدخل رئيس الوزراء واستمع لكلام وشرح النائب واعتراضه على عدم وجود كوبري يخدم أهالي الغرب قبل الشرق ولعدم تقسيم المدينة إلي شرق وغرب وفصل المصالح الحكومية عن باقي المدينة وأقنع رئيس الوزراء والحاضرين بضرورة وجود كوبري في منطقة السنترال مما ألزم رئيس الوزراء بإصدار تعليماته للمختصين بعمل الكوبري للضرورة.
وأضاف بشيري، أن الغريب أن يتم إلغاء الكوبري ولا احد يطالب به من أعضاء مجلس النواب ولا المسئولين ولا يسعنا إلا أن نقول ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) وحسبنا الله ونعم الوكيل، واتقوا الله في بلدكم وأهلكم.