الصيام شريعة قديمة فرضت على الأمم السابقة فهل كان صيامها مثل صيامنا؟ ولقد نصح الإسلام الشباب غير القادر على الزواج بالصوم فلماذا؟ يقول الله تبارك وتعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» «البقرة ١٨٣-١٨٥» لما ذكر الله عز وجل ما كتب على المكلفين من القصاص والوصية ذكر أيضا أنه كتب عليهم الصيام وألزمهم إياه وأوجبه عليهم، كما أوجبه على الأمم السابقة قبلهم، والصوم في اللغة معناه الإمساك وترك التنقل من حال إلى حال، وفى الشرع الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وتمامه وكماله باجتناب المحظورات وعدم الوقوع في المحرمات، والكاف في قوله « كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ» في موضع نصب على لنعت والتقدير كتابا كما، أو صوما. كما أو على الحال من الصيام أي كتب عليكم الصيام مشبها كما كتب على الذين من قبلكم والتشبه يرجع إلى وقت وقدر الصوم، فإن الله كتب على موسى وعيسى صوم رمضان فغير أتباعهما وزاد الأحبار عليه عشرة أيام ونقلوه من أيام الحر إلى أيام الربيع، وقيل التشبيه راجع إلى أصل وجوب الصوم على من تقدم لا في الوقت والكيفية ، وقيل راجع إلى صفة الصوم الذي كان عليهم من منعهم من الأكل والشراب والنكاح. فإذا حان الإفطار فلا يفعل هذه الأشياء من نام، وما دام الحق تبارك وتعالى قد أخبرنا بأنه كتب علينا الصيام كما كتب على الذين من قبلنا فإن الصيام المكتوب سابقا على الأمم يكون هو الصيام المفروض علينا ويكون صيامهم مثل صيامنا. ونصح الإسلام الشباب غير القادر على الزواج بالصيام لأن الصيام يكسر حده الشهوة ويقلل من مخاطرها كما أنه يربط العبد بربه ويقوى عنده الخوف من الله فلا يقدم على ما يغضب الله تعالى فيحمى نفسه من الوقوع في جريمة الزنا، كما يقوى عنده الرجاء والأمل في الثواب من الله، فيكون العبد دائرا بين الخوف والرجاء وهى درجة عظيمة من تقوى الله عز وجل.