علي مدي السنوات الثلاث الماضية صمدت العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية لمختلف الضغوط والمؤامرات الخارجية، وللظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، ولمحاولات مد النفوذ وبسط السيطرة علي الوطن العربي أو إغراقه في الفوضي والدمار. وقبل ٣٠ يونيو كان كل شيء يسير وفق مخططات الأعداء، ومع غياب عربي كامل عن التأثير في الأحداث. لتنقلب الأوضاع تماما بعد اسقاط حكم الإخوان الفاشي في مصر، ومع الوقفة التي لا تنسي لأشقائنا العرب وفي المقدمة السعودية والإمارات في دعم إرادة شعب مصر وفي مساندة صمودها في وجه ضغوط المتآمرين مع الإخوان من القوي الدولية والإقليمية التي شعرت بحجم الهزيمة التي تلقاها مخططها بعد أن أفلتت «الجائزة الكبري» وهي مصر من قبضتهم.. وعادت لتشكل مع السعودية نقطة ارتكاز لاستعادة التواجد العربي بعد طول غياب (أو غيبوبة) كان الأعداء يراهنون عليها لوضع الخريطة الجديدة للمنطقة في غياب العرب.. وعلي حسابهم!! يحل العاهل السعودي الملك سلمان اليوم ضيفا عزيزا علي القاهرة، والمعني الأساسي الذي ينبغي التأكيد عليه هو أن التحالف الاستراتيجي بين القاهرة والرياض هو أمر لا غني عنه في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، أو في أي ظروف. وبدون هذا التحالف (الذي ينبغي أن نضع في إطاره دولا شقيقة تقف في نفس الخط كدولة الإمارات) فإن الفوضي المخطط لها من الأعداء ستعم، والغياب العربي عن الفعل المؤثر في الأحداث سيكون هو سيد الموقف!! أحداث السنوات القليلة الماضية أثبتت للجميع أن الاعتماد علي أطراف أجنبية من الدول الكبري لضمان الأمن هو خرافة. وأنه لا بديل عن قوة عربية تحمي بنفسها الأرض والمصالح العربية. وأحداث السنوات الماضية أثبتت أن التحالف المصري - السعودي أكثر من ضرورة ليس فقط للدولتين الشقيقتين، ولكن لأمن المنطقة العربية كلها التي تواجه إرهابا غير مسبوق، كما تواجه أطماع الدول الإقليمية غير العربية في مد نفوذها وبسط سيطرتها علي المنطقة. قد تختلف وجهات النظر في التفاصيل أو في ترتيب الأولويات، ولكن المهم أن يكون الاتفاق تاما بين القاهرة والرياض علي الخطوط الأساسية لمواجهة الأخطار المحدقة بناء وعلي استراتيجية واضحة لبناء القوة العربية القادرة علي حماية الأمن العربي من الإرهاب بكل جماعاته، ومن قوي اقليمية تتصور أنها قادرة علي رفع أعلامها علي عواصم عربية، ومن مخططات لم تعد خافية لإعادة تقسيم المنطقة أو ما يتبقي منها بعد الدمار!! زيارة العاهل السعودي الملك سلمان لمصر ولقاؤه مع الرئيس السيسي رسالة للجميع (وأولهم الأشقاء العرب) بأنه لابديل عن التحالف الاستراتيجي الذي قدمت القاهرة والرياض نموذجا له.. ولا حل إلا الحل العربي الذي نصنعه بأنفسنا ونفرضه بإرادتنا الحرة وقوتنا الذاتية.