رغم صغر سنها إلا أنها كانت تتمتع بأنوثة طاغية وقوام ممشوق، يسيل لعاب كل من تقع عيناه عليها ويصطنع الحجج في محاولة للاقتراب منها أو على الأقل محادثتها. ارتادت الكباريهات ليلاً والكافيهات نهاراً، حتى أنهت حياتها تاركة وراءها تساؤلات أثقلت رؤوس المقربين لها، بعد العثور على وصيتها الغامضة التي سطرتها بدموع وأنين بعد أن اتخذت القرار بالانتحار. أشعلت الفتاة سيجارتها، وهي داخل إحدى الكافيهات التي اعتادت الجلوس بها، بينما جلس الشاب يرمقها بنظرات إعجاب، وبابتسامة عريضة وقلق اقترب منها ودون مقدمات يطلب منها الزواج، علت وجهها الدهشة من تصرف الشاب الوسيم، تبادلا أطراف الحديث، وبكلمات الحب والعشق أكد لها صدق مشاعره فهي الفتاة التي بات يحلم بها والملكة التي لم ولن يتنازل عنها، معتقداً بأن القدر ساقهما لهذا اللقاء. علت وجهه الدهشة، وارتجفت أنامله من شدة الفرح عندما فاجأته بموافقتها على الزواج منه ولكن بشرط أن يكون زواجاً عرفياً، لم يتردد وكأن القدر استجاب لرغبته ولم تراوده نفسه ولو لبرهة عن سبب اختيارها للزواج منه عرفياً، وعاشا أجمل أيام حياته معها، حيث وقعت المفاجأة على رأسه كالصاعقة عندما اكتشف بأنها مدمنة للمخدرات وعاشقة للخمور، وتقضي معظم أوقاتها خارج المنزل تتنقل بين الكباريهات والملاهي الليلية. حاول أن يتقرب إليها وإثنائها عما تفعله لكن دون جدوى، وفي أحد الأيام انتفض الزوج على صوت رنين هاتفه المحمول، حيث المتحدث يخبره بوجود زوجته بقسم شرطة بإحدى المحافظات لاتهامها التعاطي والاتجار، هرول الزوج مسرعاً مصطحباً محاميه، وقام دفع كفالة مالية كبيرة مقال الإفراج عنها على ذمة التحقيقات، وبدموع ونظرات توسل تطلب من الزوج أن يغفر لها ويسامحها فهو القلب النقي الذي شعرت بصدق مشاعره وحبه لها دون أي غريزة أو شهوة، ومعاملتها كأنثى وامرأة وملكة متوجة، وبإلحاح شديد تطلب منه الزواج شرعياً، لكنه رفض، وطلب منها تأجيل الأمر ووضعها تحت الاختبار حتى تقلع عن إدمانها وتصرفاتها الهوجاء. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ونشبت بينهما مشادة كلامية أثناء عودتها مخمورة في وقت متأخر من الليل، ترك الزوج المنزل على إثرها بعد أن أكد لها عدم الزواج منها، واستحالة العشرة بينهما خاصة وأنها لم تفي بوعدها. جحظت عين الزوج وتقطعت أنفاسه، أثناء المكالمة الهاتفية حيث أخبرته والدة زوجته بأن ابنتها متزوجة من آخر ولديها طفلة (3 سنوات)، لكنها طلبت الانفصال عنه منذ فترة قصيرة وطلقها بالفعل. توالت المفاجآت على رأس الزوج كالصاعقة، حيث فوجىء بوالد الزوجة وشقيقها يتهمونه بقتلها، بعد أن عثر عليها جثة ممدة داخل شقتها بأحد الأحياء الراقية منطقة الهرم، وجوارها الوصية الغامضة، حيث سطرت بها تنازلها عن الشقة وجميع محتوياتها لأول شخص يتقدم لشرائها أو استئجارها. وبورود تقرير الطبي المبدئي تبين تناولها كمية كبيرة من عقار الترامادول المخدر، وإصابتها باختناق توفيت على إثره في الحال، وجاء قرار وكيل النائب العام باستخراج جثة الزوجة وأخذ عينة للوقوف على سبب الوفاة وما إذا كان هناك شبهة جنائية من عدمه.