في مثل هذا اليوم من 134 عاماً ، و بالتحديد سنة 1884، عين " نوبار باشا "رئيس وزراء مصر ، " غورودن باشا " حاكماُ للسودان ، لمعرفته الجيدة بها ، وشجاعته ونزاهته ، علي الرغم من غرابة أطواره و احتقاره للألقاب و السلطة . وجاء اختيار غورودن باشا ، ليتولى تنفيذ سياسة انسحاب الحاميات المصرية من الخرطوم و غندكرو ، و دنقلة خاصة وأن بها مايقارب ال 6000 جندي و 50000 من السكان المدنيين . وفي يوم 17 فبراير عام 1884 ، وصل غوردون باشا إلي الخرطوم فاستقبل استقبالا رائعا ، ففتح أبواب السجون ، ووزع الحبوب ، وزار المرضي في المستشفيات ، وراح يتحبب إلي الناس. وبعد اندلاع ثورة السودان، بقيادة محمد أحمد، الذي أعلن نفسه المهدي ، نظم غوردون دفاعاً محكما عن الخرطوم استمر ما يقارب العام مما أكسبه إعجاب البريطانيين ، ولكن القدر لم يمهله أكثر من عام واحد ، وسقطت بعدها الخرطوم في أيدي المهدي وقتل غوردون باشا. الجدير بالذكر أن غوردون باشا نفسه لم يكن يؤمن بسياسة إخلاء السودان ، بل كان يصر على تقوية هذه الحاميات ودعم الإدارت المحلية لمواجهة غارات المهدي . ومن المعروف أن الحكومة البريطانية كانت تتخذ سياسة الضغط علي الحكومة المصرية ، بعد أن رفضت أن ترسل تعزيزات للدفاع عن السودان ، وأبلغت مصر عن طريق معتمدها في القاهرة "السير ايفلن بارنج" ، إخلاء السودان ، وتسريح رجال الحاميات المصرية ، لكي يتيسر للإنجليز حرية العمل في المستقبل . و كانت الحكومة المصرية تعارض الضغوط البريطانية ، وكان رئيس وزراء مصر شريف باشا في ذلك الوقت من أشد المعارضين لسحب الجيش المصري من السودان قائلا : إذا تركنا السودان .. فإن السودان لن يتركنا ! . و عندما رأي شريف باشا أن التدخل الإنجليزي قوي ، قدم استقالته احتجاجا علي هذه السياسة و تألفت حكومة نوبار باشا فقبلت في الحال تنفيذ سياسة إخلاء السودان .