عقب تعرض فرنسا للهجمات الإرهابية الشرسة في ال 13 من نوفمبر الماضي، تغيرت الكثير من معالم الحياة هناك وارتدى الرئيس فرانسوا أولاند زى رجل الحرب الذي أخذ على عاتقه مهام الدفاع عن وطنه. فلأول مرة منذ حرب الجزائر، أعلنت فرنسا حالة الطوارئ لتفرض حزمة من القرارات المستجدة على المجتمع والشعب الفرنسي. وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، شهادة كاتب بلجيكي أكد أن خطاب الرئيس الفرنسي لم يختلف كثيرا عن خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش إبان هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2011، فلهجة إعلان الحرب والنضال في وجه الجهاديين، كانت واحدة. وأضاف الكاتب البلجيكي أن تلك اللهجة الحادة التي تحدث بها أولاند، كانت معزية لألام الفرنسيين، ولكن الأهم هو النتيجة والمحصلة النهائية، وكيفية قيام فرنسا بالانتقام لما حدث لها. ولكن في ظل تلك الظروف الصعبة التي دفعت الدولة لإعلان حالة الطوارئ، تتعارض تلك الحالة مع الحريات المدنية، فحظر التجوال وتقييد حرية تكوين الجمعيات والجماعات وإعطاء السلطات الأمنية صلاحيات كبيرة، دفع العديد من الأوساط السياسية والبرلمانية إلى إعلان تخوفهم من سوء استخدام تلك الصلاحيات بما يضر المواطن ويقيده. وأكثر ما يثير التخوفات أيضا، هو الخروج عن القيم التي عاشت عليها الدولة الفرنسية طيلة قرنين، كما حدث مع الولاياتالمتحدة حين قامت بغزو العراق والقيام بتعذيب السجناء وفتح سجن جوانتانامو، ولكن تجاوزات واشنطن كانت على الغير أمريكيين، أما الأمريكيين فاستمرت حياتهم تسير في حرية وعدم تقييد. ولم يقف الأمر عند حد تخوفات الأوساط هناك، بل وصل إلى قيام مجلس أوروبا بالخروج والتصريح بأن حالة الطوارئ المفروضة في فرنسا مخالفة للاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، من جهة أخرى خرجت بعض المنظمات غير الحكومية تشتكي من تعرض بعض المسلمين لمضايقات وأن بعض المنازل ودور العبادة تعرضت للمداهمات على الرغم من بعدها عن الشبهات وعدم وجود أدلة لتردد المتطرفين عليها. فوي كافة الأحوال، لا يوجد تهديد إرهابي صريح أو هجوم على الأراضي الفرنسية، لذا فإن المعنيين بحقوق الإنسان اتفقوا أنه لا يحق لباريس القيام بأي حالات تعذيب أو سوء معاملة المواطنين أو انتهاك لأي حق من حقوق الإنسان.