اختلال جديد في موازين العلاقات الدولية بين روسياوتركيا تشهده الساحة الدولية عقب إسقاط مقاتلة روسية الثلاثاء 24 نوفمبر، الحادث الذي تستمر به حالة الحرب «التاريخية» بين الجانبين. بدأت حالة الحرب في الوصول لمرحلة "الغليان" في القرن الثامن عشر، والقرن التاسع عشر مع حرب "القرم"، فمن ناحية؛ تعتبر تركيا نفسها أنها مركز الدفاع عن الإسلام في ذلك الوقت، بينما تعتبر روسيا نفسها حصن الأرثوذكسية المسيحية. مشاركة الجيش المصري في حرب القرم: شهادات عديدة خططها مؤرخون وقادات جيوش شاركت في حرب القرم (1853م : 1855م).. اتفقت كلها على بسالة قوات الجيش المصري المشاركة في الحرب. هؤلاء هم الجنود الذين ألقي القبض عليهم بغلظة وانتزعوا من عقر دورهم وصياح أولادهم من حولهم يطن في آذانهم، وانتقلوا من ضفاف فروع النيل المضيئة بنور الشمس إلى غدران نهر الدانوب القاتمة.. ومع هذا قد ظلوا إلى نهاية الحرب محتفظين ببسالتهم وقوة روحهم العسكرية.. وأظهروا في كل وقت وآن جلدًا وصبرًا عند التعب والحرمان.. غير أنه ويا للحسرة والندم نصفهم ألقى آخر نظرة إلى مصر لدى سفره منها". تلك كلمات كغيرها من كثيرات كتبها "جنرالات" إنجليز وفرنسيين عن مشاركة جند مصر في حرب القرم (1853م : 1855م) ضد الطموح الروسي في تركيا إبان عصر الدولة العثمانية. أمر السلطان عبدالمجيد (سلطان الدولة العثمانية) في 1853م من عباس باشا الأول (والي مصر) أن يرسل الجيش المصري لمساعدة إنجلتراوفرنساوتركيا في تحرير "القرم" العثمانية منذ 1475م من أيدي الروس. ولكون مصر في هذا الوقت تحت الولاية العثمانية، أمر عباس الأول بتعبئة أسطول من 12 سفينة مزودة ب 642 مدفعًا و6850 جنديًا بحريًا بقيادة أمير البحر المصري حسن باشا الإسكندراني. كما أمر والي مصر بتعبئة جيش بري ما يقارب 20 ألف جندي و72 مدفعًا بقيادة الفريق سليم فتحي باشا، إضافة إلى النجدات اللاحقة والتي شملت عددًا كبيرًا من الجنود والسفن. وأعلنت الدولة العثمانية الحرب رسميًا على روسيا في 4 أكتوبر 1853م، وانضمت فرنسا وانجلترا إلى مصر وتركيا في الحرب ضد روسيا 27 مارس سنة 1854م. فقد الجيش المصري في أكتوبر 1855 بارجتين مصريتين غرقًا في البحر الأسود، بإجمالي وفاة 1920 بحارًا، ونجاة 130 رجل فقط، بخلاف عدد آخر من جنود مصر فقدوا حياتهم في المعارك على مدار ما يزيد عن العام. وأرسل السلطان العثماني سعيد باشا (والي مصر وقتها) – بعد معاهدة الصلح مع الجانب الروسي في 1856م - خطابًا يشكره على ما قدمته مصر للدولة العثمانية من المساعدة في هذه حرب القرم، ويمجد في خطابه جنود مصر، كما منح السلطان عددًا من القادة والجنود المصريين أوسمة نتيجة بطولاتهم. وتشير الأرقام إلى أن إجمالي خسائر حرب القرم من الجانب العثماني بمشاركة مصر وتركياوإنجلتراوفرنسا بلغ 300,000–375,000 قتيل، منهم 70,000 ضحايا المعارك، عند الجانب الروسي اليونان وبلغاريا بلغ 60,000 - 110,000 قتيل. مؤخرًا، انضمت جمهورية "القرم" رسميًا إلى روسيا في 21 مارس 2014 بعد الاستفتاء الذي أقيم في 16 مارس 2014، بعدما كانت القرم تنتمي لأوكرانيا تحت اسم جمهورية الحكم الذاتي وعاصمتها "سيمفروبول". بين نصرًا واستعادة "القرم" للدولة العثمانية إلى جانب تركيا على حساب روسيا.. وما يزيد عن 2000 شهيد قدمهم الجيش المصري.. هل ستلزم مصر الوازع العثماني في رسم خريطة علاقاتها الدولية مع روسيا ؟ أم أن توتر العلاقات المصرية – التركية من ناحية أخرى يضاف له قوة العلاقات المصرية – الروسية على جميع الأصعدة، وأهمها؛ التعاون العسكري يرسم خريطة أخرى مختلفة وأكثر واقعية للصالح المصري؟.