فى عام 1853 طلب نيقولا قيصر روسيا من السلطان العثمانى عبد المجيد الاعتراف بحماية روسيا لرعايا الدولة العثمانية من الروم الأرثوذكس وهو ما رفضه السلطان فكان القرار الروسى هو الزحف على الأراضى العثمانية فقامت حرب بين البلدين عرفت لاحقا بحرب القرم. واستجابة لطلب السلطان أرسل عباس باشا الأول والى مصر قوات لمساندة الدولة العثمانية تتكون من 12 سفينة حربية مزودة ب 643 مدفعا و6850 جنديا بقيادة أمير البحر المصرى حسن باشا الإسكندرانى (وكان من مماليك محمد على باشا ودرس فنون البحرية فى فرنسا)، وجيش برى يضم 19722 جنديا بقيادة الفريق سليم فتحى باشا (وكان من أنبغ تلاميذ سليمان باشا الفرنساوى رئيس أركان الجيش المصرى فى عهد محمد على واستشهد خلال حرب القرم). وكانت هذه القوات هى الدفعة الأولى من 3 دفعات مصرية تم استكمالها لاحقا خلال عهدى عباس الأول وسعيد باشا لمساندة السلطان العثمانى بإجمالى 50657 جنديا. وبعد 3 أسابيع من الإبحار وصلت الدفعة الأولى من القوات المصرية يوم الأحد 14 أغسطس إلى الأستانة (أسطنبول) وكان فى استقبالها محمد على باشا سر عسكر الجيش التركى (غير ولى مصر) وسعادة محمود باشا أمير العمارة البحرية التركى وسعادة محمد باشا قائد حرس السلطان. بالإضافة إلى مصر، قررت فرنسا وإنجلترا فى مارس 1854 المشاركة فى الحرب إلى جانب تركيا خوفا من توسع نفوذ الدولة الروسية على حساب الدولة العثمانية التى كانت تمر بمرحلة تدهور وتراجع إيذانا بنهايتها بعد ذلك بسبعة عقود. وخلال الحرب شاركت القوات المصرية فى معارك عديدة ، من أهمها حصار مدينة سباستبول (مقر القاعدة البحرية الروسية حاليا) الذى استمر لمدة عام وانتهى بسقوط المدينة. وفى عام 1856 عقدت الدولة السنية صلحا مع روسيا انتهت بموجبه الحرب، فكان ذلك إيذانا بعودة القوات المصرية إلى بلادها. هذه صفحات من تاريخ العسكرية المصرية قد لا يعرفها كثيرون ولكننا رأينا إلقاء بعض من الضوء عليها نقلا عن كتاب الأمير عمر طوسون (الجيش المصرى فى الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم) بمناسبة الأزمة الحالية بين روسيا والغرب حول هذا الإقليم الذى اختار الانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا. لمزيد من مقالات سامح عبد الله