قال الكاتب البريطاني ديفيد غاردنر إن الرئيس التركي رجب طيب أردوجان إذا كان قد فاز بتحدي الانتخابات البرلمانية، فلا يزال عليه التقاط أجزاء بلد منقسم بعمق. واستهل مقاله الذي نشرته الفاينانشيال تايمز بالقول إن تكتيك أردوجان في استقطاب الرأي العام في تركيا قد نجح؛ إذْ استعاد حزبه الحاكم الأحد أغلبية البرلمان بعد ضياعها منه في انتخابات يونيو الماضي مخلفة البلاد ببرلمان مُعّلق بعد 13 عاما في قبضة حكومة حزب واحد هو العدالة والتنمية. ونوه غاردنر إلى ما شهدته الأشهر الخمسة منذ انتخابات يونيو من استئناف للحرب بين الدولة التركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني بعد هدنة طويلة؛ وتعمُق للعداوة الطائفية بين حزب العدالة والتنمية السُني الحاكم وحزب الشعب الجمهوري الشيعي المعارض؛ وشنّ أردوجان لهجوم مباشر على الإعلام المستقل، سواء أكان علمانيا أم منحازا لحلفاء إسلاميين سابقين. وعزا غاردنر خنْق أردوجان للمفاوضات في مهدها بين حزبه والمعارضة على تشكيل حكومة ائتلاف بعد يونيو - إلى تخوفه من فتح ملفات فساد بعضُ أفراد بطانته متورطين فيها. واتهم غاردنر نظام أردوجان باستغلال قتْل حزب العمال الكردستاني شُرطيين تركيين انتقاما لما ظنه الحزب تواطؤا بين أنقرة وتنظيم داعش على تفجير مركز ثقافي كردي على الحدود مع سوريا راح ضحيته 34 كرديا - وقال غاردنر إن أردوجان تذّرع بهذه الأحداث لاستئناف العداوات مع حزب العمال الكردستاني مصنفا إياه بأنه تنظيم إرهابي. وخلافا لما أظهرته استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات، نجحت تكتيكات أردوجان؛ إذْ استعاد حزب العدالة والتنمية أصوات ثلاثة ملايين ناخب، معظمهم من القوميين الأتراك في اليمين المتطرف وربما بعضهم كذلك من أكراد السُنة الأتقياء، على حساب حزب الشعوب الديمقراطي لقد لخص أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء الذي اختاره أردوجان، المشهد كله في تغريدة من كلمتين "الحمد لله". ومضى غاردنر متسائلا "بعد انتصار أردوجان الشخصي، السؤال الآن هو هل تركيا المنقسمة على نفسها، التي يرتفع على حدودها النزاع العرقي والطائفي في كل من سوريا والعراق - هل تركيا هذه قابلة للحُكْم؟" ونوه عن فشل أردوجان مع ذلك في تأمين عدد الأصوات اللازمة حتى يتسنى له تغيير دستور تركيا من دولة ذات نظام برلماني إلى نظام حُكْم الرجل الواحد. ورأى غاردنر أن أردوجان الرئيس الحالي والذي رأس الوزراء قبل ذلك ثلاث فترات هو لا يزال الرجل الأقوى في تركيا، لكن ذلك لن يصّب في صالحه ولا في صالح بلاده إذا ما استمر في تقسيم أبناء شعبه. وحذر الكاتب من أنه، وبعد استعادة حزب العدالة والتنمية أغلبيته الضائعة، فإن ثمة حاجة إلى حنكة سياسية استثنائية تُدار بها الأمور في تركيا حتى لا تتمزق. وكان حزب العدالة والتنمية قد أحرز في انتخابات الأحد نسبة 49.4% من أصوات الناخبين مقابل 25.4% حصل عليها حزب الشعب الجمهوري المعارض.