إذا استمر الانفجار السكاني عندنا علي ماهو عليه الآن.. سنصل إلي مائة وخمسين مليون نسمة خلال العشرين عاما القادمة.. انتبهوا.. لهذا الخطر هناك حقائق مزعجة لابد من ذكرها،..، وأشياء اخري مؤلمة لابد من قولها،..، وأمور ثالثة محبطة سأحاول جاهدا صياغتها في شكل وصيغة يمكن احتمالها أو بلعها،..، ولكني لا استطيع ان اعد احدا بأنها لن تكون بالرغم من ذلك صادمة. وقبل أن ادخل في ذلك، لابد أن في البداية من القول، بأني لست بالقطع ممن يسعون بأي صورة من الصور لإشاعة الخوف أو حتي التوتر والقلق في نفوس الناس، بل لعلي علي العكس من ذلك، اسعي بكل الجهد كي اكون من العاملين بالحكمة القائلة، »بشروا ولاتنفروا» وذلك ايمانا مني بأن ذلك أفضل في وقعه علي البشر بصورة عامة، وأدعي لنشر الإحساس العام بالتفاؤل، حتي ولو كان الواقع المحيط بنا مليئابالكثير من المنغصات التي لاتساعد كثيرا علي التفاؤل أو الاستبشار. واصارحكم القول اني من المؤمنين بأن كل انسان هو صانع حالته المعنوية، والمسئول الأول عن اشاعة جو من التفاؤل والاستبشار حوله وفي محيطه، أو اشاعة جو يناقض ذلك ويعاكسه،...، ولكني مع ذلك، وبالرغم منه أرجو التنبه إلي أني قد اكدت ايماني بأن كلا منا هو المسئول الأول، ولم أقل انه المسئول الوحيد، حيث ان هناك بالقطع عدة عوامل ومؤثرات اخري خارجة عن نطاق الفرد ذاته، تتدخل في صياغة وتكوين الحالة المعنوية والمناخ العام بالنسبة للأفراد والجموع. الانفجار قادم والآن، وقد مهدنا لذكر ما نريد من الحقائق التي نرجو ألا تكون علي قدر كبير من الازعاج،..، علينا ان نبدأ بالإشارة إلي ذلك الرقم المؤكد من جميع المصادر الرسمية في الدولة، والذي يقول ان تعدادنا الآن قد اصبح يزيد علي الستة والتسعين مليون نسمة، وانه يزداد سنويا بمعدل »2٫6٪» أي ما يزيد علي المليونين ونصف المليون نسمة كل سنة، وهو ما يعني ببساطة ان هناك زيادة متوقعة في عدد السكان بمصر المحروسة، خلال العشر سنوات القادمة فقط يصل إلي ما يزيد علي الخمسة والعشرين مليون انسان،..، »طبعا في عين العدو». ولو تأملنا هذا الرقم، دون حسد، لوجدناه يزيد علي ربع عدد السكان الحالي، بل ويكاد يصل إلي ثلث عدد السكان،..، واذا اضفنا عشرسنوات اخري بنفس نسبة الزيادة السنوية الحالية، فإن الرقم يصل بالقطع إلي مايزيد علي الخمسين مليونا من الأطفال والصبية والشباب،...، وهو ما يعني إضافة اجمالية توازي تعداد خمس دول متوسطة الحجم السكاني تحتوي كل منها علي عشرة ملايين نسمة إلي تعدادنا الحالي. ولكننا لن نتوقف في كثير أو قليل أمام ما إذا كانت هذه الزيادة تمثل عشردول تضم كل منها خمسة ملايين نسمة، أو خمس دول تضم كل منها عشرة ملايين نسمة، فهذه كلها ستؤدي بنا إلي طريق واحد ونتيجة واحدة، وهي أن هؤلاء الملايين الخمسين من الاطفال والصبية والشباب، الذين سيضافون إلي ابناء وطننا خلال العشرين عاما القادم، يحتاجون إلي اشياء كثيرة واحتياجات كثيرة في جميع مناحي وسبل الحياة،...، في المأكل، والمشرب، والصحة، والخدمات والمرافق، والتعليم، والطرق، والمساكن، وغيرها.. وغيرها. حقائق مفزعة وقبل ان نستطرد في استعراض جوانب هذه القضية، وبيان خطورتها وتأثيرها الشديد علي الدولة المصرية بصفة عامة، وكل فرد من الافراد وكل أسرة من الأسر المصرية، سنتوقف قليلا امام هذا الرقم كي نتأمل في معناه وتداعياته وأثره علي كل منا. وبإعادة قراءة الارقام مرة اخري نجد اننا امام زيادة سنوية في السكان تصل إلي ما يزيد علي مليونين ونصف المليون، اي ما يزيد علي الخمسة والعشرين مليون نسمة في عشر سنوات، وهو ما يعني اضافة دولة اخري تعدادها يزيد علي الخمسة والعشرين مليون مواطن، إلي الدولة المصرية الحالية، والتي يصل عدد سكانها الفعلي الآن، وفقا لما اكده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في اخر احصاء له، ما يزيد علي »88 مليونا» ثمانية وثمانين مليون نسمة في داخل الدولة،...، فإذاما اضفنا إليهم ثمانية ملايين اخري من المصريين خارج البلاد، فإن عدد السكان الكلي يزيد علي الستة والتسعين مليونا »96» مليونا الآن، وفي لحظة قراءة هذه اليوميات. ولمن يحسنون قراءة الارقام نقول ان ذلك يعني ببساطة ان عدد السكان في مصر المحروسة بعد عشر سنوات فقط، سيصل إلي ما يزيد علي مائة وعشرين مليونا »120 مليونا»،...، ولو ظل معدل الزيادة علي ما هو عليه الآن سنويا، يصبح تعداد مصر خلال عشرين عاما فقط اكثر مما هو عليه الآن بخمسين مليون نسمة، أي اننا في عام 2035 سيصل تعدادنا إلي ما يقارب المائة والخمسين مليونا،...، وهو رقم هائل يحتاج إلي ادراك واع وحكيم لمعناه ومتطلباته، وما يفرضه ذلك من جهد كبير وعمل مكثف، للوفاء بالاحتياجات الاساسية اللازمةلتوفير الحياة الكريمة لهم جميعا،...، وهذه مهمة لا نقول عنها انها مستحيلة او غير ممكنة، ولكننا نقول انها صعبة وشاقة،...، ولكنها بالقطع تتطلب ان ننظر اليها بكل الجدية والاهتمام وبأكبر قدرمن المسئولية. خارج السيطرة وإذاما أردنا الصراحة، وهي واجب وضرورةلابد من التمسك بها، فلابد ان نقول ان هذه الزيادة السنوية في عدد السكان تمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لنا إذاما ظلت علي ما هي عليه الآن، وإذا لم نعمل علي ترشيدها بقدر الإمكان، والسيطرة عليها علي قدر المستطاع، بحيث لاتكون كما هي الآن عقبة جسيمة في طريق النمو الاقتصادي الذي نسعي إليه، وبحيث لاتتحول إلي غول يلتهم كل الجهد المبذول علي طريق التنمية، ويحبط كل المحاولات الجارية للخروج من الأزمة الاقتصادية، التي نحن فيها الآن ومنذ سنوات.وحتي يكون الأمر واضحا، والصورة ظاهرة بالقدر الكافي امامنا جميعا،دون لبس أو خطأ في الفهم، علينا ان ندرك ان اي زيادة في الانتاج لن تكون محسوسة في ظل الزيادة السكانية الجارية الآن، وان الخطر من استمرار هذه الزيادة الكبيرة يمكن ان يؤدي إلي تفاقم وتصاعد الازمة الاقتصادية بكل صورها واشكالها. هذه للأسف هي الحقيقة التي يجب ان نقولها بصراحة، والتي يجب ان نعترف بها دون موارة،..، والتي يجب ان نعمل بكل الجهد علي مواجهتها والحد منها، حتي نستطيع الخروج من عنق الزجاجة الذي حشرنا انفسنا فيه طوال السنوات الماضية وحتي الآن، عندما تغافلنا عن اخطار الزيادة السكانية غير المرشدة وغير المنضبطة، وتركناها تكبر وتتضخم بصورة عشوائية، حتي اصبحت غولا يأكل الأخضر واليابس علي ارض مصر، واصبحت تمثل تهديدا كبيرا لكل خطط وبرامج التنمية التي كنا نأمل ان تؤتي ثمارها،...، ولكن ذلك لم يحدث للأسف نظرا لأن غول الزيادة السكانية كان ولايزال يلتهم أي زيادة في الانتاج. زيادة عشوائية وما يجب ان نعلمه في هذا هو أن غول الزيادة السكانية، الذي تركناه ينطلق بصورة عشوائية ودون سيطرة او تنظيم ظل يضيف إلينا ملايين الأطفال كل عام، وهؤلاء يحتاجون إلي عشرات الآلاف من المدارس الجديدة كل عام، ويحتاجون إلي مئات الآلاف من المدرسين، عشرات الآلاف من وسائل النقل والمواصلات، ووسائل الاتصال، وملايين الملابس، والآلاف من المستشفيات ودور العلاج والاطباء وهيئات التمريض، وغيرها وغيرها من أدوات وسائل الخدمات والمرافق والانتاج، ولوازم الحياة المختلفة والضرورية. وقد يتصور البعض إننا نبالغ فيما نقوله، ولكن ذلك غير صحيح فلا مبالغة في ذلك علي الإطلاق،...، بل لابد ان نعرف وندرك اننا عندما نزداد كل عام ما يزيد علي المليونين ونصف المليون طفل، فإن معني ذلك ان هناك احتياجات اساسية لازمة وضرورية لابد من توفيرها، من الطعام والشراب والملبس والتعليم والعلاج والسكن والانتقال والعمل،..، وغيرها. وكل ذلك يعني الحاجة الماسة والضرورية إلي مزيد من المصانع، والمزيد من الأرض الزراعية المنتجة للغذاء والطعام،..، وهذا هو الأمر الطبيعي كي يتم توفير الاحتياجات الضرورية لهؤلاء القادمين الجدد، وتلك هي ابسط حقوقهم كأبناء لهذا الوطن،...، ولكن في ذات الوقت هذه مسألة تحتاج إلي تكاليف ومليارات الجنيهات أو الدولارات لبناء المصانع وإقامة المدن الجديدة والمساكن، وانشاء المدارس وتوفير المدرسين،و...و وغيرها،..، وكذلك ايضا تحتاج استثمارات هائلة في مجالات الانتاج والمشروعات لتوفيرفرص العمل لهذه الملايين التي تضاف سنويا إلي سوق العمل بعد ان تكبر وتتعلم. ضرورة المواجهة وفي ظل ذلك كله، قد تبدو هذه الرؤية من وجهة نظر البعض قاتمة أو تشوبها بعض القتامة، وهي في الحقيقة غير مضيئة بالقدر الكافي، وغير متفائلة ايضا،...، ولكن العذر في ذلك هو حرصنا علي المصداقية، وايماننا بانها ضرورة حتي ولو كانت تعطي صورة قاتمة نوعا ما،..، وذلك علي امل ان يؤدي ذلك إلي الرغبة في تغيير الواقع، والاصرار علي السعي الجاد والعمل الدؤوب للتحسين والاصلاح، حتي يكون الغد افضل من اليوم، والمستقبل اكثر اضاءة واشراقا. وفي ذلك نحن بالقطع لانريد ان نفقد الامل، ولانحب ان نشيع جوا من عدم التفاؤل، بل علي العكس من ذلك، نحن نسلط الضوء علي هذه القضية الخطيرة ذات الأثر السلبي علي جميع مناحي الحياة، وذات التأثير المؤكد علي الحاضر والمستقبل، بهدف اثارة اليقظة العامة في المجتمع كله للسعي الجاد لمواجهة المشكلة وعلاج السلبيات المتراكمة نتيجة تجاهلنا لها طوال السنوات الماضية وحتي اليوم. ونحن لانقول ان هذه المواجهة ستكون سهلة أو ميسورة، بل علي العكس من ذلك تماما، لأنها قضية اجتماعية وثقافية في المقام الأول، حيث انها تتصل اتصالا وثيقا بالمفاهيم الاجتماعية. والموروثات الثقافية، كما ان لها ارتباطنا في اذهان عموم الناس بالبعد العقائدي والديني،..، هذا بالاضافة إلي الابعاد المادية والمعنوية المتصلة »بالعزوة» الناجمة عن كثرة الابناء وتعدد افراد العائلة في المجتمعات الزراعية والريفية بصفة عامة،..، وهو ما يحتاج إلي جهد كبير واستنارة فكرية ونشرللوعي الثقافي، وتصحيح لبعض المفاهيم الدينية لدي عامة الناس من أهلنا في الريف والمدن ايضا، التي تعتبر ان التدخل بالتنظيم أو الترشيد في عدد الابناء، هو تدخل مكروه دينيا، ان لم يكن من المحرمات،...، وذلك يحتاج إلي جهد مكثف وصادق للتصحيح والتوضيح، يقوم علي الإقناع وتوضيح الحقائق ومعالجة السلبيات. قضية قومية وفي هذا قد يكون من المفيد أن نبحث في استخدام بعض الحوافز الايجابية أو السلبية، التي اخذت بها بعض الدول في مجال تنظيم الاسرة وترشيد الزيادة السكانية، وحققت نجاحا محسوسا في ذلك. ولابد أن ننظر إلي هذه المسألة علي كونها قضية قومية ملحة ومهمة، وفي كل الأحوال، لابد ان يكون التركيز في هذه العملية قائما علي الإقناع، كوسيلة اساسية لتحقيق الهدف والغاية، وان يسبق ذلك الايمان التام بصحة الهدف، من جانب القائمين علي الدعوة والسعي لتنظيم وترشيد النسل والحد من الزيادة العشوائية في عدد السكان، وان يكون لديهم رؤية واضحة لما ستعود عليه هذه الدعوة وذلك السعي من فائدة للمجتمع والدولة والأسرة والفرد، وان هذه الفائدة ستكون شاملة وعلي جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية. ومن المهم في ذلك ان يتم العمل والدعوةوالسعي بعيدا عن أي محاولة للإجبار قسرا أو دفع الناس بالشدة والقهر للالتزام بتحديد النسل أو تنظيمه وترشيد عدد الأبناء، لأن هذا لن يؤتي اي ثمرة ولن يؤدي إلي اي نتيجة ايجابية عندنا،...، وفي ذلك لابد ان يتم باتباع خطة واضحة يضعها علماء الاجتماع وعلم النفس ومعهم علماء الدين واساتذة الاقتصاد، وخبراء الاعلام، وان تكون هذه الخطة القومية الشاملة، مرنة في اسلوبها ومنهجها وان تراعي من تخاطبه في الريف أو الحضر او صعيد مصر والوجه القبلي والبيئة الصحراوية، وان تضع في اعتبارها التلاؤم مع تعدد وتنوع واختلاف المستويات الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لكل فئة من الفئات ولكل مجتمع من المجتمعات حتي تؤتي ثمارها ويقتنع المواطن بها وبأهدافها وغايتها،...، وهنا.. وهنا فقط نستطيع تجنب اخطار الانفجار السكاني الذي يتهددنا الآن بالفعل،..، والذي يمكن أن يصل بنا إلي مائة وخمسين مليونا من السكان خلال عشرين عاما أو أقل. إذا استمر الانفجار السكاني عندنا علي ماهو عليه الآن.. سنصل إلي مائة وخمسين مليون نسمة خلال العشرين عاما القادمة.. انتبهوا.. لهذا الخطر هناك حقائق مزعجة لابد من ذكرها،..، وأشياء اخري مؤلمة لابد من قولها،..، وأمور ثالثة محبطة سأحاول جاهدا صياغتها في شكل وصيغة يمكن احتمالها أو بلعها،..، ولكني لا استطيع ان اعد احدا بأنها لن تكون بالرغم من ذلك صادمة. وقبل أن ادخل في ذلك، لابد أن في البداية من القول، بأني لست بالقطع ممن يسعون بأي صورة من الصور لإشاعة الخوف أو حتي التوتر والقلق في نفوس الناس، بل لعلي علي العكس من ذلك، اسعي بكل الجهد كي اكون من العاملين بالحكمة القائلة، »بشروا ولاتنفروا» وذلك ايمانا مني بأن ذلك أفضل في وقعه علي البشر بصورة عامة، وأدعي لنشر الإحساس العام بالتفاؤل، حتي ولو كان الواقع المحيط بنا مليئابالكثير من المنغصات التي لاتساعد كثيرا علي التفاؤل أو الاستبشار. واصارحكم القول اني من المؤمنين بأن كل انسان هو صانع حالته المعنوية، والمسئول الأول عن اشاعة جو من التفاؤل والاستبشار حوله وفي محيطه، أو اشاعة جو يناقض ذلك ويعاكسه،...، ولكني مع ذلك، وبالرغم منه أرجو التنبه إلي أني قد اكدت ايماني بأن كلا منا هو المسئول الأول، ولم أقل انه المسئول الوحيد، حيث ان هناك بالقطع عدة عوامل ومؤثرات اخري خارجة عن نطاق الفرد ذاته، تتدخل في صياغة وتكوين الحالة المعنوية والمناخ العام بالنسبة للأفراد والجموع. الانفجار قادم والآن، وقد مهدنا لذكر ما نريد من الحقائق التي نرجو ألا تكون علي قدر كبير من الازعاج،..، علينا ان نبدأ بالإشارة إلي ذلك الرقم المؤكد من جميع المصادر الرسمية في الدولة، والذي يقول ان تعدادنا الآن قد اصبح يزيد علي الستة والتسعين مليون نسمة، وانه يزداد سنويا بمعدل »2٫6٪» أي ما يزيد علي المليونين ونصف المليون نسمة كل سنة، وهو ما يعني ببساطة ان هناك زيادة متوقعة في عدد السكان بمصر المحروسة، خلال العشر سنوات القادمة فقط يصل إلي ما يزيد علي الخمسة والعشرين مليون انسان،..، »طبعا في عين العدو». ولو تأملنا هذا الرقم، دون حسد، لوجدناه يزيد علي ربع عدد السكان الحالي، بل ويكاد يصل إلي ثلث عدد السكان،..، واذا اضفنا عشرسنوات اخري بنفس نسبة الزيادة السنوية الحالية، فإن الرقم يصل بالقطع إلي مايزيد علي الخمسين مليونا من الأطفال والصبية والشباب،...، وهو ما يعني إضافة اجمالية توازي تعداد خمس دول متوسطة الحجم السكاني تحتوي كل منها علي عشرة ملايين نسمة إلي تعدادنا الحالي. ولكننا لن نتوقف في كثير أو قليل أمام ما إذا كانت هذه الزيادة تمثل عشردول تضم كل منها خمسة ملايين نسمة، أو خمس دول تضم كل منها عشرة ملايين نسمة، فهذه كلها ستؤدي بنا إلي طريق واحد ونتيجة واحدة، وهي أن هؤلاء الملايين الخمسين من الاطفال والصبية والشباب، الذين سيضافون إلي ابناء وطننا خلال العشرين عاما القادم، يحتاجون إلي اشياء كثيرة واحتياجات كثيرة في جميع مناحي وسبل الحياة،...، في المأكل، والمشرب، والصحة، والخدمات والمرافق، والتعليم، والطرق، والمساكن، وغيرها.. وغيرها. حقائق مفزعة وقبل ان نستطرد في استعراض جوانب هذه القضية، وبيان خطورتها وتأثيرها الشديد علي الدولة المصرية بصفة عامة، وكل فرد من الافراد وكل أسرة من الأسر المصرية، سنتوقف قليلا امام هذا الرقم كي نتأمل في معناه وتداعياته وأثره علي كل منا. وبإعادة قراءة الارقام مرة اخري نجد اننا امام زيادة سنوية في السكان تصل إلي ما يزيد علي مليونين ونصف المليون، اي ما يزيد علي الخمسة والعشرين مليون نسمة في عشر سنوات، وهو ما يعني اضافة دولة اخري تعدادها يزيد علي الخمسة والعشرين مليون مواطن، إلي الدولة المصرية الحالية، والتي يصل عدد سكانها الفعلي الآن، وفقا لما اكده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في اخر احصاء له، ما يزيد علي »88 مليونا» ثمانية وثمانين مليون نسمة في داخل الدولة،...، فإذاما اضفنا إليهم ثمانية ملايين اخري من المصريين خارج البلاد، فإن عدد السكان الكلي يزيد علي الستة والتسعين مليونا »96» مليونا الآن، وفي لحظة قراءة هذه اليوميات. ولمن يحسنون قراءة الارقام نقول ان ذلك يعني ببساطة ان عدد السكان في مصر المحروسة بعد عشر سنوات فقط، سيصل إلي ما يزيد علي مائة وعشرين مليونا »120 مليونا»،...، ولو ظل معدل الزيادة علي ما هو عليه الآن سنويا، يصبح تعداد مصر خلال عشرين عاما فقط اكثر مما هو عليه الآن بخمسين مليون نسمة، أي اننا في عام 2035 سيصل تعدادنا إلي ما يقارب المائة والخمسين مليونا،...، وهو رقم هائل يحتاج إلي ادراك واع وحكيم لمعناه ومتطلباته، وما يفرضه ذلك من جهد كبير وعمل مكثف، للوفاء بالاحتياجات الاساسية اللازمةلتوفير الحياة الكريمة لهم جميعا،...، وهذه مهمة لا نقول عنها انها مستحيلة او غير ممكنة، ولكننا نقول انها صعبة وشاقة،...، ولكنها بالقطع تتطلب ان ننظر اليها بكل الجدية والاهتمام وبأكبر قدرمن المسئولية. خارج السيطرة وإذاما أردنا الصراحة، وهي واجب وضرورةلابد من التمسك بها، فلابد ان نقول ان هذه الزيادة السنوية في عدد السكان تمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لنا إذاما ظلت علي ما هي عليه الآن، وإذا لم نعمل علي ترشيدها بقدر الإمكان، والسيطرة عليها علي قدر المستطاع، بحيث لاتكون كما هي الآن عقبة جسيمة في طريق النمو الاقتصادي الذي نسعي إليه، وبحيث لاتتحول إلي غول يلتهم كل الجهد المبذول علي طريق التنمية، ويحبط كل المحاولات الجارية للخروج من الأزمة الاقتصادية، التي نحن فيها الآن ومنذ سنوات.وحتي يكون الأمر واضحا، والصورة ظاهرة بالقدر الكافي امامنا جميعا،دون لبس أو خطأ في الفهم، علينا ان ندرك ان اي زيادة في الانتاج لن تكون محسوسة في ظل الزيادة السكانية الجارية الآن، وان الخطر من استمرار هذه الزيادة الكبيرة يمكن ان يؤدي إلي تفاقم وتصاعد الازمة الاقتصادية بكل صورها واشكالها. هذه للأسف هي الحقيقة التي يجب ان نقولها بصراحة، والتي يجب ان نعترف بها دون موارة،..، والتي يجب ان نعمل بكل الجهد علي مواجهتها والحد منها، حتي نستطيع الخروج من عنق الزجاجة الذي حشرنا انفسنا فيه طوال السنوات الماضية وحتي الآن، عندما تغافلنا عن اخطار الزيادة السكانية غير المرشدة وغير المنضبطة، وتركناها تكبر وتتضخم بصورة عشوائية، حتي اصبحت غولا يأكل الأخضر واليابس علي ارض مصر، واصبحت تمثل تهديدا كبيرا لكل خطط وبرامج التنمية التي كنا نأمل ان تؤتي ثمارها،...، ولكن ذلك لم يحدث للأسف نظرا لأن غول الزيادة السكانية كان ولايزال يلتهم أي زيادة في الانتاج. زيادة عشوائية وما يجب ان نعلمه في هذا هو أن غول الزيادة السكانية، الذي تركناه ينطلق بصورة عشوائية ودون سيطرة او تنظيم ظل يضيف إلينا ملايين الأطفال كل عام، وهؤلاء يحتاجون إلي عشرات الآلاف من المدارس الجديدة كل عام، ويحتاجون إلي مئات الآلاف من المدرسين، عشرات الآلاف من وسائل النقل والمواصلات، ووسائل الاتصال، وملايين الملابس، والآلاف من المستشفيات ودور العلاج والاطباء وهيئات التمريض، وغيرها وغيرها من أدوات وسائل الخدمات والمرافق والانتاج، ولوازم الحياة المختلفة والضرورية. وقد يتصور البعض إننا نبالغ فيما نقوله، ولكن ذلك غير صحيح فلا مبالغة في ذلك علي الإطلاق،...، بل لابد ان نعرف وندرك اننا عندما نزداد كل عام ما يزيد علي المليونين ونصف المليون طفل، فإن معني ذلك ان هناك احتياجات اساسية لازمة وضرورية لابد من توفيرها، من الطعام والشراب والملبس والتعليم والعلاج والسكن والانتقال والعمل،..، وغيرها. وكل ذلك يعني الحاجة الماسة والضرورية إلي مزيد من المصانع، والمزيد من الأرض الزراعية المنتجة للغذاء والطعام،..، وهذا هو الأمر الطبيعي كي يتم توفير الاحتياجات الضرورية لهؤلاء القادمين الجدد، وتلك هي ابسط حقوقهم كأبناء لهذا الوطن،...، ولكن في ذات الوقت هذه مسألة تحتاج إلي تكاليف ومليارات الجنيهات أو الدولارات لبناء المصانع وإقامة المدن الجديدة والمساكن، وانشاء المدارس وتوفير المدرسين،و...و وغيرها،..، وكذلك ايضا تحتاج استثمارات هائلة في مجالات الانتاج والمشروعات لتوفيرفرص العمل لهذه الملايين التي تضاف سنويا إلي سوق العمل بعد ان تكبر وتتعلم. ضرورة المواجهة وفي ظل ذلك كله، قد تبدو هذه الرؤية من وجهة نظر البعض قاتمة أو تشوبها بعض القتامة، وهي في الحقيقة غير مضيئة بالقدر الكافي، وغير متفائلة ايضا،...، ولكن العذر في ذلك هو حرصنا علي المصداقية، وايماننا بانها ضرورة حتي ولو كانت تعطي صورة قاتمة نوعا ما،..، وذلك علي امل ان يؤدي ذلك إلي الرغبة في تغيير الواقع، والاصرار علي السعي الجاد والعمل الدؤوب للتحسين والاصلاح، حتي يكون الغد افضل من اليوم، والمستقبل اكثر اضاءة واشراقا. وفي ذلك نحن بالقطع لانريد ان نفقد الامل، ولانحب ان نشيع جوا من عدم التفاؤل، بل علي العكس من ذلك، نحن نسلط الضوء علي هذه القضية الخطيرة ذات الأثر السلبي علي جميع مناحي الحياة، وذات التأثير المؤكد علي الحاضر والمستقبل، بهدف اثارة اليقظة العامة في المجتمع كله للسعي الجاد لمواجهة المشكلة وعلاج السلبيات المتراكمة نتيجة تجاهلنا لها طوال السنوات الماضية وحتي اليوم. ونحن لانقول ان هذه المواجهة ستكون سهلة أو ميسورة، بل علي العكس من ذلك تماما، لأنها قضية اجتماعية وثقافية في المقام الأول، حيث انها تتصل اتصالا وثيقا بالمفاهيم الاجتماعية. والموروثات الثقافية، كما ان لها ارتباطنا في اذهان عموم الناس بالبعد العقائدي والديني،..، هذا بالاضافة إلي الابعاد المادية والمعنوية المتصلة »بالعزوة» الناجمة عن كثرة الابناء وتعدد افراد العائلة في المجتمعات الزراعية والريفية بصفة عامة،..، وهو ما يحتاج إلي جهد كبير واستنارة فكرية ونشرللوعي الثقافي، وتصحيح لبعض المفاهيم الدينية لدي عامة الناس من أهلنا في الريف والمدن ايضا، التي تعتبر ان التدخل بالتنظيم أو الترشيد في عدد الابناء، هو تدخل مكروه دينيا، ان لم يكن من المحرمات،...، وذلك يحتاج إلي جهد مكثف وصادق للتصحيح والتوضيح، يقوم علي الإقناع وتوضيح الحقائق ومعالجة السلبيات. قضية قومية وفي هذا قد يكون من المفيد أن نبحث في استخدام بعض الحوافز الايجابية أو السلبية، التي اخذت بها بعض الدول في مجال تنظيم الاسرة وترشيد الزيادة السكانية، وحققت نجاحا محسوسا في ذلك. ولابد أن ننظر إلي هذه المسألة علي كونها قضية قومية ملحة ومهمة، وفي كل الأحوال، لابد ان يكون التركيز في هذه العملية قائما علي الإقناع، كوسيلة اساسية لتحقيق الهدف والغاية، وان يسبق ذلك الايمان التام بصحة الهدف، من جانب القائمين علي الدعوة والسعي لتنظيم وترشيد النسل والحد من الزيادة العشوائية في عدد السكان، وان يكون لديهم رؤية واضحة لما ستعود عليه هذه الدعوة وذلك السعي من فائدة للمجتمع والدولة والأسرة والفرد، وان هذه الفائدة ستكون شاملة وعلي جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية. ومن المهم في ذلك ان يتم العمل والدعوةوالسعي بعيدا عن أي محاولة للإجبار قسرا أو دفع الناس بالشدة والقهر للالتزام بتحديد النسل أو تنظيمه وترشيد عدد الأبناء، لأن هذا لن يؤتي اي ثمرة ولن يؤدي إلي اي نتيجة ايجابية عندنا،...، وفي ذلك لابد ان يتم باتباع خطة واضحة يضعها علماء الاجتماع وعلم النفس ومعهم علماء الدين واساتذة الاقتصاد، وخبراء الاعلام، وان تكون هذه الخطة القومية الشاملة، مرنة في اسلوبها ومنهجها وان تراعي من تخاطبه في الريف أو الحضر او صعيد مصر والوجه القبلي والبيئة الصحراوية، وان تضع في اعتبارها التلاؤم مع تعدد وتنوع واختلاف المستويات الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لكل فئة من الفئات ولكل مجتمع من المجتمعات حتي تؤتي ثمارها ويقتنع المواطن بها وبأهدافها وغايتها،...، وهنا.. وهنا فقط نستطيع تجنب اخطار الانفجار السكاني الذي يتهددنا الآن بالفعل،..، والذي يمكن أن يصل بنا إلي مائة وخمسين مليونا من السكان خلال عشرين عاما أو أقل.