اليوم، قطع المياه عن المنطقة السياحية ببحيرة قارون وقرى الفيوم وسنورس لمدة 12 ساعة    20 ألف دارس، اليوم انطلاق الدراسة برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    كيلو البلطي بكام؟.. أسعار الأسماك بكفر الشيخ اليوم السبت 25-10-2025    صفعة مسن السويس تفتح الجرح من جديد، هل يعود ملف الإيجار القديم إلى الاشتعال؟    تدهور كبير للقوات الأوكرانية في دونيتسك وخسائر بشرية فادحة بجبهة القتال خلال 24 ساعة    الأونروا: مئات الآلاف بغزة ينامون في الشوارع بلا خيام وأماكن إيواء    الجيش السوداني يسقط مسيرات للدعم السريع بمنطقة كنانة بولاية النيل الأبيض    التشكيل المتوقع لمباراة مانشستر يونايتد وبرايتون في الدوري الإنجليزي    غير منطقي، أحمد حسن ينتقد الفيفا بسبب مواعيد بطولتي كأس العرب والكونتيننتال    أرقام كارثية ل كريم بنزيما أمام الهلال بالكلاسيكو السعودي    سقط من الطابق الرابع، تفريغ كاميرات المراقبة لكشف ملابسات مصرع شاب مخمورا بمدينة نصر    حريق بشقة سكنية في الإسكندرية    محكمة جنايات الجيزة تنظر أولى جلسات محاكمة رمضان صبحي اليوم .. فيديو    من عنف الزوج إلى قصة الملابس المثيرة، اعترافات الراقصة لوليتا قبل محاكمتها اليوم    الإفلاس يجبر فرانسيس فورد كوبولا علي بيع ساعته ب مليون دولار    أول متحف أخضر بإفريقيا والشرق الأوسط، المتحف المصري الكبير يحصد جوائز عالمية    المتحف المصري الكبير.. عبقرية هندسية ترسم عراقة الحضارة المصرية بروح معاصرة    تعليق مفاجئ من حمدي الميرغني بعد انتهاء الخلافات بينه وبين زوجته    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 138 مليونًا و946 ألف خدمة مجانية خلال 98 يومًا    سائحة بريطانية تشيد بالخدمة الطبية فى مستشفى الخارجة التخصصي بعد إسعافها    طرق بسيطة للوقاية من الإنفلونزا ونزلات البرد    كل ما تريد معرفته عن محفظة فودافون كاش: الحد الأقصى للتحويل ورسوم السحب والإيداع وخدمات الدفع    حادث تصادم في نهر النيل.. باخرة سياحية تصطدم بكوبري    استقرار أسعار الخضار والفاكهة اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    استقرار طفيف بأسعار الخشب ومواد البناء في أسوان اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    عاجل- القبض على مالك المنزل المتهم بالاعتداء على مستأجر مسن بالسويس    مصرع شاب فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بمركز دمنهور بالبحيرة    تفاصيل بيان الفصائل الفلسطينية للتشديد على وقف إطلاق النار وبدء إعمار غزة    شيكو بانزا يدعم محمد السيد بعد هجوم جماهير الزمالك: لا تستمع لأى شخص    إمام عاشور عقب أنباء تحسن حالته الصحية: اللهم لك الحمد حتى ترضى    المبعوث الروسى ل CNN: قمة بوتين ترامب ستتم وسيوجد حل دبلوماسى لحرب أوكرانيا    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    أحمد فهمي وهشام ماجد إخوات رغم انفصالهما فنيا.. اعرف ماذا حدث فى فرح حاتم صلاح    مقدم دور السنباطى ل معكم: الأطلال أعظم لحن غنته أم كلثوم    رئيس الوزراء التايلاندي يلغي مشاركته في قمة آسيان بعد وفاة الملكة الأم    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام    وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد.. سجل الآن    21 يرتفع من جديد.. تحديث ل أسعار الذهب اليوم السبت 25-10-2025    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 25 أكتوبر 2025    «بوابة أخبار اليوم» تكشف حقيقة تداول صور لثعبان الكوبرا بالغربية| صور    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    تطبيق لائحة الانضباط يواجه مخاوف التسرب من التعليم.. أزمة فصل الطلاب بعد تجاوز نسب الغياب    اليوم.. محاكمة رمضان صبحي بتهمة التزوير داخل معهد بأبو النمرس    خمسة مسلسلات في عام.. محمد فراج نجم دراما 2025    لماذا تتزايد حالات النوبات القلبية بين الشباب؟    "أسير لن يخرج إلا ميتًا".. الدويري يكشف عن لقاءه مع رئيس "الشاباك" في تل أبيب    عبد الحميد كمال يكتب: بطولة خالدة.. المقاومة الشعبية فى السويس تنتصر على القوات الإسرائيلية    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    معلق مباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي    مؤتمر صحفي بنادي الصحفيين يستعرض استعدادات قطر لاستضافة بطولة كأس العرب    عاجل | تعرف على أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع رائد النهضة الصحية في مصر د.إسماعيل سلام
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 05 - 12 - 2014

استطاع وزير الصحة الأسبق د.إسماعيل سلام أن يخلق نهضة صحية في الوقت الذي تولى فيه مسئولية وزارة الصحة والسكان متجاوزا حاجز الإمكانيات وكذلك البيروقراطية.
وشهد عصره نجاحا باهرا في مجالات صحة المرأة وانخفاض معدلات الوفاة ، كما انتشرت الوحدات الصحية في عهده في كل قرى وربوع مصر ولم يكن هناك قرية تشكو من عدم وجود طبيب ، كما شهدت برامج تنظيم الأسرة في عهده نجاحا غير مسبوق .
ومن هنا كان يجب أن نعرض هذه التجربة الناجحة والمثال الصارخ في تحدي كل العقبات والتفاني في خدمة المواطن المصري.
س كيف ترى أداء الوزارة الحالية ؟
ج أثق في د.عادل عدوي وفي خبراته وقدراته ولكنه تولى المسئولية في مرحلة صعبة للغاية ، لانهيار الخدمات الصحية في الكثير من المواقع ويذكرني ببداية طريقي في وزارة الصحة لذلك فهو يحتاج لتأييد شعبي وسياسي قوي.
المشكلة الأكثر عمقا هي مشكلة السكان والتي تفاقمت خلال الفترة التي تخلت فيها الحكومة لسبب أو لأخر عن قضية السكان.
الزيادة السكانية انخفضت بشكل كبير من عام 2000 إلى 2007 وأحذر من هذه المشكلة ومن التوقف في البرامج السكانية العظيمة والتي بدأت في عهد تولي د. كمال الجنزوري مسئولية الحكومة وفي الوقت الذي توليت في مسئولية الصحة امتدت الخدمات السكانية إلى طبيب الأسرة في الخدمات الأساسية حتى وصلت لترقيم المنازل ، حتى أن الطبيبات والرائدات الصحيات في أسوان استطاعوا أن يعلموننا شيء جديد وهو عمل خريطة صحة إنجابية للقرية تعرف أي السيدات تستخدم وسائل منع الحمل وما هي الوسيلة ومن منهن لا تستخدم أي وسائل ، حتى أن وزيرة الصحة الأمريكية في ذلك الوقت أبدت إعجابها الشديد بالتجربة وألقت محاضرتها في لاهاي عن ما رأته في مصر وهو ما يدل على أن الإنسان المصري مبدع بطبعه ولكن يجب أن يفسح له الطريق ، مشكلة الصحة السكن عامل أساسي في التنمية في مصر.
س في رأيك ما السبب في امتناع الأطباء عن العمل في الريف المناطق النائية؟
ج غيرت نظام عمل الأطباء عن طريق التحفيز حتى أنني في بداية تولي مسئولية الوزارة عرفت أن قنا بالكامل كان بها طبيب واحد فقط ، ولم أهدأ حتى وضعت في كل مستشفى أطباء في معظم التخصصات وفي محافظة كفر الشيخ 15% فقط من الوحدات الصحية بها أطباء وقبل أن أغادر كانت كل الوحدات الصحية بها أطباء وخاصة بعد أن أنشأنا تخصص "طب الأسرة" وقمنا بعمل نظام يمتص يحفز الأطباء ، على سبيل المثال من يرغب في العمل بالصعيد يتقاضى من 300 إلى 400% فوجدنا أن هناك إقبالا من قبل شباب الأطباء للعمل في المناطق النائية وأؤكد أن سياسة التحفيز هي الحل لملئ الأماكن الريفية والنائية.
الشيء الغريب أنني زرت مدرسة بمنطقة شبرا الخيمة بها ألاف الطلبة ولا يوجد بها طبيب بينما في وقت وزارتي كانت المدرسة التي تتجاوز كثافتها ال500 طالب يخصص لها طبيبان فكيف ندعي أن عندنا تأمينا صحيا ولا يوجد في المدرسة طبيب ، وهو ما يعد خطأ كبيرا في توزيع الأطباء ولا أعترف بمقولة "مفيش دكاترة" لأن الكليات التي تخرج الأطباء بمصر أصبحت كثيرة جدا ، ولكني أقول إن تدريب وتحفيز الطبيب حلقة مفقودة.
س هل صحيح أن مشكلة الصحة في مصر هي مشكلة إمكانيات مادية؟
أأمل أن تتغير كل هذه الأوضاع عندما تتوفر الإمكانيات التي أقدر جيدا قيمتها فعندما توليت الوزارة كنت أرى بعيني معاناة المرضى وأرى المرضى يموتون على سلالم المستشفيات ولكني بدأت وبدأت بزيارة جميع مستشفيات الصعيد في الست أسابيع الأولى من تولي حقيبة وزارة الصحة ، ورأيت بعيني الواقع المرير وتعلمت منه وتعلمت احتياجات الناس من الناس أنفسهم ولكن مصر قادرة على توفير الإمكانيات بدليل أننا كنا نزور المستشفى وفي اليوم الثاني يبدأ العمل في تطويرها بمعاونة الجهود الذاتية ، وأؤكد أن الوزير الذي لا يسعى لتزويد مستشفى باحتياجات تمكنها من الحفاظ على النظافة مثل السيراميك وما شابه ذلك هو وزير فاشل ..
ولكني أؤكد أيضا أن الأمل كبير في د.عادل عدوي لأن بدايته كانت واقعية ، فهو رجل متحرك ويزور المستشفيات باستمرار .
ولكني أحب أن أرسل رسالة لرئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب وهي أن تكون زياراته للمستشفيات زيارات مثمرة بمعنى أن تكون زيارته مفاجئة وأن يعقب كل زيارة تخصيص مبلغ من المال لسد احتياجاتها وعلاج أي قصور بها.
س ما هو تقييمك لأداء الطبيب المصري؟
الطبيب المصري أعظم طبيب داخل مصر وخارجها ونحن لسنا في حاجة لأن نتحدث عن تجارب بعينها مثل تجربة د.مجدي يعقوب فالطبيب المصري يفعل المعجزات داخل بلده أيضا وبإمكانيات أقل بكثير مما يتاح لغيره في الخارج.
ولا يجب أن ننسى دور الممرضة المصرية فهي أيضا أبدعت وكذلك الرائدات الريفيات اللاتي تعلمن منهن التخطيط الصحي داخل القرى وعرفتنا على احتياجات البيوت من صرف صحي أو وظائف وعرفونا التركيب الداخلي لمصر .
وأدعو إلى إفساح المجال للإنسان المصري حتى يفكر بعقلانية ويثبت وجوده وقد كنت أسعى لذلك بعمل معسكرات للأطباء يلتقون خلالها بكبار العلماء ورجال الدين وأنا كنت ألتقي بهم أيضا حتى أني أذكر أن ثلاثة من أوائل خريجي كليات الطب طلبوا مقابلتي في الوزارة وطلبوا العمل في المناطق النائية من أجل مصر ، هذه هي الروح المطلوبة الآن الروح التي ستصنع المعجزات ليس فقط في مجال الصحة بل في التعليم والصناعة وكل الميادين ويجب فتح المجال للعقل المصري حتى يفكر ويبدع وينتج .
س ما هو الطريق إلى إحياء برامج تنظيم الأسرة من جديد؟
يجب عدم تفتيت الأداء داخل القرى وألا نعمل في جزر متفرقة ولابد من مجلس تنفيذي تصب فيه جميع الإمكانيات لتحقيق أكبر استفادة مما هو متاح وللدفع إلى التنمية الشاملة وليس فقط التنمية الصحية وأحب أن أعطي مثالا على ذلك أنه عندما بدأنا في عمل وحدات طب الأسرة لم يكن الهدف فقط استقبال السيدات وإعطائهم وسيلة تنظيم أسرة بل كنا نهدف لأن نعلم الأميات منهن فبدأنا في عمل فصول لمحو الأمية بمساعدة جهاز محو الأمية وكان بداخله الأسر المنتجة بمساعدة الشئون الاجتماعية ونادي للمرأة بحيث تلتقي السيدات ببعض وتنتقل خبرة المتعلمات والطبيبات للأقل تعليما وثقافة من سيدات القرية لأن القضية السكانية من أهم مكوناتها تنمية المرأة وضعها على الخريطة القومية والتعليمية والصحية وأدعو من يرون أن هذا صعب أن يدرسوا تجربة صحة المرأة ، ولكن آفتنا هي عدم الاستمرارية وتغير الأنظمة والسياسات عدم الثبات على استراتيجيات مستقبلية متفق عليها ، وأحب أن أعطي مثالا على نجاح فكرة تحفيز الطبيب ودورها الإيجابي على برامج تنظيم الأسرة ، فقد نجحنا في جذب 67 % من السيدات الحوامل في الصعيد إلى العيادات الصحية بعد أن أتحنا لطبيب الوحدة أن يعمل بعد الظهر فقط للحوامل وبمقابل مجزي كما أتيح له أن يستقبل حالاته الخاصة وأن يتقاضى نصف ما تدفعه فمنعنا تسرب الطبيب من الوحدة للعمل في عيادته الخاصة .
س بماذا تنصح القائمين على العمل الصحي في مصر لمواجهة التهديدات الوبائية مثل الكرونا والإيبولا وأنفلونزا الطير وغيرها ؟
مصر مرت بفترة انخفض فيها الاهتمام بإجراءات الترصد ولكن في الوقت الحالي أرى أن الوعي في ازدياد مستمر ، فالسياسة الوقائية جزء هام جدا من السياسة الصحية وهي الإضافة التي يمكن إضافتها لصحة المصريين وأنا أذكر أن متوسط عمر المواطن المصري كان يزيد عام في كل عام من عمري في الوزارة ، كما أن وفيات الأمهات انخفضت بنسبة 55% في أول أربع سنوات ثم انخفضت إلى 37 % .
وكانت المظلة الوقائية تغطي مصر بشكل كبير وكانت مراكز الحجر الصحي في المطارات والموانئ تعمل بشكل جدي وكذلك على حدود السودان ، وأنا ذهب بنفسي ثلاثة مرات لحدود السودان لمتابعة إجراءات ترصد الحميات والملاريا وكنا نكافح بعوضة الملاريا الخبيثة بعمق 70 كيلو متر داخل الحدود السودانية لذلك أؤكد على أهمية الترصد والذي يعد من الإضافات التي تشكلها وزارة الصحة لعمل شبكة وقائية تحمي مصر .
وأذكر أن مصر أعلنت عام 98 خلوها من الملاريا ثم السعال الديكي والدفتيريا وكانت التطعيمات تغطي مصر بأكملها بالاستعانة بلجان تفتيش من كبار العاملين في وزارة الصحة حتى أني أذكر أنه في قرية "دندرة" وقفنا أمام مشكلة طفلين وجدا خارج الحصر وأخذنا في البحث حتى تمكنا من الوصول للطفلان.
وقد تعلمنا دروسا قاسية بسبب تأخر بعض المواطنين في تطعيم أبنائهم في المواعيد المقررة وبالصورة اللائقة وكان ذلك تارة في الفيوم وتارة في سوهاج
وكانت مصر تعاني من انتشار الكوليرا في بعض القرى وكنا نطلق عليها "إسهال الصيف" وفي بدية وزارتي انتشرت الكوليرا في قرية الحسينية بالشرقية وذهبت بنفسي وأسسنا وحدة رعاية مركزة في مستشفى صغير وساندتنا بقوة القوات المسلحة وأرسلت لنا 18 سيارة مياه شرب ، ووزعنا على المواطنين المطهرات والصابون والخل واتبعنا هذا النهج في عدة بؤر ظهرت فيها الكوليرا حتى تمكنا من القضاء عليها تماما بجهود مجموعة من الطب الوقائي لا يمكن لمصر أن تنسى فضلهم حتى أنهم صمموا حاملات يوضع عليها خيام للتعامل السريع مع المناطق المنكوبة بالسيول ، رغم أن ذلك ليس في صميم عملهم ولكنهم كانا يهدفون إلى التحرك السريع وكان يعاوننا في هذا العمل المحافظين والشئون الاجتماعية حتى تمكنا من تقليل النكبات التي كانت تحدث نتيجة للسيول في ذلك الوقت.
هل تعتقد يا د. إسماعيل أن مصر ستستطيع القضاء على فيروس سي؟
طبعا سنستطيع القضاء عليه ولكن هذا الفيروس ليس آفة مصر فقط فهناك الكثير من الدول تعاني منه لكن نحن كنا أكثر من غيرنا نتيجة لانتشار البلهارسيا وعلاجها عن طريق الحقن ، لكن المشكلة هي عدم الاهتمام بالأساليب الوقائية الجديدة ، وأنا أذكر في بداية وزارتي طلبت كمية كبيرة جدا من "الحقن" من المعونة الأمريكية ومن التبرعات والحكومة. جاء ذلك بعد أن تعلمت الدرس الأول في أحد الوحدات الصحية في أسيوط عندما التقيت بممرضة وقالت لي بكل صراحة :"نحن نستخدم الحقنة مرتين وثلاثة وأربع مرات" فعرفت أن وزارة الصحة كانت تنقل العدوى للمواطنين في ذلك الوقت وكان أول قراراتي توفير الحقن بكميات كبيرة جدا في كل ربوع مصر ورفضت الاستماع للآراء التي تقول أنها ستسرق وقلت لهم "أنا عاوزها تتسرق وتتباع برة وبدل ما بيرسرقوا الحقن المستعملة ويبيعوها يسرقوا الحقن الجديدة" وكانت الحقنة في ذلك الوقت لا يتجاوز سعرها الأربع قروش.
وأنا أرى أنه يجب توعية المواطنين وتوفير برامج توعوية جديدة يتعاون في توصيلها للمواطنين كل وسائل الإعلام الحكومية والخاصة
استطاع وزير الصحة الأسبق د.إسماعيل سلام أن يخلق نهضة صحية في الوقت الذي تولى فيه مسئولية وزارة الصحة والسكان متجاوزا حاجز الإمكانيات وكذلك البيروقراطية.
وشهد عصره نجاحا باهرا في مجالات صحة المرأة وانخفاض معدلات الوفاة ، كما انتشرت الوحدات الصحية في عهده في كل قرى وربوع مصر ولم يكن هناك قرية تشكو من عدم وجود طبيب ، كما شهدت برامج تنظيم الأسرة في عهده نجاحا غير مسبوق .
ومن هنا كان يجب أن نعرض هذه التجربة الناجحة والمثال الصارخ في تحدي كل العقبات والتفاني في خدمة المواطن المصري.
س كيف ترى أداء الوزارة الحالية ؟
ج أثق في د.عادل عدوي وفي خبراته وقدراته ولكنه تولى المسئولية في مرحلة صعبة للغاية ، لانهيار الخدمات الصحية في الكثير من المواقع ويذكرني ببداية طريقي في وزارة الصحة لذلك فهو يحتاج لتأييد شعبي وسياسي قوي.
المشكلة الأكثر عمقا هي مشكلة السكان والتي تفاقمت خلال الفترة التي تخلت فيها الحكومة لسبب أو لأخر عن قضية السكان.
الزيادة السكانية انخفضت بشكل كبير من عام 2000 إلى 2007 وأحذر من هذه المشكلة ومن التوقف في البرامج السكانية العظيمة والتي بدأت في عهد تولي د. كمال الجنزوري مسئولية الحكومة وفي الوقت الذي توليت في مسئولية الصحة امتدت الخدمات السكانية إلى طبيب الأسرة في الخدمات الأساسية حتى وصلت لترقيم المنازل ، حتى أن الطبيبات والرائدات الصحيات في أسوان استطاعوا أن يعلموننا شيء جديد وهو عمل خريطة صحة إنجابية للقرية تعرف أي السيدات تستخدم وسائل منع الحمل وما هي الوسيلة ومن منهن لا تستخدم أي وسائل ، حتى أن وزيرة الصحة الأمريكية في ذلك الوقت أبدت إعجابها الشديد بالتجربة وألقت محاضرتها في لاهاي عن ما رأته في مصر وهو ما يدل على أن الإنسان المصري مبدع بطبعه ولكن يجب أن يفسح له الطريق ، مشكلة الصحة السكن عامل أساسي في التنمية في مصر.
س في رأيك ما السبب في امتناع الأطباء عن العمل في الريف المناطق النائية؟
ج غيرت نظام عمل الأطباء عن طريق التحفيز حتى أنني في بداية تولي مسئولية الوزارة عرفت أن قنا بالكامل كان بها طبيب واحد فقط ، ولم أهدأ حتى وضعت في كل مستشفى أطباء في معظم التخصصات وفي محافظة كفر الشيخ 15% فقط من الوحدات الصحية بها أطباء وقبل أن أغادر كانت كل الوحدات الصحية بها أطباء وخاصة بعد أن أنشأنا تخصص "طب الأسرة" وقمنا بعمل نظام يمتص يحفز الأطباء ، على سبيل المثال من يرغب في العمل بالصعيد يتقاضى من 300 إلى 400% فوجدنا أن هناك إقبالا من قبل شباب الأطباء للعمل في المناطق النائية وأؤكد أن سياسة التحفيز هي الحل لملئ الأماكن الريفية والنائية.
الشيء الغريب أنني زرت مدرسة بمنطقة شبرا الخيمة بها ألاف الطلبة ولا يوجد بها طبيب بينما في وقت وزارتي كانت المدرسة التي تتجاوز كثافتها ال500 طالب يخصص لها طبيبان فكيف ندعي أن عندنا تأمينا صحيا ولا يوجد في المدرسة طبيب ، وهو ما يعد خطأ كبيرا في توزيع الأطباء ولا أعترف بمقولة "مفيش دكاترة" لأن الكليات التي تخرج الأطباء بمصر أصبحت كثيرة جدا ، ولكني أقول إن تدريب وتحفيز الطبيب حلقة مفقودة.
س هل صحيح أن مشكلة الصحة في مصر هي مشكلة إمكانيات مادية؟
أأمل أن تتغير كل هذه الأوضاع عندما تتوفر الإمكانيات التي أقدر جيدا قيمتها فعندما توليت الوزارة كنت أرى بعيني معاناة المرضى وأرى المرضى يموتون على سلالم المستشفيات ولكني بدأت وبدأت بزيارة جميع مستشفيات الصعيد في الست أسابيع الأولى من تولي حقيبة وزارة الصحة ، ورأيت بعيني الواقع المرير وتعلمت منه وتعلمت احتياجات الناس من الناس أنفسهم ولكن مصر قادرة على توفير الإمكانيات بدليل أننا كنا نزور المستشفى وفي اليوم الثاني يبدأ العمل في تطويرها بمعاونة الجهود الذاتية ، وأؤكد أن الوزير الذي لا يسعى لتزويد مستشفى باحتياجات تمكنها من الحفاظ على النظافة مثل السيراميك وما شابه ذلك هو وزير فاشل ..
ولكني أؤكد أيضا أن الأمل كبير في د.عادل عدوي لأن بدايته كانت واقعية ، فهو رجل متحرك ويزور المستشفيات باستمرار .
ولكني أحب أن أرسل رسالة لرئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب وهي أن تكون زياراته للمستشفيات زيارات مثمرة بمعنى أن تكون زيارته مفاجئة وأن يعقب كل زيارة تخصيص مبلغ من المال لسد احتياجاتها وعلاج أي قصور بها.
س ما هو تقييمك لأداء الطبيب المصري؟
الطبيب المصري أعظم طبيب داخل مصر وخارجها ونحن لسنا في حاجة لأن نتحدث عن تجارب بعينها مثل تجربة د.مجدي يعقوب فالطبيب المصري يفعل المعجزات داخل بلده أيضا وبإمكانيات أقل بكثير مما يتاح لغيره في الخارج.
ولا يجب أن ننسى دور الممرضة المصرية فهي أيضا أبدعت وكذلك الرائدات الريفيات اللاتي تعلمن منهن التخطيط الصحي داخل القرى وعرفتنا على احتياجات البيوت من صرف صحي أو وظائف وعرفونا التركيب الداخلي لمصر .
وأدعو إلى إفساح المجال للإنسان المصري حتى يفكر بعقلانية ويثبت وجوده وقد كنت أسعى لذلك بعمل معسكرات للأطباء يلتقون خلالها بكبار العلماء ورجال الدين وأنا كنت ألتقي بهم أيضا حتى أني أذكر أن ثلاثة من أوائل خريجي كليات الطب طلبوا مقابلتي في الوزارة وطلبوا العمل في المناطق النائية من أجل مصر ، هذه هي الروح المطلوبة الآن الروح التي ستصنع المعجزات ليس فقط في مجال الصحة بل في التعليم والصناعة وكل الميادين ويجب فتح المجال للعقل المصري حتى يفكر ويبدع وينتج .
س ما هو الطريق إلى إحياء برامج تنظيم الأسرة من جديد؟
يجب عدم تفتيت الأداء داخل القرى وألا نعمل في جزر متفرقة ولابد من مجلس تنفيذي تصب فيه جميع الإمكانيات لتحقيق أكبر استفادة مما هو متاح وللدفع إلى التنمية الشاملة وليس فقط التنمية الصحية وأحب أن أعطي مثالا على ذلك أنه عندما بدأنا في عمل وحدات طب الأسرة لم يكن الهدف فقط استقبال السيدات وإعطائهم وسيلة تنظيم أسرة بل كنا نهدف لأن نعلم الأميات منهن فبدأنا في عمل فصول لمحو الأمية بمساعدة جهاز محو الأمية وكان بداخله الأسر المنتجة بمساعدة الشئون الاجتماعية ونادي للمرأة بحيث تلتقي السيدات ببعض وتنتقل خبرة المتعلمات والطبيبات للأقل تعليما وثقافة من سيدات القرية لأن القضية السكانية من أهم مكوناتها تنمية المرأة وضعها على الخريطة القومية والتعليمية والصحية وأدعو من يرون أن هذا صعب أن يدرسوا تجربة صحة المرأة ، ولكن آفتنا هي عدم الاستمرارية وتغير الأنظمة والسياسات عدم الثبات على استراتيجيات مستقبلية متفق عليها ، وأحب أن أعطي مثالا على نجاح فكرة تحفيز الطبيب ودورها الإيجابي على برامج تنظيم الأسرة ، فقد نجحنا في جذب 67 % من السيدات الحوامل في الصعيد إلى العيادات الصحية بعد أن أتحنا لطبيب الوحدة أن يعمل بعد الظهر فقط للحوامل وبمقابل مجزي كما أتيح له أن يستقبل حالاته الخاصة وأن يتقاضى نصف ما تدفعه فمنعنا تسرب الطبيب من الوحدة للعمل في عيادته الخاصة .
س بماذا تنصح القائمين على العمل الصحي في مصر لمواجهة التهديدات الوبائية مثل الكرونا والإيبولا وأنفلونزا الطير وغيرها ؟
مصر مرت بفترة انخفض فيها الاهتمام بإجراءات الترصد ولكن في الوقت الحالي أرى أن الوعي في ازدياد مستمر ، فالسياسة الوقائية جزء هام جدا من السياسة الصحية وهي الإضافة التي يمكن إضافتها لصحة المصريين وأنا أذكر أن متوسط عمر المواطن المصري كان يزيد عام في كل عام من عمري في الوزارة ، كما أن وفيات الأمهات انخفضت بنسبة 55% في أول أربع سنوات ثم انخفضت إلى 37 % .
وكانت المظلة الوقائية تغطي مصر بشكل كبير وكانت مراكز الحجر الصحي في المطارات والموانئ تعمل بشكل جدي وكذلك على حدود السودان ، وأنا ذهب بنفسي ثلاثة مرات لحدود السودان لمتابعة إجراءات ترصد الحميات والملاريا وكنا نكافح بعوضة الملاريا الخبيثة بعمق 70 كيلو متر داخل الحدود السودانية لذلك أؤكد على أهمية الترصد والذي يعد من الإضافات التي تشكلها وزارة الصحة لعمل شبكة وقائية تحمي مصر .
وأذكر أن مصر أعلنت عام 98 خلوها من الملاريا ثم السعال الديكي والدفتيريا وكانت التطعيمات تغطي مصر بأكملها بالاستعانة بلجان تفتيش من كبار العاملين في وزارة الصحة حتى أني أذكر أنه في قرية "دندرة" وقفنا أمام مشكلة طفلين وجدا خارج الحصر وأخذنا في البحث حتى تمكنا من الوصول للطفلان.
وقد تعلمنا دروسا قاسية بسبب تأخر بعض المواطنين في تطعيم أبنائهم في المواعيد المقررة وبالصورة اللائقة وكان ذلك تارة في الفيوم وتارة في سوهاج
وكانت مصر تعاني من انتشار الكوليرا في بعض القرى وكنا نطلق عليها "إسهال الصيف" وفي بدية وزارتي انتشرت الكوليرا في قرية الحسينية بالشرقية وذهبت بنفسي وأسسنا وحدة رعاية مركزة في مستشفى صغير وساندتنا بقوة القوات المسلحة وأرسلت لنا 18 سيارة مياه شرب ، ووزعنا على المواطنين المطهرات والصابون والخل واتبعنا هذا النهج في عدة بؤر ظهرت فيها الكوليرا حتى تمكنا من القضاء عليها تماما بجهود مجموعة من الطب الوقائي لا يمكن لمصر أن تنسى فضلهم حتى أنهم صمموا حاملات يوضع عليها خيام للتعامل السريع مع المناطق المنكوبة بالسيول ، رغم أن ذلك ليس في صميم عملهم ولكنهم كانا يهدفون إلى التحرك السريع وكان يعاوننا في هذا العمل المحافظين والشئون الاجتماعية حتى تمكنا من تقليل النكبات التي كانت تحدث نتيجة للسيول في ذلك الوقت.
هل تعتقد يا د. إسماعيل أن مصر ستستطيع القضاء على فيروس سي؟
طبعا سنستطيع القضاء عليه ولكن هذا الفيروس ليس آفة مصر فقط فهناك الكثير من الدول تعاني منه لكن نحن كنا أكثر من غيرنا نتيجة لانتشار البلهارسيا وعلاجها عن طريق الحقن ، لكن المشكلة هي عدم الاهتمام بالأساليب الوقائية الجديدة ، وأنا أذكر في بداية وزارتي طلبت كمية كبيرة جدا من "الحقن" من المعونة الأمريكية ومن التبرعات والحكومة. جاء ذلك بعد أن تعلمت الدرس الأول في أحد الوحدات الصحية في أسيوط عندما التقيت بممرضة وقالت لي بكل صراحة :"نحن نستخدم الحقنة مرتين وثلاثة وأربع مرات" فعرفت أن وزارة الصحة كانت تنقل العدوى للمواطنين في ذلك الوقت وكان أول قراراتي توفير الحقن بكميات كبيرة جدا في كل ربوع مصر ورفضت الاستماع للآراء التي تقول أنها ستسرق وقلت لهم "أنا عاوزها تتسرق وتتباع برة وبدل ما بيرسرقوا الحقن المستعملة ويبيعوها يسرقوا الحقن الجديدة" وكانت الحقنة في ذلك الوقت لا يتجاوز سعرها الأربع قروش.
وأنا أرى أنه يجب توعية المواطنين وتوفير برامج توعوية جديدة يتعاون في توصيلها للمواطنين كل وسائل الإعلام الحكومية والخاصة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.