رئيس وزراء اليونان يلتقي محمود عباس في رام الله ويؤكد دعم بلاده لغزة    الرئيس السيسي يبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر وتنزانيا    رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين: الاحتلال لا يسمح سوى بدخول أقل من ثلث المساعدات المتفق عليها إلى غزة    السيسي: مستعدون لدفع المزيد من الاستثمارات المصرية إلى السوق التنزانية    زيلينسكي: أوكرانيا بدأت إنتاج أنظمة الدفاع الجوي محليًا    جنوب أفريقيا ضد أنغولا.. فوز مثير للبافانا بافانا في الكان    نجوم الفن يشاطرون أحمد الفيشاوي حزنه في عزاء الفنانة الراحلة سمية الألفي    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    فيديو.. الصحة مستشهدة بالتعريف العالمي: لا يوجد نقص في أدوية علاج البرد    مصلحة الضرائب تكشف تفاصيل الحزمة الجديدة من التسهيلات الضريبية    توني يقود هجوم الأهلي ضد الشرطة العراقي في دوري أبطال آسيا للنخبة    السيسي يشيد بتطور العلاقات المصرية التنزانية والحرص على تعزيز التشاور السياسي    أية عنتر تُدير مباراة مسار أمام وادى دجلة غدا فى دورى الكرة النسائية    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    السيسي يهنىء رئيسة تنزانيا بمناسبة فوزها لولاية ثانية    إيهاب هيكل: خريجو كليات أطباء الأسنان مش لاقيين شغل (فيديو)    رئيس جهاز مستقبل مصر يوجه الشركات المنفذة للدلتا الجديدة بسرعة تنفيذ الأعمال    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    كأس أمم أفريقيا 2025.. تعرف على تشكيل زامبيا لمواجهة مالى    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    «لأول مرة ببني سويف الأهلية» إجراء أول امتحان إلكتروني تطبيقي لطلاب جيولوجيا البترول    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    عاجل- مدبولي: توجيهات رئاسية بالإسراع في تطبيق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل وضم أكبر عدد من المحافظات    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    روائح رمضان تقترب    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    حصاد 2025 جامعة العاصمة.. 7 آلاف طالب وافد و60 منحة دراسية جديدة    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع رائد النهضة الصحية في مصر د.إسماعيل سلام
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 05 - 12 - 2014

استطاع وزير الصحة الأسبق د.إسماعيل سلام أن يخلق نهضة صحية في الوقت الذي تولى فيه مسئولية وزارة الصحة والسكان متجاوزا حاجز الإمكانيات وكذلك البيروقراطية.
وشهد عصره نجاحا باهرا في مجالات صحة المرأة وانخفاض معدلات الوفاة ، كما انتشرت الوحدات الصحية في عهده في كل قرى وربوع مصر ولم يكن هناك قرية تشكو من عدم وجود طبيب ، كما شهدت برامج تنظيم الأسرة في عهده نجاحا غير مسبوق .
ومن هنا كان يجب أن نعرض هذه التجربة الناجحة والمثال الصارخ في تحدي كل العقبات والتفاني في خدمة المواطن المصري.
س كيف ترى أداء الوزارة الحالية ؟
ج أثق في د.عادل عدوي وفي خبراته وقدراته ولكنه تولى المسئولية في مرحلة صعبة للغاية ، لانهيار الخدمات الصحية في الكثير من المواقع ويذكرني ببداية طريقي في وزارة الصحة لذلك فهو يحتاج لتأييد شعبي وسياسي قوي.
المشكلة الأكثر عمقا هي مشكلة السكان والتي تفاقمت خلال الفترة التي تخلت فيها الحكومة لسبب أو لأخر عن قضية السكان.
الزيادة السكانية انخفضت بشكل كبير من عام 2000 إلى 2007 وأحذر من هذه المشكلة ومن التوقف في البرامج السكانية العظيمة والتي بدأت في عهد تولي د. كمال الجنزوري مسئولية الحكومة وفي الوقت الذي توليت في مسئولية الصحة امتدت الخدمات السكانية إلى طبيب الأسرة في الخدمات الأساسية حتى وصلت لترقيم المنازل ، حتى أن الطبيبات والرائدات الصحيات في أسوان استطاعوا أن يعلموننا شيء جديد وهو عمل خريطة صحة إنجابية للقرية تعرف أي السيدات تستخدم وسائل منع الحمل وما هي الوسيلة ومن منهن لا تستخدم أي وسائل ، حتى أن وزيرة الصحة الأمريكية في ذلك الوقت أبدت إعجابها الشديد بالتجربة وألقت محاضرتها في لاهاي عن ما رأته في مصر وهو ما يدل على أن الإنسان المصري مبدع بطبعه ولكن يجب أن يفسح له الطريق ، مشكلة الصحة السكن عامل أساسي في التنمية في مصر.
س في رأيك ما السبب في امتناع الأطباء عن العمل في الريف المناطق النائية؟
ج غيرت نظام عمل الأطباء عن طريق التحفيز حتى أنني في بداية تولي مسئولية الوزارة عرفت أن قنا بالكامل كان بها طبيب واحد فقط ، ولم أهدأ حتى وضعت في كل مستشفى أطباء في معظم التخصصات وفي محافظة كفر الشيخ 15% فقط من الوحدات الصحية بها أطباء وقبل أن أغادر كانت كل الوحدات الصحية بها أطباء وخاصة بعد أن أنشأنا تخصص "طب الأسرة" وقمنا بعمل نظام يمتص يحفز الأطباء ، على سبيل المثال من يرغب في العمل بالصعيد يتقاضى من 300 إلى 400% فوجدنا أن هناك إقبالا من قبل شباب الأطباء للعمل في المناطق النائية وأؤكد أن سياسة التحفيز هي الحل لملئ الأماكن الريفية والنائية.
الشيء الغريب أنني زرت مدرسة بمنطقة شبرا الخيمة بها ألاف الطلبة ولا يوجد بها طبيب بينما في وقت وزارتي كانت المدرسة التي تتجاوز كثافتها ال500 طالب يخصص لها طبيبان فكيف ندعي أن عندنا تأمينا صحيا ولا يوجد في المدرسة طبيب ، وهو ما يعد خطأ كبيرا في توزيع الأطباء ولا أعترف بمقولة "مفيش دكاترة" لأن الكليات التي تخرج الأطباء بمصر أصبحت كثيرة جدا ، ولكني أقول إن تدريب وتحفيز الطبيب حلقة مفقودة.
س هل صحيح أن مشكلة الصحة في مصر هي مشكلة إمكانيات مادية؟
أأمل أن تتغير كل هذه الأوضاع عندما تتوفر الإمكانيات التي أقدر جيدا قيمتها فعندما توليت الوزارة كنت أرى بعيني معاناة المرضى وأرى المرضى يموتون على سلالم المستشفيات ولكني بدأت وبدأت بزيارة جميع مستشفيات الصعيد في الست أسابيع الأولى من تولي حقيبة وزارة الصحة ، ورأيت بعيني الواقع المرير وتعلمت منه وتعلمت احتياجات الناس من الناس أنفسهم ولكن مصر قادرة على توفير الإمكانيات بدليل أننا كنا نزور المستشفى وفي اليوم الثاني يبدأ العمل في تطويرها بمعاونة الجهود الذاتية ، وأؤكد أن الوزير الذي لا يسعى لتزويد مستشفى باحتياجات تمكنها من الحفاظ على النظافة مثل السيراميك وما شابه ذلك هو وزير فاشل ..
ولكني أؤكد أيضا أن الأمل كبير في د.عادل عدوي لأن بدايته كانت واقعية ، فهو رجل متحرك ويزور المستشفيات باستمرار .
ولكني أحب أن أرسل رسالة لرئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب وهي أن تكون زياراته للمستشفيات زيارات مثمرة بمعنى أن تكون زيارته مفاجئة وأن يعقب كل زيارة تخصيص مبلغ من المال لسد احتياجاتها وعلاج أي قصور بها.
س ما هو تقييمك لأداء الطبيب المصري؟
الطبيب المصري أعظم طبيب داخل مصر وخارجها ونحن لسنا في حاجة لأن نتحدث عن تجارب بعينها مثل تجربة د.مجدي يعقوب فالطبيب المصري يفعل المعجزات داخل بلده أيضا وبإمكانيات أقل بكثير مما يتاح لغيره في الخارج.
ولا يجب أن ننسى دور الممرضة المصرية فهي أيضا أبدعت وكذلك الرائدات الريفيات اللاتي تعلمن منهن التخطيط الصحي داخل القرى وعرفتنا على احتياجات البيوت من صرف صحي أو وظائف وعرفونا التركيب الداخلي لمصر .
وأدعو إلى إفساح المجال للإنسان المصري حتى يفكر بعقلانية ويثبت وجوده وقد كنت أسعى لذلك بعمل معسكرات للأطباء يلتقون خلالها بكبار العلماء ورجال الدين وأنا كنت ألتقي بهم أيضا حتى أني أذكر أن ثلاثة من أوائل خريجي كليات الطب طلبوا مقابلتي في الوزارة وطلبوا العمل في المناطق النائية من أجل مصر ، هذه هي الروح المطلوبة الآن الروح التي ستصنع المعجزات ليس فقط في مجال الصحة بل في التعليم والصناعة وكل الميادين ويجب فتح المجال للعقل المصري حتى يفكر ويبدع وينتج .
س ما هو الطريق إلى إحياء برامج تنظيم الأسرة من جديد؟
يجب عدم تفتيت الأداء داخل القرى وألا نعمل في جزر متفرقة ولابد من مجلس تنفيذي تصب فيه جميع الإمكانيات لتحقيق أكبر استفادة مما هو متاح وللدفع إلى التنمية الشاملة وليس فقط التنمية الصحية وأحب أن أعطي مثالا على ذلك أنه عندما بدأنا في عمل وحدات طب الأسرة لم يكن الهدف فقط استقبال السيدات وإعطائهم وسيلة تنظيم أسرة بل كنا نهدف لأن نعلم الأميات منهن فبدأنا في عمل فصول لمحو الأمية بمساعدة جهاز محو الأمية وكان بداخله الأسر المنتجة بمساعدة الشئون الاجتماعية ونادي للمرأة بحيث تلتقي السيدات ببعض وتنتقل خبرة المتعلمات والطبيبات للأقل تعليما وثقافة من سيدات القرية لأن القضية السكانية من أهم مكوناتها تنمية المرأة وضعها على الخريطة القومية والتعليمية والصحية وأدعو من يرون أن هذا صعب أن يدرسوا تجربة صحة المرأة ، ولكن آفتنا هي عدم الاستمرارية وتغير الأنظمة والسياسات عدم الثبات على استراتيجيات مستقبلية متفق عليها ، وأحب أن أعطي مثالا على نجاح فكرة تحفيز الطبيب ودورها الإيجابي على برامج تنظيم الأسرة ، فقد نجحنا في جذب 67 % من السيدات الحوامل في الصعيد إلى العيادات الصحية بعد أن أتحنا لطبيب الوحدة أن يعمل بعد الظهر فقط للحوامل وبمقابل مجزي كما أتيح له أن يستقبل حالاته الخاصة وأن يتقاضى نصف ما تدفعه فمنعنا تسرب الطبيب من الوحدة للعمل في عيادته الخاصة .
س بماذا تنصح القائمين على العمل الصحي في مصر لمواجهة التهديدات الوبائية مثل الكرونا والإيبولا وأنفلونزا الطير وغيرها ؟
مصر مرت بفترة انخفض فيها الاهتمام بإجراءات الترصد ولكن في الوقت الحالي أرى أن الوعي في ازدياد مستمر ، فالسياسة الوقائية جزء هام جدا من السياسة الصحية وهي الإضافة التي يمكن إضافتها لصحة المصريين وأنا أذكر أن متوسط عمر المواطن المصري كان يزيد عام في كل عام من عمري في الوزارة ، كما أن وفيات الأمهات انخفضت بنسبة 55% في أول أربع سنوات ثم انخفضت إلى 37 % .
وكانت المظلة الوقائية تغطي مصر بشكل كبير وكانت مراكز الحجر الصحي في المطارات والموانئ تعمل بشكل جدي وكذلك على حدود السودان ، وأنا ذهب بنفسي ثلاثة مرات لحدود السودان لمتابعة إجراءات ترصد الحميات والملاريا وكنا نكافح بعوضة الملاريا الخبيثة بعمق 70 كيلو متر داخل الحدود السودانية لذلك أؤكد على أهمية الترصد والذي يعد من الإضافات التي تشكلها وزارة الصحة لعمل شبكة وقائية تحمي مصر .
وأذكر أن مصر أعلنت عام 98 خلوها من الملاريا ثم السعال الديكي والدفتيريا وكانت التطعيمات تغطي مصر بأكملها بالاستعانة بلجان تفتيش من كبار العاملين في وزارة الصحة حتى أني أذكر أنه في قرية "دندرة" وقفنا أمام مشكلة طفلين وجدا خارج الحصر وأخذنا في البحث حتى تمكنا من الوصول للطفلان.
وقد تعلمنا دروسا قاسية بسبب تأخر بعض المواطنين في تطعيم أبنائهم في المواعيد المقررة وبالصورة اللائقة وكان ذلك تارة في الفيوم وتارة في سوهاج
وكانت مصر تعاني من انتشار الكوليرا في بعض القرى وكنا نطلق عليها "إسهال الصيف" وفي بدية وزارتي انتشرت الكوليرا في قرية الحسينية بالشرقية وذهبت بنفسي وأسسنا وحدة رعاية مركزة في مستشفى صغير وساندتنا بقوة القوات المسلحة وأرسلت لنا 18 سيارة مياه شرب ، ووزعنا على المواطنين المطهرات والصابون والخل واتبعنا هذا النهج في عدة بؤر ظهرت فيها الكوليرا حتى تمكنا من القضاء عليها تماما بجهود مجموعة من الطب الوقائي لا يمكن لمصر أن تنسى فضلهم حتى أنهم صمموا حاملات يوضع عليها خيام للتعامل السريع مع المناطق المنكوبة بالسيول ، رغم أن ذلك ليس في صميم عملهم ولكنهم كانا يهدفون إلى التحرك السريع وكان يعاوننا في هذا العمل المحافظين والشئون الاجتماعية حتى تمكنا من تقليل النكبات التي كانت تحدث نتيجة للسيول في ذلك الوقت.
هل تعتقد يا د. إسماعيل أن مصر ستستطيع القضاء على فيروس سي؟
طبعا سنستطيع القضاء عليه ولكن هذا الفيروس ليس آفة مصر فقط فهناك الكثير من الدول تعاني منه لكن نحن كنا أكثر من غيرنا نتيجة لانتشار البلهارسيا وعلاجها عن طريق الحقن ، لكن المشكلة هي عدم الاهتمام بالأساليب الوقائية الجديدة ، وأنا أذكر في بداية وزارتي طلبت كمية كبيرة جدا من "الحقن" من المعونة الأمريكية ومن التبرعات والحكومة. جاء ذلك بعد أن تعلمت الدرس الأول في أحد الوحدات الصحية في أسيوط عندما التقيت بممرضة وقالت لي بكل صراحة :"نحن نستخدم الحقنة مرتين وثلاثة وأربع مرات" فعرفت أن وزارة الصحة كانت تنقل العدوى للمواطنين في ذلك الوقت وكان أول قراراتي توفير الحقن بكميات كبيرة جدا في كل ربوع مصر ورفضت الاستماع للآراء التي تقول أنها ستسرق وقلت لهم "أنا عاوزها تتسرق وتتباع برة وبدل ما بيرسرقوا الحقن المستعملة ويبيعوها يسرقوا الحقن الجديدة" وكانت الحقنة في ذلك الوقت لا يتجاوز سعرها الأربع قروش.
وأنا أرى أنه يجب توعية المواطنين وتوفير برامج توعوية جديدة يتعاون في توصيلها للمواطنين كل وسائل الإعلام الحكومية والخاصة
استطاع وزير الصحة الأسبق د.إسماعيل سلام أن يخلق نهضة صحية في الوقت الذي تولى فيه مسئولية وزارة الصحة والسكان متجاوزا حاجز الإمكانيات وكذلك البيروقراطية.
وشهد عصره نجاحا باهرا في مجالات صحة المرأة وانخفاض معدلات الوفاة ، كما انتشرت الوحدات الصحية في عهده في كل قرى وربوع مصر ولم يكن هناك قرية تشكو من عدم وجود طبيب ، كما شهدت برامج تنظيم الأسرة في عهده نجاحا غير مسبوق .
ومن هنا كان يجب أن نعرض هذه التجربة الناجحة والمثال الصارخ في تحدي كل العقبات والتفاني في خدمة المواطن المصري.
س كيف ترى أداء الوزارة الحالية ؟
ج أثق في د.عادل عدوي وفي خبراته وقدراته ولكنه تولى المسئولية في مرحلة صعبة للغاية ، لانهيار الخدمات الصحية في الكثير من المواقع ويذكرني ببداية طريقي في وزارة الصحة لذلك فهو يحتاج لتأييد شعبي وسياسي قوي.
المشكلة الأكثر عمقا هي مشكلة السكان والتي تفاقمت خلال الفترة التي تخلت فيها الحكومة لسبب أو لأخر عن قضية السكان.
الزيادة السكانية انخفضت بشكل كبير من عام 2000 إلى 2007 وأحذر من هذه المشكلة ومن التوقف في البرامج السكانية العظيمة والتي بدأت في عهد تولي د. كمال الجنزوري مسئولية الحكومة وفي الوقت الذي توليت في مسئولية الصحة امتدت الخدمات السكانية إلى طبيب الأسرة في الخدمات الأساسية حتى وصلت لترقيم المنازل ، حتى أن الطبيبات والرائدات الصحيات في أسوان استطاعوا أن يعلموننا شيء جديد وهو عمل خريطة صحة إنجابية للقرية تعرف أي السيدات تستخدم وسائل منع الحمل وما هي الوسيلة ومن منهن لا تستخدم أي وسائل ، حتى أن وزيرة الصحة الأمريكية في ذلك الوقت أبدت إعجابها الشديد بالتجربة وألقت محاضرتها في لاهاي عن ما رأته في مصر وهو ما يدل على أن الإنسان المصري مبدع بطبعه ولكن يجب أن يفسح له الطريق ، مشكلة الصحة السكن عامل أساسي في التنمية في مصر.
س في رأيك ما السبب في امتناع الأطباء عن العمل في الريف المناطق النائية؟
ج غيرت نظام عمل الأطباء عن طريق التحفيز حتى أنني في بداية تولي مسئولية الوزارة عرفت أن قنا بالكامل كان بها طبيب واحد فقط ، ولم أهدأ حتى وضعت في كل مستشفى أطباء في معظم التخصصات وفي محافظة كفر الشيخ 15% فقط من الوحدات الصحية بها أطباء وقبل أن أغادر كانت كل الوحدات الصحية بها أطباء وخاصة بعد أن أنشأنا تخصص "طب الأسرة" وقمنا بعمل نظام يمتص يحفز الأطباء ، على سبيل المثال من يرغب في العمل بالصعيد يتقاضى من 300 إلى 400% فوجدنا أن هناك إقبالا من قبل شباب الأطباء للعمل في المناطق النائية وأؤكد أن سياسة التحفيز هي الحل لملئ الأماكن الريفية والنائية.
الشيء الغريب أنني زرت مدرسة بمنطقة شبرا الخيمة بها ألاف الطلبة ولا يوجد بها طبيب بينما في وقت وزارتي كانت المدرسة التي تتجاوز كثافتها ال500 طالب يخصص لها طبيبان فكيف ندعي أن عندنا تأمينا صحيا ولا يوجد في المدرسة طبيب ، وهو ما يعد خطأ كبيرا في توزيع الأطباء ولا أعترف بمقولة "مفيش دكاترة" لأن الكليات التي تخرج الأطباء بمصر أصبحت كثيرة جدا ، ولكني أقول إن تدريب وتحفيز الطبيب حلقة مفقودة.
س هل صحيح أن مشكلة الصحة في مصر هي مشكلة إمكانيات مادية؟
أأمل أن تتغير كل هذه الأوضاع عندما تتوفر الإمكانيات التي أقدر جيدا قيمتها فعندما توليت الوزارة كنت أرى بعيني معاناة المرضى وأرى المرضى يموتون على سلالم المستشفيات ولكني بدأت وبدأت بزيارة جميع مستشفيات الصعيد في الست أسابيع الأولى من تولي حقيبة وزارة الصحة ، ورأيت بعيني الواقع المرير وتعلمت منه وتعلمت احتياجات الناس من الناس أنفسهم ولكن مصر قادرة على توفير الإمكانيات بدليل أننا كنا نزور المستشفى وفي اليوم الثاني يبدأ العمل في تطويرها بمعاونة الجهود الذاتية ، وأؤكد أن الوزير الذي لا يسعى لتزويد مستشفى باحتياجات تمكنها من الحفاظ على النظافة مثل السيراميك وما شابه ذلك هو وزير فاشل ..
ولكني أؤكد أيضا أن الأمل كبير في د.عادل عدوي لأن بدايته كانت واقعية ، فهو رجل متحرك ويزور المستشفيات باستمرار .
ولكني أحب أن أرسل رسالة لرئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب وهي أن تكون زياراته للمستشفيات زيارات مثمرة بمعنى أن تكون زيارته مفاجئة وأن يعقب كل زيارة تخصيص مبلغ من المال لسد احتياجاتها وعلاج أي قصور بها.
س ما هو تقييمك لأداء الطبيب المصري؟
الطبيب المصري أعظم طبيب داخل مصر وخارجها ونحن لسنا في حاجة لأن نتحدث عن تجارب بعينها مثل تجربة د.مجدي يعقوب فالطبيب المصري يفعل المعجزات داخل بلده أيضا وبإمكانيات أقل بكثير مما يتاح لغيره في الخارج.
ولا يجب أن ننسى دور الممرضة المصرية فهي أيضا أبدعت وكذلك الرائدات الريفيات اللاتي تعلمن منهن التخطيط الصحي داخل القرى وعرفتنا على احتياجات البيوت من صرف صحي أو وظائف وعرفونا التركيب الداخلي لمصر .
وأدعو إلى إفساح المجال للإنسان المصري حتى يفكر بعقلانية ويثبت وجوده وقد كنت أسعى لذلك بعمل معسكرات للأطباء يلتقون خلالها بكبار العلماء ورجال الدين وأنا كنت ألتقي بهم أيضا حتى أني أذكر أن ثلاثة من أوائل خريجي كليات الطب طلبوا مقابلتي في الوزارة وطلبوا العمل في المناطق النائية من أجل مصر ، هذه هي الروح المطلوبة الآن الروح التي ستصنع المعجزات ليس فقط في مجال الصحة بل في التعليم والصناعة وكل الميادين ويجب فتح المجال للعقل المصري حتى يفكر ويبدع وينتج .
س ما هو الطريق إلى إحياء برامج تنظيم الأسرة من جديد؟
يجب عدم تفتيت الأداء داخل القرى وألا نعمل في جزر متفرقة ولابد من مجلس تنفيذي تصب فيه جميع الإمكانيات لتحقيق أكبر استفادة مما هو متاح وللدفع إلى التنمية الشاملة وليس فقط التنمية الصحية وأحب أن أعطي مثالا على ذلك أنه عندما بدأنا في عمل وحدات طب الأسرة لم يكن الهدف فقط استقبال السيدات وإعطائهم وسيلة تنظيم أسرة بل كنا نهدف لأن نعلم الأميات منهن فبدأنا في عمل فصول لمحو الأمية بمساعدة جهاز محو الأمية وكان بداخله الأسر المنتجة بمساعدة الشئون الاجتماعية ونادي للمرأة بحيث تلتقي السيدات ببعض وتنتقل خبرة المتعلمات والطبيبات للأقل تعليما وثقافة من سيدات القرية لأن القضية السكانية من أهم مكوناتها تنمية المرأة وضعها على الخريطة القومية والتعليمية والصحية وأدعو من يرون أن هذا صعب أن يدرسوا تجربة صحة المرأة ، ولكن آفتنا هي عدم الاستمرارية وتغير الأنظمة والسياسات عدم الثبات على استراتيجيات مستقبلية متفق عليها ، وأحب أن أعطي مثالا على نجاح فكرة تحفيز الطبيب ودورها الإيجابي على برامج تنظيم الأسرة ، فقد نجحنا في جذب 67 % من السيدات الحوامل في الصعيد إلى العيادات الصحية بعد أن أتحنا لطبيب الوحدة أن يعمل بعد الظهر فقط للحوامل وبمقابل مجزي كما أتيح له أن يستقبل حالاته الخاصة وأن يتقاضى نصف ما تدفعه فمنعنا تسرب الطبيب من الوحدة للعمل في عيادته الخاصة .
س بماذا تنصح القائمين على العمل الصحي في مصر لمواجهة التهديدات الوبائية مثل الكرونا والإيبولا وأنفلونزا الطير وغيرها ؟
مصر مرت بفترة انخفض فيها الاهتمام بإجراءات الترصد ولكن في الوقت الحالي أرى أن الوعي في ازدياد مستمر ، فالسياسة الوقائية جزء هام جدا من السياسة الصحية وهي الإضافة التي يمكن إضافتها لصحة المصريين وأنا أذكر أن متوسط عمر المواطن المصري كان يزيد عام في كل عام من عمري في الوزارة ، كما أن وفيات الأمهات انخفضت بنسبة 55% في أول أربع سنوات ثم انخفضت إلى 37 % .
وكانت المظلة الوقائية تغطي مصر بشكل كبير وكانت مراكز الحجر الصحي في المطارات والموانئ تعمل بشكل جدي وكذلك على حدود السودان ، وأنا ذهب بنفسي ثلاثة مرات لحدود السودان لمتابعة إجراءات ترصد الحميات والملاريا وكنا نكافح بعوضة الملاريا الخبيثة بعمق 70 كيلو متر داخل الحدود السودانية لذلك أؤكد على أهمية الترصد والذي يعد من الإضافات التي تشكلها وزارة الصحة لعمل شبكة وقائية تحمي مصر .
وأذكر أن مصر أعلنت عام 98 خلوها من الملاريا ثم السعال الديكي والدفتيريا وكانت التطعيمات تغطي مصر بأكملها بالاستعانة بلجان تفتيش من كبار العاملين في وزارة الصحة حتى أني أذكر أنه في قرية "دندرة" وقفنا أمام مشكلة طفلين وجدا خارج الحصر وأخذنا في البحث حتى تمكنا من الوصول للطفلان.
وقد تعلمنا دروسا قاسية بسبب تأخر بعض المواطنين في تطعيم أبنائهم في المواعيد المقررة وبالصورة اللائقة وكان ذلك تارة في الفيوم وتارة في سوهاج
وكانت مصر تعاني من انتشار الكوليرا في بعض القرى وكنا نطلق عليها "إسهال الصيف" وفي بدية وزارتي انتشرت الكوليرا في قرية الحسينية بالشرقية وذهبت بنفسي وأسسنا وحدة رعاية مركزة في مستشفى صغير وساندتنا بقوة القوات المسلحة وأرسلت لنا 18 سيارة مياه شرب ، ووزعنا على المواطنين المطهرات والصابون والخل واتبعنا هذا النهج في عدة بؤر ظهرت فيها الكوليرا حتى تمكنا من القضاء عليها تماما بجهود مجموعة من الطب الوقائي لا يمكن لمصر أن تنسى فضلهم حتى أنهم صمموا حاملات يوضع عليها خيام للتعامل السريع مع المناطق المنكوبة بالسيول ، رغم أن ذلك ليس في صميم عملهم ولكنهم كانا يهدفون إلى التحرك السريع وكان يعاوننا في هذا العمل المحافظين والشئون الاجتماعية حتى تمكنا من تقليل النكبات التي كانت تحدث نتيجة للسيول في ذلك الوقت.
هل تعتقد يا د. إسماعيل أن مصر ستستطيع القضاء على فيروس سي؟
طبعا سنستطيع القضاء عليه ولكن هذا الفيروس ليس آفة مصر فقط فهناك الكثير من الدول تعاني منه لكن نحن كنا أكثر من غيرنا نتيجة لانتشار البلهارسيا وعلاجها عن طريق الحقن ، لكن المشكلة هي عدم الاهتمام بالأساليب الوقائية الجديدة ، وأنا أذكر في بداية وزارتي طلبت كمية كبيرة جدا من "الحقن" من المعونة الأمريكية ومن التبرعات والحكومة. جاء ذلك بعد أن تعلمت الدرس الأول في أحد الوحدات الصحية في أسيوط عندما التقيت بممرضة وقالت لي بكل صراحة :"نحن نستخدم الحقنة مرتين وثلاثة وأربع مرات" فعرفت أن وزارة الصحة كانت تنقل العدوى للمواطنين في ذلك الوقت وكان أول قراراتي توفير الحقن بكميات كبيرة جدا في كل ربوع مصر ورفضت الاستماع للآراء التي تقول أنها ستسرق وقلت لهم "أنا عاوزها تتسرق وتتباع برة وبدل ما بيرسرقوا الحقن المستعملة ويبيعوها يسرقوا الحقن الجديدة" وكانت الحقنة في ذلك الوقت لا يتجاوز سعرها الأربع قروش.
وأنا أرى أنه يجب توعية المواطنين وتوفير برامج توعوية جديدة يتعاون في توصيلها للمواطنين كل وسائل الإعلام الحكومية والخاصة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.