«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنفاق على الصحة بالمحافظات يحتاج "جراحة عاجلة"
نشر في الزمان المصري يوم 24 - 10 - 2014


تحقيق – ياسمين سنبل
اعتصر الألم جسد "عم حسين" الضعيف ذى الثلاثة وستين عاما ،فذهب إلى إحدى المستشفيات بمدينة اسنا بمحافظة الأقصر وأعطوه بعض المسكنات ولكن الألم لم يذهب بعيدا ،فقد عاوده مرة أخرى بشراسة، وبدأ جسده النحيل ينتفخ حتى أصبح لا يقوى على الحراك.
"عم حسين" غفير على المعاش لديه سبعة أبناء ، وكان قد أجرى عملية استئصال ورم في المعدة منذ عام في مستشفى دار الشفا بالقاهرة، ولكنه لم يعلم ان القدر لن يمهله كثيرا، فقد عاودته الآلام وقرر أبنائه – الذين يعملون على باب الله على حد قولهم – أن يسافروا بابيهم للقاهرة في "القطار القشاش" الذي تستغرق رحلته حوالي 12 ساعة لانهم يرون ان مدينتهم لديها الأطباء الصغار وليس لديها إمكانيات مثل كبرى المستشفيات في القاهرة بحسب قولهم إلا أن روح ابيهم فارقت جسده قبل ان يصل إلى محطة مصر.
"عم حسين" لم يكن الأول ولا الأخير من أبناء القرى والنجوع الذين يقصدون القاهرة والمدن الكبرى للعلاج لتدني الخدمات والإمكانات في المستشفيات او الوحدات الصحية لديهم، منهم من يكون سعيد الحظ ويتلقى العلاج ومنهم من توافيه المنية وهو في الطريق للعلاج او تكون حالته متأخرة يصعب علاجها.
وإذا نظرت الى التوزيع الجغرافي للإنفاق الحكومي على الصحة ستجد ان محافظة القاهرة – أو العاصمة – تأتي ضمن المحافظات الذي يبلغ نصيب الفرد من الخدمات الطبية بها الحد الادنى ويصل الى 178 جنيها في السنة (شامل الأجور والتعويضات) مقارنة بمحافظة الأقصر التي يعد نصيب الفرد فيها متوسطا يبلغ 331 جنيها في العام (وفقا للموازنة العامة للدولة للعام المالي 2014 / 2015) ولكن ذلك يرجع الى الكثافة السكانية فقط، لكن على أرض الواقع الوضع يختلف.
وتتركز المستشفيات بكافة تخصصاتها في العاصمة والمحافظات الكبرى، فتحتضن القاهرة الكبرى وحدها 72 مستشفى، بينما تخدم الأقصر 14 مستشفى (وفقا لبيانات وزارة الصحة).
وذكر تقرير حديث لصندوق الأمم المتحدة للاسكان أن هناك عددا كبيرا من سكان المناطق الريفية والمدن الصغيرة، ومحافظات صعيد مصر، الذين اعتادوا الانتقال إلى المدن الكبرى ومحافظات الوجه القبلي، لتوافر الخدمات الصحية بجودة أعلى، ونتيجة لذلك، ترتفع معدلات وفيات الرضع، والأطفال، والأمهات في تلك المناطق.
ويقول الدكتور عمرو الشورى عضو مجلس نقابة الأطباء إن مشكلة نزوح المرضى للقاهرة والمدن الكبرى مشكلة استراتيجية تعود الى سوء التخطيط فخلال السنوات الماضية تركزت المستشفيات المتخصصة والجامعات وغيرها في القاهرة والإسكندرية وبعض المدن الكبرى واصبح نصيب القرى غير كاف، فهناك محافظات محرومة من تخصصات أساسية وأخرى محرومة من تخصصات دقيقة.
وأضاف "الشورى" ان المشكلة تكون اكبر مع تخصصات مثل المخ والأعصاب وجراحة القلب والصدر أو التخصصات الأدق مثل جراحة قلب أو أورام الأطفال، لان ذلك لن يشكل فقط عبء تكدس في القاهرة التي تحتضن جميع التخصصات مثلا ولكن عبء لأهل المريض الذين يضطرون للسفر من محافظات بعيدة مثل الصعيد ليقيموا في مدينة مثل القاهرة بجانب طفلهم المريض.
من جانبها ترى مها الرباط وزيرة الصحة السابقة ان هناك عدة أسباب أدت الى هذا الوضع عوامل يشترك فيها كل من مقدمي خدمة النظام الصحي والمنتفعين مضيفة "ممكن يكون مفيش استعدادات، ممكن لعدم توافر تخصصات الأطباء، من الممكن ان تكون هناك أزمة ثقة ما بين المريض والمستشفى في قريته ،فيرى مثلا انه سيحصل على خدمة أفضل في مستشفيات الحضر.
واستطردت وزيرة الصحة السابقة قائلة للموقع" لكن يجب ان يعي المريض انه ليس من المفترض ان يتواجد أطباء من جميع التخصصات في جميع المستشفيات، كما يجب ان يدرك أن هناك أنواعا من المستشفيات ،فهناك العامة والتي لديها جميع التخصصات ومستشفيات مركزية، ومستشفيات تخصصية.
وتابعت الرباط "المستشفى العام الكبير التي تتواجد داخل العاصمة ولديها جميع التخصصات ويتم الإحالة إليها من المستشفيات الاصغر في حالة الحاجة الى خدمات اعلى مستوى أو أعلى تخصصية، مستشفيات على مستوى المراكز والتي لا تتوافر لديها جميع التخصصات وتقدم مستوى رعاية صحية اقل من العامة."
وقالت وزيرة الصحة السابقة "إن نظام الإحالة ضعيف ويحتاج الى ان يقوى لكي يعرف كل واحد يروح فين ويتحول ازاي وبالتالي وعلى هذا الاساس اقدر اقسم القوى العاملة على حسب مستويات تقديم الخدمة".
ويتركز كبار الأطباء بجميع تخصصاتهم في العاصمة والمحافظات الكبرى، فهل يعود ذلك إلى سوء التوزيع على المحافظات أم الى نقص إمكانيات في المستشفيات؟.
ووفقا لبيانات وزارة الصحة ،هناك 86 ألف طبيب مقيدين، والقائمين على العمل بالفعل 59,639 طبيبا، منهم 11.670 في الريف المصري، و47,969 طبيب في الحضر، وعلق الدكتور علاء غانم مدير برنامج الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية على هذه النسب بانها مختلة حيث يخدم 11 الف طبيب اكثر من نصف سكان مصر، وهم الاقل تدريبا، والاقل حصولا على مزايا مادية، والاقل فرصا لتحسين الدخل باي عمل آخر، كما ان 31 % من قوة وزارة الصحة خارج العمل!.
ويوضح غنام انه نظرا لتردي الاجر الحكومي يلجأ الكثير من الأطباء لانشاء مشاريعهم الطبية الخاصة كالمستشفيات، والمعامل ومراكز الأشعة الخاصة التي تُدِر عليهم أرباحا كبيرة، وتابع "نحو 30% من قوة الأطباء العاملين، والأكثر تأهيلا أكاديميّا وخبرة، يعملون بجوار مشاريعهم الطبية الخاصة فى المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية والمنصورة، تاركين 19% فقط من صغار الأطباء، الأقل ثروة ومكانة وتأهيلا للعمل فى صعيد وريف مصر، الذى يعيش فيه 57% من إجمالى السكان.
ويقول عمرو الشورى عضو مجلس نقابة الاطباء انه في السابق كان يحصل الأطباء في المناطق النائية او الحدودية على مقابل أعلى قليلا – وليس بالكافي- من الأطباء في المدن ، ولكن تقلص هذا المقابل بعد" قانون 14 لسنة 2014، الصادر بقرار رئيس الجمهورية، في 8 فبراير 2014 وتم إصداره لتنظيم شئون أعضاء المهن الطبية العاملين بالجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان من غير المخاطبين بقوانين أو لوائح خاصة.
وأوضح الشورى انه حتى بعد صدور قرار "575 " الصادر حديثا والذي يعطي حافزا للعمل في المناطق النائية في محاولة لتعويض جزء من المفردات التي كان يحصل عليها الأطباء قبل قانون" 14 " لم يعد العائد المادي كما كان وأصبح هناك تفريق بين المغترب والذي يقطن في المدينة النائية، فضلا عن الغاء اعتبار بعض المحافظات مناطق نائية مثل الأقصر واسوان وقنا.
كان وزير الصحة عادل العدوي اصدر قرارا رقم 575 لسنة 2014 بشأن صرف حافز المناطق النائية للمخاطبين بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 14 لسنة 2014، حيث تضمن القرار صرف حافز المناطق النائية لأعضاء المهن الطبية المنصوص عليهم المادة 13 من قرار رئيس الجمهورية المغتربين وغير المغتربين العاملين بالمستشفيات، ووحدات الرعاية الصحية التي تقدم خدمات علاجية بالمحافظات والمناطق النائية، ونص القرار على صرف حافز المناطق النائية لغير المغتربين، حال بعد مقر عملهم عن عواصم تلك المحافظات، بمسافة لا تقل عن 50 كيلومترا ويعمل بالقرار من 1 يناير 2014.
وتابع الشورى " لكي يحصل صغار الأطباء على تخصص او تدريب هو امر غير متوفر إلا في المدن الكبرى ،فبالتالي يضطر الأطباء للانتقال الى هذه المدن من اجل المستقبل العلمي ومع الوقت يكونوا هيأوا حياتهم على الوضع ولا يعودون الى قراهم الاصلية."
ويرى عمرو الشورى عضو مجلس نقابة الاطباء ان حل هذه المشكلة لن يكون فوريا بل سيستغرق سنوات أان المشكلة ليست أطباء فاذا نقلت الأطباء الى المناطق النائية لا توجد مستشفيات مجهزة، مشيرا إلى ان الأمر يحتاج الى التخطيط الجيد بداية من بناء المستشفيات وتوزيع الموازنة بشكل عادل على المحافظات.
وزاد الانفاق الحكومي على الصحة في العام المالي 2014\2015 بنحو 8.8 مليار جنيه أي بنسبة 26.5 % مقارنة بالعام المالي السابق عليه، ولكن اذا استبعدنا اثر التضخم تصبح الزيادة الحقيقية فقط 12%، وبلغ نصيب الفرد من الصحة 482.75 جنيها.
والتهمت الأجور وتعويضات العاملين 62 % من إجمالي موازنة الصحة في العام المالي 2014\2015 ، أي ما يمثل حوالي 92.5 % من اجمالي الزيادة في الموازنة المخصصة للصحة، في المقابل وبالرغم من الزيادة البسيطة في بند شراء السلع والخدمات الا ان نسبتها تراجعت من اجمالي الانفاق على الصحة في العام المالي الجاري لتصل الى 16 % مقابل 18 % في العام السابق عليه.
وقالت الدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة السابقة "اذا نظرنا حولنا سنجد ان الاجور والمكافأت تستقطع جزءً كبيرا من ميزانية الوزارات ولكن في المقابل يجب ان تكون البنود الاخرى للخدمات والاولويات الصحية متواجدة بالنسب المطلوبة لتعطي النتائج المرجوة."
وأضافت انه يجب ان تتوفر خطة لتوزيع الموازنة حسب الاحتياجات والاولويات فهناك بنود ثابتة واخرى متغيرة وهناك اولويات مستحدثة واخرى موجود حسب الخطة الصحية الموضوعة.
وتابعت الرباط " الرعاية الصحية الأولية ،البرامج الوقائية والتعزيزية لمنع المرض يجب ان تأخذ الاهمية المناسبة في الموازنة، بالإضافة الى البرامج العلاجية والمستشفيات وتأهيل الاطباء والبيئة والتغذية، فيجب النظر الى جميع هذه الابواب وكيفية توزيعها وفقا للأهداف الموضوعة".
ويقول عمرو الشورى عضو مجلس نقابة الاطباء انه حتى الآن ميزانية الصحة غير كافية، وحتى لو احتسبنا الزيادة كمبلغ بالمقارنة بمعدلات التضخم وزيادة أسعار الدواء والمعدات عالميا بسبب ارتفاع أسعار الدولار، مع الزيادة الحتمية في الأجور – العلاوة السنوية- للعاملين في قطاع الصحة وزيادة البدلات والأجور في قانون 14 سنلاحظ ان الميزانية تقلصت فعليا ولم تزد ، الزيادة التي حدثت كرقم فقط ولكن قلت كقيمة وخدمات لذلك فهذا الرقم غير كافي لتقديم الخدمات كالعام الماضي.
وأضاف "الشورى" انه وفقا لمادة الدستور رقم 238 ،فان الانفاق على الصحة سيصل إلى 3 % من الناتج القومي في موازنة العام المالي (2016 /2017)، والذي سيصل حينها إلى نحو 92 مليار جنيه، وهو مبلغ غير كاف مع زيادة عبء المرض في مصر من حيث عدد السكان والأطفال والامراض المزمنة وبالتالي لن يكون كافيا لتقديم خدمة على مستوى جيد.
ووفقا للبيان المالي، فان المبالغ المخصصة للإنفاق على قطاع الصحة في الموازنة العامة للسنة المالية الحالية (2014 – 2015) لا تتضمن مبلغ 9.2 مليار جنيه يتم إنفاقه بالهيئات الاقتصادية مثل هيئة التأمين الصحي، وبعض جهات الموازنة العامة خارج قطاع الصحة.
ويعد مستوى وفيات الرضع والأطفال معيارا أساسيا لتقييم الوضع السكاني في أي بلد، ووفقا للمسح الصحي السكاني ( الذي يصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان "يونيسيف" ) فان مصر تسير على الطريق الصحيح، فبيانات المسح الصحي السكاني لمصر في عام 2008 والتي نشرت في عام 2012 تبين انخفاض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة خلال فترة الأربع سنوات السابقة على المسح إلى 28 وفاة كل 1000 مولود حي (مقابل 85 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي في عام 1992)، بينما بلغ معدل الوفيات للرضع 25 حالة وفاة لكل 1000 حالة مولود حي (مقابل 62 حالة لكل 1000 مولود حي عام 1992 ) ويمثل ذلك انخفاضا ملحوظا في معدل وفيات الرضع والأطفال دول الخامسة خلال العقدين الماضيين.
الا انه ما زال هناك تفاوت بين الوجهين البحري والقبلي، فمعدل وفيات الرضع ومعدل وفيات الأطفال دون الخامسة مرتفع في الوجه القبلي بالأخص في المناطق الريفية عن بقية المناطق في مصر، حيث تشير نتائج المسح السكاني الصحي في مصر 2008 إلى أن معدل وفيات الأطفال دون الخامسة بلغ 46 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي في المناطق الريفية بالوجه القبلي مقارنة ب28 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي في المناطق الريفية بالوجه البحري، ومع ذلك كان مستوى انخفاض معدل وفيات الأطفال أسرع في الوجه القبلي عن معدل الانخفاض في المناطق الأخرى في مصر.
ويقول علاء غانم مدير برنامج الحق في الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن الفقراء وبخاصة فى الريف والصعيد يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على خدمات الرعاية في المستشفيات والعيادات والأطباء، كما أن الفقراء عموما في الشريحة الأفقر ينفقون من دخلهم للحصول على الخدمات كنسبة أكثر من الأغنياء في الشرائح الأخرى من الدخل، إلى جانب أن كلا من الإنفاق العام والخاص على الرعاية الصحية يقل في المحافظات الأفقر عن مثيلاتها في المحافظات الأخرى (المسح الصحي السكاني DHS 2008).
وأضاف غانم ان الأمراض المعدية تنتشر بصورة كبيرة في الريف المصري وبخاصة الفيروسات الكبدية وأمراض الجهاز الهضمي وغيرها، لتردى المحددات الاجتماعية للصحة، مثل مياه الشرب والصرف الصحي. وتظل الأمراض غير المعدية في إطار العبء المزدوج للمرض في ارتفاع بنسبة انتشارها مقارنة بالسنوات السابقة، بمعدلات مقلقة (السكر ومضاعفاته 17%، ارتفاع ضغط الدم39.7 %، حالات السرطان 100ألف حالة سنويّا جديدة، الفيروسات الكبدية 150ألف حالة سنويّا) إلى جانب عوامل الخطر المتمثلة في الأوضاع الغذائية في الطفولة المبكرة الراجعة إلى الفقر وسوء التغذية في مظاهر نقص الوزن والتقزم وقصر القامة في الريف قياسا بالحضر (من 2005 إلى 2008)
ولفت مدير برنامج الحق في الصحة إلى انه بالنظر الى الإنفاق الصحي العام والخاص سوف نجد تدنيّا في نسب الإنفاق العام الصحي وتدنيّا فى نصيب الفرد فى هذا الإنفاق الحيوي، وفى المقابل ارتفاعا في نسب الإنفاق الذاتي من الجيب كنسبة إلى الإنفاق الكلى (72% انفاقا ذاتيا) وتدنى أجور الفريق الصحى وتدنى المخصصات الممنوحة للجانب الوقائي والرعاية الأساسية.
ووفقا لتقرير الحسابات القومية للصحة لعامي 2001 و2002 والذي نشر في 2005 ولم يتم تحديثه حتى الان – والذي يتم من خلال وزارة الصحة مع أحد بيوت الخبرة الدولية – أن جملة الإنفاق الاجتماعي أو الإنفاق الكلي على الصحة تأتي من المصادر التالية: من الخزانة العامة بنسبة 29%، ومن أرباب الأسر بنسبة 61%، ومن شركات عامة 3%، وتشكيلات خاصة 6%.
في النهاية لا ندري كم قطار سيصل بالمريض إلى محطة الشفاء وكم منهم سيتعثر في الطريق إلى ان تتحقق العدالة الاجتماعية والخدمات والإمكانيات الصحية التي ترضي جميع المرضى من شمال الى جنوب جمهورية مصر العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.