هل يضع قرار تخصيص دوائر خاصة لمحاكمة الارهابيين حدا لظاهرة تنحي القضاة في قضايا الاخوان استشعارا للحرج ، ام يظل هذا المسلسل يعرض فصوله ويفلت المجرمين من يد العدالة ؟ تحولت عبارة " استشعار الحرج " التي تستخدمها هيئة المحكمة سببا لتنحيها عن نظر القضية.. عبارة سيئة أو الشماعة التي قد يعلق عليها بعض القضاة تقاعسهم عن أداء واجبهم المقدس ، وهذا لا ينفي أن غالبية قضاة مصر فوق مستوي الشبهات ويتحملون عبء تحقيق العدالة وتنفيذ القانون بشرف وأمانة يشهد لهم بها القاصي والداني . نعلم أن القانون يجيز للقاضي التنحي عن نظر الدعوي المعروضة عليه ، ولكنه لم يترك الأمر حسب هوي القاضي ، بل حدد حالات يجوز فيها له التنحي عن نظر القضية استشعارا للحرج وحتي يكون القاضي بمنأي عن أي شبهة قد تؤثر في سير الدعوي التي ينظرها ، ولكن ماهي الحالات التي يجوز فيها للقاضي التنحي عن نظر القضية ؟ * الدكتور عادل عمر أستاذ القانون العام أكد ل " بوابة أخبار اليوم " أن القاضي يجوز له التنحي عن نظر القضية المعروضة عليه إذا كان له أو لزوجته مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الدعوي ، ولو بعد انحلال عقد الزواج، أيضا إذا كان بينه وبين أحد الخصوم في الدعوي قرابة أو مصاهرة حتي الدرجة الرابعة ، وكذا إذا كان خطيبا لأحد الخصوم ، أو إذا سبق أن كان وكيلا لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصيا أو قيما عليه ، كما يجوز له التنحي إذا سبق له أن كان شاهدا في القضية ، أو إذا كان أحد المتداعيين قد اختاره حكما في قضية سابقة ، أو إذا وجد بينه وبين أحد المتداعيين عداوة شديدة ، كذلك إذا كانت قد أقيمت بينه وبين أحد المتداعيين أو أحد أقاربه أو مصاهريه حتي الدرجة الرابعة دعوي مدنية أو جزائية خلال السنوات الخمس السابقة ، وعلي القاضي في الأحوال السابق ذكرها أن يخبر المحكمة بسبب الرد القائم وذلك للإذن له بالتنحي ، ويجوز للقاضي في غير أحوال الرد المذكورة إذا استشعر الحرج في نظر الدعوي لأي سبب أن يعرض أمر تنحيه علي المحكمة في غرفة المداولة ، فإذا كانت المحكمة مؤلفة من قاض فرد يعرض القاضي أسباب التنحي علي المحكمة التي هي أعلي منه لتأذن له بالتنحي عن نظر الدعوي ، كما يجوز للقاضي أيضا أن يتنحى من تلقاء نفسه إذا أبدي رأي عبر أجهزة الإعلام حول القضية أو إي من المتهمين أمامه . وأضاف عمر: للأسف الشديد لقد استغل " الإخوان " هذا الأمر باعتبار أن غالبية القضاة كانوا ضيوف عبر أجهزة الإعلام المختلفة، وتم استدراجهم للإدلاء بأقوال وأحاديث تعتبر تكوين رأي ضد احد المتهمين الماثلين أمامهم. مشيرا إلي أنه يجوز لمحكمة الاستئناف أن ترفض طلب تنحي المحكمة إذا ارتأت فيه عدم الجدية ويعود لنظر القضية مرة أخري. أما الدكتور حسام الذهبي فطالب القاضي الذي يخشى من الحكم في قضايا الإخوان أن يبتعد ، مشيرا إلي أن عبارة " استشعار الحرج " أصبحت موضة بين القضاة ، وأن الحل في ظل العجز عن استكمال محاكمة واحدة في قضايا الإخوان أمام القضاء العادي أن تشكل محاكم خاصة أو ثورية للفصل في مثل هذه القضايا . ويظن البعض أن وراء عمليات التنحي المتكررة للقضاة في " قضايا الإخوان " هو تعرض هؤلاء القضاة لعمليات تهديد من قبل أعضاء الجماعة المحظورة.. بعض هذه العمليات تناقلتها وسائل الإعلام " صوت وصورة " ، ونذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر، محاولة اقتحام منزل عضو بالدائرة التي تنظر قضية تعذيب وقتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية والمتهم فيها الرئيس المعزول وبعض قيادات الجماعة ، وهو الأمر الذي دفع قوات الأمن الي تشديد الحراسة أمام منزله ووضع المتاريس في الشارع الذي يقطن به ، أيضا التهديد الذي تعرض له المستشار "هشام سرايا" رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة التي كانت تنظر قضية تعذيب ضابط وأمين شرطة المتهم فيها القياديين بالمحظورة محمد البلتاجي ، وصفوت حجازي والذي تنحي عن نظر القضية استشعارا للحرج وهي آخر دعوي حتي كتابة هذه السطور تتنحي فيها هيئة محكمة عن نظر قضية من قضايا الاخوان ، وسبقها 4 قضايا أخري سلكت فيها المحكمة نفس المسلك ليظل الاخوان عفريتا يمنع القضاة من نظر قضاياهم ، هذا بالاضافة الي سيل الشتائم والسباب الذي تعرض له القضاة أثناء نظر القضايا المتهم في إخوان. ويبقي السؤال الهام متي توفر الدولة الحماية اللازمة للقاضي حتى يباشر نظر القضية باطمئنان يسمح له بإصدار أحكاما يطمئن لها دون أن يكون واقعا تحت ضغط أو تهديد ، فالقاضي بشر وقد يتأثر بالتهديدات التي يتعرض لها والتي قد تتعداه هو شخصيا لتصل لأولاده وأهل بيته فيضطر القاضي أمام هذا التهديد إلي التنحي عن نظر القضية ، ويبدو أن هذا الأسلوب استحسنه الإخوان لذلك فهم يتعمدون إثارة الفوضى ويتعمدون إهانة المحكمة حتى تضطر إلي التنحي عن نظر القضية وهو ما حدث بالفعل في معظم قضايا قيادات الإخوان . فهل ينجح تنظيم الإخوان في مخطط إفشال الجلسات لضرب القضاء المصري وإظهاره بمظهر العاجز عن محاكمتهم ؟، أم سيتحرك مجلس القضاء الأعلى للمحافظة علي هيبة القضاء وحماية القضاة ؟ سؤال ربما تجيب عنه الأيام المقبلة.