بعد أن قررت محكمة جنايات القاهرة الأربعاء الماضي التنحي عن نظر محاكمة محمد بديع مرشد الإخوان ونائبيه خيرت الشاطر ورشاد البيومي وآخرين في قضية اتهامهم بالقتل والتحريض علي قتل المتظاهرين أمام مكتب الارشاد بالمقطم, وقالت المحكمة إنها قررت التنحي لعدم قدرتها علي إدارة الجلسة ونظر الدعوي, تعد هذه هي المرة الثانية التي تتنحي فيها محكمة الجنايات عن نظر القضية نفسها خلال أيام فما هي أسباب تنحي المحكمة في قانون المرافعات وما هي الحالات التي يكون فيها التنحي للقاضي الزاميا؟ وماهي الحالات الأخري التي يكون فيها اختياريا؟ حتي لا تتردد الشائعات المغرضة في هذا الشأن بعدما أصبح التنحي ظاهرة في الفترة الأخيرة. أوضح المستشار الدكتور محمد أحمد الجنزوري رئيس بمحكمة استئناف القاهرة أن عبارة التنحي للقاضي تعني إفصاحه أو اعلانه لإرادته الحرة عن رغبته في عدم نظر القضية المعروضة عليه والقاضي في ذلك حر في أن يفصح عن هذه الأسباب أو لا يفصح عنها وأضاف الجنزوري أنه من هذه الأسباب أن يجد القاضي في نفسه أن هناك عداوة وخصومة بينه وبين المتقاضين وأيضا تكون هناك مودة سابقة بينه وبين أحد الخصوم أو يجد القاضي أن قلبه وعقله أصبح غير محايدين للنظر في الدعوي المطروحة عليه أو لأي سبب من الأسباب, وأشار الجنزوري الي أن المشرع وفقا لقانون المرافعات لم يلزم القاضي بالافصاح عن هذا السبب بل إن مجرد وجود غضاضة في نفس القاضي أصبح يحملها ضد أحد الخصوم تجعل القاضي العادل في محل من الفصل في القضية المعروضة عليه فيغلق ملف القضية ويرسلها إلي رئيس محكمة الاستئناف بطلب تحديد دائرة أخري لنظرها ويستطيع رئيس محكمة الاستئناف أن يرفض طلب استشعار الحرج ويلزم القاضي المتنحي بالاستمرار في نظر القضية, وأضاف الجنزوري أن من الأسباب التي تجعل القاضي من حقه التنحي عن نظر القضية أن يقوم أحد الخصوم بسبه أو اهانته فالقاضي في هذه الحالة يستطيع تطبيق أحكام القانون عليه والتي تنتهي إلي حبس الخصم أو المتقاضي أو أي شخص من الحاضرين في أية جلسة باعتبار أن ذلك من جرائم الجلسات. وأوضح المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة باستئناف القاهرة أن نظرية التنحي لاستشعار الحرج من أبرز الجوانب المضيئة في العمل القضائي المصري فهي ليست حكرا علي التشريعات المصرية وإنما متعارفا عليها في أغلب النظم القانونية المتحضرة وهناك حالات اجبارية يكون القاضي ملزما بالتنحي عن نظر الدعوي كان يكون قريبا لأحد الخصوم أو صهرا له حتي الدرجة الرابعة أو تكون له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد أطراف الدعوي أو أن يكون قد أبدي أو ترافع عن أحد الخصوم أو كتب فيها سواء كان قبل اشتغاله بالقضاء أو نظرها بصفته قاضيا أو خبيرا أو محكما أو أبدي شهادة فيها وهي تختلف عن حالات رد القاضي, وهناك حالات اختيارية للقاضي يتنحي فيها عن نظر الدعوي حسب ما يطمئن اليه ضميره فمجرد احساسه بأن هناك ضغوطا عليه ومحاولة للتأثير علي حكمه أو أن هناك تدخلات من أطراف خارجية تمارس ضغوطا عليه أو محاولات الوساطة أو يري أن ثقافته من شأنها أن تؤثر علي مجريات العدالة فهنا يمكنه التنحي لاستشعار الحرج وهو وحده الذي يقدر تلك الملابسات ومدي تأثيرها علي استقلالية وحيدة قراره.